من
وحى العنصرة الانسان كائن روحانى ليتورجى Ό άνθρώπος είναι λειτουργικόν όν
اعداد الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين
من
وحى العنصرة
الانسان
كائن روحانى ليتورجى
Ό άνθρώπος είναι λειτουργικόν
όν
اعداد
الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين
ان
الازمة التى تمسك فى هذه الأيام بتلابيب الانسان عامة والانسان المسيحى خاصة
والانسان الارثوذكسى بشكل أخص ,انما تعود الى تغرب الانسان عن الروح القدس
’الاقنوم الثالث’ فى الثالوث القدوس وبالتالى غياب روح الشركة من الجماعة المسيحية
مما أدى الى مأسسة الكنيسة وفردنة الخبرة الروحية ’ هذا كله جعل من التجمعات المسيحية
تجمعات تميل فى اغلبها الى السمر الدينى واصدار الفتاوى وجمع التبرعات’مما أدى الى
حدوث طلاق مدمر بين الحياة الليتورجية والاختبار المسيحى والالهامات الروحية من
ناحية وبين الخطاب اللاهوتى الذى تحول الى خطاب دفاعى تبريرى بل وطائفى بلا مضمون
اختبارى وخلاصى وواقعى ان الفصل بين العقيدة والعبادة ميز حياة وتعاليم الهراطقة.
وقديما قال أحد اللاهوتيين العرب (عندما يكون جهل العقيدة عميما أو اغفالها خطة
لتجهيل الناس ’تأتى التأملات فى العنصرة نسمات منعشة ومحيية).
قالوا
عن الانسان وفى الانسان الكثير ’منهم من قال انه (حيوان اجتماعى) ومنهم من قال
انه(حيوان متدين) ووصل احد العلماء ’ بعد أن أضناه البحث’ أن يكتب عن الانسان
انه(ذلك المجهول) ولقد أصاب المطران يوحنا قلته حينما كتب يوما (أن الانسان هو
الحل).من لم يقرأ الكتاب المقدس وكتابات الاباء لن يحالفه الحظ بأن يعرف ما هية الانسان
.الاباء صدقوا ما قاله الوحى عن الانسان ولقد سبق الرسول بولس فقرأ الانثروبولوجيا
فى العهد القديم قرأة جديد فى وجه الانسان الجديد يسوع المسيح ويجب التمعن جيدا فى
هذا النص من رسالة العبرانيين الذى أعد الطريق للرؤية الجديدة للانسان فى العهد
الجديد والمسيحية الاصلية فيسوع هو انسانية الله فى الانسان الجديد (من هو الانسان
حتى تذكره أوابن الانسان حتى تفتقده رفعته قليلا عن الملائكة بالمجد والكرامة
كللته. أخضعت كل شئ تحت قدميه .لأنه اذ أخضع الكل له لم يترك شيئا غير خاضع له.على
اننا الأن لسنا نرى الكل بعد مخضعا له.ولكن الذى وضع قليلا عن الملائكة يسوع نراه
مكللا بالمجد والكرامة من أجل ألم الموت لكى يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل
واحد.لأنه لاق بذاك الذى من اجله الكل وبه الكل وهو أت بابناء كثيرين الى المجد أن
يكمل رئيس خلاصهم بالالأم .لأن المقدس والمقدسين جميعهم من واحد .فلهذا السبب لا
يستحى أن يدعيهم اخوة قائلا اخبر باسمك اخوتى وفى وسط الكنيسة اسبحك ....فاذ قد
تشارك الأولاد فى اللحم والدم أشترك هو أيضا كذلك فيهما لكى يبيد بالموت ذاك الذى
له سلطان الموت اى ابليس ويعتق اولئك الذين خوفا من الموت كانوا كل حياتهم تحت العبودية
.....من ثم كان ينبغى ان يشبه اخوته فى كل شئ لكى يكون رحيما ورئيس كهنة أمينا فى
ما لله حتى يكفر خطايا الشعب لأنه فى ما هو قد تألم مجربا يقدر أن يعين المجربين)
عب 2: 5 --18 .
الانسان
عند المسيحيين الاوائل هو كائن فى شركة اى كائن ليتورجى(راجع الوجود شركة للمطران
يوحنا زيزيولاس ترجمة مركز دراسات الاباء بالقاهرة).الوجود الانسانى الارثوذكسى هو
وجود فى شركة الثالوث. هذه الشركة ليست نظريات بل هى لمسات واعلانات واختبارات فى
قلب التاريخ الانسانى .نحن ندعو القارئ الكريم لسياحة لاهوتية وتاريخية وروحية فى
بستان الليتورجية مع الاباء والمختبرين حتى لا تكون كرازتنا بكلام الحكمة المقنع
بل ببرهان الروح والحق. الاقتباسات الليتورجية تعود بالدرجة الاولى الى ليتورجية
القديس يوحنا الذهبى الفم وقد اعتمدنا بالدرجة الاولى لاتمام هذا البحث على المرجع
الهام للعالم الارثوذكسى الاب بول افدوكيموف فى ترجمته العربية الرائعة للمطران
الياس نجمة الاسقف الكاثوليكى والذى قد له المطران الارثوذكسى العظيم جورج خضر
.لقد أكد المطرانان أن اللغة العربية قد تنصرت وجددت عهدها مع يوم العنصرة
والشهادة المسيحية.
1
–الأسرار من أجل الأنسان
يكشف
لنا تعليم الأباء عمل الروح القدس الظاهر فى الكون من خلال الأسرار
والليتورجيا.ولأن روحانية الشرق تتمحور حول محبة الله للانسان’فهى تنظر الى
الأسرار بوصفها تجليا لله وفيضا لطاقاته المؤلهة للبشرية ’قبل أن ترى فيها العلاج
الأسمى لأسقامنا.
قال
الرب فى حديثه الى نيقوديموس (ليس أحد يقدر أن يدخل ملكوت السماوات ما لم يولد من
الماء والروح)يوحنا 3 :5 .فالعماد ’اذا’ هو ولادة جديدة مما يستلزم تدخل مبدأ
تقديس الانسان شخصيا.فهو يحول ماء العماد أن ينقل الطاقة الألهية’وأن يكون العلامة
الحسية لقدرته الالهية التى تخلق الحياةالجديدة.فهو يفيضها فى المعتمد وفيه
تتغلغل.والقديس ديونيسيوس يقول :(ان جرن المعمودية هو (رحم التبنى) لأنه يعيد الى
الأب ابنه).
ان
التثبيت’أو مسحة الميرون’هو السر الذى يمنح مواهب الروح القدس منحا فائقا .يوم
خميس الأسرار’يحتفل الأسقف برتبة تكريس الميرون المقدس’وهو مزيج من الزيت
والبلسم.والصلاة على الميرون تشبه استدعاء الروح القدس على القرابين
الافخارستية.من هنا ’قول القديس كيرلس الأورشليمى :(كما أن الخبز القربانى لا يعود
بعد استدعاء الروح القدس خبزا عاديا بل جسد المسيح’كذلك الميرون لا يعود زيتا
عاديا).ويؤكد القديس غريغوريوس النيصى (أن لكل من الزيت والخمر’ بعد تقديسه بالروح
القدس’طاقته الألهية).وانه لمن المهم أن نشير الى أن الأسرار كلها ’كذلك الاجراءات
الكنسية جميعا ’لها استدعاء للروح القدس خاص بكل منها’وهى تتم بحلول طاقات الروح
القدس.ان استدعاء الروح القدس فى سر الزواج يجعل منه (عنصرة عرسية).واذ يصف
هيبوليتوس استدعاء الروح القدس عندما يرسم أحد خدام المذبح ’يقول :(انه عندما توضع
الأيادى يفرض الصمت على الحاضرين لداعى حلول الروح القدس .الجميع فى صمت أثناء
حلول الروح القدس .ان خدمة الليتورجية الارثوذكسية تشمل رتبة (الزوون أى الماء
الحار)وهى تقام بأن يسكب الشماس الانجيلى قليلا من الماء الحار فى الكأس المقدسة
قبل التناول وهو يقول :(حرارة الايمان المستوعبة من الروح القدس).فيتناول المؤمن
الدم الحار الذى أضحى روحانيا بأن أحياه الروح القدس.كذلك بعد تقسيم (الحمل) يقول
الكاهن لدى انزاله فى الكأس (كمال الروح القدس).فالروح حاضر وهويعطى مع جسد الرب
ودمه.يرى نيقولا كاباسيلاس فى شرحه لليتورجية أن القصد من رتبة (الماء الحار)
هوالتعبير عن العنصرة الافخارستية.فالماء الساخن يجمع فى ذاتهما يرمز اليه الماء
والنار.(ان القرابين الافخارستية ’وقد بلغت كمالها’ تزاد عليها علامة
العنصرة).ويفسر ذلك القديس افرام السورى بقوله(من يأكل هذا الجسد فى ايمان يتناول
معه نار الروح القدس).
2
–الليتورجيا والانسان الجديد
ما
أجمل ما يقول القديس ايريناوس فى الليتورجيا اذ يدعوها (كـأس الخلاصة).ويقول
القديس يوحنا الذهبى:(هنا’نهاية المسيرة).فهى تضعنا فورا فى حضرة الأقانيم
الثلاثة.ولذلك’فهى تبدأ بهذا الاعلان الثالوثى العظيم:(مباركة هى مملكة الأب
والأبن والروح القدس ). كما أن السر الثالوثى هو موضوع صلاة الشكر التى ترفع الى
الثالوث المحيى :(انه لواجب وحق أن نسجد للأب والأبن والروح القدس.......أنت وابنك
الوحيد وروحك القدس .....مازلت تصنع كل شئ حتى أصعدتنا الى السماء وأنعمت علينا
بملكك الأتى).والملكوت هو الروح القدس.لقد سأل المسيح الأب ’ومن الفجوةالتى انفتحت
فى السماء لا يزال الروح المعزى فى حلول دائم.
ان
دستور الايمان فى اللاهوت الأبائى ينتقل الى الليتورجيا ليؤلف دستور الصلاة.ان
الروح يستريح فى طبيعة المسيح البشرية المتألهة والمترعة بالطاقات
الألهية.والعنصرة الافخارستيا تشركنا بجسد الرب الممجد. والروح يكشف لنا ’ونحن ما
نزال بعد (تحت البرقع)تأليه الانسان واشتراكه بالمسيح المكون الكل وخالق الكون. ان
الكنيسة لتعى ذلك وتعبر عنه فى المجدلة الافخارستية حيث ترفع الشكر للأب الخالق
والعناية’وتشكر له ’بعد ذلك’ذبيحة الابن المقدمة فى عشاء الرب’وأخيرا تشكر له عمل
الخلاص الذى يبلغ كماله ويضحى واقعا بحلول الروح.
يركز
القديس باسيليوس فى كتابه فى الروح القدس على (روح الشركة).فالشركة هى أولا شركة
الأقانيم الألهية فى طبيعتهم الواحدة.(فالكنيسة بعد العنصرة ملأى من الثالوث)’هكذا
يقول أوريجينوس الذى يرى فى الكنيسة شركة على مثال الله الواحد والمثلث .من هنا
’تشديد الليتورجيا بشكل خاص على روح الشركة’وهو الطلب الأكثر تواترا(أن يجمعنا فى
شركة الروح الواحد)’والذى ينتهى بالبركة الكاملة (نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة
الله الأب وشركة الروح القدس فلتكن مع جميعكم)2كو 13 :13 .
فى
نهاية الليتورجية تبرز أبعاد هذه الشركة فى وضوح اذ يعلن الجميع حلول الروح عليهم
ويهتفون (لقد أخذنا الروح السماوى ورأينا النور الحقيقى ووجدنا الايمان الحق
بسجودنا للثالوث غير المنقسم الذى خلصنا ).أنها المقطوعة الأخيرة تشيد بتجلى
الثالوث’تجليا ’تجليا يغمره النور’وهى تنير البعد الأقصى لحلول الروح القدس على
المؤمنين.فالروح القدس يقيم ويختم الشركة فى الابن’ويجعلنا جميعا أعضاء المسيح
وورثة معه’وبالتالى أبناء بالتبنى’وبهذا يضعنا جميعا فى شركة الأب.
ان
الصلاة بعد التناول تسأل المسيح (أن يهبنا أن نشاركه أكمل مشاركة فى يوم ملكه الذى
لا مساء له ).ففى الدهر العتيد ’وعبر طبيعة المسيح البشرية المتألهة (وكأنها السراج
البلورى)’ يشركنا الأب فى الروح القدس باشعاع مجد طبيعته التى لا يدنى منها.الا أن
الروح يقول فينا ومعنا ’ منذ الأن ’ (أبا ’ أيها الأب )ويستبق بهذا كمال الكهنوت.
3
–الانسان هيكل الروح القدس
بقطع
النظر عن البحوث الأثرية وتفاسير النصوص الليتورجية’ يرى الشرق ’ قبل كل شئ ’ فى
(استدعاء الروح القدس) الاعتراف الليتورجى بحقيقة يعيش فيها ويعبر عنها فى صلواته
هى لاهوت الروح القدس .فالتراث الأبائى الشرقى مجمع على أن يعزو الى الأقنوم
الثالث من الثالوث فاعلية الطقوس المقدسة كلها.
قبل
استدعاء الروح بحصر المعنى ’هناك استدعأءأت تسبقه ووتتصاعد شيئا فشيئا حتى تبلغ
الصيغة الأخيرة.فالرتبة الصغيرة التى تسبق الليتورجيا’أعنى رتبة اعداد المواهب
’تبدأ بتلاوة:(أيها الملك السماوى ’ المعزى’ ......هلم وأسكن فينا )والتلاوة نفسها
تستهل ليتورجيا الموعوظين. والصلاة على المؤمنين تستدعى (نعمة الروح القدس على
المواهب التى سوف تقدم).وصلاة التقدمة تسأل (أن يحل روحك القدوس على هذه القرابين
وعلى شعبك كله).
ليس
صحيحا ولا مناسبا أن نحدد اللحظة التى فيها تتم المعجزة الافخارستية’أى
التحول’وذلك بديهى’لأن الليتورجيا كلها’ومنذ أن تبدأ’ تمثل عملا واحدا ينتهى
باستدعاء الروح القدس.ان الله المحب البشر يتجاوب مع هذا الدعاءالاجمالى’واستدعاء
الروح القدس هو كالهتاف الأخير فى السيمفونية الواحدة والكلية.وفى هذا الكل الذى
لا يتجزاءلا يمكن الا أن نعين اللحظة التى يعتبر السر قد بلغ كماله.(لقد تم وانتهى
على قدر طاقتنا سر تدبيرك’أيها المسيح الهنا).ويشهد المؤمنون مرنمين:(لقد أخذنا
الروح السماوى).
ان
استدعاء الروح القدس هو المدخل الى أى شركة مع الله.وبهذا المعنى يقول الأباء:اذا
كان الابن هو الطريق الى الأب’كذلك الروح القدس هو الطريق الى الابن.فالروح القدس
هو (واهب الحياة وكنز الصالحات)’وهو مقدس وذلك من جوهره.فهو المبدأ الفاعل فى كل
عمل الهى.
ان
صلاة التقدمة فى الشرق تتجه الى الأب لكى يظهر الروح القدس المسيح.وهذا الكمال
الثالوثى بالذات هو الذى يستلزم استدعاء الروح القدس ويجعله واقعا.
يهب
المسيح للانسان والانسانية أن تشترك فى حياة الثالوث ذاتها.وهذا ما يعبر عنه
النشيد(للثالوث الواحد فى الجوهر وغير المنقسم).ان صلاة التقدمة الطويلة نتجه بها
الى الأب ’غير أن النشيدالقدوسى الثالوثى يتخللها’لأن السجود يرتفع الى الأقانيم
الثلاثة التى لا يمكن الفصل بينها.كذلك كلمات الرب التأسيسية(فى الليلة التى أسلم
فيها)والتى يليها رفع القرابين(ما لك’مما هو لك’نقربه لك عن كل شئ ومن أجل كل
شئ)’هذه الكلمات تبلغ كمالها باستدعاء الروح القدس’وكأنه نغمة الائتلاف
الأخيرة.فالكاهن يسأل (أبا الأنوار)ارسال الروح لكى يتجلى الابن.والوحدة الثلاثية
المقدسة’أى الأقانيم الثلاثة الواحدة فى الجوهر’ هى الفاعلة والداخلة هنا فى
النطاق التاريخى الذى للتدبير الخلاصى.من هنا’ان صلاة الشكر تستذكر كل النعم الت
أغدقها الله على البشرية.والكنيسة تشكر للأب عطيته أبنه الوحيد وارساله الروح
القدس الذى يظهر الابن فى الذبيحة غير الدموية التى تقرب على المذبح.ان صلاة تقدمة
(القرابين الكريمة والمقدسة)تعبر فى ايجاز عن الجوهر:(حتى ان الهنا المحب البشر
الذى قبلها على مذبحه المقدس السماوى العقلى يرسل الينا عوضا عنها النعمة الالهية
وموهبة الروح القدس).
اذا
رجعنا الى أواخر القرن الرابع نجد أن صلوات التقدمة فى الشرق تسأل الروح القدس أن
يحل على التقدمات ويحولها الى جسد المسيح ودمه.والقديس يوحنا الدمشقى يلخص فى
وضوح’ حسب عادته’التراث الأبائى الثابت ويقول :(ان تحول الخبز الى جسد المسيح يتم
بفعل قدرة الروح القدس).
وان
تدخل الروح القدس هذا’ يستلزمه ويبينه مفهوم كهنوت الخدمة ودوره الخاص.ففى الشرق
الارثوذكسى وعند كل الاباء الكبار’الكاهن الحقيقى ورئيس الكهنة الوحيد هو
المسيح:(ارتض أن تشركنا بيدك العزيزة فى جسدك الطاهر ودمك الكريم) يقول الكاهن.
وفى التلاوة أثناء النشيد الشاروبيمى :(فانى اليك اتقدم حانيا عنقى ’واليك اطلب
ألا تصرف وجهك عنى ولا ترذلنى من بين يديك.بل ارتض بأن أقدم لك هذه القرابين’أنا
عبدك الخاطئ’غير المستحق’فأنك أنت المقرب والمقرب والقابل والموزع’ أيها المسيح
الهنا......).والقديس يوحنا الذهبى الفم يقول فى صراحة:(ان دورنا ’ نحن’هو دور
الخدمة.وانما هو الذى يقدس وهو الذى يحول). وأيضا :(ان الكاهن لا يبسط يده على
القرابين الا بعد استدعاء نعمة الله.....فالكاهن لا يفعل أى شئ......انها نعمة
الروح التى تحل وتظلل بجناحيها’هى التى تتمم هذه الذبيحة السرية).وعلى كل
حال’فالشعب الحاضر كله يصلى مع الكاهن :(اياك نسبح ’اياك نبارك’لك نشكر يارب
’واليك نطلب’يا الهنا).وانطلاقا من هذه الرؤية فالكاهن لا يندمج مع المسيح أى لا
يحل محله’ولا يقول :(هذا جسدى) وكأنه شخص المسيح’بل يندمج مع الكنيسة ويتكلم فى
شخص الكنيسة وبأسم المسيح.ولكى تبلغ كلمات المسيح التى سيظهرها الكاهن (أخذ خبزا
بيديه المقدستين الطاهرتين اللتين لا عيب فيهما فشكر وبارك وقدس وكسر وأعطى
تلاميذه الرسل القديسين قائلا:(خذوا كلوا هذا هو جسدى....) تضحى بالروح القدس
الذكرى المتجلية التى تظهر تدخل المسيح نفسه موحدا بين الكلمات التى يلفظها الكاهن
وكلماته هو وجاعلا الافخارستيا المحتفل بها والافخارستيا التى احتفل هو بها
واحدا.تلك هى معجزة التحويل ’ تحويل القرابين.ويفسر ذلك القديس يوحنا الذهبى الفم
’ويقول :(الذبيحة التى نقدمها هى نفسها’ذبيحة اليوم وذبيحة الغد. أمن ان العشاء
نفسه حيث اتكأ المسيح يتجدد اليوم’وان عشاء اليوم لا يختلف عن ذاك ).
ان
استدعاء الروح القدس فى الافخارستيا تراث ثابت أجمع عليه الشرق.والقديس باسيليوس
يتكلم فى (عن الروح القدس ) عن (أصله الرسولى).وبدون هذا المعتقد بعمل الروح
القدس’معتقد يرجع الى أوائل العهد المسيحى’ولو فى جذوره’كما كان من معنى لاستدعاء
الروح القدس’وما كان يمكن تصوره.فتاريخ الوعى الليتورجى ما عرف قط ثورة مثل هذه
ولا عرف ظهورات تلقائية فيهال تأكيدات عقائدية بمثل هذه الخطورة .فاستدعاء الروح
القدس يعبر عن (قانون الصلاة ) الليتورجى .ويتجاوب معه اجماع الأباء وعقيدة
الثالوث ولاهوت الروح القدس لديهم.يبحث الأباء العلاقة الدينامية بين الروح القدس
وطبيعة المسيح البشرية اى الانسان يسوع المسيح’.وأن حلول الروح القدس على طبيعة
المسيح الانسانية أوروحنتها وتأليهها تتواصل فى الذين يشتركون فى (الجسد المقدس)
فهم ليسوا فقط مشابهين لصورة المسيح بل يضحى كل واحد منهم مسيحا أخر ’وفى
الواقع’كلمة (لاشتراكهم فى ملئه’اذ فى المسيح يحل كل ملء اللاهوت جسديا ’وفيه أنتم
تمتلئون لأنه هو رأس كل رئاسة وسلطان )كولوسى 2 :9 .و(أعضاء فى جسده يجمعهم اليه
الجسد الواحد والدم الواحد ).ويشير الذهبى الفم الى (أن المتناولين هم كألاسود) اى
انهم وجوه للقدرة الألهية التي لا تغلب.فلسنا اذا مجرد أشابين متفرجين بل مشاركين
فى نار المحبة الالهية وتبادل الخواص فالتجسد أو أنسنة الله يقابلها تأليه الانسان
بالنعمة(اثناسيوس الرسولى). ويزيد القديس مكسيموس المعترف (ان الأفخارستيا تحول
المتناول الى ذاتها وتجعله شبيها.....الى حد أن المؤمنين يمكن تسميتهم (ألهة)لأن
الله بكليته يملأهم كليا).ونقولا كاباسيلاس يتكلم على انتقال الطاقة المؤلهة الى
التناول (فيتحول الطين الى جوهر الملك).واذا يفسر القديس مكسيموس المعترف أثر
استدعاء الروح القدس فى المؤمنين’يركز على فاعليته الدينامية:(نحن جميعا المشتركين
فى الخبز الواحد والكأس الواحدة يجمعنا بعضنا الى بعض الاشتراك فى الروح القدس
الواحد).ويقول القديس كيرلس الأورشليمى:(نطلب ارسال الروح القدس,لأن كل ما لمسه
الروح القدس يتحول).وبالتالى ’فبعد تحويل القرابين’يحول الروح القدس المتناولين
أنفسهم.ذلك وجه أخر للافخارستيا التى يدعوها الصوفيون (سر الأخ).والقديس كيرلس
الأسكندرى يشدد بقوة ’ من جهته ’على الوحدة بين المؤمنين التى تخلقها هذه الهبة.
(الروح
والعروس يقولان هلم أيها الرب!)ان فى ذلك تلميحا الى اليوم الأخير ورجوع الرب.لأن
استدعاء الروح القدس موجه صوب العريس السرى’عرس المسيح والكنيسة. ولكنه أيضا عرس
المسيح وكل نفس فى اسمها وشخصها. من هنا قول ثيؤدورتس قورش:(بتناولنا جسد العريس
ودمه ندخل شركة العرس).
المراجع
:
1
–الروح القدس فى التراث الارثوذكسى تأليف بول أفدوكيموف وترجمة المطران الياس نجمة
وقدم له المطران جورج خضر-لبنان-1989 وجميع الاقتباسات الابائية واردة فى كتاب
افدوكيوف ص 98 ولم نغير فى لغة سيادة المطران نجمة بل اقتباسناها كما هى 2
–ليتورجية القديس يوحنا الذهبى الفم باللغة العربية .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire