lundi 4 avril 2016

والله أيضا حق من حقوق الانسان Dieu Est Un Droit de L'Homme Gérard Leroy Paris ,1988.- part -2 1 الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين





والله أيضا حق من حقوق الأنسان  -1
الاب الدكتور أثناسيوس أسحق حنين- نتشرف بتقديم سلسلة جديدة تحت عنوان قرأت لك وكتابنا الاول هو : والله أيضا حق من حقوق الأنسان
نتشرف بتقديم سلسلة جديدة تحت عنوان
قرأت لك وكتابنا الاول هو :
والله أيضا حق من حقوق الأنسان
Dieu Est Un Droit De L'Homme, Gérard Leroy ; Préface de Claude Geffré, édition, Cerf; Paris;1988 -- part 1
الاب الدكتور أثناسيوس أسحق حنين------اليونان

ورد بخاطرى وانا اتابع قضية حقوق الانسان والتى تشغل اليوم العالم بأسره شرقا وغربا وشمالا وجنوبا منظرا كنا نراه ونحن طلاب علم فى قلب باريس النابض فى الثمانينيات من القرن الماضى ويوم الاحد من كل أسبوع فى ضاحية الشانزليزيه الراقية وحول مسلة الكونكورد التى تشهد لتاريخ الشرق فى قلب الحضارة الغربية والتى تهتف (الى الشرق أنظروا) أقول مر بخاطرى منظرالرهبان البوذيين وهم يتبخطرون فى تناسق رائع بملابسهم الزاهية الالوان ورأسهم الحليق والصمت العميم والموسيقى التراثية تخرج من الات ارادوها يدوية فى قلب الحضارة الغربية والبوليس الفرنسى يفسح لهم الطريق ويوقف السير عند الضرورة والمواطنين الفرنسيين يقفون تحية لهم وتكريما
ولا يشعر الفرنسيون أنهم امام غازى اجنبى لبلادهم بل امام ثقافة اخرى ونهج اخر فى تكريم من يظنونه ألها له حقوق عليهم ولهم حقوق فى اظهاره وهؤلاء الرهبان وأكثرهم من الشباب النضر يكرمون بوذا الحكيم الذى صار لهم دليلا ونبراسا وهاديا وملهما لحضارات عظيمة تشغل ثلث سكان الكرة الارضية لان اصحاب الديانات الثلاثة الكبرى كما يسمونها ليسوا هم الاغلبية فى العالم كما يظنون وكما كنا نظن نحن قبل ان نقرر ان نمحوا الذنب اى ذنب الجهل بالتعليم والثقافة كما تأمرنا الديداسكاليا فسكان الكرة الارضية ستة مليار منهم مليارين او اكثر مسيحيين ومليار اواكثر مسلمين وبضعة ملايين يهودى والباقى موزع على البوذيين والهندوسيين وغيرهم اى الصين العظيم واليابان الراقى والهند القوة الديمقراطية النووية التى تحافظ على حقوق الله فى الانسان وحقوق الانسان بل والحيوان فى ان يعبد ما يشأ واذا ذهبنا الى الهند فسنجد أن المواصلات تتوقف وحركة الحياة تتعطل أمام نزوة بقرة حلوب أو غير حلوب ارتأت أن تعبر الشارع فى هذا الوقت وقرأت ذات مرة أن الفرنسيين يقتنون اثنا عشر مليون كلب ينفقون عليها من المال والجهد ما يكفى لاعالة دولة كاملة من دول العالم الهاضم لحقوقه والمهضومة حقوقه وتسألت أليس لله حقوق وسط هذه النهضة فى الوعى بالحقوق وهل يوجد فعلا بشرا اسوياء جديرون وأكفاء يقدرون أن يدافعوا عن حقوق الله كما يرضى الله وشعرت انه كما ان للانسان حقوقا وللحيوان حقوقا فأن الله حسب ما يراه كل أنسان عاقل هو أيضا حق من حقوق الأنسان وقديما خاطب الله البشرية وعاتبها (أن كنت انا ابا فأين كرامتى )
وأذا نظرنا الى الشرق فسنجد أن النصوص التأسيسية لكل انتمائته الدينية تتكلم عن ان الله حق من حقوق الانسان فالوصايا العشر فى التوراة العبرانية تؤكد أن لله على البشر حقوقا والاسلام يرى ويؤكد ان الله وعبادته حق من حقوق الانسان ودافع المسلمون عبر تاريخهم عن ما أعتقدوه أنه حقوق الله بكل ما أوتوا من قوة ومن رباط الخيل والمسيحيون يقرون فى عهدهم الجديد ان الله صار حقا من حقوق الانسان وعلى الانسان ان يقرر بحريته ان يستمتع بهذا الحق او يرفضه.
ولقد رأيت انه من الأفضل التعرف على القضية من أهلها ومن شهادة مثقف مؤمن مسيحى علمانى غربى لا هو رجل سياسة ولا رجل دين وهذا النوع لم يتعرف عليه الانسان الشرقى والعربى بعد وذلك لعدة اسباب :
أولا : أن قضية حقوق الانسان وان وردت فى الكتب السماوية فى الشرق كما يقول اصحابها الا ان تحويلها الى برنامج انسانى وعملى وثقافى ذو مردود واقعى فى كافة مناحى الحياة لم يتم الا فى بلاد الغرب.
ثانيا : أنه الكتاب الاول من نوعه ولم نرى من قبل كتابا يتكلم عن ان الله ايضا حق من حقوق الانسان وربما لان الانسان الفرنسى خاصة والاوربى عامة يشعر بشئ من الغبن لان حكومات بلاده تبالغ فى اعطاء الحقوق للغرباء ولا تدخر وسعا فى أرضائهم وقبول معتقداتهم وتبالغ فى تحجيم ونقد الكنيسة والمؤمنين من اولاد البلد الاصليين .
ثالثا: ان القارئ العربى اى كانت ركائبه لم يتعرف على الانسان الغربى العادى والبسيط والمثقف كما هو وكما يريد هو بعيدا عن الاسقاطات السياسية والنفسانية وهذا ظلم كبير ولم يعرف او يحاول الانسان العربى- بالطبع ما عدا القلة – الغرب بشكل موضوعى الا من خلال السياسة والدعاية والمنتجات الاستهلاكية الغربية فالشرقى زبون دائم فى السوبر ماركيتات الغربية ونادرا فى مكتباته ومعارضه ومسارحه وفنونه ولهذا رأينا ان نقدم للقارئ العربى نموذج لانسان غربى مثقف ومسيحى ورب اسرة وهو يحاول قرأة قضية بهذه الاهمية.
رابعا :واخيرا ان الكاتب يقرأ تاريخ ديانته المسيحية قرأة ناقدة وليست ناقمة ويحاول ان يخرج الخشبة التى فى عينه قبل ان يخرج القذى التى فى عين باقى الناس عملا بتعاليم المسيح وهذا النهج الدراسى والعلمى والذى يفحص كل شئ ويتمسك بالحسن كما يقول الانجيل انما هو نهج غريب على الشرق والانسان الشرقى الذى يشرب حتى الثمالة من ثقافة أنه وامته اى كان دينها خير أمة أخرجت للناس !!ّ! وان اى محاولة لنقد الواقع الشرقى والعربى على اساس علمى هو لون من الوان الكفر والتأمر على تراث الامة او الجماعة او الكنيسة وانه أسأة لسمعة البلاد وتقصير لرقبة العباد وانه ليس فى الامكان احسن مما كان والكل يتباكى والكل يتسأل والكل يشكومن الكل والنتيجة الكل يتأمر على الكل والكل ينافق الكل والكل يكذب على الكل ولكن شكرا لله الذى هو حق من حقوق كل انسان شريف مثل السيد جيرارد الفرنسى والذى كان لى شرف مزاملته فى كورسات اللاهوت المعاصر وعلم الابائيات فى الدراسات العليا فى الجامعة الكاثوليكية فى باريس وكنا تلامذة لنفس البروفسور الاب الفرنسى البولندى الاصل جوزيف فولنسكى وتحية لهؤلاء ولكل قارئ عربى صادق نقدم هذه الكتاب (الله أيضا حق من حقوق الانسان) .
والكاتب جيرارد لياروى ليس رجل كهنوت ولا أكليريكى من أى درجة بل هو انسان فرنسى (علمانى-بفتح العين ) كاثوليكى مؤمن ومثقف ويريد ان يقدم شهادة لايمانه بالمسيح فى ثقافة بلاده وتاريخها وواقعا ويمارس النقد الذاتى بشكل حاد وجاد فى وقت كان الحوار فيه فى فرنسا حول حقوق الانسان وعلمانية الدولة من ناحية ومن ناحية اخرى الالحاح على الاصول المسيحية للبلاد والعباد على أشده وظهور مشاكل كثيرة نتيجة عدم قبول بعض شرائح المهاجرين الاندماج فى الوطن الواحد وتشكيلهم (جيتوهات) دينية وثقافية خارج المسيرة الواحد للمجتمع الفرنسى فى الوقت الذى كانت الدولة الفرنسية قد أنفقت المال الكثير فى برنامج (دمج ) الاجانب من كل الثقافات والاديان وأغلبيتهم من المسلمين فى المجتمع الفرنسى ضمانا لكل حقوق الانسان وحقوق كل الانسان .
لقد كتب افتتاحية هذا الكتاب الهام العالم الكبير واللاهوتى المرموق كلود جيفريه وهم ما اكثر علماء فرنسا موسوعية فى الحوار بين اللاهوت والثقافات وبين الايمان والعقل وبين الوحى والتاريخ وبين حقوق الانسان وحقوق الله وبين الكنيسة والمجتمع من ناحية ومن ناحية أخرى يقوم البروفسور الاب جيفرى بمحاولات علمية واكاديمية جبارة لنقد الخطاب اللاهوتى المسيحى الغربى نقدا بنأ منذ اول محاولة أصلاحية كبيرة قام بها الغرب المسيحى فى المجمع الفاتيكانى الثانى فى الستينيات من القرن الماضى ولقد سمحت عناية الله ان نتتلمذ لهولاء العلماء الذين خرجوا من ثوبهم القومى والعرقى الضيق ليلبسوا حلة البشرية الساجدة امام العرش الالهى ويبدى البروفسور الراهب والراهب البروفسور اعجابه وتأكيده بان البحث فى شئون اللاهوت لم يعد مقصورا على رجال الاكليروس بل لقد بدأ العلمانيون فى اخذ زمام المبادرة حتى اننا نستطيع الحديث-وخاصة فى فرنسا- عن بدايات ظهور ما يمكن ان نسميه (لاهوت العلمانية المؤمنة )
Théologie Laique
يعتبر البروفسور جيفرى بان هذا البحث هو اول بحث لاهوتى غير رسمى ويمثل الانسان العادى اللى ايده فى النار وليس ايده فى الميه ولان الفكر اللاهوتى الرسمى اصبح متغربا عن هموم الناس اليومية ويرى جيفرى ان هذا الكتاب يتميز بقوة شهادته الانجيلية لا كلون من الاصولية الكلامية بلا مردود جدى فى الواقع بل كعودة الى الاسس الانجيلية للشهادة المسيحية ورسالتها فى العالم المعاصر فالاهم هنا ليس هو سلطة المعرفة العقائدية للماضى بل هو وبالدرجة الاولى اختبار الحرية والتحرر فى الحاضر والمستقبل فالانجيل ليس خبرا من بين الاخبار بل هو الايفانجيليون الخبر السار اى خبر الاخبار فالكاتب يتكلم بالدالة التى تكلم بها بولس عن المسيح وهذه الدالة تظهر فى عنوان الكتاب والكاتب على دراية بكل حجج المشككين واساطين الشك المعاصر ولكنه يعطى نفسه الحق فى ان يشك ويشكك بدوره فى المشككين انطلاقة من اختبار ايمانه وهو هنا يمثل لون من الوان الدفاع عن قضية الله والايمان بالله وهو هنا لا يدافع بايادى مرتعشة وخائفة متبعا نهج التخوين والتكفير بل يقبل بوعى و يتكلم بثقة ان العولمة والعلمانية وما واكبها من نقد وفحص للمسيحية تمثل فرصة وخير للرسالة المسيحية لكى تعيد فحص ذاتها والياتها لان الذى يأتى بثمر تنقيه الايام والازمان والازمات وتساؤلات الناس ليأتى بثمر اكثر.
ولان المؤلف لا يريد ان يخدع نفسه روحياولا يغش الناس اجتماعيا ولا ينافق الواقع ثقافيا وحضاريا فانه ينتقد وبعنف علمى بعض الصور التى قدمها المتدينون عن الله وهو يقدم هذه الصور بلا ندم وبلا نوستالجيا نفسانية لصور من الماضى لا تكرم ايمانه بل بعمق وبصيرة روحية ليفسح المجال للصورة الانجيلية الحقيقية عن الله .
يقدم الكتاب وكاتبه دعوة عاجلة الى حياة الشركة والصداقة بين الناس اى الشركة فى الحق لان جوهر الحق هوان نشارك فى حقوق الجوهروليس المظهر وجوهر الحقوق وليس القشوروالشركة ليست هى مجرد شركة رأسية بل شركة أفقية بين الناس والناس من أجمل عالم اكثر انسانية ومضياف وأخيرا يقدم كتاب جيرارد لاهوتا تاريخيا لا يلهث وراء تفسير ظواهر الحداثة بل يعالج قضايا يومية وسلوكيات علمية سيؤدى اهمالها الى عواقب مأساوية ولقد أكتشف الكاتب الابعاد التاريخية والسياسية للايمان المسيحى فاذا كان الله هو ايضا حق من حقوق الانسان فذلك لانه علينا واجب ان نجعل سكنى الناس على الارض سعيدة بقدر ما نعمل لتمكين الله من ان يسكن بين الناس ويسير معهم ويصير لهم الها ويصيرون له شعبا .
وهذا الكتاب يقدم قوة الانجيل المحررة وقوة الحرية الانجيلية وليست الحرية هنا مجرد حرية روحانية داخلية بل حرية المسيح التى تعيد رؤية الواقع بكل ابعاده وليس من شك من ان كتاب جيرارد سيكون بمثابة الحافز للكثير من العلمانيين لكى ياخذو زمام المبادرة والاصلاح وتخليص الرسالة الانجيلية من الالهة المصنوعة من
بايادى الناس ومن الانبياء والمعلمين الكذبةلأن العلمانيين هم بكل بساطة شعب الله الذى أقتناه بدم يسوع فى الروح القدس.
ان الانسان يكتشف انسانيته فى سفره الى الله ولقاء الله وان كان هذا الاكتشاف مجانا بسبب من نعمته وتنازله الا انه ليس بلا شروط بسبب من بعد الانسان عن أصوله الالهية وبالتالى عن انسانيته (لأن مجد الله هو خلاص الانسان)ومن هذه الشروط أن يكون المسافر الى الله على استعداد تام أن يصير انسانا ويتكفل باتعاب هذه الصيرورة لان الانسان لا يولد انسانا بل يصير انسانا بالنعمة والنعمة لا تعمل الا بقرار الانسان وقبوله .
ينقسم الكتاب (والله أيضا حق من حقوق الانسان ) الى ثمان فصول ما عدا التمهيد ومقدمة المؤلف وهى:
1 - سوء الفهم
2 –هنا والأن هل الكلام عن الله ممكن اليوم ؟
3 –بين أصالة الانجيل وفرادة المسيحية .
4 – فى ذاك الزمان كان الخبر السار .
5 –حول الايمان الواحد وتعدد الصياغات.
6 – ألايمان المتجدد كل يوم .
7 – أن الله لا يبرهن عن ذاته بل يكتشف(بضم الياء) بالخبرة .
8 - المسيحيون فى العالم المعاصر.
وسنحاول فى عجالة ان نقدم للقارئ خلاصة ما تحتويه هذه الفصول فى أيجازغير مخل وبدون أسهاب ممل.
الفصل الأول : المسيحية وسوء الفهم :
لقد مر عشرون قرنا والمسيحية تضخ حضورها فى شرايين التاريخ البشرى وكانت دائما مسيرة خارسيماتيكية ونهضوية حرة ولم ترضى ابدا ان تقبل ان تتمأسس أ ى تصير مؤسسة او تنحصر فى مؤسسة حتى فى أكثر أيام المسيحيين اهمالا فى التفكير فى مسيحيتهم بعمق وهذه هو ما ندعو القارئ ان يعيشه معنا أن نطرح على انفسنا اسئلة يومية صعبة وبسيطة فى ان وهى :
أول –ما هو أساس ايماننا ؟
2 –ما هوأساس ايماننا وما هو سبب أستمراره ؟
وعلينا ان نجوز بايماننا فى أتون النقد العلمى الجاد وحينما ينزعج ويتضايق الكثير من المسيحيين من النقد الموجه للمسيحية فذلك يعنى شئ واحدا وهوأنهم لم يفكروا أبدا فى أيمانهم بعقلانية صادقة وذلك لان أختبار الايمان يحمل فى داخله القدرة على التواصل ولا يخشى أبدا المناقشة ولا يخاف السؤال ولا يهرب من الحوار.وهذا معنا أنه على كل مسيحى أن يجوز اختبار الايمان ويشهد له ويشرحه فالاختبار والشهادة والشرح هم أساسيات المسيرة المسيحية وهذا يأتى من اليقين التاريخى ان الله قد صار لاجلنا انسانا وأن ايماننا لا يقوم على بعض العادات والسلوكيات أو حتى الطقوس بل على يقين تاريخى وحينما انحرف المسيحيون فى بعض حقبات التاريخ عن هذا اليقين دخلوا فى متاهات العقلانية ووصلوا الى فرض العقل على الله نفسه اى أن العقل فصل الله على هواه حتى وصولا الى درجة أنكار وجوده ومع هذا يتفق البشر على وجود الله ولا يحتاج المرء ان يكون مسيحيا حتى يؤمن بوجود الله فاليهود والهندوس والمسلمون يؤمنون بالله فعبارة (ربنا موجود) هى ملك لكل البشرية ولكن السؤال هو أى اله موجود ؟ وما هو علاقة وجوده بوجودنا ؟والبعض يقول بوجود الله بشكل غامض وسهل ومطمئن بينما البعض يصل الى الاقرار بوجود الله بعد جهد عقلانى كبير.فهل أذا أتفق هذ العدد من الناس على ان (ربنا موجود ) يكفى لكى نفهم عمق الله ؟ ومهما كان الايمان بوجود الله جميلا والاقرار بوحدانيته محمودا الا ان الله سيظل بعيدا ان لم يكن لنا القناعة المسيحية بان الله ليس فقط موجودا بل يجب أن نسعى لاكتشافه وهذا الاكتشاف صار ممكنا فى الزمان والمكان ففى قرية مهجورة وبعيدة فى الشرق وتحت حكم أوغسطس قيصر الله ظهر فى يسوع واللقاء مع الله
يمر من خلال هذا التاريخ .
أننا نحترم ونجل الرؤية الفلسفية التى ترى بانه لابد من وجود سبب مبدائى وراء الكون ولكنه لا يشبع الجياع الى البر ولا يروى ظماء العطاش ووجود كائن كامل وأزلى وغير متغير وراء كل شئ ليكن !ولكن هل هذا كله ضرورى لكل انسان ؟ وربما ان قضية وجود الله لا تختلف كثيرا عن قضية اكتشاف اى كائن كان يسبح فى الفضاء من ملايين السنين لان هذا الاله لا اثر له على حياة الناس بينما لو ان الله جأء ليختلط بالناس ويسير وسطهم ويصر انسانا مثلهم ويقول لنا كل ما يخص الله وعلاقته بالانسان وقتها سيصير الكلام عن الله ذا معنى أكثر وجاذبية أكبر وذلك لان الله هنا (يعنينى) شخصيا وبالتالى فأن اعلان الله عن نفسه ليس له مردود وأثر الا حينما يكشف الحجاب ويرفع البرقع عن الانسان وحالته لان هذا يعنينا بالدرجة الاولى. لان من السذاجة بمكان ان نعتقد ان الله يكشف عن نفسه لمجرد الاستعراض ولارضاء بعض الامزجة المريضة والله لا يمكن فهمه من خلال بعض التعابير المرسلة والمجردة وفرصة الانسان أكبر أن يكتشف الله هناك حيث يعلن عن نفسه فى الشركة اى فى سر الحب. فالاعلان الالهى هو علاقة انسان بانسان وزمان الله هو زمان الحب ..
الله عند المسيحيين أعلن عن نفسه فى يسوع وبيسوع واذا كان لكتابات العهد القديم اى قيمة مقدسة فذلك لان كلمات الانبياء قد كملت فى المسيح فيسوع لا يقدم نفسه فى التاريخ كفرد مستقل لا علاقة له بأحد ولا باحداث التاريخ اى ان يسوع لا ينسخ التاريخ بل هو الحلقة الاخيرة فى تاريخ طويل فكل ما حدث وكل ما يحدث فى أيام يسوع هو (لكى يتم المكتوب ) فلا يوجد غير شخص يسوع كمعيار على صحة كتب اليهود وعلى عدم صدق غيرها من الكتب وذلك لان أله البشرية قد صار ممكنا معرفته بواسطة أبنه (يو 13 :20 ). ففى يسوع يتم كمال الاعلان الالهى فيسوع هو اعلان الله لأنه بالضبط عمل الله نفسه . ويجب ملاحظة أن الايمان بالله أيام يسوع لم يكن امرا نادرا وان يسوع باعلانه عن الله تم اتهامه بالكفر وبتعدى الناموس وبالتجديف ولكن يسوع صحح وضع الله بأن دعاه (أب ) . الكاردينال دانييلوا حدد طريق ديانات العالم باتجاهين الاولى الذاهب من الانسان الى الله والثانى الأتى من الله للانسان والايمان المسيحى انطلق من الاعلان اى اعلان الله عن نفسه والتى (من فوق ) وهو يتعدى كل أفاق الديانات الوضعية. ولقد أثبتت الانتقادات المعاصرة للدين على يد فيوباخ وماركس ونيتشه وفرويد بان الديانات هى أسقاطات انسانية على صورة الله ويعترف العلماء المعاصرين على ان كل نقد علمى وجاد وجه ضد المسيحية ساهم فى تنقيتها من شوائب الخرافات والشعبوية والهرطقات فكل أله أنما هو فى رأى فيوباخ تعبير عن الرغبات البشرية فى التطلع الى السعادة وهذه الرغبات تظهر فى الخيال الانسانى أى ما سمونه فى علم النفس (الاسقاط).فتعدد الالهة أنما يعكس قوة خيال الانسان الخصب وهو يسعى للسعادة والأمان فالأنسان يضيق ذرعا بمحدوديته وعجزه أمام المحن ولهذا فهو يبحث عن الحلول فى أن ينسب الى رغباته أسماء وصفات الالهة (الجعان يحلم بسوق العيش ) . ويقوم الانسان بأعطاء أسماء لهذه الألهة وماركس فى نقده للدين أنتقد الدين الذى يحول طاقة الانسان الابداعية الى طاقة معطلة وتواكلية ونحن نعلم أن ماركس كان ينتقد المسيحيين فالدين هنا هو أفيون الشعوب . ولاشك فى أن النقد الفرويدى للدين المسيحى خاصة قد أدى الى خيرات أكتشاف أننا كثيرا ما نصنع من رغباتنا المكتومة وشهواتنا السليمة والسيئة الهة نستخدمها فى تهدئة التساؤلات الوجودية والمصيرية التى تطرحها علينا مسيرتنا فى هذا الدهر الانى. لابد أن نرى الله فى ذاته بدون اختلاط برغباتنا وهو قادر ان يجتاز برغباتنا الى مداها الاعمق فالله يجوز بنا فى أتون الرغبات كما جاز مع الثلاث فتية.فالمسيحية ليست ديانة طبيعية توفر للانسان طمأنينة زائفة بل هى تحدى وصدمة وتحول للانسان الطبيعى ليصير انسانا الهيا.
ثانيا :هنا والأن :هل يمكن الحديث اليوم عن الله ؟ّ
أن التحدى الذى يواجهنا اليوم هو الاحساس العام بالتناقض بين المسيحية الاصلية وبين الحداثة !وهذا لا يعنى أننا ننادى بالعودة الى الوراء والمسيحى اليوم لا يختلف كثيرا عن المسيحى فى الماضى الا فى أحساس الاول بأنه لا يقدر أن يلتزم بالواجبات الدينية مثل المسيحى زمان فالمسيحى اليوم يريد ديانة دبانة أعمق من ديانة الواجبات الدينية والالتزامات الاخلاقية الصورية.والحقيقة أن المواظبة على الكنائس اليوم أقل من عصور مضت وذلك لقلة عدد الكهنة اللاهوتيين وتحجيم دور العلمانيين والشعب الذى صار متفرجا أكثر من مشاركا وصدى صوت أكثر من صانع قرار ومردد أشاعات اكثر من صانع الخبر الطيب ! ومن ناحية أخرى بدأت بعض الاوساط فى النظر للمسيحية كأيديولوجية
أو طائفة أو ملة.ولكن القضية الكبيرة التى أثرت على ممارسة الانسان المعاصر للحياة المسيحية هى أن أنسان اليوم وخاصة الغربى اصبح لا يميل الى الرموز الدينية والطقوس وصار يمل من هذه الاجواء ولا يفهمها وهناك من المسيحيين من يرى ان مكان اختبار الايمان المسيحى هو فى الميدان العملى اى فى الجهاد من أجل الحقوق اى حقوق الانسان لان التاريخ قد أظهر ان الظلم كثيرا ما وقع على الانسان من قبل الدين ورجال الدين. لم يعد المجتمع اليوم مثل ذاك الزمان مجتمعا مسيحيا صرفا بل لقد طرأت متغيرات اجتماعية وسياسية وأقتصادية وأخلاقية وصارت هذه الامور ذات اليات خاصة بها واخلاقيات كونية لا تلجأ للدين او لرجال الدين ولا تخضع للكنيسة ولا تخلط المجتمع بالدين. وهذه التغيرات كلها صارت معروفة بأسم (العولمة) فالأنسان العلمانى هو من يعيش فى مجتمع لا يعتبرالايمان والكنيسة مرجعية لحركته وأنشطته وطريقة استخدامه لطاقاته وموارده أى الاكتفاء بهذا الدهر فقط. وتعود حركة العولمة الى عوامل كثيرة منها التقدم العلمى الكبير واستقلال العقل عن المرجعيات الدينية وأعادة النظر فى الكثير من المفاهيم الموروثة وظهور فلسفة جديدة للمجتمعات التى تريد التخلص من كل ما يعطل طاقاتها ويحول دون نهوضها ويكبل انطلاقاتها نحو التقدم والازدهار وحل محل المقدسات الدينية مقدسات أخرى مثل الدولة والحزب والهوية والعرق ووسائل الاعلام والقادة والنجوم الموهوبين ولقد رأى البعض أن حركة العولمة قد نجحت فى أن تضع الله خارج أبواب العالم الجديد وأن طرق الله قد غدت هى طرق السذاجة والطفولة العقلية والقمع والكبت بل والامراض النفسية والعصبية.وبينما كان أنسان الأمس القريب يلجأ للسماء لنوال الراحة والطمأنينة فانسان اليوم يجد فى الوفرة المادية ووسائل الترفيه ما يوفر عليه تعاسة المتدينيين .فالله لم يعد مفيدا وهو لم يعد أساس المجتمعات ولا مرجعية الاخلاق. والسؤال هل مازال الله قريبا من الانسان ؟ هل الله يكلم انسان اليوم ؟وماذا سنعمل بهذا الأرث الدينى الضخم الذى صار يعطل حركتنا ؟
يرى البعض أنه يجب تكفير تيار العولمة كرجس من عمل الشيطان لانه هو السبب وراء كل هذه الامور والعودة الى الانسان المتدين البسيط قبل ان تأتى تيارات العلم والتحليل النفسى لكى تعكر صفو حياته !الواقع اننا لا نستطيع العودة الى الوراء ولكننا ملتزمون بالاجابة عن السؤال الذى وجهه الرب فى بشارة مرقس (وأنتم من تقولون أنى أنا )مر 8 :29 ولكن الاجابة يجب أن تكون اليوم وبلغة اليوم !لا يمكن أن نتصارع مع العالم والتطور بأسم الله بل بالحرى نتصالح ونتحاور معه أى مع العالم ما دمنا نسير معه فى الطريق وهنا يطرح السؤال عن علاقة الله بالثقافة المعاصرة ؟ ولقد حاول بعض الامريكيين المسيحيين فى الستينيات من القرن الماضى تفصيل نمط مسيحى على مقاس الانسان المعاصر .ولقد وصل هذا المشروع الى لون من الوان المسيحية الملحدة !!!وهذا النمط من المسيحية يريد مسيحا انسانا نموذجا أرضيا لا صلة له بالغيبيات بل بطل تاريخى وحكيم زمانه.وهذا هو ما قاله الفيلسوف كانت (يجب ان يظل المسيح نموذجا اخلاقيا للبشرية وكفى !)ولكن البشرية لاتحتاج لحكيم جديد سبقه الالاف من الحكماء ولا ننكر انهم قد قدموا الكثير ولكنهم لم يخلصوا أحدا. فكوننا فى المسيحية معناه ان نحدد موقفنا من شخص يسوع المسيح الذى هو الكلمة الأخيرة فى تاريخ كلمات الله للناس(عب 1 ) ومصدر كل أعادة تفسير لكلمات البشر فيسوع المسيح هو مفتاح هذا العالم .وهذا ما نقوله حينما نعلن ان المسيح هو الرب فالأيمان المسيحى يكمن فى أن نجد فيما نعيشه نور الايمان لا ان نلغى ما نؤمن من اجل أن نعيش على هوانا. لأنه ان كانت العولمة قد سببت نوعا من النسبية فى مسألة الايمان بالله لمصلحة الاقتراب أكثر من الانسان فالله لم يتم الغائه ولكنه وضع جانبا كما يحدث مع شئ ما لا نرميه ولكن نحتفظ به لانه ينتمى الى تراث ابائنا ولم يعد نافعا لنا اليوم لقد ظن العلمانيون أنهم بالغائهم الله يحررون الانسان وأ، كل ما نضيفه للانسان ننقصه من الله ولم يقتصر هذا الالغاء لله على شريحة من المجتمع بل صارت كل مناحى العلم والاخلاق وعلوم الحياة والبيوتكنولوجى والعلاقات تسير على أسا الغاء فكرة الله . ما رأى هؤلاء فى ان العلم اليوم بدأ يعيد النظر فى أسسه الاخلاقية والروحية . الايمان من ناحية أخرى يسعى ويجاهد لاكتشاف أعماق الله ولكن مادام الله سر فوق عقولنا فلماذا الأصرار على السعى فى طريقه ؟ الله هو الحاضر الاتى والموجود الغائب والمدرك والغير المدرك فالايمان يتنقى بالبحث والنقد الذاتى وترك ما ليس الله والتمسك باعماق الانسان التى تسعى الى الحق والعلم والمعرفة والسؤال عن الله هو سؤال الانسان المعاصر وهو حق من حقوق الانسان المؤمن كما ان من حق الغير المؤمن ان يتشكك وان يتسأل.الأمر الواضح أنه لم تعد الديانة المسيحية هى ديانة الغرب الوحيدة فلقد تعددت ثقافات المجتمع الغربى وأيضا دياناته ومع ذلك تظل المسيحية هى ديانة الأغلبية فى أوروبا ولكنها أمامها صعوبات جمة وهذا ناجم عن الفوارق الواضحة بين تعاليم الانجيل والاخلاقيات الجديدة فى مجال العائلة والعلاقات .السؤال ما هى فرصة الشهادة الأنجيلية فى الوصول الى الأذان التى لم تعد تسمع ولا تريد أن تسمع ؟ لقد صار الخطاب الدينى المسيحى التقليدى بلا تواصل مع الواقع الذى جعل الانسان معيار كل شئ وليس الله فنحن نتعامل مع عالم لا يرى الها سوى الانسان وفقط الانسان . ما هو المعنى الذى سيكون للتعبيرات المسيحية التقليدية مثل (الفردوس –الخطية- الخطية الجدية –الشيطان ) . الانسان الغربى بعد التقدم العلمى الكبير يرى فى هذه الأمور بقايا خرافات وأساطير قديمة. ماذا يمكن أن تعنى أمثلة يسوع عن الفقر والفقير فى مجتمع لا يعرف الجوع اليه طريقا ؟ يظل الرجاء فى ان ما يقدمه يسوع ليس هو ديانة ولا فروض بل شركة وعلاقات ومعنى هذه العلاقات وهذا
هو موضوع الصفحات الاتية .
ثالثا:مسيحية المسيح ومسيحية المسيحيين :
يلاحظ الباحثون أن الكثير من المؤمنين المسيحيين يتوقفون فى حياتهم المسيحية عند مستوى الامور الظاهرة مثل الموسيقى والطقوس والعادات ولما كانت هذه المظاهر تمثل السمة المشتركة بين الاديان قديمها وحديثها فقد أدى ذلك الى اعتبار أن المسيحية هى مجرد ديانة من بين الديانات . وبدأ الباحثون فى الاديان الحكم على المسيحية من خلال مراقبة سلوك المسيحيين الطقسى وعلاقتهم بالكنيسة ومدى ترددهم عليها مما أدى بهم الى القول بأن المسيحية فى أوروبا تحتضر ! وهذا هو العمل الرئيسى لعلوم متمركزة حول الانسان اى العلوم الانسانية ولكن هذا الحكم هو حكم ذاتى وليس موضوعى ولا يلتفت الى حقائق الرؤية الداخلية للكثيرين من المسيحيين الذين لا يرتادون كثيرا الكنائس وقد يمتلكون رؤية روحية أعمق من أولئك المترددين على الكنائس ولهذا علينا أن نترك جانبا الدراسات النظرية ونسعى لاكتشاف الاختبار الروحى العميق فى الانسان ففى داخل الانسان كل انسان هناك اعلان الهى يدعوه الى تعدى ذاته والبحث عن العمق فالانسان فى سعى دائم بحكم تكوينه عن الله والله فى عمق الأشياء والاسئلة المصيرية التى يطرحها الانسان فأين الله ؟ومن هو ؟وهل هو صناعة تاريخية أو هو صانع التاريخ ؟وهل الله جزء من الخليقة ام هو خالقها ؟وهل الله كائن خارجنا أم هو كامن فينا ؟ أن فرادة الانجيل تكمن فى أنه قدم الله دائما قريبا من الانسان فهو قريب من أبراهيم و متكلم مع موسى ومرنم فى داود وهنا لا يظهر الله كمؤسس ديانة بل كأله فى علاقات شخصية وتاريخية مع البشرية والله هو الذى يحرر شعبه من العبودية أى هو الله وسط الاحداث والتاريخ فأسرائيل عاش كشعب فى وسط انتشرت فيه الديانات والاساطير وجاء الله ليقيم عهدا مع شعبه اسرائيل عهد حرية وتحررومع ذلك فالله بعيد لأنه هو الأخر وهو الأبدى وهو الذى لا يراه أحد ويعيش وهو الذى لم يره أحد قط فى العهد القديم .وهذه هى فرادة الانجيل فالله والانسان قريبين قرب الاصدقاء وبعيدين بعد السماء عن الارض .
وفى وسط هذه الاجواء بين القرب والبعد وبين القطيعة والصداقة أتى أنسان أخذ على عاتقه رأب الصدع بين الله والانسان وهذا الانسان يدعو ولاول مرة الله (أباه) وذهب الى حد أنه واحد مع الاب وهو الأبن الوحيد بالدرجة الأولى وهو يغفر الخطايا ويضع نفسه على نفس مستوى الشريعة اليهودية والهيكل وهو يسكن قلوب البشر وفى ذات الوقت هو لايسكن هذا العالم بل هو ماضى الى الاب أبيه . يا للعثرة الكبيرة ويا للجهالة الأكبر! قال اليهود واليونانيين !ولقد أدركت خبرة الحياة بأن كل من التقى يسوع قد ذاق طعم الحياة الحقيقية لأنه هو الذى أعلن أسرار الله الاب ولقد قال يسوع (أن حبة الحنطة ان لم تسقط فى الارض وتمت فلن تأتى بثمر )يو 12 :24 .والمثل يشير الى موت وقيامة يسوع ألا يعكس ذلك كل حياة الانسان فى يأسها ورجائها وفى حزنها وفرحها ؟ فلقد فتح يسوع للانسان أبواب الحرية وكأنه كان لابد من أن يصير الله أنسانا لكى يجد الانسان نفسه فى الله-الانسان فيسوع وحده هو فرادة المسيحية .وما كانت هناك مسيحية بدون هذا الحدث التاريخى الذى ولد فيه يسوع فى العالم فالمسيحية التى لا صلة لها بهذا الاصل سوف تقطع وهذا ليس معناه الرجوع الى أنماط فى الماضى بل الشخوص الى المستقبل الاتى والى الافاق الاسخاتولوجية التى لا فهم للانجيل بدونها فالانسان يصير مسيحى ولا يولد مسيحيا وهذه الصيرورة تستمد عافيتها من حيوية رسالة الانجيل للمشاركة فى الاتيات القريبة او البعيدة فمع يسوع وفى يسوع وبيسوع أقتربت نهاية الأزمنة وهو وحده قادر أن، يضئ لنا مغزى الحاضر .(يتبع فى اللقاء القادم).




PART 2 والله أيضا حق من حقوق الانسان Dieu Est Un Droit de L'Homme Gérard Leroy Paris ,1988. الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين
والله أيضا حق من حقوق الانسان
                       Dieu Est Un Droit de L'Homme
                                 Gérard Leroy
                                              Paris ,1988.
                           الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين
عزيزى القارئ نواصل بنعمة الله تقديم الجزء الثانى من هذا الكتاب ضمن مشروعنا الجديد بتقديم كتاب جديد يحوى فكرا بنأ للقارى الشرقى الذى لا تسمح له ظروفه بالعثور على هذه الكتب وليس لاحد منا فضل على احد فالفضل هو لنعمة الله التى تفاضلت جدا علينا وعلى خدام الكلمة من كل الشعوب ومن كل القبائل ومن كل لسان الواقفون امام العرش يقدمون تقدماتهم وقلوبهم وابحاثهم .
4 -الفصل الرابع
فى البدء كان الخبر السار(الأيفانجيليون)
عثر علماء الاثارفى منطقة أسيا الصغرى أى تركيا اليوم منذ خمسين سنة ونيف على لوحة حجرية نقش عليها عبارة تقول (فى هذا اليوم ولد الاله الذى يعد يوم ميلاده فتحا كبيرا بسبب الأخبار السارة التى يجلبها (الايفانجيليون).
ولقد أعتقد العلماء الاركيولوجيون بأن هذا الكشف العظيم هو كشف مسيحى وأن الأله المذكور هو يسوع المسيح ولكنهم بعد بحث مضنى وجدوا أن تاريخ هذا النقش على الحجر أقدم بكثير من تاريخ ميلاد يسوع الناصرى والذى لا تذكره الاناجيل خاصة متى ولوقا بالتفصيل ولكنه يمكن القول من سياق الاحداث بأن يسوع قد ولد قبل السنة الميلادية ببضعة سنوات ووجدوا أيضا أن الأله الذى يتكلم عنه الكشف الأثرى هو الامبراطور أوغسطوس الذى جاء بعد قيصروالذى يكرم فى روما كأله من ضمن بانثيون الالهة الرومانية.
الأمر اللافت فى هذا الكشف هو ذكر كلمة الأخبار السارة والتى باليونانية تعنى (الايفانجيليون)والتى أعتاد العالم كله فيما بعد أن يطلقها على ميلاد يسوع المسيح .ويجب أن نذكر بأن تعبير Ευαγέλιον
هو تعبير قديم الايام وكلمة من ضمن كلمات اللغة لأن المسيحية لا تؤله اللغة ولا تعتبر الكلمات منزلة ولا تفصل الكلمات عن تاريخها فالكلمات فى اللاهوت ليست يتيمة بل لها ماضى يتم تعميده فى دموع التوبة ونعمة الرح القدس! وهواى تعبير الايفانجيليون يعتبر من ضمن التعبيرات السياسية للحقبة الرومانية ويستعمل فى البلاط الامبراطورى فى روما وفى الشرق ويعبر عن الاخبار السارة الخاصة بازدهار الامبراطورية والعائلة المالكة.
ولكى يكون الخبر فعلا سارا لابد أن يتعدى حدود روما وأن ينتشر فى كل أرجاء الامبراطورية ويدخل السعادة والبهجة على الجميع مثل ولادة قيصر جديد أو تحقيق نصر كبير فى الحروب وكما كان الخبر السار يدخل الفرح فى قلوب الجميع فقد كان يصحبه انعامات أمبراطورية على الرعية مثل أطلاق المأسورين وترقية الضباط وعمل الخير ومساندة المعدمين وتحقيق العدالة وأعطاء الحقوق ودعم ثقافة الاسلام والاخوة بين الشعوب.
ولهذا أطلق المسيحيون لقب (أيفانجيليون) على حقيقة رسمية وهى تدخل الله فى التاريخ البشرى وهذا الحدث هو حدث مسكونى جلب السعادة للجميع ورد الحق لاصحابه وجعل الله حقا من حقوق الانسان بالانجيل حقوق الانسان فى المسيح هى هى حقوق الله بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير (مبارك انت يارب علمنى حقوقك) وصارت وهذه الحدث وهب الحياة للذين فى القبور فالميلاد هو ميلاد من أرسله الله نفسه وبموته وأنتصاره على الموت وسلطان الخطية بالقيامة وهكذا فأن الحدث العظيم أى ميلاد يسوع تم الاعداد له بأنتشار ثقافة الأيفانجيليون فى المسكونة كلها فالله لم يعد فقط العالم للتجسد بشكل عام بل أعد القوالب الثقافية التى سيستخدمها المسيحيون وبذكاء لاعلان خبر الأخبار السارة اى الأنجيل . ومن المعروف وحتى القرن الثانى الميلادى فأن الكتابات التى وردت بخصوص سيرة وأعمال يسوع كانت تسمى (كتابات الرسل ) الى أن جاء القرن الثانى وأطلق الاباء على هذه الأخبار لقب (أيفانجيليون ) على يد الأسقف اللاهوتى الشهيد أغناطيوس الانطاكى والقديس العلامة الشهيد العلمانى يوستينوس وصار هذا اللقب لقبا مسكونيا أنتشر فى بلاد حوض البحر المتوسط ومنها الى العالم بالبشارة ولقد دخل الانجيل الى ثقافات وحضارات استصعبت فى البداية قبوله بل وقاومته ثم انتهت بأن قدمت السبح لله على نعمة الاخبار السارة.
الأنجيل وحياة تلاميذ يسوع:
والايمان المسيحى يستقى وجوده من هذه الاخبار السارة وأيمان الناس اليوم ليس هو أمرا وقتيا بل هو دائما وهو ليس أيمان يوم بل أيمان كل يوم .وهو ثابت لا يتغير بتغير الثقافات بل يتجسد فى كل ثقافة ويستأثر كل فكر الى طاعة المسيح.وما علينا الا أن نتابع انتشار الانجيل عشية يوم الخمسين وكيف أنه لم يكن أنتشارا سلسا بل لاقته صعوبات من المتدينيين اليهود اعداء حقوق الانسان فى الخلاص كما نرى فى سفر الاعمال(14 :8 -18 ) ومن اليونانيين المثقفين(اع 17 :22 ). كان الرسل على دراية بالتحديات التى تواجههم وما كان يملكون الا أن يشهدوا لما رأوا وسمعوا اى للاختبار الكبير الذى عاشوه وعاصروه(اع 13 : 16 -26 )وأمنوا أنه فى الصعوبات وبالصعوبات سينتشر الخبر السار وذلك لانهم وبكل بساطة ونقاوة قد القوا ثقتهم على وعود الله فى المسيح بالروح القدس وتسلحوا بالروح القدس الذى أرسله اليهم يسوع حينما أسس الكنيسة(اع 3 :12 -26 ).فلقد أمن التلاميذ الأوائل ان التاريخ البشرى قد دخل فى يسوع مرحلة نهائية وحاسمة لان نبوات التاريخ القديم أى تاريخ البشرية القديم قد تحققت فى المسيح.(اع 2 :14 -39 ).لأن يسوع قد مات حسب الكتب ومات حسب الكتب وقام حسب الكتب ويصر بولس فى رسالته الكورنثيين ان المسيح قد قام وهناك شهود أحياء على ذلك (1كو 15 ).وأذا كان يسوع قد جاء ليكمل النبوات فكيف لا يكون هو المسيا أى المسيح الذى تكلمت عنه هذه الكتب النبوية وهذه كانت قضية بولس اللاهوتية والكرازية الكبرى .الشهود الاوائل يحكون خبرا ممزوجا بالخبرة وهذا هو الخبر السار وكان لسان حالهم يقول (الا تعرفون لقد جاء بيننا جليلى من الناصرة أسمه يسوع ولقد سبب تجمهرا ونال شعبية غير مسبوقين فى أورشليم وذلك أثناء عيد الفصح ولقد تم القبض عليه وحوكم بشكل تعسفى وغير قانونى وغير شرعى من قبل رجل الدين المنافقين ورجال السياسة الخائفين وحكم عليه بالصلب بتهمة الكفر والتجديف والحقيقة أن من ينظر الى هذا الرجل من قريب يراه قد جمع فى نفسه كل تاريخ الله وعمله فى تاريخ البشرية ).فالأنجيل يقدم شهادة خبرة وهو مفتوح لكل قارئ كقصة تحكى ورائها شهادة وتاريخ معاش. وحينما يقدم الانجيل الاحداث مسبوقة بعبارة(فى ذاك الزمان ....) فهذا يعنى أن الأيمان لا يلغى التاريخ فالحق المسيحى- الانجيلى ليس مجرد عقيدة صماءولا فلسفة جوفاء فالأنجيل يقول ما حدث بالفعل (فى ذاك الزمان) فى شخص كتب التاريخ البشرى من جديد بدمه وهو يسوع .ولكن لا يجب ان نعتبر ان البشائر هى سرد تفصيلى لسيرة يسوع ورغم ذكر تاريخ موت يسوع وحدده الرسل فى علاقته بالفصح اليهودى فى 14 نيسان اى فى أبريل عام 30 ميلادية الا ان حياة يسوع ليست سبقا صحفيا . وذلك لان التلاميذ لا يتكلمون عن الكثير من تفاصيل حياة يسوع لان جل أهتمامهم كان رعائيا وخلاصيا وليس صحفيا . هدفهم كان اعداد الموعوظين لقبول الايمان. ولا يشك أحد اليوم من المؤرخين الثقاة فى الوجود التاريخى ليسوع وهذا يعرفه المؤمنون والغير المؤمنين. ولقد شهد ليسوع ولحكمته المؤرخ اليهودى فلافيوس يوسيفوس الذى عاش فى روما بعد سقوط أورشليم عام 70 ميلادية فى كتابه الهام (الحروب والاثار اليهودية)ويصف العجائب التى صنعها يسوع ومدى فرح اليونانيين واليهود الذين قبلوه وتعاليمه ويحكى عن محاكمته امام بيلاطس وظهورات يسوع بعد موته للذين تمسكوا بعهده.ويبدى المؤرخ الكبير أعجابه ببقاء جنس المسيحيين وتسميتهم بأسم يسوع المسيح بالرغم من كل ما تعرضوا له من الظلم.ولقد كتب المؤرخ الوثنى تاكيتوس فى مذكراته عام 116 -117 يهاجم المسيحيين متهما أياهم ببمارسة السحر ويبدى قلقه من أنتشارهم السريع حتى حدود روما ومن أزدياد عدد التابعين ولقد قام نيرون بحرق روما المدينة المقدسة ليقضى عليهم وكل ذلك تم بسبب المسيح الذى سلموه لبيلاطس البنطى تحت حكم طيباريوس .ولا يسعنا الوقت لتعداد الشهادات عن حياة يسوع وبشارته فى النصوص القديمة وخاصة الاباء الرسوليين فالمسيح حقيقة تاريخية وفيه جاء الله الينا وصار جسدا اى أن الكلمة صار جسدا أى صار تاريخا وهنا صار الله فى المسيح ولاول مرة فى التاريخ حقا من حقوق الانسان وقام الله بالمبادرة بالاعلان العالمى لحقوق الانسان فى الحياة الحرة والكريمة على الصليب وما كل الاعلانات اللاحقة حتى اليوم الا من روح المسيحية وصار الانسان يقدر ان يتوجه الى الله فى المسيح ويدعوه (أبانا)(متى 5 :44-45 ويوحنا 20 :17 ولوقا 11 :2 ) . لقد سقط الحاجز المتوسط بين الله والناس وصار الله حقا من حقوق الانسان يحاوره ويجادله ويحبه ويعاتبه ويصادقه ويبشر بأسمه (لا أعود أسميكم عبيد بل أصدقاء ) قالها يسوع.
وهذا التحول الكبير فى علاقة الله بالناس هو الانقلاب الاول لاننا لو عرفنا تاريخ معاملات الله مع الناس سندرك الثورة التى أحدثتها المسيحية فى التاريخ البشرى وفى العلاقات الانسانية وتكفى نظرة واحدة الى الشريعة الموسوية وما تحويه من تنظيم للصراعات بين الناس وليس انهاء لها ليعرف الباحث مدى التغيير والتجديد الجذرى الذى أحدثه المسيح فى قضية العلاقات والحقوق (خروج 21 :24 –لاويين 24 :20 –تثنية 19 :21 ). وهناك الكثير من الحكماء سبق ودعوا الى المحبة الاخوية مثل ماوتسى فى الصين(468 -390 قبل الميلاد) وزارادشت فى ايران ولكن لم يقدر أتباعهم على أن يسيروا فى نهج حقوق الحب والاحترام للجميع مثل تلاميذ المسيح ولنتذكر الشريعة الموسوية (عين بعين وسن بسن) والتى الغاها يسوع بوصية جديدة (ولكنى وصية جديدة أعطيكم أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم أنا )يوحنا 13 :34 .لقد أسس يسوع حق الانسان فى الحب على أساس حق الانسان فى الله فلقد صار للمحبة الاخوية واحترام الحقوق والدفاع عنها نموذجا فى التاريخ فلقد صار حق الانسان فى الحب هو حق الله (كل ما صنعتم بأحد هؤلاء الأصاغر فبى قد فعلتم ). وهذا هو قانون ايمان المسيحيين الاوائل وحينما تمسكوا بلاهوت المسيح انما كانوا يتمسكون بحق الانسان فى الله ويدعون الى التحرر من الالهة الكذبة ولهذا تم الحكم على يسوع من قبل اليهود (لأنه جعل نفسه مساويا لله ) ولأنه جعل للرعاع والحشود والبسطاء حقا فى الله ولانه بكت الاغنياء الاغبياء والحكام الظالمين وانحاز للفقراء والمهمشين فى الارض . لقد أنزل يسوع الله من سمائه ليصير حقا من حقوق الناس الاساسية(به نحيا ونتحرك ونوجد) (لى الحياة هى المسيح والموت هو ربح ) (لاحيا لا أنا بل المسيح يحيا فى ).ولقد قاوم تلاميذ المسيح كل المحاولات الرجعية التى تحرم الناس من مجانية الخلاص وتضع عليهم اثقالا ناموسية ودافعوا عن حقوق الناس كل الناس فى مجانية الخلاص (اعمال الرسل 15 ورسالة بولس الى أهل غلاطية )وهذا هو الانجيل الذى بشر به التلاميذ وشرحه العلماء وفسرته المجامع وذاقه النساك فى الصمت الابدى وتبتل له الرهبان ولقد تم أتهام المسيحيين الأوائل بالكفر لانهم رفضوا استغلال الانسان بأسم الهة كذبة ورفضوا تغييب عقل الانسان امام الهة سحرة وقدموا الله للانسان فى الهيئة كأنسان ولهذا دعا المسيحيون الى السجود ليسوع مع الاب بالروح القدس .ومن أهم الحقوق التى قدمها يسوع للانسان فى الله هى حريته فى الايمان او فى الرفض او فى الشك لان الانسان كائن عاقل وذكى والله فى المسيحية لا يلغى عقل الانسان ولهذا قاوم الاباء بدعة أبوليناريوس الذى أدعى ان اللوغوس فى المسيح قدحل محل النوس اى العقل وهذا معناه حرمان عقل الانسان من حقوقه فى الشركة مع الله وفى رؤية الله وهكذا كان موقفهم مع كل الهراطقة الذين يحرمون الانسان من حقوقه فى الله ويظنون ان كرامة الانسان وحريته وشركته فى الطبيعة الالهية وتألهه تشكل خطرا على الله والحقيقة هى خطر على مصالحهم فى حرمان الانسان من حقوقه فى الله فتاريخ الهرطقات هوتاريخ محاولات شيطانية لحرمان الانسان من حقوقه فى الله فنسطور بفصله شخصية المسيح الى مسيحين حرم الانسان من الاتحاد بالله فى المسيح واصحاب الطبيعة الواحدة اى المونوفيسيتيين بهرطقتهم انما كانوا يحرمون الانسان من شركة الله بتعليمهم ان المسيح لا يمتلك طبيعة بشرية او ان اللاهوت قد ابتلع الطبيعة البشرية اى ان الانسان ليس له نصيب فى الله واى محاولات اليوم لقمع الانسان او انكار حقوقه فى الله تاو انكار الحوار والمجمعية فى الكنيسة او المحاكمات بدون تحقيق انما هى عودة الى المونوفيسيتية العملية اى انكار حقوق الانسان فى الله فكل البدع انما هى بدع تحرم الانسان حقوقه فى الله ولهذا فعدم البشارة بالانجيل هو هضم لحقوق الانسان فالله صار فى المسيح حق من حقوق الانسان ولم يكن هناك عمل اخر لتلاميذ المسيح سوى البشارة بالخبر السار.كان التلاميذ الاوائل على يقين شديد بأن ما حدث فى الميلاد والقيامة والعنصرة انما هى احداث اعادة صياغة وجه التاريخ البشرى وان الله قد قدم كل شئ وكان لديهم اليقين بأن المسيحية لا يمكن أن ترصف مع الديانات السائدة وأن المسيحيين لا يعبدون الها واحدا مع الامميين .ومن هنا كان اللقاء مع الانجيل يشكل لقاء المصير والتحول وليس اضافة رقعة جديدة على ثوب عتيق والا صار الثوب اى الانسان(مرقع ).وصار يسوع هو مركزالانجيل من اول يوتا فى العهد القديم الى اخر يوتا فى سفر الرؤيا وليس من حق احد ان يفسر كلمة فى الكتاب بمعزل عن وجه يسوع وخلاص يسوع ونعلم موقف الكنيسة الاولى من الذين ارادوا التلذذ بالناموس الموسوى بمعزل عن يسوع فى حركة التهود التى كادت لولا ذكاء الرسل الروحانى وايمانهم بحقوق الجميع فى الخلاص ان تهدم الخبر السار (اعمال الرسل 15 ).ولقد صارت محاولات كثيرة فى العشرين قرنا الماضية لرؤية يسوع كحكيم او كنبى او مصلح اجتماعى كبير وبهذا يفرغوا رسالة يسوع من بعدها الالهى فالمسيح لا يمكن ان يصير اسير مفاهيم او مدارس فعند المسيحيين الاوائل كان المسيح هو الرب والسيد وهذا هو الاساس الكونى لشخصية يسوع ولهذا وان كنا ندرس التاريخ تاريخ يسوع وتاريخ الذين احبوه والذين قاوموه الا اننا لسنا اسرى التاريخ الماضى بل نحن فى المسيح نتوجه الى المستقبل الى الاتيات الى الاسخاتولوجيا الى الدهر الاتى ونترجى قيامة الاموات وحياة الدهر الاتى .هذا هو الخبر السار الذى بطبيعته يحمل اشواق الشركة والحب والاعلان فالانجيل لا يمكن ان يكون مهاجرا غير شرعيا حتى فى الاضطادات وفى دنيا الناس يختبئ تارة ويظهر تارة اخرى حسب الظروف ولا هو خبرة باطنية صوفية لا علاقة لها بتغيير الواقع فالرسالة عند المسيحيين لم تكون اضافة الى الايمان بل هى هى استعلان الايمان لان ايمان بدون اعلان اى أعمال ميت (يعقوب الرسول).
الفصل الخامس :
الايمان الواحد وتعدد الصياغات اللاهوتية:
يتوقع المرء بأن الايمان بيسوع المسيح بهذا الشكل لابد من أن يكون ايمانا واحدا وهو فعلا واحدا فى جوهره ولكنه ليس واحدا على مستوى الصياغات لانه ان كان الله قد صار فى المسيح حقا من حقوق الانسان فللانسان الحق فى أن يعبر عن الله ويقول الله فى لغته وثقافته وظروفه ومعطياته . فالايمان ليس هو عقيدة صماء منزلة فالذى نزل فى المسيحية هو ابن الله وليس كتابا فالله فى المسيحية صار انسانا بينما فى ديانات اخرى صار كتابا (يوحنا 1 ).ولقد مرت المسيحية التاريخية بحقبات صار الايمان فيها هو الحفاظ على صياغات وليس اختبار حياتى وهذا يفسر ردود الافعال اللاهوتية عبر زمان المسيحية. ولقد عبرت المسحية عصورا صعبة كان فيه الحفاظ على الحرف دربا من دروب الشهادة .ولا نريد التوقف كثيرا امام العصور الوسطى فى المسيحية الغربية وكيف صارت العقيدة سلطة فى يد رجال الاكليروس ليفرضوا سيطرتهم بأسم الله على الناس وما تبعها من رد فعل لوثرى واصلاحى ولابد للدارس من الاقتراب بعمق من هذه الفترات والدخول فى صراعاتها وتحسس الامها لكى يخرج برؤية لليوم وها نحن نرى الكنيسة الكاثوليكية اليوم تعيش مرحلة كبيرة من فحص الذات والاصلاح والانفتاح والاعتراف بأخطأ الماضى التى اصطدمت فيه الكنيسة وليس الرسالة المسيحية مع العلم والعلماء مثل جليليوا وغيره وتشجيع البحث اللاهوتى والنقد العلمى للتاريخ ويحتاج الشرق مهد المسيحية الى وقفة كبيرة لمراجعة الذات ايضا ويجب الا يكتفى بالقاء اللوم على المسيحية الغربية.
ولقد بذل المسيحيون الاوائل جهدا كبيرا لعمل قانون ايمان واحد وسط التعدد الثقافى واللغوى السائد فى الشرق ولكن من بركات الرب على العالم كان سيادة اللغة اليونانية مما سهل الاتفاق الثقافى وبالتالى الصياغات اللاهوتية ولقد عرف المسيحيون قبل قانون الايمان النيقاوى عام 325 عرفوا قوانين ايمان كثيرة كانت تقال فى المعموديات وقت دخول الايمان وبسبب انتشار سوء الفهم والانحرافات تم تقنين القوانين فى نيقية وفى القسطنطينية 381 اى ان الايمان قبل ان يكون صياغات لاهوتية كان ممارسات وعبادة وتسبيح وتمجيد وافخارستيا وحياة شركة كما ورد فى اعمال الرسل ولم يكن ابدا ايمانا لفظيا. ولقد شهدت الصياغات المجمعية حوارات ومناقشات لاهوتية رائعة ومرات عنيفة من أجل صياغة الايمان الواحد فى ثقافات متعددة ولم يكن اللاهوت بعيدا عن تأثيرات الفكر الفلسفى المعاصر . ولقد أدت تعددية الثقافات الى تعدد توجهات الاناجيل والرسائل فى العهد الجديد حسب الثقافة التى تتوجه اليها البشارة .ولهذا ظهر فى الكنيسة الاولى التمييز المعروف عند الاباء بين اللاهوت العقائدى وبين الاراء اللاهوتية الحرة التى تعبر عن صاحبها وهى ليست هرطقة ولكنها لا تدخل فى نطاق العقائد اى ان وبلغة العصر لم تغلق الكنيسة ابدا باب الاجتهاد اللاهوتى من اجل مصلحة الناس وخلاصهم أيمان منها بأن الروح يهب حيث يشأ.الكنيسة أيمانا منها بأن الله حق من حقوق الانسان كانت تقبل النقد الموجه لها سواء من الداخل او من الخارج بصدر رحب وترد بعمق لاهوتى كبير وهذا واضح من حوار الكنيسة مع التراث اليهودى فى حوار يوستينوس الشهيد مع العالم والربان اليهودى تريفوناس وايضا حوار العلامة اوريجينوس مع الفيلسوف الوثنى كلسوس ولقد عثر العلماء على اراء كلسوس من ردود اوريجينوس الذى لم يقوم بحرق او بمنع كتب كلسوس فمنع الكتب او حرقها او مصادرتها دون دراسة علمية وحوار لاهوتى هو جريمة ضد حقوق الانسان فى ان يكون له رأى لاهوتى وعلمى .وبالرغم من كل هذه الدالة بين المسيحيين وبين الله الا ان المسيحيين ادركوا دائما ان الله اكبر من قلوبهم وانه وان اعلن عن نفسه الا انه الغير المدرك والغير المستحيل والغير المحدود فالمسيحيون لا يستسهلون الكلام عن الله ولا مع الله الا بخوف ورعدة .وكل ما نقوله عن الله هو كلامنا نحن البشر الذى يأتى من نعمة الله بالروح لانه لا احد يعرف الله الا روح الله . المسيحيون يتكلمون مع الله لانهم امنوا ان الله قد ظهر لهم فى المسيح فمبارك الاتى بأسم الرب فالمسيحيون يدعون الله أبا بسبب الانجيل . ولكن هل يعنى تغيير الازمنة ان الله يتغير ؟
الفصل السادس
الايمان هو هو أمس واليوم والى الابد
المسيحيون لم يكونوا قادرين على ان يقولوا شيئا جديد فى الله خلاف ما قاله اليهود والمسلمين ما لم يكن يسوع قد أعلن لنا سر الله الاب ولقد لجأ المسيحيون عبر تاريخهم الى البلاغة والفلسفة وذلك لكى يتكلموا الايمان لغة يفقهها الناس فى كل عصر وفى العالم الغربى كان المجمع الفاتيكانى الاول فى 1870 والثانى فى الستينيات من القرن الثانى والثانى بهدف توصيل الايمان بلغة معاصرة اى بلغة علمية تناسب الانسان الذى جاز عصور التنوير والاصلاح والتكنولوجيا ولم يعد يكفى الكلام عن الايمان ككشف باطنى وشعور عاطفى مع انسان صار العقل عنده هو محجة كل شئ وما الالحاد المعاصر فى شكله الاوربى الا دليل تقصير الانسان المسيحى فى فهم الابعاد الوجودية والعقلانية للايمان وتجاهله لاسئلة الانسان المعاصر والتى يمكن ان تكون سببا فى تعمقه فى فهم الايمان لان الانسان المعاصر الاوربى هو انسان مسيحى فى أعماقه ومواقفه من المسيحية ليس موقفا نهائيا بل هو موقف عتاب على ما شاب المؤسسة الكنسية خلال تاريخها من تقصيرات وتعديات وعثرات ونقول المؤسسة وليس الكنيسة جسد المسيح ولهذا يطالب الانسان الغربى والشرقى اليوم بتجديد الخطاب الكنسى .وحينما قدم المسيحيون فى القرون الاربعة الاولى الايمان المسيحى على أنه تحول جذرى وتجديد كلى للحياة أدركوا أن دعوة بهذه الخطورة لابد أن يصاحبها شرح رصين ودلائل عميقة وأقناع كبير فالتحول المسيحى ليس هو نمط أخلاقى للسلول الخارجية بل هو تحول كيانى (كنت ..........والأن ). هذا السر المسيحى للحياة الجديدة يجب توصيله لكل الناس بالشرح والقدوة والفهم وهنا يصير الانجيل هو انجيل ليس اليوم الواحد بل كل يوم .
الفصل السابع
المسيحى فى العالم المعاصر
كما قلنا نكرر ان الايمان هو حياة وخبرة وشركة وهو نمط حياة .ولهذا فواجب المسيحيين ان يسمعوا انين واسئلة العالم ومن المعروف ان الثقافة اليوم صارت علمانية ولا تقبل تدخل الله فى شئون الحياة بعد ان عانت البشرية من ظلم رجال الدين باسم الله فقررت ان تأخذ هى زمام المبادرة وتبحث عن حقوق الانسان .ولهذا فهناك حذر وتوجس من قبل العالم اليوم نحو المتدينين والسؤال كيف سنتكلم ونشهد الله فى عالم اليوم سؤال هام وحيوى ومفصلى ولا يمكن للمسيحيين تحت ستار التفسير السطحى والساذج لبعض ايات الانجيل التى تنادى بعدم محبة العالم والاشياء التى فى العالم ان ينسوا ان الله احب العالم. وعليهم ان يكتشفوا الرؤية السليمة والتوازن اللاهوتى بين محبة الله ومحبة العالم وكثيرا ما نرى ان التنكر للعالم من قبل المسيحيين يؤدى الى نفاق كبير وارتداد اخطر كما حدث فى العصور الوسطى المسيحية من مقاومة الكنيسة لروح العصر والعلم باسم مفهوم دينى لا يمت بصلة للانجيل وما نتج عنه من احتجاج العقل فى عصر النهضة. هذا يحدث الان فى الشرق وسط واقع دينى وثقافى مختلف وان لم تكن الكنائس على مستوى الشهادة والفكر اللاهوتى الناضج فستلجأ الى قمع اسئلة الناس من الداخل والتحالفات السياسية والامنية فى الخارج والمجاملات الدينية بلا شهادة لاهوتية ويعتقد بعض الباحثين ان الكنائس الشرقية تجوز اليوم أزمة سيطرة الاكليروس وغياب العقل والفكر اللاهوتى وغياب الشهادة فى الواقع وهى نفس الازمة التى عاشتها الكنائس الغربية فى العصور الوسطى.
ولعل من أهم التحديات التى تواجه الشهادة المسيحية فى الغرب والشرق اليوم هى العلمانية وانتشارها الكبير وبداية انحصار الدين عن ممارسة دورا اجتماعيا كبيرا. ولابد من شرح معنى العلمانية والعولمة لان الشرقيين اليوم يتحاورون بخصوصها ويريدون ان ينقلوا النموذج الغربى فى الحياة السياسية والخطأ الكبير الذى يرتكبه الشرقيون هو حينما يفصلون بين الظواهر السياسية الغربية و الثقافية والواقع الغربى المسيحى الذى ولدت فيه هذه الظواهر سواء كأمتداد للأنجيل او كرد فعل على عدم فهم المسيحيين لرسالة الانجيل. العلمانية تاريخيا فى فرنسا توخت اقصاء سلطة الكنيسة الكاثوليكية فى نطاق الحكم اى أنها كانت رفضا للثيوقراطية اى للحكم الالهى وارتبطت هذه العلمانية بالسيادة الوطنية .قامت العلمانية ازاء الكنيسة الغربية اى انها كانت رغبة الدولة فى جباية الضرائب على الاوقاف الكنسية وتوخت تضييق سلطة القضاء المذهبى ورفضت تشريعا لا يوافق عليه الملك بحيث لا يتخذ قرار بابوى الصفة التنفيذية الا بموافقة الملك وعلى هذا النهج سارت الثورة الفرنسية والانظمة التى تبعتها حتى انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا والفاتيكان ودر قانون فصل الكنائس وليس الدين عن الدولة السنة 1905 م ثم جاء نظام العولمة الذى جعل العلمانية الفلسفية موقفا قانونيا فى الدستور قائم على التسامح والحقوق وصار الله حق من حقوق الانسان يقبله او يرفضه دون عقاب ولقد ساهم للاسف فى اذكاء روح الحقوق المدنية رجالا ليسوا هم رجال الدين والعلمانية لغة ويجب ان نقرأها بفتح العين لاشتقاقها من العالم لكونها مصطلحا مسيحيا فى الاصل للدلالة على كل عضو فى الكنيسة ليس اكليريكيا .وكان المصطلح (العامى) أى من كان من العامة . والكلمتان استخدمتا فى كتبنا الكنسية وهى ترجمة لكلمة (لايكوس ) اليونانية وتعنى الفرد فى شعب الله ولا صلة لها بالعلم .والتأكيد على العلم مصدرا وحيدا للمعرفة نسميه اليوم العلموية . ثمة نمو اللاهوت الغربى فى العصور الوسطى رؤى الى الاكليريكى وبخاصة الراهب على انه من تعاطى الاخرة ورؤى فى الانسان العادى العامى انه من تعاطى شأن هذا الدهر وصارت الكلمة الى فصل الحياة الفكرية والسياسية عن الله فصلا كاملا وارادوا ان يأتى المجتمع المدنى شيئا من هذه الارض ومن الدهر الحاضر بمقابلته مع الدهر الاتى اى ارادوا الدنيا بلا دين تاركين هذا اى الدين للقناعة الشخصية والالتزام الفردى.فسواء كنا مع مفهوم العلمنة الذى نشأ فى جو ثقاف كاثوليكى او كنا مع (الدهرية) الذى بدا فى المناخ البروتستنتى وضده نكون غرباء عن المناخ الروحى والحضارى الذى تميز به هذا الشرق فى بيزنطية فبيزنطية رأت ان المجتمع يشرف الله عليه وان الدولة تحافظ على التراث المسيحى المستقيم الرأى ولئن كان الامبراطور لا يحكم الكنيسة ولا القيادة الكنسية تتحكم به . هناك تناغم بين الامبراطورية والكنيسة سيمفونيا كما كان المصطلحالرسمى ولكن ليس ثمة ثيوقراطية .هناك مضمون روحى للدولة ولكن هذه ليست الية كنسية(المطران جورج خضر :لبنانيات دار النهار للنشر 1997 ص 346 ) .وهذا فالالحاد المعاصر سواء كان الحادا انسانويا او علميا او سياسيا ليس هو ضد الله ولكن ضد اسقاطات مسيحية فى عصور الارتداد على مفاهيم نفسانية وتصورات خرافية ولهذا يلاحظ الباحثون كثرة الكتب التى تتكلم عن وجود الله ى العصور الوسطى والحقيقة لم تكن القضية حول وجود الله او عدم وجوده بل حول صور عن الله قدمها بعض المسيحيين وهى لا تمت بصلة لاله الانجيل فماركس لم يقف ضد اله يسوع المسيح بل ضد صور ة لله تقهر العمال وتسلب حقوق الفقراء باسم الله وتقدم لهم مبررات مثالية وغيبية تسلبهم كرامتهم وتهدر حقوقهم فيجب ان لا نلقى كل المسئولية على كارل ماركس بل على الصورة المثالية والنظرية والغير عملية التى قدمها المسيحيون عن الله وحينما فهم المسيحيون اخطائهم ظهر لون من الوان الحوار بين الالحاد وبين اللاهوت ساهم فى اغناء الطرفين وجاء سارتر ليقول ليس فقط بعدم وجود الله بل بحتمية عدم وجود اله حتى يعيش الانسان حريته بلا قدرية فسارتر يريد الانسان حرا مريدا قابضا على مصيره بيمينه وهل يسوع يريد للانسان اقل من ذلك !!!!فالانسان لا يمكن ان يلتقى بالله فى يسوع المسيح بدون ان يكون كائنا حرا (تعرفون الحق والحق يحرركم). الله لم يسلم للانسان عالما جاهزا بل عالما فى صيرورة ويقول القديس باسيليوس فى كتابه عن ايام الخليقة الستة بان الله سلم للانسان العالم لكى بالروح يجمله ويكمله ويعمل الارض ويحفظها وهنا يأتى دور البشارة وتوصيل كلمة الله ويجب ان نفكر فى كيفية جعل يسوع المسيح الها للذين لا يميلون الى التدين اى للذين بلا دين وكما قال ديتريش بونيهوفر (كيف نبشر بالانجيل لاناس بالغين ثقافيا وليس لهم نموذج دينى وضعى ؟).والحقيقة ان الانسان المعاصر ليس بلا دين فهو يريد حريته فهو يؤمن بحريته ودينه كرامته وحقوقه وهذا يفسر انتشار المذاهب الدينية الاسيوية والافريقية فى امريكا واوروبا وما الايديولوجيات السياسية الا اديان جديدة ولهذا فامام المسيحيين فرصا كبيرة للشهادة للانجيل فى وسط عالم حر من الخرافات ولكنه متمسك بخرافات جديدة ووسط عالم ترك الاله الحقيقى وعبد الهة كثيرة ولكنه ليس عالما خرافيا بل عالم حقق باعا فى التقدم والتطور والوعى بالذات وهو عالم اكتشف ما فى الانسان من طاقات جبارة وامن بها ولن يبيعها فى سوق الاوهام الدينية مرة اخرى ولهذا فعلى الايمان المسيحى اعادة قرأة شهادته اليوم على ضوء التطور العلمى والنقد الموجه للرسالة المسيحية ويجب البحث عن الرسالة المسيحية الاصيلة والبحث اللاهوتى الرصين ويجب اعادة اكتشاف وعد يسوع بالروح القدس الذى سيعلمنا كل شئ ويذكرنا بكل ما قاله لنا .هذا العمل ليس هو وصفة جاهزة وفتاوى سابقة التجهيز بل هو ابداع دائم نابع من هموم واسئلة الناس تماما مثل العهد الجديد الذى ولد من اسئلة وخبرات واشواق وانجازات التلاميذ والتعليم الاخلاقى ليس هو قوالب جاهزة بل هو تفاعل بالروح مع كل موقف ولهذا ترك لنا التلاميذ لاهوتا وليس (دار للافتاء ) لاهوت الوجود كله وليس دغدغة لمشاعر العامة الدينية. هنا تأتى المحبة للجميع كخارطة الطريق للرسالة المسيحية والمحبة فى الواقع واقع العالم المعذب من امواج الخطية والمدعو الى شركة الله بالنعمة .ولا يوجد عالمين بل هو عالم واحد ومصير واحد واله واحد ومعمودية واحدة فلا يوجد يونانى ولا اممى ولا يهودى فالرسالة المسيحية هى رسالة كونية فهل المسيحيون على استعداد للقاء هذا التحدى ؟هنا يجب نشر ثقافة الصليب اى ثقافة المصالحة والغفران فالوثنى فقط هو الذى لا يسامح لانه يعبد ذاته واوهامه .ونشر ثقافة المصالحة هو اعلان للثورة المسيحية ضد الحقد والكراهية وعدم المسامحة وقهر حقوق الله فى الانسان ولا يقدر احد ان يحتضن ثقافة الحقد باسم الدفاع عن المقدسات وحقوق الله فالمقدسات الوحيدة فى الانجيل هى الصليب وحق الانسان فى الغفران الذى كان فيه يسوع مسامحا لنا
فيه غافرا لنا خطايانا واعطانا به وفيه خدمة المصالحة. اذا علينا ان نسعى كسفراء للحب كحق من حقوق الانسان فى الله وحق من حقوق الله على الانسان لأن الله يعظ بنا وفينا بيسوع ابنه فى الروح القدس .


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire