mardi 5 avril 2016

ميلاد الكلمة وشرف الكلمات الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين اليونان


                                ميلاد الكلمة وشرف الكلمات

                                                   الاب الدكتور اثناسيوس حنين اليونان

يؤمن المسيحيون شرقا وغربا بان ميلاد يسوع الذى يدعى المسيح ليس ميلادا لطفلا عاديا ولكنه ميلاد للكلمة(يو 1 :14 ) السؤال القديم الجديد هو ما السبب وراء ميلاد الكلمة وهل هناك مبررات و ضرورات لهذ المبادرة اللاهوتية الكبيرة ؟ السبب هو ان المسافة بين كلمة الله وكلام الناس اتسعت جدا واتسعت الفجوة بين لاهوت الكلمة وتدبير الكلمات وواقعيتها وامتدادها حبا وعطا وعدلا وابداعا وحصارةوصار النسان فى أزمة كيانية كبيرة اى أزمة وجود بين ما يريد ويتمنى وما يفعل بين الامال والواقع اى بين الكلمة وفعل الكلمة او بين الكلمة الفاعلة والكلمات الفارغة ولقد عبر عن هذه المأساة النفصامية الوجودية بالمعنى الكيركيجاردى تلميذ يسوع الغابر من تراث الانفصام بين القول والفعل الى حضارة الاتحاد بين اللوغوس والحرية(لأنى لست أفعل الصالح الذى اريده بل الشر الذى لست أريده فأياه أفعل )رومية 7 :19 ولعل الويلات التى كالها المسيح كلمة الله الفعلة للكتبة والفريسيين انما تركزت فى النقد الحاد من اله وديع لهذه المسافة الرهيبة عند رجال الدين بين القول والفعل (الويل لكم ايها القادة العميان الذين يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل انتم من خارج(الاقوال) تظهرون للناس انكم ابرارا ولكن من الداخل (النيات ومصادر الاعمال)مشحونون رياء واثما ) متى 23
وهكذا فقد الناس على مر التاريخ التوحيد العملى لكلمة الله الواحدة وصار كلام الله عند المنتمين للتراث اليهودى والعبادات الكلامية وسيلة شرعية للهروب من المواجهة المصيرية مع الكلمة ولم يعد االانسان مش يتربط من لسانه سيف الفكر المنسكب فى القلب كما يحيا المسيحيون الحقيقيون بل من معدتة سيدة الاوجاع كما يقول بستان الرهبان مما دفع الله الكلمة الى نبذ العبادات التى تزيف الكلمة ودعوة البشرية لاعادة الحوار(ذيالوغوس) معه على اسس انسانية جديدة(رؤؤس شهوركم واعيادكم بغضتها نفسى صارت على ثقلا مللت حملها فحين تبسطون ايديكم أستر وجهى عنكم وان كثرتم الصلاة لا اسمع ) الصدمة ان الله يرفض هنا عبادات سبق واوحى بها لعبده موسى فى كتب الشريعة التى هى عبارة عن تحويل كلمة الله الى برنامج عبادات ولكن انحرفت العبادات عن مقاصد الكلمة وتحولت ديانة التوحيد للكلمة الى عبادات تشتيت للكلمة اصل كل العبادات بالروح والحق على حد تعبير خادم الكلمة العظيم فى القبط كيرلس الاسكندرى ويقول لنا علماء الكتاب المقدس ان الصدام هنا وقع بين الانبياء الشاهدين للكلمة وبين كلمات الناس اى رجال الدين الذين يحجبون الحق بالباطل ويتسترون بالممارسات الدينية تلك الممارسات التى وان اوصى بها الله كمرحلة ووسيلة فى مشوار اكتشاف الحق الا انها صارت مهربا شرعيا من المواجهة المصيرية مع الله الكلمة ولهذا كرر الله دعوته للحوار على اساس جديد( هلم نتحاجج يقول الرب )اش 1 :18 وكما صارت الكلمة عند المتدينين اليهود حاملين امانة وشرف الوعد الالهى الى البشرية صارت كلمات بلا مضمون لاهوتى وحياتى فعلى الناصية الاخرى من الثقافة الكونية عاشت الثقافة اليونانية ازمة كبيرة و تحولت الكلمات عند الفلاسفة والمثقفين اليونانيين من كلمات واعدات حاملات لبذار اللوغوس الالهية والتى سماها العالم المسيحى الفيلسوف يوستينوس ومعه علماء مدرسة الاسكندرية الكلمات المبثوثة هنا وهناك والا (الاسبرماتيكوس لوغوس ) والاتية من فيض حنان الله وعنايته بالبشر صارت كلمات الناس ووسيلة للانتفاخ بلا دسم وبلا كرامة كصنج يرن ونحاس يطن وخرج على البشرية من امتهن الكلمة وصار الكلام حرفة وهم طبقة السوفسطايئون وهم من سماهم بولس بالحكماء الغير شرفاء والغير اقوياء (1كو 1 ) صارت الكلمات عند السوفسطائييين (وهى الكلمة اليونانية التى ترجمها فاندايك بالحكماء وهى لا تعنى الحكماء بالمعنى التقنى المسيحى ) مهنة امتهنت الكلمات وصيرتها رخيصة وصارت التقوى تجارة وتحولت الكلمات الى كلمات الحكمة الغير حكيمة بل هى ليست الحكمة النازلة من فوق بل هى ارضية نفسانية شيطانية على حد تعبير يعقوب اخو الرب ويتسال بولس ( اين الحكيم اين الكاتب اين مباحث(بضم الواو وليس بفتحها) هذا الدهر والكلمة هى الترجمة العربية للكلمة اليونانية اللوغوس ووسط هذا الفصام المأساوى بين الكلمة وفعل الكلمة وبين والوعد وتنفيذ الوعد وبين الكلمات والسلوكيات استحسن الله ان يخلص المؤمنين بفعالية الكلمة والمتكلون على الوعود اللاهوتية والباكين الان استحسن ان يخلصهم (بجهالة الكرازة ) والجهالة ترجمة للكلمة اليونانية (موريا ) والتى لا تعنى اطلاقا ان الجهل نورن بل تعنى الطفولة البريئة التى تصدق الكلمات وتثق بها لقد صدمت السماء بميلاد الكلمة افتخار اليهود وثقافة اليونانيين وقدمت ثقافة الحوار البرئ برأة الطفولة و اللوغوس كلمة لها تاريخ انسانى وفلسفى كبيرين ذلك لان الكلمات فى الحضارات العريقة وخاصة الحضارة اليونانية والتراث العبرانى وهما البيئة التى ولد فيها الله اللوغوس الكلمات لها حسب ونسب كبيرين حسب لغوى وحضارى فى الثقافة اليونانية اى الكونية وقتها ونسب فى التراث العبرانى الذى جات منهم الكلمة حسب الجسد(راجع سلسلة انساب يسوع اليهودية مت 1: 1-14 ولو3 :23-38 ) فقد قرر الله فى محبته للبشر ان يربط مصير كلمته بمصير الناس بكافة اطيافهم وثقافاتهم.
واللوغوس من الكلمات الغنية بتراث الناس كل الناس والتى استحسن الله ان يوحى بها كتابه الكريم وهى الكلمة اللوغوس وهذا هو ما نعنيه بحسب الكلمات هو الحسب الهلينيى الكلمة هى بنت تراث فكرى عظيم الكلمة فى الحضارات الكبرى هى بنت الحسب والنسب ولهذا لم يتردد المسيحيون لحظة ان يأخذوا اجمل ما فى الحضارة اليونانية من كلمات وهى اللوغوس اى العقل الخلاق الناطق والنطق العاقل والعقل الابدى بل ان اللوغوس هو الطاقة الكيانية الحية والمدبرة للانسان عند الفلاسفة الرواقيين وليست مجرد طاقة ونشاط فى الدماغ البشرى وفصل الكلمات من معانيها الحضارية هو لون من الوان التجريف للذاكرة الجمعية لامة من الامم الكلمات ولم يتردد علمائناان يتبنوا اعظم ما فى التراث اليهودى من كلمات وهى كلمات الوصايا العشر واقوال الانبياء التى فى جوهرها صرخة احتجاج ضد فصل الكلمات عن معانيها ومقاصدها صرخة ضد ثقافة تجريف الكلمات ضد ثقافة تعرية الكلمات من ثوبها الالهى فتصير الكلمات على يد زبانية الفكر ومحترفى التحريف وكذابين ما يسمى بالزفة الثقافية تصير الكلمات بلا شرف وبلا كرامة
الكلمات اذا ما انحرفت عن الله الكلمة وتباعدت عن كلمة الله تصير كلمة لا زخم بها ولا قوة تصير كلمة هاربة من وجه الله الكلمة الانسان الاول حينما باع وعد وكلمة الله للشيطان صار عريانا من الكلمة وانفتحت عينا ابوينا الاولين وعلما انهما عريانين من هذا العلم الجديد ليس هو علم معرفة الله الكلمة الخالقة بل هو مكر معرفة الذات العريانة من ثوب الحق واصبحت الكلمة لا قيمة لها ولا وزن لها ومن اهم المشاكل التى التى واججها المسيحيون الاوائل مع التراث العبرانى والثقافة الهلينية هو هذه المسافة الكبيرة بين القول والفعل بين الكلمة وفعلها بين الامال وتحقيق الامال وصار الناس يحيون فى انجازات لغوية كبرى بلا مردود عملى على الارض لقد اله اليهود كلمات كتابهم ووصلوا من اعتزازهم به الى حد التنزيل حتى انهم رفضوا الترجمة التى قام بها يهود المهجر الاسكندرانى بمصر للتوراة والعهد القديم واتهموهم بالكفر ورغم هذا الافتخار بالكلمات الا انهم فرغوا الكلمة من فحواها وابطلوا مفعول الكلمة كمن يبطل مفعول لغما كان كفيلا بهدم صخور تعترض طريق البشرية فى بحثها عن معانى الكلمات وشرف الكلمة...............التراث العبرانى والعبرانية اشمل من اليهودية لانها تشمل شعوبا ليسوا حصريا يهودا عاش الازمة الكيانية الرهيبة بين الكلمة وفعلها ليس لان كلام الله لم يعد بلا مفعول بل لان البشر عاشوا انفصامية طوعية بين كلام الله وكلام الناس وكلما مرت الايام كلما صار الانسان العوبة فى يد اهوائه اللغوية التى صارت للاسف اهواء الكلمة صارت كلمات لا رصيد لها (هذا الشعب يعبدنى بشفتيه واما قلبه فمبتعد عنى بعيدا ) الانفصام وقع فى داخل النفس الانسانية واستمر فى الظهور على الساحة فى مظاهر الانفصام بين القول والفعل وبين الجمود والابداع وبين القدرية والحرية وبين الانية والازلية وبين الرجعية والتقدمية
أعظم دليل على بلادة شعب من الشعوب ان تتحول الحياة عندهم الى وصف وتحليل لواقع يتلقونه وهى ليست فعلا يقبلونه هذه الشعوب تقرأ تاريخها –هذا ان قرأت – وتعلق عليه فى حواشى كبيرة ولا تصنعه .........حينما يصير الله ديانة تقف عند حد الخطابة جلها مجموعة افكار واوصاف عن الله وتوصيف له يصير اللاهوت انطوقة مفاهيم لا حياة فيها نحياها ولا نور نستنير به وتفقد الكلمات فعلها او انيرجيتها كما يقول الاباء اليونانيين ويصير الدين هو البحث الجسدى لردم الهوة الواسعة بين القول والفعل بين الله والدنيا بين كلام الله وكلام الناس بين العقل والقلب بين السلوك ونصير من شعوب العالم الثالث التى يسودها ويتوسط مدنها الافرنجية سوق عكاظ تموت وفى احتضارها تقول شعرا
كلام الناس اذا ما امتد يصير سياسة على حد قول المطران جورج خضر (لبنانيات ) السياسة ما هى الا تفعيل للابداع الروحى الناتج من سكنى الكلمة فى القلب والعقلى النابع من نضحات اللوغوس على الدماغ فى نسيج التاريخ وهذا فى اعماقه هو ثمرة توبة فالسياسة تصير كلمات الناس المرصعة بكلام الله فالله يريد الناس ان يعيشوا بالعدل والمساواة والسياسة هى ميلاد الكلمة اللوغوس لكل الكلمات الكلمات التى فرضها رؤساء الديانة اليهودية فرضا على الناس ولعل اول نقد حاد وجه الى ديانة ما فى التاريخ هو الذى وجهه يسوع الكلمة الى كلمات اليهود (حينئذ خاطب يسوع الجموع وتلاميذه قائلا على كرسى موسى جلس الكتبة والفريسيون(علماء الدين) فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فأحفظوه ولكن حسب اعمالهم لا تعملوا لانهم جحيقولون ولا يفعلون(مت 23 :1 )وحينما اراد يسوع الكلمة ان يدعوهم للالتزام النهائى بكرامة الكلمة وشرف الوعد وذلك بان يأكلوا الكلمة اى جسد ابن الانسان الكلمة الذاتى ليخيوا بالكلمة نقرا فى يوحنا ان اليهود خاصموا بعضهم بعضا (يو6 :52 )وكان الرد حاسما ويشكل نقلة نوعية كبيرة فى تاريخ الكلمات ولاول مرة يسمع الناس ان (الكلام الذى اكلمكم به هو روح وحياة ) اى ان الكلام السابق كان كلاما مرسلا من الله ولكن يعوزه الروح لقد تأسست مدارس النقد العلمى للتوراة ومحاولات العلماء المستميتة لكى يبحثوا فيه عن اثار الكلمة اللوغوس على اساس موقف يسوع الكلمة من الديانة اليهودية ولا نظن انه يمكن الاستغناء اليوم عن هذا النهج اليسوعى فى دراسة كلمات الناس فى الديانات والثقافات المختلفة وسط هذا الهياج الكونى الثقافى و الدينى فالمسيحية مسيحية الميلاد ليست ديانة ولا ترصف مع الديانات هى شركة حب مع الكلمة والبحث عن اثار يسوع الكلمة فى كل الثقافات التى تحترم وتجل الكلمات ولديها شرف الوعود وكرامة ثقافة الكلمة ولقد اوجز وابدع رسول الامم بولس فى رسالته الى العبرانيين المعتزين بكلمات موسى وشريعته ايجازا رائعا حينما لخص شمولية تاريخ الخلاص وخلاص التاريخ فى شمولية احتضان اللوغوس للتاريخ تاريخ الكلمات الكلمة فى وجه الكلمة اللة اللوغوس ( ان الله بعد ما كلم الاباء بالانبياء قديما بانواع وطرق كثيرة كلمنا نحن فى الايام الاخيرة فى ابنه الدى جعلة وارثا لكل شئ (لكل كلمات التراث البشرى اى كانت ركائبها ) الذى هو رسم بهاء مجده ورسم جوهره(هيبوستاسيس ) وحامل كل الاشياء بكلمة قدرته بعد ما صنع تطهيرا لخطايانا جلس عن يمين العظمة فى الاعالى ) ولقد سار الاباء الكبار غلى هذا الرسم فاستاثروا كل الفكر البشرى السائد الى طاعة المسيح كلمة الله فتواصلوا مع اليهود وحاروروهم على يد يوستينوس الشهيد شهيد شرف الكلمة فى القرن الثانى الميلادى مع تريفون العلامة اليهودى واثبت له ان لا قيمة لكل كلمات العهد القديم الا فى وجه الكلمة اللوغوس وكأن علماء الكنيسة الاوائل لم يرضوا ان يظل المثثقف اليونانى خارج دائرة الخلاص فاجتهد يوستينوس للتواصل مع فلاسفة ومثقفى عصره وخرج باروع نظرية فى تثاقف الحضارات وهى ان الفلاسفة الصادقين الباحثين عن حقيقة الكلمة فى كلمات الناس ليسوا بعيدين تماما عن نعمة الكلمة عن اللوغوس وقال ان عند الفلاسفة كلماث مبثوثة من الكلمة ما هى الا عربون بركة ليستمروا فى البحث عن يسوع الكلمة الله وسط ركام كلمات الناس وسموا هذه النظرية (الاسبرماتيكوس لوغوس ) اى ان الكلمة اللوغووس بشكل خفى ومحبة كبيرة للباحثين عن الحق فى كلمات الناس ليسوا بعيدين عن نور الكلمة وهنا فتح الباب للمثقف الباحث ان يثق انه ليس بغيدا عن نور او قبس من نور الكلمة
وهذا يعنى ضمن ما يعنى ان الوقوف على اصول الكلمات وسبر اغوار اللغات الاصلية لكلمة الله ضرورة خلاصية لاكتشاف حلاة الكلمات والتزام كرازى لنقلها للناس وان الحوار مع الثقافات والاديان انما خو حوار فى عز وحب وغنى الكلمة المازلة على كلمات الناس اى هو حوار لاهوتى بالضرورة وقتها ستسعيد الكلمات عزتها وكرامتها وفعلها لانه فى البدء لك يكن مجرد الكلمة بل الكلمة الفعل الفعال على حد تعبير جوتة الالمانى فى ترجمتة للعهد الجديد وهكذا اذا اينا الى الناس بعد الميلاد لا نأتيهم بكلام السفسطة المقنع(بضم الميم ) بل فى ملئ انجيل المسيح كلمة الله الوحيد حياة كل احد.ان الحياة برمتها هى الكلمة الممتدة فعلا وعملا وابداعا كما يقول الشاعر العربى مخاطبا الحياة :
أنا لا احبك ...........من أجل نفسي
ولكن أحبك .............
حتى أجمل وجه الحياة.
ولست أحبك ....
كى تتكاثر ذريتي
ولكن أحبك .....
كى تتكاثر ذرية الكلمات.
ندعو الله الكلمة ان يعيد الى بلادنا هذه الايام بالبركة بركة اعادة اكتشاف كرامة الكلمة الفعل فى تاريخها العريق بالدعوات التى يرفعها عنا اب الاباء االبابا شنودة الذى امتشق سيف الكلمة ليرد العالم الى حضن الكلمة وبركة الخلاص امين

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire