jeudi 7 avril 2016

الاختبار المسيحى فى تغيير الحياة الاب الدكتور أثناسيوس اسحق حنين




 الاختبار المسيحى فى تغيير الحياة            

  الاب الدكتور أثناسيوس اسحق حنين Conversion 

----
-- الاختبار المسيحى فى تغيير الحياة                                              
                        
Conversion
دراسة فى الادب الاستشهادى فى المسيحية الاولى (من القرن الاول الى الثالث )

اعداد الاب الدكتور أثناسيوس اسحق حنين

كثيرا ما نسمع فى بعض الاوساط المسيحية والغير مسيحية من يبدى استغرابا كبيرا من مجرد الحديث عن الاختبار المسيحى فى تغيير اتجاه الحياة وقبول نعمة المسيحية والتمسك بنمط الحياة الجديدة حسب المسيح والذين يندهشون من هذه الحقيقة ربما لا يعرفون أن التحول يتم بين ( كنت .......والان )او بلغة الانجيل (أنى لا أعلم ألا شئ واحد أنى كنت أعمى والأن أبصر )يو9 :25 لقد حاول القادة الدينيين وعلماء الشريعة ان يجذبوهذا المولود اعمى الى حوار نظرى حول شخصية المسيح ولكنه تركهم وأقبل على التذوق العملى لنور المسيح نفسه وأن هذا التحول او العبور بلغة اليوم يشكل الاساس الذى قامت عليه وانتشرت به الرسالة المسيحية ولقد أنشغل علماء الباترولوجى اى العلم الذى يدرس كتابات اباء الكنيسة المسيحية فى القرون الاولى بهذه الحقيقة الكلرى وهى أختبار التحول من الديانات الوثنية او الفلسفات وثقافات العصر الى الايمان بالمسيح وتعد هذه القضية بالمفصلية فى التاريخ الانسانى عامة والمسيحى خاصة لانه ما هو الدافع وراء قبول تغيير مسيرة الحياة والتحول تحولا جذريا من قبل شخصيات متعددة اتية من اوساط وشرائح اجتماعية مختلفة وثقافات مختلفة وديانات متعددة وقبولهم رسالة المسيحية بما تحمل وقتها من تحديات ومخاطر ولقد تم دراسة تاريخ الاستشهاد وحياة الشهداء بشكل عام والتأريخ للاضطهادات والحكام ويجد القارئ هذا كله فى كتب التاريخ الكنسى والسنكسارات وسير الشهداء والقديسين                                             
ولكن قليلة هى الدراسات التى تلقى الضوء على الجانب الشخصى لهذه الاختبارات المسيحية فى التحول وهذا هو الهدف من هذا البحث ومصادر هذا البحث هى سير الشهداء وأقوالهم وحواراتهم مع القضاء والجنود الذين يحاكمونهم او ينفذوا فيهم الاحكام ويجب ان نحيى التقدم العلمى الهائل والانتاج الروحى الغزير فى مجال الهاجيوجرافيا اى سير القديسين وما تم نشره من نصوص على اسس نقدية وعلمية وحسب التقسيم الذى يقدمه لنا علماء علم الباترولوجى (كواستين وأدلر وغيرهم )فأن النصوص التى تعاطت مع سير الشهداء تنقسم الى ثلاث انواع :                                                 
1 –المحاضر التى سجلت بواسطة القضاء اثناء محاكمة المسيحيين                       
2 –السير تحت شكل قصص الشهداء                                                         
     3 –القصص الخيالية والاسطورية والمليئة بالمبالغات ربما بقصد التقوى الشعبوية   
ما معنى تعبير (التحول او العبور الى المسيحية )                                      
CONVERSION
نحن نستعمل تعبير التحول بمعناه اللغوى والتاريخى فهو كما ورد فى النصوص المسيحية الاولى يأتى من تعبيرين باللغة اليونانية (ابستروفى ) و(ميطانية) وهو يعنى التحول الروحى الذى يعيشه الشخص الذى يقبل الايمان المسيحى ويلتزم بالحياة حسب المسيح طوال حياته وهذا الاختبار وهذا القرار وهذا الالتزام يتم فى نفس اللحظة التى يقرر فيه طوعا وبملء ارادته وكامل قواه العقلية والروحية ان يترك ديانته القديمة سواء كانت وقتها يهودية او وثنية بكل مفاهيمها                                                
ويجدر بنا أن نشير الى حقيقة تتعدى رؤيتنا التاريخية وتتخطى حدود الدراسات النصوصية وهذه الحقيقة تتخلل كل روايات التحول والعبور الى المسيحية مهما أختلفت الفترات التاريخية او الظروف التى يحدث فيه أختبار العبور والتحول وهذه الحقيقة هى الطاقه الفوق الطبيعية او النعمة الحاضرة فى هذه التحولات والتى يمكن للمؤرخ أن يرصد نتائجها ولكنه ان لم يكن مؤمنا لا يقدر أن يرصد مصادرها وهذا الامر يعد لنا امرا مفصليا فى فهم ما يسمونه (مبادرة الشهادة بالدم ) بل هو مفصلى فى كل المسيحية ولاجل كل هذا نكرر القول انه يجب أن نضع فى أعتبارنا هذا العامل الفوق الطبيعى والذى يشكل الاطار العام لبحثنا هذا والامر الاخر هو ان هذه الشهادات وهذه التحولات هى صورة من صور البشارة بالانجيل والحب لكل الناس وهذا نقرأه فى سيرة الشهيد الاسقف بوليكربوس (ذو الثمر الكثير) وفيها نقرأ هذه الشهادة الهامة (من كنيسة الله التى فى أزمير الى كنيسة الله التى فى فيلوميلو والى كل الكنائس التى من الكنيسة الجامعة المقدسة رحمة وسلام ومحبة الله الاب وربنا يسوع المسيح لتكثر بينكم كتبنا لكم ايها الاخوة عن الذين استشهدوا وخصوصا البار بوليكربوس الذى انتهى بالاضطهاد الى الاستشهاد الحوادث التى سبقت استشهاده وقعت كلها ليظهر لنا الرب من السماء صورة للشهيد حسب الانجيل انتظر بوليكربوس ان يسلم للرب حتى نتشبه نحن به لانه يقول (لا تنظروا كل واحد الى ما هو لنفسه بل فلينظر كل واحد الى ما هو للاخرين ايضا) لان المحبة الحقيقية والاكيدة لا تعنى الخلاص الذاتى فحسب بل خلاص كل اخوتنا ايضا) الاباء الرسوليون –منشورات النور –بيروت لبنان -1982                             
وسيركز بحثنا على الطرق الشخصية فى نقل وقبول الايمان فى المحيط الذى يحيط بالشهداء وقت استشهادهم وسنعتمد فى هذا على (اعمال والام الشهداء ) وسنفحص سلوك المعترفين بالايمان وخاصة الطابع المثالى والقدوة التى يقدمونها ودور هذه القدوة فى نقلهم وتوصيلهم لاختبار الايمان وكيف كان(انتباههم لصوت النعمة الالهية يحقر ويصغر فى أعينهم كل عذابات الدنيا )وما تحدثه هذه التحولات والاختبارات فى نفوس المجادلين والمحاورين للشهداء والمعترفين بل والمحققين معهم واحيانا كثيرة فى نفوس الذين جأوا اما للفرجة او للشماته او للمشاركة فى احزان المؤمنين من قريب او من بعيد
قدوة الشهداء وشهداء القدوة                                                                      
أن القرأة المتأنية لنصوص أعمال الشهداء تظهر لنا قيمة الشهيد كنموذج انجيلى وكرازى لمجرد أنه قرر أن يقبل بكل بساطة الام الاستشهاد ويرتبط بهذه الحقيقة سلسلة من الفضائل والتى تستدعى الاعجاب الشديد وأحيانا كثيرة تحدث لونا من الوان الصراع والمزاحمة بين المسيحيين على من يسبق الاخر فى التقدم الى ساحة التحقيق والالام ولقد شهد الوثنيون المعاصرون لهذا النموذج الفريد فى قبول الالم ونستطيع ان نرجع الى شهادة القديس يوستينوس الشهيد قبل ان يتحول ويؤمن والذى كتب فى دفاعه الثانى عن المسيحيين والذى أرسله الى الامبراطور يقول (وبينما كنت مستغرقا ومنكبا على دراسة فلسفة أفلاطون كنت اسمع عن المصائب التى تحل بالمسيحيين وأراهم بأم رأسى وهم يواجهون الموت بلا خوف وبكل شجاعة وكأنهم يمارسون حياتهم العادية كنت ازداد يقينا بانه من المستحيل ان يكون هؤلاء الناس من ارباب الرذيلة ورواد حانات الملذات واللهو)وهذا يظهر حلاوة وصدق وصلاح العقيدة المسيحية بفضل شهادة هولاء المعترفين بالايمان امام العذابات بل والموت نفسه                                            
ويذهب ترتليانوس الى ابعد من ذلك فى شهادته ويعطى لنموذج الشهيد طابعا كونيا ولانه وحسب رؤيته لابد ان يتقلد به ويقتدى به كل العالم (من منا امام منظر الشهداء وهم يتقدمون بخطى ثابتة فى النعمة لا يصيبه الدهش يتسأل ويحاول جاهدا ان يتجرأ ويسبر غور هذه السر ؟ ومن ادراكم اذا ما بحثتم ستجدون الكثيرون ينضمون الينا فى موكب الشهادة) وحقا لقد تعدت لغة هؤلاء حدود الكلمات ودخلت فى الذهول لانه وحسب قول أغريغوريوس النيصصى فى القرن الرابع(المفاهيم النظرية تنشئ اصناما عوض الله اما الذهول الروحى فوحده يدرك شيئا)ورغم أننا لا نجهل اسلوب ترتليانوس الحماسى ومبالغاته اللغوية الا ان هذا النص سيبقى اعلانا وكشفا وشهادة لحالة رأى عام سادت مدينة قرطاجة التونسية فى نهاية القرن الثانى الميلادى                                       
ولكن دعونا نذهب الى الوثائق التاريخية فنجد أن أكليمنضس الاسكندرى يورد فى كتاباته قصة ووقائع استشهاد يعقوب الرسول والتى اوردها بعد ذلك يوسيبيوس القيصرى فى (تاريخ الكنيسة الكتاب الثانى فقرات 9و2و3 وسلسلة المصادر المسيحية بالفرنسية جزء 31 ص 62) ونقرأ (أن الذى احضريعقوب الى المحكمة قد اصابته الدهشة والحيرة حينما رأى يعقوب يشهد و يعترف بأنه مسيحى وفى اثناء السير ترجى الذى احضره(فى الغالب الجندى) ان يأخذوه مع يعقوب واخذ يترجى يعقوب ان يسامحه وبعد لحظة تفكير وصلاة قال له يعقوب : السلام لك وعانقه وهكذا تم اعدام الاثنين فى وقت واحد )
وتظهر هذه الواقعة من ضمن ما تظهر ان القدوة والنموذج هما نقطة الانطلاق لاى قرار عبور او اختبار تحول وفى لحظات حافلة بالمأساوية الفرحانة والفرح المأساوى ويلاحظ بعض الباحثين ان هذه النصوص تحوى لهجة دفاعية (ابولوجيتيكى) عن المسيحية والاتهامات التى توجه اليها ولكن هذا لا يلغى ابدا قيمتها التاريخية ويجب ان لا يفوتنا العلاقة الشخصية الحميمة التى نشأت بين الشهيدين يعقوب وحارسه
ولنأخذ مثلا اخر وهو مثال الجندى فاسيليديس او واسيلى او باسيلى (ومعناه من نسل الملك) والذى سجل سيرته المؤرخ يوسابيوس أسقف قيصرية وأعتبره واحد من شهداء فلسطين تحت حكم سفيريوس ولقد ذهب مع هذا الجندى الى ساحة الاستشهاد الشهيدة بوتامينا وكلما كانت الحشود تنعت بوتامينا بابشع الالفاظ كان هو ينتهر الرعاع ويظهر نحوها محبة ورحمة وشفقة وأما هى فلما تعزت بالتعضيد القوى أخذت فى حث باسيلى على أن يكون شجاعا بوعدها له أنها ستشفع فيه وترفع شأنه عندما تعود الى ربها وأنه فى وقت وجيز سوف تكافئه على كل ما عمل لاجلها وأما باسيلى فأمام عناد الامبراطور أعلن أنه مسيحى وكشف أنه قد رأى بوتامينا فى رؤيا والتى توجت رأسه بأكليل مجد ونال بعدها العماد وتم أعدامه فى اليوم التالى                                                 
ونرى انه فى تحول باسيلى وعبوره تضافرت عوامل عديدة ومختلفة وهناك عوامل منها او احداث ذات طابع عادى مثل نبل اخلاق باسيلى وحوار بوتامينا التوسلى وهناك أحداث أخرى غير عادية مثل رؤية باسيلى لبوتامينا والاهم من كل ذلك يأتى الحديث بين باسيلى الجندى الشهيد والجندى الذى كان يحرسه                                                   
لقد صارت التحولات واختبارات العبور بسسب رؤية قدوة الشهداء من اهم ملامح الادب الهاجيوجرافى وهناك من العلماء من ينتقد المبالغات من حيث تحول كل الحاضرين مشهد الاستشهاد الى المسيحية ولكن المبالغة وحتى ان قبلناها لا تلغى حقيقة الحوادث التى حدثت                                                                                   
وهناك جانب أخر هام من جوانب قدوة حياة الشهيد وهى علاقة الشهيد بالجماعة المسيحية او العائلة او الكنيسة اى أثر قدوة الشهيد على الجماعة المسيحية نفسها فالشهيد يساعد ويفيد المؤمنين الذين يرون أيمانهم وقد تشدد وتأصل بفضل شهادة الشهيد خاصة فى وسط الاجواء العدائية والعدوانية التى يعيشون فيها وبالنسبة للمعترفين بالايمان والمنتظرين ساعة الحكم بالاعدام فأن نموذج الشهيد يحمل لهم أهمية خاصة وفى هذا المجال نذكر شخصية ساتيروس والذى يرد ذكره فى الام بيربيتى وفيلسيتى على انه الشخصية التى اعانت بيربيتى وفيليستى بموقفه القوى والذى اظهره فى سجنه ولقد رأى بربيتى فى احد الرؤى التى رأها وهو فى السجن وهو يتأمل ساتوريس وهو واقف اعلى سلم وهو يستمع لكلمات التشجيع ويقول الصوت (بيربيتى انى انتظرك ولكن احترس لئلا يعضك التنين ولقد جاوبت على هذا الصوت قائلا بأسم يسوع المسيح لن يصنع بى التنين اى شر ولقد نقلت هذه الرؤيا الى اخى وفهمنا انه كان الشهيد الذى ينتظرنا)
التوسلات والتضرعات الشخصية                                                            
نلاحظ انه كثيرا ما تصحب النموذج الاستشهادى الكلمات والتوسلات التى ينطق بها الشهيد مثل الحال فى قصة استشهاد بوتامينا والجندى واسيلى وهذه الحقيقة معروفة من جميع المسيحيين الاوائل وهى تركز على البعد الشخصى كل مرة تكون هناك شهادة لرسالة يسوع وهذا الموقف المسيحى الشخصى يظهر فى الظروف الاستثنائية للشهيد ولعل من اكثر الامور اثارة للاعجاب والاقتداء فى محاكمات المسيحيين فى القرون الاولى هى الاستجوابات التى تعرض لها المسيحيون والاجابات التى قدمها المسيحيون المتهمون والسبب وراء ذلك أن المسيحى الذى كان يظهر امام المحاكم الرومانية بسبب أيمانه بالمسيح كان يعلن انها فرصة للشهادة للايمان علنا وامام الجميع وعلى رؤؤس الأشهاد وذلك لأن وعود الرب هى أكيدة (الذى يعترف بى قدام الناس أعترف به امام ابى الذى فى السموات)متى 10 : 32 ويضاف الى ذلك الضمير المسيحى الحر والموقف الايمانى موقف القضاة الرومان الذين كانوا يطلبون من المتهمين المسيحيين أجابات واضحة وصريحة ولنأخذ مثالا نستطيع القاء نظرة تحليلية على الاستجوابات التى تعرض لها الشهيد يوستينوس ورفاقه :                                                     
المدعى العام روستيكوس يقول : اذا لم تطيعوا فسوف تتحملون اقصى العقاب
يوستينوس يجيب :ان شهوة قلوبنا هى ان نتألم من اجل ربنا يسوع المسيح من اجل خلاصنا لان هذه الالام سوف تصير لاجلنا وتتحول وتعبر بنا الى دافع للخلاص والثقة امام المحكمة العالمية والاكيدة لسيدنا ومخلصنا                                         
ولكن احيانا تطهر فى نصوص اعمال الشهداء وقائع شهادات تتعدى الشكل البسيط لعرض الايمان ولكن يصل الامر الى قيام الشهيد بالتوسل الى الذى يحاكمه ان يصير هو نفسه مسيحيا وهذه هى الحالة مع بيونيوس والذى فى بداية جلسات محاكمته قال بدون اى خوف او مواربة لخادم الهيكل الوثنى بوليمون (انه محبب جدا الى السماء ان اقدر ان اقنعكم وادعوكم الى ان تصيروا مسيحيين) وفى هذه الكلمات لا نرى فقط الرغبة فى اعطاء شهادة للايمان المسيحى بل نرى الرغبة فى ان يتحول الشخص المحاور الى المسيحية ونحن نجد هذا الموقف غالبا فى ساعة ولحظة تنفيذ الحكم فى المسيحيين فى مكان الاستشهاد ونجد هذا الموقف فى حالة ساتيروس والجندى بودينس والذى تشجع على التحول للمسيح حينما سمع هذه الكلمات (والان هل تقدر ان تؤمن من كل قلبك انظر كيف ساخرج الى هناك وبنهشة اسنان اسد من الاسود سوف اسلم الروح وداعا وتذكر الايمان واذكرنى ولكى لا تربكك هذه الامور بل تقويك )وهناك شهيد اخر يدعى أفيانوس والذى استشهد اثناء اضطادات دقلديانوس حسب رواية المؤرخ يوسابيوس فى (شهداء فلسطين) والذى سخر من الجند المحيطين به والذين يدعونه الى الذبح للاوثان وقال لهم انه ليس من الحسن ان نترك الله الواحد الوحيد ونضحى للشياطين والاوثان وكان يبدوا ان هذا الشاب الشاهد كان مدفوعا بقوة الهية وبعدها بقليل انهى الجنود على حياة الشاب المسيحى                                                                                               
ليس معنى هذا ان كل الذين ذهبوا الى ساحة الاستشهاد قد نجحوا فى نوال نعمة الشهادة فلدينا نماذج من المسيحيين خافوا امام العذابات من تم ذكره فى نص استشهاد بوليكربوس (لقد جبن واحد فقط عندما رأى الوحوش كان هذا من فريجيا اسمه كوينتوس وكان قد وصل حديثا من وطنه كان يريد ان يجحد المسيح فدفع الاخرين ليفعلوا مثله وقد تمكن الوالى من ان يجعله ينكر ويذبح للاوثان) ولهذا قررت الكنيسة انه من غير المسموح الذهاب الى الاستشهاد بالارادة المنفردة لمجرد الرغبة (لذلك لا نمدح الذين يتقدمون للاستشهاد بارادتهم ودون أن يجبرهم أحد لان تعليم الانجيل ليس كذلك)
ويجب ملاحظة امم قوة الاستشهاد والشهادة لم تكن أمرا سحريا او اوتوماتيكيا بل يجب ان نلقى الضوء على دور الشهيد وقوة الايمان فى الصلاة واختبار النعمة والروئ فبوليكربوس(كان اعظم الشهداء فلم ينزعج قط عندما اطلع على كل ما جرى بقى فى المدينة ولم يرد ان يتركها الا انه بعد الحاح الاكثرية انسحب الى مكان ليس ببعيد عن المدينة وبقى هناك مع بعض الرفقاء وكان يقضى نهاره وليله بالصلاة من اجل البشر عادته وقد تراءت له رؤيا قبل ثلاثة ايام من تقييده وهو يصلى رأى ان وسادته تحترق فقام الى رفقائه وقال لهم (ساحرق حيا )                                                  
وهذا ان دل يدل على قوة القناعة الروحية ونستطيع ان نؤكد ان الديانة المسيحية قد انفردت عن كل الديانات فى العالم القديم ليس فقط بالشهادة للحق والعقيدة المسيحية بقوة وقناعة ولكن قام المؤمنون بنشر هذه الشهادة على مستوى المسكونة كلها ومن ضمنها نفس السلطات التى تقوم بمحاكمتهم                                                           

ونخرج من هذه الدراسة بعدة دروس نافعة وهى :                                          

1 –أن الاستشهاد قد صار له معنى رمزى فى القرون الثلاثة الاولى وهذا المعنى الرمزى كان له حضور فعلى فى حياة المسيحيين وظهر هذا فى الواقع الثقافى للحضارات القديمة اى العالم الهيلينورومانى الذى قدم قيما اخرى مختلفة تماما عن القيم المسيحية وعلى سبيل المثال المفهوم المسيحى للحياة الابدية والقداسة الشخصية امام الديانات الوثنية المرتكزة على غموض الطقوس والمحصورة فى نطاق عائلى والتى لا تتطلب ابدا من اتباعها ان يشهدوا لها حتى الموت لاننه لا يوجد ديانة أخرى تطلب من تابعيها الاعتراف بالايمان حتى الموت
ولكن يجب القول ان كل رمزله واقع يشير اليه وهكذا فالمسيحى الشهيد يشهد بموته لحقيقة وواقع يؤمن بهما وهذه الحقيقة يشهد لها بقوة فى واقع عدوانى والاهم من كل ذلك ان المسيحى الشهيد يحاول ان يربح الوثنى الذى يقتله ويتأمل مثاله الحى وشجاعته للمسيح وطريقة تعاملهم مع الذين يقودوهم الى التحقيق ولنعيش هذه اللحظات مع الشيخ الاسقف والشهيد بوليكربوس(فلما سمع الاسقف الشيخ صوت الجنود نزل من غرفته وأخذ يخاطبهم فأثارت شيخوخته بهدوئها اعجابهم واسفوا لتسرعهم بالقبض على رجل شيخ كهذا دعاهم بوليكربوس فورا وقدم لهم فى تلك الساعة المتأخرة من الليل طعاما وشرابا ورجاهم ان يسمحوا له بساعة ليصلى فوافقوا فأستغرق واقفا فى صلاة مدة ساعتين وكانت النعمة تملؤه اندهش سامعوه وأسفوا جدا لانهم جاؤوا ليلقوا القبض على شيخ يخاف الله كهذا)                                                                       
صلاة الشهيد وشهادة الصلاة                                                               
صلاة الشهداء هى اعتراف بالايمان مملوء نعمة وحقا وهى كرازة من على اعتاب الابدية وبشارة من السماء متجسدة فى لحم ودم الشاهد والشهيد ولنختم دراستنا بأن نعيش بالروح فى شركة صلاة بوليكربوس فلقد قبل نار الروح النارى تأكل كيانه بالصلاة قبل ان تلتهمه نار الحقد والشيطان الخصم الحسود الخبيث

(رفع بوليكربوس عينيه الى السماء وقال:ايها الرب الكلى القدرة ابو ابنك المبارك المحبوب يسوع المسيح الذى به عرفناك رب الملائكة والسلطات رب كل الخليقة وكل جنس الصديقين الذين يعيشون فى حضرتك اباركك لانك اهلتنى فى هذا اليوم وفى هذه الساعة لأكون من عداد شهدائك ومن خدام كأس مسيحك لقيامة الروح والجسد فى الحياة الابدية بدون فساد)                                                                                  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire