mercredi 5 octobre 2016

الأيقونة بين اللاهوت والناسوت خواطر فى الاطلالات الانسانية للاهوت الأيقونة نقلها الى اللغة العربية الأب الدكتور أثناسيوس حنين- مطرانية بيرية –اليونان


                                الأيقونة بين اللاهوت والناسوت
                              بين ثقافة الناس وأشراقات السماء !
                       خواطر فى الاطلالات الانسانية للاهوت الأيقونة
                                    الأرشمندريت باسيليوس
Αρχιμ. Βασιλείου
Καθηγουμένου Ιεράς Μονής Ϊβήρων
ΘΕΟΛΟΓΙΚΟ ΣΧΟΛΙΟ
Στις τοιχογραφίες της Μονής Σταυρονικήτα
Καρυές Αγίου ¨Ορους
2004
الأب الروحى لدير السيدة أيفيرون
جبل أثوس –اليونان
أصدار دير السيدة أيفيرون 2004

نقلها الى اللغة العربية الأب الدكتور أثناسيوس حنين- مطرانية بيرية –اليونان
(الأيقونة هى مدرسة المتفوقين فى البساطة الروحية والذوق الانسانى المرهف )
Το είκονογραφικό έργο των μεγάλων αγιογράφων δεν είναι απλώς άνθρωποκεντρικότητα αλλά θεναθρωποκεντρικότητα !
أن الابداع الايقوناتى لكبار الرسامين ليس هو مجرد ابداع انسانى المركز ’ بل هو أبداع انسانولاهوتى المنطلق !


أولا :أهداء المترجم 

يلاحظ المراقبون للحركة الثقافية والفكرية وللحوار الدينى أو اللاهوتى وحتى السياسى فى الشرق عامة وفى مصر خاصة بأن هناك حالة من الغضب والتوتر والعراك والذى يصل الى حد الأحباط ويهدد بحالة من الفصام الجمعى بسبب من افتعال معارك وهمية بين الثقافة واللاهوت وبين الدين والفن وبين الأيقونة والحياة ! ’ وكما يلاحظ الدارسون أن وبالرغم من أشواق الكثيرين بأن هناك نهضة ما فى الأفق ’ الا أنه وفى ذات الوقت هناك حاجة ماسة الى التوقف قليلا عن الكلام !!!’ لألتقاط أنفاس روحية وانسانية ولاهوتية وثقافية نقية وسط أجواء التلوث الثقافى والهيجان الدينى والأحباط الانسانى اليومى ! وقفة من أجل التقاط الأنفاس لكى ما نتفرغ للتطلع فى وجه ما !
Πρόσωπον
Face
Visage
,وهل الأيقونة شئ أخر الا وجه ! الأيقونة هى الوجه والذى لا يمل المرء من التطلع اليه والتطلع فيه والتطلع من خلاله ! ’ والشئ العجيب والجديد فى الايقونة يكمن فى أنه كلما تطلع اليها المرء ’ كلما أنطبعت فيه رؤية ونورا وهدوأ وهدى ولاهوتا وثقافة . لهذا نهدى للقراء هذه العجالة حول الايقونة كتبها الأب والصديق (والصديق ليست محسنات بديعية بل حقيقة ساهمت فى تعمق المترجم فى التراث الأثوسى اللاهوتى والايقوناتى العريق وحدث ذلك أثناء الاستقبال الحافل الذى اعده الارشمندريت فاسيليوس للأب أثناسيوس فى الجبل المقدس أثوس وأهدأئه المترجم بدلة للصلاة خاصة به وغاية فى الفخامة كبركة من الدير ! الى سنين عديدة يا أبى ) والمختبر واللاهوتى والناسك الأب فاسيليوس الأفيروتى من كبار رجال الله وأيقونات الروح القدس الحية فى الجبل المقدس أثوس باليونان ’ كما أذكر للتاريخ بأن قد سبق وزارنى فى منزلى فى أثينا (على كباية شاى مصرى ! ) يوم كنت أخدم الكنيسة المصرية باليونان وحينما أهديته كتاب (الخولاجى المقدس اى كتاب الصلوات باللغة القبطية ) وبدأ يقرأ وأنبهر وبفرحة طفولية ابتدأ يشير الى النص .القبطى ويصرخ ..يونانى ...يونانى أنا أقرأ يونانى !!.
Ελληνικά διαβάζω
Ελληνικά διαβάζω
أنها فرحة وسعادة كل مثقف بنجاح مشروع التثاقف بين الحضارات والتعايش بين
الثقافات !!!

..وبعد أن وجد اصولا مشتركة وأمضينا وقتا فى البدايات والمودات ’ عدنا الى الواقع المرير ’ وبدأ يتحسر وظهر على وجه المشرق نوعا من الحزن الفرحان والفرح الحزين كما يعيشه كبار الروحيون ’ حزن
على الفراق وترجى الوصال الاهوتى والثقافى الأصيل والموثق والوثيق !!!.

ثانيا :النص

المسيح الكلمة هو أيقونة الأب والانسان هو أيقونة المسيحالمسيح-الكلمة هو أيقونة الأب (أيها الأبن الغير المستحيل . يا صورة الكائن العلى الحقيقية ) شهر أب ’ الأودية التاسعة - كتاب الميناؤن ج3 دمشق 1959 ص.286
.السيد المسيح ’ الواحد مع ألأب ’ هو أكمل أيقونة للاهوت يمكن أن تنوجد . ويرى القديس يوحنا الدمشقى ’ لاهوتى الأيقونة ’ بأن هناك لون من الاتحاد الأقنومى بين الأبن الوحيد وبين صورته البشرية ’ وأن هذا هو أساس خلاصنا وعوداتنا الى جمال الصورة الأول. لقد صار المسيح انسانا كاملا فى ملء لاهوته ’ وبقى ألها فى ملء انسانيته .
«’Εγινε τέλειος άνθρωπος έν όλη τη Θεότητι και έμεινε τέλειος Θεός έν όλη τη Αύτού άνθρωπότητι»
لأقد أخذ وحمل وأتحد وخلص صورة الله ’ التى اسودت ’ فى الانسان ,أعادها الى الجمال الأول كما نصلى فى القنداق فى سحرية أحد الأرثوذكسية "كلمة الأب الذى لا يحاط قد تجسد منك وصار محصورا يا والدة الاله وأعاد صورتنا الفاسدة الى حسنها الأول وأتحدها بالجمال الالهى لذلك نعترف بالخلاص ونخبر به ونذيع بالقول والفعل معا" كتاب التريوديون –المنشورات الارثوذكسية –طرابلس - 1996 ص 127 .
أن هذه العودة الى الجمال الأول والحسن الأصلى هو هو القصد من خلاصنا أى تألهنا حسب الأيقونة الأولى "والذى فيه أرتبط اللاهوت بطبيعتنا وحقنها بالدواء الحى والشافى وهكذا تمجدت طبيعتنا وسارت فى طريق عدم الفساد " يوحنا الدمشقى
.“P.G. 94,1332D.
تعيش الكنيسة هذا الواقع الليتورجى كحق حياتى وكخبرة خلاص "كجمال غير مصنوع بيد" حسب تعبير الذهبى الفم وذلك منذ يوم الخمسين حينما "من أجل خلاصنا البشر اكمل جميع التدبير بنوع يفوق الجمال " وأرسل روحه الكلى قدسه وكون الكنيسة . عشية أحد العنصرة –أفشين السجود الثالث ’ المنورات الارثوذكسية 1999 ص223 ". ولكن وحينما بدأت الانحرافات الفكرية فى الظهور وشكلت خطرا داهما على خبرة خلاصنا وواقعها الليتورجى ومسيرة تألهنا وأمتدادها السرائرى ’ أى ’ وبكلام أخر ’ دخل روح غريب ’ روح عقلية وثنية ’ ولم يكتفى هذا الفكر بالظهور بل وبدأ فى الأنكار الصريح والسليط للحق وللنعمة اللتان "بيسوع المسيح صارا" يوحنا 1 :17 . حينما بدأ هؤلاء الهراطقة فى السعى لفهم الحقائق اللاهوتية الأتية من فوق بمنهجية أتية من تحت بلا تواصل مع ما هو فوق فى فصل ماساوى بين السماء والأرض أو فى سيطرة ديكتاتورية من السماء على الأرض وما يتبعه من الغاء ثقافة الأرض ومسخ حرية الأنسان! وبلغة لاهوتية أكثر تقنية ’ بدأ هولاء وأولئك من المبتدعين فى أن يتنكروا وينكروا لاهوت وناسوت السيد وثيؤطوكية السيدة العذراء ’ وبل وأنكروا لاهوتية الروح القدس ’ ووصلوا الى انكار الاتحاد الهيبوستاتيكى بين طبيعتى المسيح الواحد . هنا وأمام كل هذا وقفت الكنيسة بروح واحدة وقامت بالدعوة الى عقد المجامع المسكونية وحددت العقيدة وتعبيرات الايمان اللاهوتو- ناسوتية . لقد قالت الكنيسة وبكل وضح وقوة وبصوت مرتفع ’ ما كانت تحياه فى داخلها ’ أى من تراثها الليتورجى الغنى.
هذا يجئ بنا الى موضوع تأملاتنا وهو الأيقونة وابعادها اللاهوتية والانسانية وأصلها الخرستولوجى ’ فلقد أستغرقت ما أعتاد المؤرخون تسميته (حرب الأيقونات ) واللأصح هو الحرب ضد لاهوتيات وناسوتيات وجمالات ومحاسن الايقونات ! نقول أستغرقت هذه الحروب والغزوات ضد الأيقونات نصف القرن (726 – 843 م). لقد عاشت الكنيسة حربا ضروسة ضد كيانها ووجودها وضد كل منظومة وعمل التدبير الألهى فيها . ولكن وبنعمة الله ’ أنتصرت الحقيقة وغلبت الأيقونة وتأسس لاهوت الأيقونة وتم أعادة الكرامة والبهاء للأيقونة ! وأرتدت الكنائس لمرة جديدة ثوبها اللاهوتى الزاهى ’ "أن كنيسة المسيح تتجمل الأن مزينة كعروس بايقونات ذات رسوم الهية ..." حيث أشرقت العقائد المستقيمة والحقيقية . اللافت للنظر أن الكنيسة لم تطلق على هذا النصر اللاهوتى اسم أنتصار الايقونات المقدسة ’ بل أطلقت عليه أسما أشمل وهو (انتصار استقامة الرأئ أى أحد الأرثوذكسية ) ’ ولهذا قال القديس فوتيوس أن الجمال الالهى يعرف ويدرك من خلال أولا : صحة تعبيرات العقائد وثانيا :جمال رسومات وألوان الأيقونات .(عطات فوتيوس –تسالونيكى 1959 ص 168 ).
نخرج من هذا كله بأنه يوجد حبل سرى ورباط مقدس بين الحقيقة والجمال ’ أى بين توثيق اللاهوت وفن رسم الأيقونة وهنا يقول القديس جرمانوس القنسطنطينى ( أن الذى يقدمه فكر التاريخ يفهم بالسمع وأما الذى يصمت عنه الكتب ’ فيفهم بالاقتداء والنظر والتمعن ).
" هكذا فأن الحقيقة التى تجسدت أقنوميا من خلال الثيؤطوكوس ’ نفس الحقيقة تمت صياغتها عقائديا فى المجامع المسكونية وعلى يد الأباء القديسين . هذه الحقيقة ذاتها ’ بلا زيادة ولا نقصان ’ يتم التأريخ لها من خلال الايقونة وعلى يد الرسامين القديسين .وكل هذا تم بقوة وفعل الروح القدس".
«’¨Ετσι , ή άλήθεια ή όποία έσαρκώθη υπσοστατικώς διά της άγίας Θεοτόκου,ή ίδια διετυπώθη δογματικώς ύπό των Οίκουμενικών Συνόδων και των άγίων Πατέρων. Η αύτή ίστορήθη είκονικώς ύπό των ίερών άγιογράφων. ¨Όλα αύτά έγιναν τη δυνάμει και ένεργεία του του ΄γίου Πνεύματος»

لقد ولدت الثيؤطوكوس الثيأنثروبوس كيريوس والذى هو أصل تأله الانسان وتقديسه وأعادته الى رتبته الأولى .
لقد حصل الأباء المستنيرون على قوة الكلمة والفهم وهكذا وضعوا لنا حدود العقائد والايمان المستقيم وهكذا يساهمون فى وضع اساس ملء الحياة .
وبنفس الدرجة ’ وبفعل الروح القدس ’ يقوم الرسامون الملهمون بتصوير خواص الثيأنثروبوس ويجعلوا من ملامحه الغير المرئية ’ أمرا مرئيا وحضورا بهيا لحواسنا الروحية وذوقنا الانسانى . أنها ثقافة الأيقونة الجديدة .. وتشكل هذه الأبعاد الثلاث أو الأنيرجيات الثلاثة وهم قوة الكلمة ورصانة العقائد وجمال الأيقونة وحسنها ’ تمثل ’ نقول ’ أطلالات مختلفة للوغوس الله الكلمة المتجسد.ولكى يقدر الانسان على أن يصير شريكا فى هذه النعمة ’ نعمة تأنس وتجسد الكلمة ’ ولكى ما يتعرف على الرب وينغرس فى سر اللاهوت ولكى ما يميز جمال الأيقونة وحسنها ’ يجب أن يكون قد أقتنى الحواس الروحية وصار شريكا فى نعمة الروح القدس ’ الروح الذى "يمسك ويسند ويدعم كل بنيان الكنيسة" . لهذا لا نقدر أن نقول ان "يسوع رب الا فى الروح القدس وليس بالروح القدس كما ترجمها فاندايك " 1كورنثوس 12’3.
«’Και ούδείς δύναται είπείν Κύριον Ιησούν εί μη έν Πνεύμα ¨Αγίω»’
كما لا نقدر أن نعاين السيد المرسوم فى الأيقونة الا فى استنارة الروح القدس كما يقول اللاهوتى باسيليوس العظيم " نحن نعاين مجد ابن الله فى نور الروح القدس ’ من خلال صورة الاب وخاتمه ".
نحن لا نعرف المسيح فى الكنيسة كوسيط أو رئيس طائفة دينية ما ’ لكننا نلتقيه كثيأنثروبوس والذى صار لنا وبه قدوما لدى الأب(أفسس 2 : 18 ).من هنا فاللاهوت ليس علما مجردا ’ ولا حتى علما مقدسا ’ ولكنه "السر الميستيريون " الذى يقود الانسان كله الى الفهم السرائرى الذى يفوق كل ادراك.كما أن الأيقونة ليست مجرد عمل ابداع فنى أو صورة دينية ’ ولكنها مطرح سجود وعاء مقدس يقدس الانسان ويحضره فى علاقة مباشرة مع النعمة والهيبوستاسيس التى للقديس أو القديسة المرسومين والمؤقنين. الايقونة تقود الى الأصل وبها وفيها نرى ونعاين الأصل ونسجد له بالروح كما يقول القديس ثيؤدوروس الستويوديتوسى.
أهم ما فى القضية هو أن ندرك أن الكنيسة وهى تعيش وتذوق وتختبر يسوع المسيح من خلال معاينة ومعايشة فكر لاهوت القديسين فى حياتهم واجسادهم بعد رقادهم ’ والايقونة التى تحملهم والأوانى التى تستعملها والملابس التى يرتديها الكهنة ’ كل شئ فى الكنيسة يرتبط برباط عضوى ومن خلالها كلها يتم ارسال تسبحة كونية الى الثالوث الحى. كل هذا يتم لأن كل شئ يرتبط بمركز حى وواهب الحياة وهو الثيأنثروبوس والذى به عرفنا الأب وأرسل المعزى الى العالم ’ وهكذا كشف لنا الثيأنثروبوس بتأنسه حياة الثالوث السرائرية (كل ما سمعته من الأب عرفتكم به ) يو 15 : 15 . لقد كشف لنا العلاقة بين الاقانيم الثلاثة . لقد أحيانا ويحيينا جميعا .هو يقدس ويؤله طبيعتنا نفسا وجسدا ’ ويوحدنا بعضنا ببعض فى نفس واحدة وجسد واحد ’ ويكشف لنا هويتنا الحقيقية بل ويهبنا القوة لنتحقق من هويتنا ونحققها . ويكشف لنا أيقونة الاب بسبب من العلاقة الحميمة التى له مع الأب والروح القدس.
ألم يقل لنا (من رأنى فقد رأ الأب) بالروح القدس بالطبع. لأنه وحسب القديس باسيليوس فأن طريق المعرفة الألهية يمر بالواحد أى الروح الواحد بالأبن الواحد الى الأب الواحد ومن ثم تأتى الصلاح والتقديس والرتب الملوكية من الأب عن طريق الابن الوحيد بالروح القدس .
أن الايقونة الليتورجية الارثوذكسية هى شعاع هذه الحياة ودستور ايمان الكنيسة ’ الكنيسة التى هى جسد المسيح وشركة الروح القدس . أنها اعلان وظهور لحياة الشركة وفعل النعمة. والمؤمن الساجد يقبل من خلال الأيقونة الرضا الالهى ويرتفع ذهنه نحو السماء.
لهذا نرى خلال التاريخ أنه وبينما يقوم محاربوا الايقونات بتكسيرها وتحطيمها وينكرون بهذا تجسد الكلمة ’ يقوم عباد الايقونة بالسجود للايقونات ويعبدون المادة ويسجدون للخليقة دون الخالق ’وهكذا يفقدون الله ! وبينما يرى الغربيون الايقونة على أنها شئ للزينة ’ حسب قرار مجمع فرانكفورت عام 794 ’ نرى الكنيسة الارثوذكسية متمسكة بالامانة المسلمة مرة وهى تأنسن وتجسدن كلمة الله وتنكر وترفض كل الانحرافات والأراء الغير المستقيمة. الكنيسة الارثوذكسية لا ترفض المادة وتحتقرها بشكل مانوى ’ كما لا تعبدها بشكل وثنى ’ كما لا تعتبرها شيئا محايدا لا دور لاهوتى لها ’ ولكنها تعترف بالايمان على لسان يوحنا الدمشقى " أنا أعبد الله الذى خلصنى والذى صار مادة لأجلى ولن أتوقف ما دمت حيا عن أن أحترم وأوقر المادة والتى من خلالها حصلت على الخلاص والتى تحمل النعمة الألهية ".
(Λατρεύω τον θεό πού με έσωσε , πού έγινε ύλη για μένα . Και δεν θα πάψω να σέβωμαι την ύλη διά της όποίας σώθηκα και ή όποία είναι έμπλεως της θείας χάριτος ).
Pg. 94,1245B.
حينما تجلى السيد على جبل ثابور ’ أعطى التلاميذ أن يعاينوا قبسا من نور لاهوته ’ ولمع وجهه بالمجد الأزلى ’ والذى كان له من الله قبل تأسيس العالم ’ (يوحنا 17 :5) لقد ظهر مجد اللاهوت حينما تم التجسد من خلال مجد وجمال الجسد ومجد وحسن الخليقة.المادة ’ نكرر ’ مملوئة بالنعمة الالهية. ولهذا فيجب علينا أن نتحرك بوقار تجاه الخليقة كلها ’ والتى تشع بنور القائم من الأموات والذى ملأ السماء والأرض بمجده.
نحن فى أيقونة السيد ’ لسنا أمام جوهر اللاهوت الغير المرئى لأنه من يقدر أن يصف ما لا يوصف ! (يوحنا 1 ’18) ’ كما أننا لسنا أمام ناسوت فقط لأنه كيف نفصل الانسانية عن ذاك الذى وحدها باللاهوتية فى شخصه ! فى وحدة بدون اختلاط ولا انفصال بين الطبيعتان الناسوتية واللاهوتية . الايقونة تبرز الاقنوم الواحد لله الكلمة المتجسد. وفى سجودنا للايقونة ’ نحن نسجد للثيأنثروبوس ’ أى للاهوت والناسوت معا ’ نسجد لجسد الرب الذى صار شريكا للاهوت ! يقول القديس ثيؤدوروس السوديتوس " نحن لا نرسم الطبيعة (الجوهر) بل الاقنوم " لهذا لا يوجد سجدتان ’ ولكن سجدة واحدة ’ لهذا فالايقونة لا تحضر فقط مجرد ذكريات ’ بل تقدم حسا وتقيم علاقة شركة شخصية مع شخص الايقونة . نحن أمام الأيقونة لم نعد نقف أمام قطعة خشب أو حجر ’ أو أشكال وألوان عارية من القوة والنعمة والحضور ’ بل نحن أمام مقدسات ومكرمات وممجدات ...بسبب من شركتها فى الانيرجيات الفوقية التى للقديسين والتى يقدمها الوجه ويدل عليها الاسم .

ثالثا:الأيقونة تتكلم فى صمتها

Η είκόνα είναι άφωνη και μιλά


’ أمامك شخص مرسوم ماديا ’ أنت تتحد به روحيا ’ وتتقابل معه وتقبله بالقلب وبالفم والعين فى انحناء كله وقار .(يوحنا الدمشقى) القداسة والفائدة تعم وتغمر كل كيان الانسان الساجد للايقونة بوعى . وهنا تجتاح النعمة والظهور السيدى كل حياة المؤمنين . هذا هو الاعتراف الذى تقدمه الكنيسة الجامعة فى السينوديكون يوم أحد الأرثوذكسية ويخص المجمع السابع المسكونى عن الرأى المستقيم ’ حيث تصلى الكنيسة فاصلة بين من هم من خارج لانكارهم السجود للايقونة (وتصفهم بتعبيبر خارجا أى خارج الشركة) وبين من هم من الداخل وتصفهم بتعبيبر (ليكن ذكرهم مؤبدا ) يقول المؤمنون ( ..الذين يقرون بحضور كلمة الله بالجسد معترفين بالقول والفم والقلب بالكتابة والايقونات ’ فليكن ذكرهم مؤبدا . ثلاثا (راجع التريوديون الخشوعى –منشورات السائح الارثوذكسية – طرابلس 1996 ص135 ).
السيد ’ من خلال ’ الايقونة ’ يبقى معنا ويباركنا ويقدسنا نفسا وجسدا ويتركنا نسجد له ’ ويشجعنا على أن نحبه ’ و يدعونا أن نأخذه فى داخلنا . هو الكرمة ونحن الأغصان ’ (يوحنا 15 ’ 5 ) . صرنا بالنعمة مشابهون له ’ ونحن نحمل جسدا ونسكن هذا العالم .
يعطينا السيد القوة على أن نرسم ونتلهوت ونبنى كنائس ونصنع الاوانى والثياب المقدسة وأن نقدس فى الليتورجيا وأن نعيش . هو يعمل الكل فى الكل (1كو 51 ’ 28 ). هو هو الذى يقدس فينا وهو الذى ينير اللاهوتيين . هو قداستنا وهو الطريق وهو الباب وهو الفصح والبصخة والعبور الى الحياة . هذه هو ما تعيشه الكنيسة. هذه هو ما عاشه الأباء فى المجمع السابع المسكونى . لقد عاشوا يقين أن الكنيسة هى المسيح نفسه . لهذا أمنوا وأعترفوا وشهدوا بأن الانتصار على محاربى الايقونات لم يكن انجازا بشريا ولا امبراطوريا ولا أفكار بشرية ’ ولا هو مجرد اتفاق أراء ’ بل وبالدرجة الأولى ظهور لحضور السيد نفسه والذى يخلص الكنيسة وكل مؤمن من خلال كل ما سبق ذكره "كما قال الأنبياء ’ أنه لا ملاك ولا سفير ’ ولكنه السيد نفسه خلصنا ’ ونحن نرتل معهم بأنه لا ملاك ولا رسول ولا ملك ة بل هو هو رب المجد ة الله المتأنسن الذى خلص وأنقذ من ضلال الأوثان ’ له المجد وله النعمة وله الافخارستيا ...) أعمال المجمع السابع المسكونى (راجع كتاب الشرع الكنسى –او قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة جمع وتنسيق الارشمندريت حنانيا الياس كساب منشورات النور 1985 ص 761 -833 ) يعيش المؤمنون بالمسيح فى هذه النعمة وهذا المجد بدون تضليل ولا اصنام . وكما عاين التلاميذ مجد الرب (حسبما استطاعوا..كما ترتل الكنيسة فى عيد التجلى فى 6 أب ) على جبل ثابور ’ هكذا يعاين جميع المؤمنون مجد السيد حسب طاقة كل واحد. الكل يعيشون فى حالة من التجلى غلى حسب طاقتهم وتواضعهم وتقديمهم لذواتهم . الكل يتباركون ’ الكل" يؤمنون كارزين ومبشرين بالأقوال فى الكتب والأفعال فى الأشكال وأن كلا منهما يؤول الى فائدة أعنى الانذار بأقوال وأثبات الحقيقة بالايقونات " التريوديون –سينوديكون – المجمع السابع المسكونى ص 135 ". يبشرون بالمسيح الله الهنا الحقيقى مع جميع قديسيه ’ بالعظة وبالكتابة وبالتقدمات فى الكنائس وبالايقونات .

يصير الكل مطرحا من مطارح (الثيؤفانيا) ويشرق الكل على الكل . هنا لا يستطيع احدنا ان يرسم ايقونة أو أن يعيش أو أن يكتب لاهوتا أو أن يتقدس الا وحصريا " فى معية جميع القديسين "’ الشهداء والمعترفون والنساك والقديسون ...كما نصلى فى الليتورجيا ’ والذين ’ مع جميع المؤمنين ’ يكونون جسد الكنيسة ’ جسد المسيح ’ أى جسدنا الحقيقى جميعا . لهذا فأن راسم الأيقونة الحقيقى هو عضو فى الجسد ويتغذى من شركة وحب كل أعضاء الجسد ’ سواء أكانوا لاهوتيون أو مرتلون أو مؤمنون بسطاء والذين لهم القلب الواحد والنفس الواحدة فى جسد المسيح الاله الواحد وصاروا ثيؤفورى أى حاملون للاهوت ’ وايقونات للاصل السماوى . هنا دور راسم الأيقونة ’ كعضو فى الجسد ’هو أن يعكس النعمة التى حصل عليها فى الكنيسة من خلال شركته مع باقى الأعضاء .هنا الأيقونة تنير اللاهوتى وتعزى المؤمن وتلهم المرتل ’ وتساكن الحزين وتقدس النفس والجسد ’ بل وتقدس العالم أجمع . يصير الكل أيقونة ’ ولحنا وتأريخا لاله صار جسدا فى توازن عجيب .
تتحد الطاقة اللاهوتية الغير المخلوقة بالنفس وتملأ القلب والجسد أى جسد القديسين وهم عائشون على الأرض . لقد أتحدت النعمة التى للطاقات اللاهوتية الغير المخلوقة بكل كيان المؤمنين وذلك على مثال المسيح بدون اختلاط ولا انفصال ولا تتركهم النعمة فى أحزانهم وفى أفراحهم وسواء عاشوا فى حرية أو تحت نير ما وهم فى الجسد وهم راقدون . (يوحنا الدمشقى). يحيا المؤمنون بهذه النعمة فى العالم وهم يعاينون الأمور التى لا تراها عيون جسدية ( العالم لا يرانى أما أنتم فتروننى لأنى أنا حى وأنتم ستحيون ) يوحنا 14 ’ 19 . هذه النعمة تقدس يد رسام الايقونة وبينما الصور والتماثيل هى صناعة أيدى الناس هى من ذهب وفضة وأعمال البشر ’ تأتى الأيقونة التى وان كانت عمل أيدى الناس الا أنها مقدسة وحاملة نعمة وبركة الأصل .
يوجد تراث أيقوناتى كبير ملهم ورسولى وأبائى وهو تراث تبشيرى من خلال المادة . التراث الايقوناتى يبشر ويؤقنن المادة أى يرسم المادة أيقونة ’ لتصير جسدا للكلمة المتجسد وليس للجوهر الالهى . وهنا يقوم المولودون من مادة الماء ولاهوت الروح بالترنيم والبناء والتأليف والتبشير . يبنون الكنيسة باياديهم فيتحول الطوب والرمل والاسمنت الى هيكل للاهوت كما نصلى ونرتل القنداق فى وقت تأسيس كنيسة (الافخولوجيون الكبير – قنداق – تدشين كنيسة جديدة).
رسام الأيقونة لا يصنع صنما أو تمثالا فى السماء أو على الأرض ’ كما لا يتخيل اللاهوت بملكاته الخاصة والفردية حسب أغريغوريوس النيصصى ’ ’ كما كما أوصى الله فى الوصايا فى العهد القديم (خروج 20 :4 ) ’ ويتفق الجميع مع القديس يوحنا الدمشقى لاهوتى الأيقونة الأول . المسيح هو صانع الكل فى الكل بنعمة الروح القدس . وكما يقدس الكاهن ويكتب اللاهوتى ’ كذلك يرسم الرسام الايقونة ’ الجميع يعملون عمل الله ويمارسون العلم الألهى والفن السماوى

«¨Όπως ό ίερεύς λειτουργεί. Πρόμια ό σωστός θεολόγος και ό άληθινός άγιογράφος ίερουργούν , έξασκούν την ίερα τέχνη και διακονία τους».
’ صائرون قيثارات للروح ....هم يتقدمون من مرحلة تعلم اللاهوت واتقان الفن ...الى مرحلة معاناة اللاهوت ومعايشة الرسم وتقديس الثقافة , ثقافة المادة المتجلية فى الأيقونة.وهم وفى هذه الحالة من النضوج الروحى يستودعون أنفسهم وكل المؤمنين وكل حياتهم للمسيح الأله (قداس الذهبى الفم).هم لا يعودوا قادرون على أن يمنطقوا أنفسهم بذكائهم الشخصى وطاقاتهم الفردية ’ ويذهبوا بأقلامهم ومراسمهم الى حيث يشاؤا بل ينتظرون معزيا أخر يمنطقهم ويقودهم الى حيث يشاء هو وبطاعتهم هم ’ الى ينابيع الحب والعطاء والفن والابداع والثقافة الجديدة .

 

dimanche 2 octobre 2016

نسطوريوس وأفتيخيوس بين أفلاطون وأرسطوا فى العلاقة بين الفلسفة والهرطقة الأب أثناسيوس حنين –مطرانية بيرية -اليونان


نسطوريوس وأفتيخيوس بين أفلاطون وأرسطوا
فى العلاقة بين الفلسفة والهرطقة
الأب أثناسيوس حنين –مطرانية بيرية -اليونان
لا يمكن للباحث الجاد والمحقق الساجد واللاهوت...
ى المدقق والمثقف المستنير ’من السير فى دروب المسيحية الاولى وشوارعها وحواريها وأزقتها’ دون أن يتعرف على دكاكين الثقافة المحلية والكونية التى رسمت معالم دنيا المسيحيين فى القرون السبع ألأولى حيث أخر المجامع المسكونية السبع (راجع مجموعة الشرع الكنسى أو قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة جمع وترجمة وتنسيق الأرشمندريت حنانيا الياس كساب –منشورات النور 1985 )ونهاية الألفية الأولى التى شهدت حضور الكنيسة الجامعة بكل أطيافها (ما عدا الكنائس الغير الخلقيدونية )’لانه يوجد الأن ميل كونى لدى المتحمسين لوحدة الكنائس ’ اتباع مذهب المسكونية الجديد وليس المسكونية الأولى ’ يوجد ميل شديد الحماس نحو عولمة المسيحية وتجاهل المجامع المسكونية واحتقار العقيدة والازدراء بتعب الأباء ودم الشهداء فى الألفية الأولى ’ حيث كانت كنيسة كل المسكونة أى المعمورة كنيسة واحدة ’ ونكرر الى القرن العاشر(يعنى البروتستانت والكاثوليك كانوا واحد مع الارثوذكس الروم-البيزنطيين الى القرن العاشر وبدايات الحادى عشر وكل التشيعات اللاحقة لم تكن اعتراضا على تاريخ اللاهوت وصميم العقيدة بل على ممارسات كنيسة روما !!!) ’ ما عدا الكنائس الغير الخلقيدونية والتى نرى اليوم ’ بفرح وتفاؤل’ أنها تقبل بحماس على التراث اللاهوتى الأبائى وتتابع التطور اللاهوتى فى العالم الارثوذكسى وترسل طلابها الى اليونان وروسيا ورومانيا وأمريكا وفرنسا للدراسة فى معاهد اللاهوت الارثوذكسية البيزنطية ’ ولكنها تتردد فى قبول المحامع المسكونية السبع حتى تصير فعلا كنيسة المسكونة ونحن نصلى ونسعى لهذا اليوم الخالد.
الثقافة هى مخاض الانسانية الحبلى بالحقيقة اللاهوتية والغير القادرة على الولادة ’ الثقافة هى أسئلة الانسانية المصيرية ’ الثقافة بكل أطيافها وليست فقط الكتاب ’ بل الفن والرسم والموسيقى ’ ما هى الا حوار صامت مع الواقع المرئى بحثا عن تفسير غير مرئى ! حوار صامت مرة وصاخب مرات بين الانسان والكون ’ وأحيانا رب الكون ! الفلسفة اليونانية الكونية فى امتزاجها بالثقافات المحلية فى مصر وفى فينيقية وغيرها خرجت على العالم بمنظومة عقلانية أمنت للانسانية الخروج من غياهب السحر وسراديب الخرافات والتى كانتا ثقافة شعوب بدورهما ! لقد تم تطعيم الثقافة الهيلينية بالثقافات المصرية والهلينية ....تهللنت الثقافة وصارت الفسلفة اليونانية هى حكمة عظماء هذا الدهر على حد تعبير بولس .المسيحية لم تأت بجديد فى نوعية الاسئلة الوجودية التى طرحها الفلاسفة أفلاطون وأرسطو وتلاميذهم على الله والكون والانسان ! الجديد هو فى الاجابات التى قدمتها الرسالة المسيحية ..لخهذا اللاهوتى المثقف هو الذى يسمع لاسئلة الناس ’ كل الناس فى كل الازمان حتى يصل الى ملء زمانه...بينما قال الفلاسفة بأنه ثمة فجوة عميقة بين الله والانسان ’ قالت المسيحية أن معرفة الله صارت سهلا فى وجه الانسان يسوع المسيح .....لم يعد الله فى المسيحية ’ مسيحية الأباء ’ كلاما ....بل صار أفعالا(ألانيرجييس) ’ لم يعد الله كما مصمتا وجوهرا مغلقا بل ’ صار أنسانا له تاريخ وأصل وفصل ’ صار جسدا وهذا الجسد لم يكن أخر غير جسدنا بل هو هو نفسه ’ الكلمة ’ اللاهوت صار جسدا وحل ليس بيننا بل فينا ورأينا مجده مجدا لابن وحيد لأبيه مملوء نعمة وحق .
(Καί ό Λόγος σάρξ έγένετο καί έσκήνωσεν έν ήμίν , καί έθεασάμεθα اτήν δόξαν αύτού,δόξαν ώς μονογενούς παρά πατρός πλήρης χάριτος καί αληθείας )
نلاجظ فى الأية اليوحنائية المفصلية فى تاريخ الفكر اللاهوتى أن الحبيب يوحنا يستعمل تعبيرات فلسفية من الدرجة الأولى ويقوم بتعميدها فى تجسد الابن الوحيد ’ وأهم هذه التعبيرات ’ كلمة (ذوكسا ) وهى تعبير فلسفى افلاطونى ويعنى الرأى والعقيدة ’ أى رأى الانسان الحر فى المدينة الفاضلة التى ترجاها أفلاطون والبشرية معه ’ وهو من فعل (ذوكيو) أى أرى وأعتقد ’ الترجمة العربية (مجد) أضاعت علينا الغنى التاريخى و الثقافى والفلسفى للكلمة وصارت كلمة بلا جسد وبلا تاريخ ’ كلمة يتيمة تسبح فى أفاق الميتافيزيقية الغامضة بلا حسب ولا نسب .هذا هو معنى البدعة ’ هنا يكمن الصدام بين اللاهوت والفلسفة ’ صار تجسد الكلمة عثرة لليهود المتدينيين وجهالة وأستغباء لليونانيين المثقفين ’لانه من مصلحة رجال الدين ( ما أقبح هذا التعبير على حد رأى المطران خضر ) والمثقفين الشكليين أن لا يكون للكلمة جسدا يراه كل انسان يعيونه ويلمسه بيديه ’ لأنهم سيصيروا بلا عمل لأن عملهم قائم على الفجوة الوثنية بين اللاهوت والناسوت والتى جددها المسيح بتأنسه .هنا’ أى فى الانفصام بين الكلمة والواقع أى بين اللاهوت والناسوت ’ يتحول اللاهوت ’ نقول ’من خبرة وتاريخ الى مهنة وطبيخ !هنا الهرطقة أى اللاهوت الانتقائى- المزاجى على حد تعبير الصديق الدكتور جوزيف موريس فلتس .لم تنجو المسيحية منذ نعومة اظفارها ممن حاولوا جهدهم عزل الكلمة اللاهوتية عن جسد التاريخ والام العامة وطموحات النخبة وأسئلة المثقفين المصيرية.
ما أن أنتهى المسيحيون الحسنى العبادة والمستقيموا الرأى من وضع خلاصة خبرتهم اللاهوتية والانسانية فى (دستور الايمان عام 325 م) ’ حتى أطلت فذلكات الناس برأسها الافعوانى فى انحرافين من أخطر الانحرافات اللاهوتية والتى ما تزال سمومهما تفعل فعلها فى مناطق كثيرة من مسكونة اليوم ! نسطوريوس بطريرك أنطاكية ووالأرشمندريت أفتيخيوس رئيس رهبنة كبرى ’ خرجت من عبائتهم الكهنوتية بدعتى النسطورية أى الذيوفيزيتية (الطبيعيتان اللاهوتية والناسوتية فى المسيح لا يمكن أن يتحدا فى بطن العذراء) والاوطاخية –المونوفيزيتية(المسيح لاهوت فقط لا يمكن أن يكون ناسوت كامل اى الطبيعة الواحدة).القضية ليست خلافات لفظية كما يراها بعض البسطاء ’ لان فى هذا القول استهانة بقيمة الكلمات اللاهوتية ومردوداتها الخلاصية ويعنى ببساطة أن المسيحيين الاوائل لم يفهموا الايمان وتعبوا نفسهم عا الفاضى يعنى خذو بمبة بالمصرى.
نسطور لم يكن ساذجا أو طفلا بل بطريركا ولاهوتيا ’ وأفتيخوس لم يكن انسانا عاديا أو شابا متهورا لا يفهم الاعيب السياسة ’ من شباب التحرير أو رابعة بل راهب مخضرم ذو حظوة فى القصر الامبراطورى ’ أيه الحكاية أذن ؟ ابحث عن الفلبسفة أى الفمر العابد لذاته بلا اله فى هذا الدهر ’ اصرار نسطور على رفض اتحاد اللاهوت بالناسوت يرجع الى مهفوم معرفة الله السائد فى الثقافة السائدة فى زمان البطريرك والتى تغلبت على اللاهوت ’ البطريرك الفيلسوف انهزم أمام البطريرك اللاهوتى ’ نسطوريوس ’ ونحن نوافق علماء اليوم ’ كان مخلصا ’ ولكن لافلاطون وليس للمسيح ’البطريرك نقل الصراع الافلاطونى بين العالم المحسوس اى عالم الجسد والحواس والقيود وبين العالم الغير المحسوس أى عالم المثل والصلاح واللذان أى العالمان لا يمكن أن يلتقيا الا حينما تتخلص النفس من قيود المادة وتتمتع بالطوباوية(راجع قاموس اللاهوت الارثوذكسى أثينا 2001 ص 11 )’ نقول نقل البطريرك نسطوريوس هذا الصراع الى شخص المسيح ’ وخرج على المسكونة وقتها برؤيته أنه لا يقبل أن يكون المولود من العذراء الها !
اذا ما كان نسطوريوس البطريرك هو ابن افلاطون وليس ابن ابراهيم واسحق ويعقوب ’ فأن ألراهب أفتيخوس ’ وان يكن عالما بالتيارات الفلسفية بحكم تكوينه الرهبانى وعزلته عن العالم الا أن التيارات الفلسفية التى تجرم الجسد وتحرم الخمر وتحتقر الزواج كانت بضاعة رائجة فى الاوساط الرهبانية أنذاك ووراء احتقار الجسد والتوق الى الصالحات والحكمة اى الى الما ورائيات الفلسفية ’ فى رأينا ’ كان العامل الرئيسى ’ وما يزال ’ الذى دفع الراهب التقى أفتيخوس (ومعنى الاسم السعيد الحظ) الى أن يتمسك بالطبيعة الواحدة فى المسيح ولا يعطى للناسوت أى للجسد حٌقه الواجب فى التجسد لأن الجسد عنده لا يرقى الى مرتبة التحاد الكامل باللاهوت ’ نفس التقوى الرهبانية الميتافيزيقية -الافلاطونية هى التى دفعت قداسة البابا شنودة الثالث الى الصدام مع الاب متى المسكين و رفض شركة الانسان فى الطبيعة الالهية وتأله الطبيعة البشرية من خلال شركتها فى اللاهوت فى اقنوم واحد كما قال سلفه كيرلس الكبير واعد الطريق لمجمع خلقيدونية 451 وهذا أدى الى تدمير سر الافخارستيا وهدم الكنيسة كما أطلق يد رجال الاكليروس لاستغباء الناس واحتقار خلق الله والاستهزاء باللاهوتيين والازدراء بعلوم التاريخ والانكفاء على اصولية كتابية غريبة عن أباء الكنيسة تردد الايات ترديدا اليا بلا شرح ولا تفسير بل بجهل وتكفير ’ وليس كما عرفها الأباء ولقد سبق وأسهب وأفاض استاذنا الدكتور جورح حبيب بباوى وهذا البحث للتنوير وليس للتشهير لأن هذا هو دور اللاهوتيين ! .نخلص من هذا كله الى أن غياب الحس اللاهوتى وانشغال القادة بالصراعات السياسية وتغلغل ثقافة العصر الوثنية الفلسفية (هذا يختلف تماما عن ضرورة الثقافة كمطارح سجود للكلمة ووسيلة بشارة ) قد يؤدى الى عواقب وخيمة على مسيرة الفكر المسيحى , وليس أدل على ذلك مما يحدث اليوم فى مصر حيث خرج علينا البطريرك القبطى البابا تأوضروس ’ الذى نترجى من حبريته الخيرات اللاهوتية والعلمية والروحية ونحن نعلم ان حمله ثقيل ’ نقول قام سيدنا بمجاملة للمسلمين من النوع الثقيل جدا(العبارة ليست لقداسته بل تم حفرها فى عهود ولت أو هكذا نتمنى !) ’ والتى لا يقبلها مسلم عاقل ولا مسيحى ساجد ’حينما استهل احد خطبه (بأسم الاله الواحد الذى نعبده جميعا!!! ) هذه المقولة كفيلة ’ اذا ما سمعها سلفه العلامة القديس اثناسيوس ’ بعقد مجمع لمحاسبة قائلها على ما هو أشر من الاريوسية الكارثة أنها لم تحرم مشاعر أحد وكأن الخطية هى فى انعدام الحس اللاهوتى والروحى والانسانى !!! وهذا دليل دامغ على تأسلم الفكر المسيحى المصرى وأنه فى حاجة الى جهاد حتى الدم للعودة الى المصادر المسيحية النقية وحفر الأبار التى ردمها الاهمال والجهل والمجاملات .هذا دليل فاضح على النتائج الوخيمة التى يعيشها المسيحيون اذا ما سلم القادة عقولهم الى ثقافة العصر الوثنية بلا لاهوت ابائى مسكونى حقيقى