mardi 22 novembre 2016

الزواج والجنس ومعناهما الليتورجى الأب الدكتور أثناسيوس حنين

 الزواج والجنس ومعناهما الليتورجى


 الأب الدكتور أثناسيوس حنين
دكتوراة فى التاريخ القبطى –اليونانى – جامعة ليموج – فرنسا


 يتعجب الباحث الساجد فى محراب الثقافة الكتابية المقدسة حينما يرى أن المسيح لم يرسم راهبا واحدا بل حضر عرسا !’ والعرس الذى حضره ىالسيد هو عرس شرقى بكل ما يحمل هذا من معانى انسانية نبيلة وانشطة اجتماعية صاخبة من رقص وطبل وزمر وخمر وعلاقات زوجية حميمة وبالمناسبة أم يسوع ’ مريم ’ الصامتة والهادئة والمتبتلة لله ’ كانت هناك’ فى عز الزيطة ! ’ ولم تكن هناك صامتة ’ بل مراقبة لاحوال الفرح ومشاركة فيه وملاحظة زكية بأن الخمر قد نفذ وذهبت للسيد تقول له ( ليس لهم خمر) انجيل يوحنا 2 ’ فعلت مريم هذا لكى لا يتوقف فرح الفرحانين بالعرس . لقد أفتى أحد الأئمة المسيحيين ! ’ قديما ’ بأن خمر قانا الجليل هو خمر "غير مسكر " بضم الميم وكسر الكاف ! طيب وأيه المشكلة أنه يكون مسكر ؟ وهل هناك خمر غير مسكر ويبقى خمر أزاى يعنى ! ؟ أصولية مسيحية جديدة تخالف الانجيل وثقافة المسيحيين الأوائل وأم يسوع نفسها . ماذا تقول مريم أم يسوع للمسيحيين اليوم وقادتهم الذين لا هم لهم الا كرسى فى كلوب عرس قانا الجليل الثقافى و الكونى ويقفلوا الفرح ! والكرسى هو كرسى الفتاوى وأنشغالهم الشديد ’ وهم رهبان ’ بحيض البنات وافرازات الشباب وبما هو صحيح وغير صحيح فى المخادع ! ربما يخرجون علينا يوما بكتاب ثمين عن "الاوضاع الجنسية حسب الرؤية الارثوذكسية !" .وبالرغم من هذه الشهادة الدامغة التى قدمتها مريم فى عرس قانا ’ الا أننا قلما نرى فى تاريخ المسيحية الطويل ’ من القديسين المتزوجين ’ من يكلمنا عن الحياة الزوجية وتفاصيلها وأعماقها وحلاوتها وتجاربها ومرارتها ’بينما نجد ان الكثيرون ’ اللى ليهم واللى مالهومش ’ يتكلمو ويتروحنون ويستفيضون فى الحديث عن الحياة الروحية فى أبعادها الرهبانية والنسكية وكافة تفاصيلها !. ما هى العوامل التى أدت الى تفريغ الرسالة المسيحية من فحواها الانسانى وعمقها الثقافى اليومى ؟ ما هى اليد الخفية التى أمتدت لتفرغ أضخم حدث فى التاريخ وهو صيرورة الله انسانا ’ من انسانيته ؟ لقد صار الانسان فى وجه يسوع هو "ذلك المعلوم" ’ وليس "ذلك المجهول " كما كتب يوما العالم توماس كارلايل . كيف وصلت الانثروبولوجيا المسيحية الشاملة كل الانسان عقلا وروحا وجسدا ونفسا ووجدانا ’ الى أن تحصره فقط فى "أعضائه التناسلية" ’ وأصبحنا نشابه بل ونتفوق على الغير المسيحيين الذين أنشغلوا ’ عن قضايا الانسان المصيرية ’ بقضايا أهم مثل بول البعير وحيض النساء وفقه النكاح وعدم الاقتراب من الصلاة وهم سكارى ’ وكفى الله المؤمنين شر القتال ضد النفس الأمارة بالسوء !
حينما كتب الطيب الذكر والصديق الاستاذ كوستى بندلى ’ الحائز على الدكتوراة فى علم النفس ’عن "الجنس ومعناه الانسانى" كان الانسان الشرقى خارجا لتوه من مجاهل عصوره الوسطى الجنسية ومجاهل أفريقيته العاطفية وصحراء وعقد وشقاء وانفصامية انسانيته البدوية ’ يصرخ مع شاؤل "ويحى أنا الانسان الشقى من ينقذنى من جسد هذا الموت "رومية 7 : 24 ويتلمس خطاه فى خريطة جسده "ذلك المجهول" . لقد شكل المعنى الانسانى للجسد وحركاته وخلجاته وايمائاته وأناته ’ وقتها ’ اكتشافا كبيرا لجيل كامل من الشباب والصبايا فى حركة الشبيبة الارثوذكسية وخارجها ’ يتلمسون طريق معرفة يسوع بدون خصام مع انسانهم الباطنى وجمالاتهم الخارجية وأدق مشاعرهم البريئة العاطفية ’ يريدون صنع صلحا مع (ناموسا أخر فى أعضائى) رومية 7 : 26 .
قصتان من الحياة اليومية كفيلتان بالتعبير عما يعتمل فى نفوسنا جميعا ’ كانت العادة فى أديرة العصور الوسطى أن يوجد صبيان أو أولاد فى الأديرة ’ فى سن المراهقة المتأخرة ’وبلا أهل لسبب أو أخر ’ وحدث أن خرج الرهبان للتسوق ومعهم بعض الاولاد ’ ولم يكن قد سبق للاولاد أن رأتهم عيونهم المراهقة صبية أو أمرأة كاملة ومكملة ’ وحدث أنه كلما شاهدوا أمرأة متبرجة وصبية جميلة وبها شئ ما مختلف يخاطب انسانهم الباطنى البرئ ’ أن بدأو يسألون الراهب المرافق ’ " ما هذا الكائن الجميل والمختلف ؟" يجيب الراهب "الشيطان ! " ’ تكرر السؤال وتكرر الجواب ’ وعاد الجميع للدير ’ وأثناء الطعام ’ سأل رئيس الدير الشباب "ماذا أعجبكم فى المدينة ؟ " أجابوا جميعهم بصوت واحد " الشيطان !" . القصة الثانية هى اعتراف صادق لأب روحى كبير ’ قال "الشئ العجيب أن الجميع ’ رجال ونساء’ صبايا وشباب ’ ورهبان وراهبات ’ ’ يعترفون بكل شئ ويستشيرون فى كل شاردة وواردة ! أما ما يخص الجسد وحركاته والجنس وتساؤلاته (النصف التحتانى باختصار ) ! فصمت القبور ولا أحد يتسأل ’ بل اسئلة من النوع التبريرى والخبيث والذى لا يجيب عنها سوى اله ماكر ومعقد ! الحل ’ قال الشيخ الروحانى ’ هو أما أنهم قد تقدسوا ووجدوا اجابات جذرية لاسئلة الجسد المصيرية !’ أو أنهم متورطون فى غاباته الشاسعة وتائهون فى أحراشه ’ويطلبون فتاوى دينية لتبييض قبور أعضائهم من الخارج ! ’ ولا يريدون الخروج الى نور الانسان الجديد ولا يسرون بناموس الله الا فى حدود انسانهم الباطن فقط بلا ثمر خارجى ولا اطلالات وابداعات ومبادرات عفيفة "رومية 7:22".
نستميح الدكتور بندلى عذرا ونقول أن للجنس معنى ليتورجى أيضا . ان ليتورجية الجسد هى فى أعماقها ليتورجية الهية . البشرية اليوم وخاصة الشريحة المتدينة منها ’ كل المتدينون ’ يدفعون الثمن لما مارسوه من كبت وقهر فى حق هياكل الله التى هى أجسادهم (فقه النكاح الداعشى وأطلالاته على الفكر المسيحى!) . لقد خرج الجسد الانسانى من القمقم اليوم لينتقم لنفسه بكافة الطرق وشتى الوسائل المشروعة والغير المشروعة ! لقد قرأ تلميذ المسيح ولاهوتى الأعمال والسلوكيات يعقوب كل ما يجرى من حروب وخصومات فى المجتمع وأرجعها الى سببها الأصلى والأصيل "من أين الحروب ومن أين الخصومات بينكم ! أليست من هنا من لذاتكم المحاربة فى أعضائكم " يع 4 :1 وحتى لا يظن الروحانيون وعديموا الأجساد منا ! أن يعقوب يتكلم عن الخصومات الروحية ! يصدمنا جميعا ويحدد " أيها الزناة والزوانى " . الزنى هو حالة خصام وانفصام وأغتصاب يمكن أن تحدث فى المخدع الواحد حينما لا يكون مخدع ليتورجى ! حينما ترى زوجا شايطا بلا سبب مفهوم أو زوجة نكدية بلا معنى ’ ابحث عن المخدع ! حينما نقول "ليتورجية الجنس وجنس الليتورجية " نحن نقصد أن يتحقق الوعد الالهى بأن يصير الاثنان (ساركا ميا) اى جسد واحد وهنا لم يترك النص فرصة للفذلكات ’ بل قال "ساركا ميا " أى اللحم والشحم والدم لكل من الزوج والزوجة ’ يتحدان ببعضهما ويصيرا بالنعمة الروح جسدا واحد فى المخدع الواحد أولا ومن ثم فى المطبخ وفى المكتب وفى كافة نواحى الحياة ! لا يوجد كتالوجات ولا مواعيد لهذه الليتورجية ’ بل هى رهن أنات الروح فى الجسد الواحد ’ لانه كما أن الروح يءن فينا ’ هكذا الجسد الواحد يئن فينا بأنات لا ينطق بها ’ ليس بسبب التسيب والانحلال ’ بل لأن الاثنان يعلمان أنه مخوف هو الوقوع بين يدى الرب فى مخدع الحب الليتورجى بدون الاستعداد اللائق والحب اللازم والأمان الشافى والدلال الوافى وبدون أب روحانى مختبر فهمان راهب مستقيم الرأى والحياة كان أومتزوج بحب وعن حب وفى الحب ! ليس بيننا وبين الأباء الرهبان قطيعة ’ ولكن هذا ليس مجالهم ’ أعرف حالات كثيرة مأساوية من الشباب والصبايا بل والكهنة الشباب الملتزم ممن يتخذون راهبا تقيا أب روحى لهم ’ ما ذا يحدث ! برنامج الحياة الزوجية يسير وفق كتالوج وطقس الراهب ’ لا مخدع ليلة الثلاثاء والخميس لأنه صابح صيام اربعاء وجمعة ! ماشى ! ولا حب ليلة السبت لأنه صابح أحد ماشى ! وكأنه بين ليتورجية المذبح وليتورجية المخدع خصام وفصام وعراك ! حظهم سئ لو فيه قداس كل يوم ! النتيجة أن بويضة الحمل تأتى من الله وليس لها ميعاد مهما قال الأطباء ومع كامل احتراماتنا ! يظل العروسان بلا خلفة ! بلا ولد ! وفوق كل شئ بلا لمسات حب ! والشاب فحل والصبية ملكة جمال ولا يوجد سبب طبى للعقم النفسى ذو الغطاء الروحى ! ونجرى على الدكاترة والسحرة وضرابين الودع من رجال الدين والدنيا ! ورزق الهبل على المجانين ! هذا لأن الأب الروحى لا يعايش الزوجان بالروح والحس الانسانى الراقى ’ روح الأبوة والشركة والحب ’ روح الفهم والمشورة ! من أين له وهو راهب ليتورجيته الأساسية هى ليتورجية الخصام مع الجسد والعداء مع الحياة الدنيا ’ واذا حدث ’ لا قدر الله ’ وصالح الحياة فى لحظات غفلة وملاطفة وصفاء فى موبايل شيك أو سيارة أخر موضة أو قرشين على جنب لايام العجز أو الثرثرة هربا من الوحدة وشقائها والصمت وبلاياه ! أو صداقة ما أو تجريم وتحريم الحياة الحرة فى المسيح على الناس وتنكيد حياتهم فى اسهال كتابات تافهة على حد تعبير المتنيح الانبا بيمن ! أو صداقة يستمتع بها ثم يذهب للاعتراف بها كخطيئة من الكبائر ! ’ ويتعاطى مع اولاده وبناته بذهن الكتالوج ! أعجبنى راهب شيخ من الفاهمين (يوجد رهبان شيوخ فاهمون ! )الذين يضيئون كالجلد فى صحراء الوجود ’ قال فى سياق حديث عن الحب والجنس "يعنى هو ربنا ’ اللى هو عمل أكليل أدم وحواء بنفسه ’ جاب حواء لادم ومعاها كتالوج ’ ما هو اداها له وسابه هو يكتشفها وهى تكتشفه بالحب والرقة والشركة " ’ الروح روح الجسد الواحد ’ الروح النارى "يهب حيث يشأ ومتى يشأ " .لقد توقف الجنس عن أن يكون ليتورجية وبالتالى فقد معناه الانسانى ’ وأصبح الجسدان يمكران احدهما على الأخر والله ’ هنا ’ هو خير الماكرين لأنه يسلم الجسدان اللذان لا روح ليتورجى عفوى لهما ليس فقط الى ذهن مرفوض بل الى مخالب جسد شرير ومعاند ! هذا يفسر مغزى ومعنى العادة المسيحية القديمة والتى بدأ الصبايا والشباب الفاهمون ’ اليوم ’ فى العودة اليها ’ وهى الزواج أثناء الليتورجية ’ لأن الفاهمون من أباء وأمهات المسيحية الأولى ’أدركوا منذ اللحظة الأولى أنه كما نصير جسدا واحدا فى الليتورجية ’ جسد المسيح الذى هو الكنيسة ’هكذا الزواج هو ليتورجية (الساركا ميا) وأن المخدع المسيحى ’ يحمل فى داخله كل الامكانيات والعطايا والوسائط التى تؤهله وتمكنه من أن يتحول الى مذبح افخاريستى فى يد الصادقين بلا وسيط ولا شريك ولا عزول مهما بلغت درجة روحانيته ! . نحن نعتقد أن قضية الحب الزيجى والليتورجية المخدعية ’ ما يتعلق بهم من قضايا تناول البنات وهن حائضات وغيرها والقائمة طويلة ’ يتعرضان اليوم ’ لهجمات هرطوقية ناسوتية لا تقل خطورة عن الهرطقات اللاهوتية فى الكنيسة الاولى لأن من يمس انسانية الانسان فى خصوصياته ’ يمس حدقة عين اللاهوت ! ’ وحلها لن يأتى بقرارات مجمعية فوقية وسلطوية ولا حتى بحوارات فيسبوكية والتى هى نافعة لقليل "1تيموثاؤس 4 ,8" !’ بل باعاد بناء البنية التحتية للحياة الانسانية الزوجية واعادة صيغة الليتورجية العائلية ’ ورد الاعتبار للجسد الواحد فى الليتورجية المخدعية ’ واحترام خصوصيات المخدع الغير النجس حسب تعبير بولس الذى كان يخاطب المتهودين منا ونظرتهم المتخلفة للأطعمة والجسد والحب والدلال والزواج (عبرانيين 13 ’ 4 ) ’ ذلك بالتوعية اللاهوتية والحس الانسانى وقبل كل شئ الانسكاب فى صلوات قلبية حقيقية وليتورجية من أجل سلامة البيوت والعائلات وسعادة الشباب والصبايا . خلاف ذلك سيجد شبابنا وبناتنا أن "الشيطان " وأجوائه هو أجمل ما فى المدينة الفاضلة ’ كما رأى الصبى فى العصور الوسطى .

 

mercredi 5 octobre 2016

الأيقونة بين اللاهوت والناسوت خواطر فى الاطلالات الانسانية للاهوت الأيقونة نقلها الى اللغة العربية الأب الدكتور أثناسيوس حنين- مطرانية بيرية –اليونان


                                الأيقونة بين اللاهوت والناسوت
                              بين ثقافة الناس وأشراقات السماء !
                       خواطر فى الاطلالات الانسانية للاهوت الأيقونة
                                    الأرشمندريت باسيليوس
Αρχιμ. Βασιλείου
Καθηγουμένου Ιεράς Μονής Ϊβήρων
ΘΕΟΛΟΓΙΚΟ ΣΧΟΛΙΟ
Στις τοιχογραφίες της Μονής Σταυρονικήτα
Καρυές Αγίου ¨Ορους
2004
الأب الروحى لدير السيدة أيفيرون
جبل أثوس –اليونان
أصدار دير السيدة أيفيرون 2004

نقلها الى اللغة العربية الأب الدكتور أثناسيوس حنين- مطرانية بيرية –اليونان
(الأيقونة هى مدرسة المتفوقين فى البساطة الروحية والذوق الانسانى المرهف )
Το είκονογραφικό έργο των μεγάλων αγιογράφων δεν είναι απλώς άνθρωποκεντρικότητα αλλά θεναθρωποκεντρικότητα !
أن الابداع الايقوناتى لكبار الرسامين ليس هو مجرد ابداع انسانى المركز ’ بل هو أبداع انسانولاهوتى المنطلق !


أولا :أهداء المترجم 

يلاحظ المراقبون للحركة الثقافية والفكرية وللحوار الدينى أو اللاهوتى وحتى السياسى فى الشرق عامة وفى مصر خاصة بأن هناك حالة من الغضب والتوتر والعراك والذى يصل الى حد الأحباط ويهدد بحالة من الفصام الجمعى بسبب من افتعال معارك وهمية بين الثقافة واللاهوت وبين الدين والفن وبين الأيقونة والحياة ! ’ وكما يلاحظ الدارسون أن وبالرغم من أشواق الكثيرين بأن هناك نهضة ما فى الأفق ’ الا أنه وفى ذات الوقت هناك حاجة ماسة الى التوقف قليلا عن الكلام !!!’ لألتقاط أنفاس روحية وانسانية ولاهوتية وثقافية نقية وسط أجواء التلوث الثقافى والهيجان الدينى والأحباط الانسانى اليومى ! وقفة من أجل التقاط الأنفاس لكى ما نتفرغ للتطلع فى وجه ما !
Πρόσωπον
Face
Visage
,وهل الأيقونة شئ أخر الا وجه ! الأيقونة هى الوجه والذى لا يمل المرء من التطلع اليه والتطلع فيه والتطلع من خلاله ! ’ والشئ العجيب والجديد فى الايقونة يكمن فى أنه كلما تطلع اليها المرء ’ كلما أنطبعت فيه رؤية ونورا وهدوأ وهدى ولاهوتا وثقافة . لهذا نهدى للقراء هذه العجالة حول الايقونة كتبها الأب والصديق (والصديق ليست محسنات بديعية بل حقيقة ساهمت فى تعمق المترجم فى التراث الأثوسى اللاهوتى والايقوناتى العريق وحدث ذلك أثناء الاستقبال الحافل الذى اعده الارشمندريت فاسيليوس للأب أثناسيوس فى الجبل المقدس أثوس وأهدأئه المترجم بدلة للصلاة خاصة به وغاية فى الفخامة كبركة من الدير ! الى سنين عديدة يا أبى ) والمختبر واللاهوتى والناسك الأب فاسيليوس الأفيروتى من كبار رجال الله وأيقونات الروح القدس الحية فى الجبل المقدس أثوس باليونان ’ كما أذكر للتاريخ بأن قد سبق وزارنى فى منزلى فى أثينا (على كباية شاى مصرى ! ) يوم كنت أخدم الكنيسة المصرية باليونان وحينما أهديته كتاب (الخولاجى المقدس اى كتاب الصلوات باللغة القبطية ) وبدأ يقرأ وأنبهر وبفرحة طفولية ابتدأ يشير الى النص .القبطى ويصرخ ..يونانى ...يونانى أنا أقرأ يونانى !!.
Ελληνικά διαβάζω
Ελληνικά διαβάζω
أنها فرحة وسعادة كل مثقف بنجاح مشروع التثاقف بين الحضارات والتعايش بين
الثقافات !!!

..وبعد أن وجد اصولا مشتركة وأمضينا وقتا فى البدايات والمودات ’ عدنا الى الواقع المرير ’ وبدأ يتحسر وظهر على وجه المشرق نوعا من الحزن الفرحان والفرح الحزين كما يعيشه كبار الروحيون ’ حزن
على الفراق وترجى الوصال الاهوتى والثقافى الأصيل والموثق والوثيق !!!.

ثانيا :النص

المسيح الكلمة هو أيقونة الأب والانسان هو أيقونة المسيحالمسيح-الكلمة هو أيقونة الأب (أيها الأبن الغير المستحيل . يا صورة الكائن العلى الحقيقية ) شهر أب ’ الأودية التاسعة - كتاب الميناؤن ج3 دمشق 1959 ص.286
.السيد المسيح ’ الواحد مع ألأب ’ هو أكمل أيقونة للاهوت يمكن أن تنوجد . ويرى القديس يوحنا الدمشقى ’ لاهوتى الأيقونة ’ بأن هناك لون من الاتحاد الأقنومى بين الأبن الوحيد وبين صورته البشرية ’ وأن هذا هو أساس خلاصنا وعوداتنا الى جمال الصورة الأول. لقد صار المسيح انسانا كاملا فى ملء لاهوته ’ وبقى ألها فى ملء انسانيته .
«’Εγινε τέλειος άνθρωπος έν όλη τη Θεότητι και έμεινε τέλειος Θεός έν όλη τη Αύτού άνθρωπότητι»
لأقد أخذ وحمل وأتحد وخلص صورة الله ’ التى اسودت ’ فى الانسان ,أعادها الى الجمال الأول كما نصلى فى القنداق فى سحرية أحد الأرثوذكسية "كلمة الأب الذى لا يحاط قد تجسد منك وصار محصورا يا والدة الاله وأعاد صورتنا الفاسدة الى حسنها الأول وأتحدها بالجمال الالهى لذلك نعترف بالخلاص ونخبر به ونذيع بالقول والفعل معا" كتاب التريوديون –المنشورات الارثوذكسية –طرابلس - 1996 ص 127 .
أن هذه العودة الى الجمال الأول والحسن الأصلى هو هو القصد من خلاصنا أى تألهنا حسب الأيقونة الأولى "والذى فيه أرتبط اللاهوت بطبيعتنا وحقنها بالدواء الحى والشافى وهكذا تمجدت طبيعتنا وسارت فى طريق عدم الفساد " يوحنا الدمشقى
.“P.G. 94,1332D.
تعيش الكنيسة هذا الواقع الليتورجى كحق حياتى وكخبرة خلاص "كجمال غير مصنوع بيد" حسب تعبير الذهبى الفم وذلك منذ يوم الخمسين حينما "من أجل خلاصنا البشر اكمل جميع التدبير بنوع يفوق الجمال " وأرسل روحه الكلى قدسه وكون الكنيسة . عشية أحد العنصرة –أفشين السجود الثالث ’ المنورات الارثوذكسية 1999 ص223 ". ولكن وحينما بدأت الانحرافات الفكرية فى الظهور وشكلت خطرا داهما على خبرة خلاصنا وواقعها الليتورجى ومسيرة تألهنا وأمتدادها السرائرى ’ أى ’ وبكلام أخر ’ دخل روح غريب ’ روح عقلية وثنية ’ ولم يكتفى هذا الفكر بالظهور بل وبدأ فى الأنكار الصريح والسليط للحق وللنعمة اللتان "بيسوع المسيح صارا" يوحنا 1 :17 . حينما بدأ هؤلاء الهراطقة فى السعى لفهم الحقائق اللاهوتية الأتية من فوق بمنهجية أتية من تحت بلا تواصل مع ما هو فوق فى فصل ماساوى بين السماء والأرض أو فى سيطرة ديكتاتورية من السماء على الأرض وما يتبعه من الغاء ثقافة الأرض ومسخ حرية الأنسان! وبلغة لاهوتية أكثر تقنية ’ بدأ هولاء وأولئك من المبتدعين فى أن يتنكروا وينكروا لاهوت وناسوت السيد وثيؤطوكية السيدة العذراء ’ وبل وأنكروا لاهوتية الروح القدس ’ ووصلوا الى انكار الاتحاد الهيبوستاتيكى بين طبيعتى المسيح الواحد . هنا وأمام كل هذا وقفت الكنيسة بروح واحدة وقامت بالدعوة الى عقد المجامع المسكونية وحددت العقيدة وتعبيرات الايمان اللاهوتو- ناسوتية . لقد قالت الكنيسة وبكل وضح وقوة وبصوت مرتفع ’ ما كانت تحياه فى داخلها ’ أى من تراثها الليتورجى الغنى.
هذا يجئ بنا الى موضوع تأملاتنا وهو الأيقونة وابعادها اللاهوتية والانسانية وأصلها الخرستولوجى ’ فلقد أستغرقت ما أعتاد المؤرخون تسميته (حرب الأيقونات ) واللأصح هو الحرب ضد لاهوتيات وناسوتيات وجمالات ومحاسن الايقونات ! نقول أستغرقت هذه الحروب والغزوات ضد الأيقونات نصف القرن (726 – 843 م). لقد عاشت الكنيسة حربا ضروسة ضد كيانها ووجودها وضد كل منظومة وعمل التدبير الألهى فيها . ولكن وبنعمة الله ’ أنتصرت الحقيقة وغلبت الأيقونة وتأسس لاهوت الأيقونة وتم أعادة الكرامة والبهاء للأيقونة ! وأرتدت الكنائس لمرة جديدة ثوبها اللاهوتى الزاهى ’ "أن كنيسة المسيح تتجمل الأن مزينة كعروس بايقونات ذات رسوم الهية ..." حيث أشرقت العقائد المستقيمة والحقيقية . اللافت للنظر أن الكنيسة لم تطلق على هذا النصر اللاهوتى اسم أنتصار الايقونات المقدسة ’ بل أطلقت عليه أسما أشمل وهو (انتصار استقامة الرأئ أى أحد الأرثوذكسية ) ’ ولهذا قال القديس فوتيوس أن الجمال الالهى يعرف ويدرك من خلال أولا : صحة تعبيرات العقائد وثانيا :جمال رسومات وألوان الأيقونات .(عطات فوتيوس –تسالونيكى 1959 ص 168 ).
نخرج من هذا كله بأنه يوجد حبل سرى ورباط مقدس بين الحقيقة والجمال ’ أى بين توثيق اللاهوت وفن رسم الأيقونة وهنا يقول القديس جرمانوس القنسطنطينى ( أن الذى يقدمه فكر التاريخ يفهم بالسمع وأما الذى يصمت عنه الكتب ’ فيفهم بالاقتداء والنظر والتمعن ).
" هكذا فأن الحقيقة التى تجسدت أقنوميا من خلال الثيؤطوكوس ’ نفس الحقيقة تمت صياغتها عقائديا فى المجامع المسكونية وعلى يد الأباء القديسين . هذه الحقيقة ذاتها ’ بلا زيادة ولا نقصان ’ يتم التأريخ لها من خلال الايقونة وعلى يد الرسامين القديسين .وكل هذا تم بقوة وفعل الروح القدس".
«’¨Ετσι , ή άλήθεια ή όποία έσαρκώθη υπσοστατικώς διά της άγίας Θεοτόκου,ή ίδια διετυπώθη δογματικώς ύπό των Οίκουμενικών Συνόδων και των άγίων Πατέρων. Η αύτή ίστορήθη είκονικώς ύπό των ίερών άγιογράφων. ¨Όλα αύτά έγιναν τη δυνάμει και ένεργεία του του ΄γίου Πνεύματος»

لقد ولدت الثيؤطوكوس الثيأنثروبوس كيريوس والذى هو أصل تأله الانسان وتقديسه وأعادته الى رتبته الأولى .
لقد حصل الأباء المستنيرون على قوة الكلمة والفهم وهكذا وضعوا لنا حدود العقائد والايمان المستقيم وهكذا يساهمون فى وضع اساس ملء الحياة .
وبنفس الدرجة ’ وبفعل الروح القدس ’ يقوم الرسامون الملهمون بتصوير خواص الثيأنثروبوس ويجعلوا من ملامحه الغير المرئية ’ أمرا مرئيا وحضورا بهيا لحواسنا الروحية وذوقنا الانسانى . أنها ثقافة الأيقونة الجديدة .. وتشكل هذه الأبعاد الثلاث أو الأنيرجيات الثلاثة وهم قوة الكلمة ورصانة العقائد وجمال الأيقونة وحسنها ’ تمثل ’ نقول ’ أطلالات مختلفة للوغوس الله الكلمة المتجسد.ولكى يقدر الانسان على أن يصير شريكا فى هذه النعمة ’ نعمة تأنس وتجسد الكلمة ’ ولكى ما يتعرف على الرب وينغرس فى سر اللاهوت ولكى ما يميز جمال الأيقونة وحسنها ’ يجب أن يكون قد أقتنى الحواس الروحية وصار شريكا فى نعمة الروح القدس ’ الروح الذى "يمسك ويسند ويدعم كل بنيان الكنيسة" . لهذا لا نقدر أن نقول ان "يسوع رب الا فى الروح القدس وليس بالروح القدس كما ترجمها فاندايك " 1كورنثوس 12’3.
«’Και ούδείς δύναται είπείν Κύριον Ιησούν εί μη έν Πνεύμα ¨Αγίω»’
كما لا نقدر أن نعاين السيد المرسوم فى الأيقونة الا فى استنارة الروح القدس كما يقول اللاهوتى باسيليوس العظيم " نحن نعاين مجد ابن الله فى نور الروح القدس ’ من خلال صورة الاب وخاتمه ".
نحن لا نعرف المسيح فى الكنيسة كوسيط أو رئيس طائفة دينية ما ’ لكننا نلتقيه كثيأنثروبوس والذى صار لنا وبه قدوما لدى الأب(أفسس 2 : 18 ).من هنا فاللاهوت ليس علما مجردا ’ ولا حتى علما مقدسا ’ ولكنه "السر الميستيريون " الذى يقود الانسان كله الى الفهم السرائرى الذى يفوق كل ادراك.كما أن الأيقونة ليست مجرد عمل ابداع فنى أو صورة دينية ’ ولكنها مطرح سجود وعاء مقدس يقدس الانسان ويحضره فى علاقة مباشرة مع النعمة والهيبوستاسيس التى للقديس أو القديسة المرسومين والمؤقنين. الايقونة تقود الى الأصل وبها وفيها نرى ونعاين الأصل ونسجد له بالروح كما يقول القديس ثيؤدوروس الستويوديتوسى.
أهم ما فى القضية هو أن ندرك أن الكنيسة وهى تعيش وتذوق وتختبر يسوع المسيح من خلال معاينة ومعايشة فكر لاهوت القديسين فى حياتهم واجسادهم بعد رقادهم ’ والايقونة التى تحملهم والأوانى التى تستعملها والملابس التى يرتديها الكهنة ’ كل شئ فى الكنيسة يرتبط برباط عضوى ومن خلالها كلها يتم ارسال تسبحة كونية الى الثالوث الحى. كل هذا يتم لأن كل شئ يرتبط بمركز حى وواهب الحياة وهو الثيأنثروبوس والذى به عرفنا الأب وأرسل المعزى الى العالم ’ وهكذا كشف لنا الثيأنثروبوس بتأنسه حياة الثالوث السرائرية (كل ما سمعته من الأب عرفتكم به ) يو 15 : 15 . لقد كشف لنا العلاقة بين الاقانيم الثلاثة . لقد أحيانا ويحيينا جميعا .هو يقدس ويؤله طبيعتنا نفسا وجسدا ’ ويوحدنا بعضنا ببعض فى نفس واحدة وجسد واحد ’ ويكشف لنا هويتنا الحقيقية بل ويهبنا القوة لنتحقق من هويتنا ونحققها . ويكشف لنا أيقونة الاب بسبب من العلاقة الحميمة التى له مع الأب والروح القدس.
ألم يقل لنا (من رأنى فقد رأ الأب) بالروح القدس بالطبع. لأنه وحسب القديس باسيليوس فأن طريق المعرفة الألهية يمر بالواحد أى الروح الواحد بالأبن الواحد الى الأب الواحد ومن ثم تأتى الصلاح والتقديس والرتب الملوكية من الأب عن طريق الابن الوحيد بالروح القدس .
أن الايقونة الليتورجية الارثوذكسية هى شعاع هذه الحياة ودستور ايمان الكنيسة ’ الكنيسة التى هى جسد المسيح وشركة الروح القدس . أنها اعلان وظهور لحياة الشركة وفعل النعمة. والمؤمن الساجد يقبل من خلال الأيقونة الرضا الالهى ويرتفع ذهنه نحو السماء.
لهذا نرى خلال التاريخ أنه وبينما يقوم محاربوا الايقونات بتكسيرها وتحطيمها وينكرون بهذا تجسد الكلمة ’ يقوم عباد الايقونة بالسجود للايقونات ويعبدون المادة ويسجدون للخليقة دون الخالق ’وهكذا يفقدون الله ! وبينما يرى الغربيون الايقونة على أنها شئ للزينة ’ حسب قرار مجمع فرانكفورت عام 794 ’ نرى الكنيسة الارثوذكسية متمسكة بالامانة المسلمة مرة وهى تأنسن وتجسدن كلمة الله وتنكر وترفض كل الانحرافات والأراء الغير المستقيمة. الكنيسة الارثوذكسية لا ترفض المادة وتحتقرها بشكل مانوى ’ كما لا تعبدها بشكل وثنى ’ كما لا تعتبرها شيئا محايدا لا دور لاهوتى لها ’ ولكنها تعترف بالايمان على لسان يوحنا الدمشقى " أنا أعبد الله الذى خلصنى والذى صار مادة لأجلى ولن أتوقف ما دمت حيا عن أن أحترم وأوقر المادة والتى من خلالها حصلت على الخلاص والتى تحمل النعمة الألهية ".
(Λατρεύω τον θεό πού με έσωσε , πού έγινε ύλη για μένα . Και δεν θα πάψω να σέβωμαι την ύλη διά της όποίας σώθηκα και ή όποία είναι έμπλεως της θείας χάριτος ).
Pg. 94,1245B.
حينما تجلى السيد على جبل ثابور ’ أعطى التلاميذ أن يعاينوا قبسا من نور لاهوته ’ ولمع وجهه بالمجد الأزلى ’ والذى كان له من الله قبل تأسيس العالم ’ (يوحنا 17 :5) لقد ظهر مجد اللاهوت حينما تم التجسد من خلال مجد وجمال الجسد ومجد وحسن الخليقة.المادة ’ نكرر ’ مملوئة بالنعمة الالهية. ولهذا فيجب علينا أن نتحرك بوقار تجاه الخليقة كلها ’ والتى تشع بنور القائم من الأموات والذى ملأ السماء والأرض بمجده.
نحن فى أيقونة السيد ’ لسنا أمام جوهر اللاهوت الغير المرئى لأنه من يقدر أن يصف ما لا يوصف ! (يوحنا 1 ’18) ’ كما أننا لسنا أمام ناسوت فقط لأنه كيف نفصل الانسانية عن ذاك الذى وحدها باللاهوتية فى شخصه ! فى وحدة بدون اختلاط ولا انفصال بين الطبيعتان الناسوتية واللاهوتية . الايقونة تبرز الاقنوم الواحد لله الكلمة المتجسد. وفى سجودنا للايقونة ’ نحن نسجد للثيأنثروبوس ’ أى للاهوت والناسوت معا ’ نسجد لجسد الرب الذى صار شريكا للاهوت ! يقول القديس ثيؤدوروس السوديتوس " نحن لا نرسم الطبيعة (الجوهر) بل الاقنوم " لهذا لا يوجد سجدتان ’ ولكن سجدة واحدة ’ لهذا فالايقونة لا تحضر فقط مجرد ذكريات ’ بل تقدم حسا وتقيم علاقة شركة شخصية مع شخص الايقونة . نحن أمام الأيقونة لم نعد نقف أمام قطعة خشب أو حجر ’ أو أشكال وألوان عارية من القوة والنعمة والحضور ’ بل نحن أمام مقدسات ومكرمات وممجدات ...بسبب من شركتها فى الانيرجيات الفوقية التى للقديسين والتى يقدمها الوجه ويدل عليها الاسم .

ثالثا:الأيقونة تتكلم فى صمتها

Η είκόνα είναι άφωνη και μιλά


’ أمامك شخص مرسوم ماديا ’ أنت تتحد به روحيا ’ وتتقابل معه وتقبله بالقلب وبالفم والعين فى انحناء كله وقار .(يوحنا الدمشقى) القداسة والفائدة تعم وتغمر كل كيان الانسان الساجد للايقونة بوعى . وهنا تجتاح النعمة والظهور السيدى كل حياة المؤمنين . هذا هو الاعتراف الذى تقدمه الكنيسة الجامعة فى السينوديكون يوم أحد الأرثوذكسية ويخص المجمع السابع المسكونى عن الرأى المستقيم ’ حيث تصلى الكنيسة فاصلة بين من هم من خارج لانكارهم السجود للايقونة (وتصفهم بتعبيبر خارجا أى خارج الشركة) وبين من هم من الداخل وتصفهم بتعبيبر (ليكن ذكرهم مؤبدا ) يقول المؤمنون ( ..الذين يقرون بحضور كلمة الله بالجسد معترفين بالقول والفم والقلب بالكتابة والايقونات ’ فليكن ذكرهم مؤبدا . ثلاثا (راجع التريوديون الخشوعى –منشورات السائح الارثوذكسية – طرابلس 1996 ص135 ).
السيد ’ من خلال ’ الايقونة ’ يبقى معنا ويباركنا ويقدسنا نفسا وجسدا ويتركنا نسجد له ’ ويشجعنا على أن نحبه ’ و يدعونا أن نأخذه فى داخلنا . هو الكرمة ونحن الأغصان ’ (يوحنا 15 ’ 5 ) . صرنا بالنعمة مشابهون له ’ ونحن نحمل جسدا ونسكن هذا العالم .
يعطينا السيد القوة على أن نرسم ونتلهوت ونبنى كنائس ونصنع الاوانى والثياب المقدسة وأن نقدس فى الليتورجيا وأن نعيش . هو يعمل الكل فى الكل (1كو 51 ’ 28 ). هو هو الذى يقدس فينا وهو الذى ينير اللاهوتيين . هو قداستنا وهو الطريق وهو الباب وهو الفصح والبصخة والعبور الى الحياة . هذه هو ما تعيشه الكنيسة. هذه هو ما عاشه الأباء فى المجمع السابع المسكونى . لقد عاشوا يقين أن الكنيسة هى المسيح نفسه . لهذا أمنوا وأعترفوا وشهدوا بأن الانتصار على محاربى الايقونات لم يكن انجازا بشريا ولا امبراطوريا ولا أفكار بشرية ’ ولا هو مجرد اتفاق أراء ’ بل وبالدرجة الأولى ظهور لحضور السيد نفسه والذى يخلص الكنيسة وكل مؤمن من خلال كل ما سبق ذكره "كما قال الأنبياء ’ أنه لا ملاك ولا سفير ’ ولكنه السيد نفسه خلصنا ’ ونحن نرتل معهم بأنه لا ملاك ولا رسول ولا ملك ة بل هو هو رب المجد ة الله المتأنسن الذى خلص وأنقذ من ضلال الأوثان ’ له المجد وله النعمة وله الافخارستيا ...) أعمال المجمع السابع المسكونى (راجع كتاب الشرع الكنسى –او قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة جمع وتنسيق الارشمندريت حنانيا الياس كساب منشورات النور 1985 ص 761 -833 ) يعيش المؤمنون بالمسيح فى هذه النعمة وهذا المجد بدون تضليل ولا اصنام . وكما عاين التلاميذ مجد الرب (حسبما استطاعوا..كما ترتل الكنيسة فى عيد التجلى فى 6 أب ) على جبل ثابور ’ هكذا يعاين جميع المؤمنون مجد السيد حسب طاقة كل واحد. الكل يعيشون فى حالة من التجلى غلى حسب طاقتهم وتواضعهم وتقديمهم لذواتهم . الكل يتباركون ’ الكل" يؤمنون كارزين ومبشرين بالأقوال فى الكتب والأفعال فى الأشكال وأن كلا منهما يؤول الى فائدة أعنى الانذار بأقوال وأثبات الحقيقة بالايقونات " التريوديون –سينوديكون – المجمع السابع المسكونى ص 135 ". يبشرون بالمسيح الله الهنا الحقيقى مع جميع قديسيه ’ بالعظة وبالكتابة وبالتقدمات فى الكنائس وبالايقونات .

يصير الكل مطرحا من مطارح (الثيؤفانيا) ويشرق الكل على الكل . هنا لا يستطيع احدنا ان يرسم ايقونة أو أن يعيش أو أن يكتب لاهوتا أو أن يتقدس الا وحصريا " فى معية جميع القديسين "’ الشهداء والمعترفون والنساك والقديسون ...كما نصلى فى الليتورجيا ’ والذين ’ مع جميع المؤمنين ’ يكونون جسد الكنيسة ’ جسد المسيح ’ أى جسدنا الحقيقى جميعا . لهذا فأن راسم الأيقونة الحقيقى هو عضو فى الجسد ويتغذى من شركة وحب كل أعضاء الجسد ’ سواء أكانوا لاهوتيون أو مرتلون أو مؤمنون بسطاء والذين لهم القلب الواحد والنفس الواحدة فى جسد المسيح الاله الواحد وصاروا ثيؤفورى أى حاملون للاهوت ’ وايقونات للاصل السماوى . هنا دور راسم الأيقونة ’ كعضو فى الجسد ’هو أن يعكس النعمة التى حصل عليها فى الكنيسة من خلال شركته مع باقى الأعضاء .هنا الأيقونة تنير اللاهوتى وتعزى المؤمن وتلهم المرتل ’ وتساكن الحزين وتقدس النفس والجسد ’ بل وتقدس العالم أجمع . يصير الكل أيقونة ’ ولحنا وتأريخا لاله صار جسدا فى توازن عجيب .
تتحد الطاقة اللاهوتية الغير المخلوقة بالنفس وتملأ القلب والجسد أى جسد القديسين وهم عائشون على الأرض . لقد أتحدت النعمة التى للطاقات اللاهوتية الغير المخلوقة بكل كيان المؤمنين وذلك على مثال المسيح بدون اختلاط ولا انفصال ولا تتركهم النعمة فى أحزانهم وفى أفراحهم وسواء عاشوا فى حرية أو تحت نير ما وهم فى الجسد وهم راقدون . (يوحنا الدمشقى). يحيا المؤمنون بهذه النعمة فى العالم وهم يعاينون الأمور التى لا تراها عيون جسدية ( العالم لا يرانى أما أنتم فتروننى لأنى أنا حى وأنتم ستحيون ) يوحنا 14 ’ 19 . هذه النعمة تقدس يد رسام الايقونة وبينما الصور والتماثيل هى صناعة أيدى الناس هى من ذهب وفضة وأعمال البشر ’ تأتى الأيقونة التى وان كانت عمل أيدى الناس الا أنها مقدسة وحاملة نعمة وبركة الأصل .
يوجد تراث أيقوناتى كبير ملهم ورسولى وأبائى وهو تراث تبشيرى من خلال المادة . التراث الايقوناتى يبشر ويؤقنن المادة أى يرسم المادة أيقونة ’ لتصير جسدا للكلمة المتجسد وليس للجوهر الالهى . وهنا يقوم المولودون من مادة الماء ولاهوت الروح بالترنيم والبناء والتأليف والتبشير . يبنون الكنيسة باياديهم فيتحول الطوب والرمل والاسمنت الى هيكل للاهوت كما نصلى ونرتل القنداق فى وقت تأسيس كنيسة (الافخولوجيون الكبير – قنداق – تدشين كنيسة جديدة).
رسام الأيقونة لا يصنع صنما أو تمثالا فى السماء أو على الأرض ’ كما لا يتخيل اللاهوت بملكاته الخاصة والفردية حسب أغريغوريوس النيصصى ’ ’ كما كما أوصى الله فى الوصايا فى العهد القديم (خروج 20 :4 ) ’ ويتفق الجميع مع القديس يوحنا الدمشقى لاهوتى الأيقونة الأول . المسيح هو صانع الكل فى الكل بنعمة الروح القدس . وكما يقدس الكاهن ويكتب اللاهوتى ’ كذلك يرسم الرسام الايقونة ’ الجميع يعملون عمل الله ويمارسون العلم الألهى والفن السماوى

«¨Όπως ό ίερεύς λειτουργεί. Πρόμια ό σωστός θεολόγος και ό άληθινός άγιογράφος ίερουργούν , έξασκούν την ίερα τέχνη και διακονία τους».
’ صائرون قيثارات للروح ....هم يتقدمون من مرحلة تعلم اللاهوت واتقان الفن ...الى مرحلة معاناة اللاهوت ومعايشة الرسم وتقديس الثقافة , ثقافة المادة المتجلية فى الأيقونة.وهم وفى هذه الحالة من النضوج الروحى يستودعون أنفسهم وكل المؤمنين وكل حياتهم للمسيح الأله (قداس الذهبى الفم).هم لا يعودوا قادرون على أن يمنطقوا أنفسهم بذكائهم الشخصى وطاقاتهم الفردية ’ ويذهبوا بأقلامهم ومراسمهم الى حيث يشاؤا بل ينتظرون معزيا أخر يمنطقهم ويقودهم الى حيث يشاء هو وبطاعتهم هم ’ الى ينابيع الحب والعطاء والفن والابداع والثقافة الجديدة .

 

dimanche 2 octobre 2016

نسطوريوس وأفتيخيوس بين أفلاطون وأرسطوا فى العلاقة بين الفلسفة والهرطقة الأب أثناسيوس حنين –مطرانية بيرية -اليونان


نسطوريوس وأفتيخيوس بين أفلاطون وأرسطوا
فى العلاقة بين الفلسفة والهرطقة
الأب أثناسيوس حنين –مطرانية بيرية -اليونان
لا يمكن للباحث الجاد والمحقق الساجد واللاهوت...
ى المدقق والمثقف المستنير ’من السير فى دروب المسيحية الاولى وشوارعها وحواريها وأزقتها’ دون أن يتعرف على دكاكين الثقافة المحلية والكونية التى رسمت معالم دنيا المسيحيين فى القرون السبع ألأولى حيث أخر المجامع المسكونية السبع (راجع مجموعة الشرع الكنسى أو قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة جمع وترجمة وتنسيق الأرشمندريت حنانيا الياس كساب –منشورات النور 1985 )ونهاية الألفية الأولى التى شهدت حضور الكنيسة الجامعة بكل أطيافها (ما عدا الكنائس الغير الخلقيدونية )’لانه يوجد الأن ميل كونى لدى المتحمسين لوحدة الكنائس ’ اتباع مذهب المسكونية الجديد وليس المسكونية الأولى ’ يوجد ميل شديد الحماس نحو عولمة المسيحية وتجاهل المجامع المسكونية واحتقار العقيدة والازدراء بتعب الأباء ودم الشهداء فى الألفية الأولى ’ حيث كانت كنيسة كل المسكونة أى المعمورة كنيسة واحدة ’ ونكرر الى القرن العاشر(يعنى البروتستانت والكاثوليك كانوا واحد مع الارثوذكس الروم-البيزنطيين الى القرن العاشر وبدايات الحادى عشر وكل التشيعات اللاحقة لم تكن اعتراضا على تاريخ اللاهوت وصميم العقيدة بل على ممارسات كنيسة روما !!!) ’ ما عدا الكنائس الغير الخلقيدونية والتى نرى اليوم ’ بفرح وتفاؤل’ أنها تقبل بحماس على التراث اللاهوتى الأبائى وتتابع التطور اللاهوتى فى العالم الارثوذكسى وترسل طلابها الى اليونان وروسيا ورومانيا وأمريكا وفرنسا للدراسة فى معاهد اللاهوت الارثوذكسية البيزنطية ’ ولكنها تتردد فى قبول المحامع المسكونية السبع حتى تصير فعلا كنيسة المسكونة ونحن نصلى ونسعى لهذا اليوم الخالد.
الثقافة هى مخاض الانسانية الحبلى بالحقيقة اللاهوتية والغير القادرة على الولادة ’ الثقافة هى أسئلة الانسانية المصيرية ’ الثقافة بكل أطيافها وليست فقط الكتاب ’ بل الفن والرسم والموسيقى ’ ما هى الا حوار صامت مع الواقع المرئى بحثا عن تفسير غير مرئى ! حوار صامت مرة وصاخب مرات بين الانسان والكون ’ وأحيانا رب الكون ! الفلسفة اليونانية الكونية فى امتزاجها بالثقافات المحلية فى مصر وفى فينيقية وغيرها خرجت على العالم بمنظومة عقلانية أمنت للانسانية الخروج من غياهب السحر وسراديب الخرافات والتى كانتا ثقافة شعوب بدورهما ! لقد تم تطعيم الثقافة الهيلينية بالثقافات المصرية والهلينية ....تهللنت الثقافة وصارت الفسلفة اليونانية هى حكمة عظماء هذا الدهر على حد تعبير بولس .المسيحية لم تأت بجديد فى نوعية الاسئلة الوجودية التى طرحها الفلاسفة أفلاطون وأرسطو وتلاميذهم على الله والكون والانسان ! الجديد هو فى الاجابات التى قدمتها الرسالة المسيحية ..لخهذا اللاهوتى المثقف هو الذى يسمع لاسئلة الناس ’ كل الناس فى كل الازمان حتى يصل الى ملء زمانه...بينما قال الفلاسفة بأنه ثمة فجوة عميقة بين الله والانسان ’ قالت المسيحية أن معرفة الله صارت سهلا فى وجه الانسان يسوع المسيح .....لم يعد الله فى المسيحية ’ مسيحية الأباء ’ كلاما ....بل صار أفعالا(ألانيرجييس) ’ لم يعد الله كما مصمتا وجوهرا مغلقا بل ’ صار أنسانا له تاريخ وأصل وفصل ’ صار جسدا وهذا الجسد لم يكن أخر غير جسدنا بل هو هو نفسه ’ الكلمة ’ اللاهوت صار جسدا وحل ليس بيننا بل فينا ورأينا مجده مجدا لابن وحيد لأبيه مملوء نعمة وحق .
(Καί ό Λόγος σάρξ έγένετο καί έσκήνωσεν έν ήμίν , καί έθεασάμεθα اτήν δόξαν αύτού,δόξαν ώς μονογενούς παρά πατρός πλήρης χάριτος καί αληθείας )
نلاجظ فى الأية اليوحنائية المفصلية فى تاريخ الفكر اللاهوتى أن الحبيب يوحنا يستعمل تعبيرات فلسفية من الدرجة الأولى ويقوم بتعميدها فى تجسد الابن الوحيد ’ وأهم هذه التعبيرات ’ كلمة (ذوكسا ) وهى تعبير فلسفى افلاطونى ويعنى الرأى والعقيدة ’ أى رأى الانسان الحر فى المدينة الفاضلة التى ترجاها أفلاطون والبشرية معه ’ وهو من فعل (ذوكيو) أى أرى وأعتقد ’ الترجمة العربية (مجد) أضاعت علينا الغنى التاريخى و الثقافى والفلسفى للكلمة وصارت كلمة بلا جسد وبلا تاريخ ’ كلمة يتيمة تسبح فى أفاق الميتافيزيقية الغامضة بلا حسب ولا نسب .هذا هو معنى البدعة ’ هنا يكمن الصدام بين اللاهوت والفلسفة ’ صار تجسد الكلمة عثرة لليهود المتدينيين وجهالة وأستغباء لليونانيين المثقفين ’لانه من مصلحة رجال الدين ( ما أقبح هذا التعبير على حد رأى المطران خضر ) والمثقفين الشكليين أن لا يكون للكلمة جسدا يراه كل انسان يعيونه ويلمسه بيديه ’ لأنهم سيصيروا بلا عمل لأن عملهم قائم على الفجوة الوثنية بين اللاهوت والناسوت والتى جددها المسيح بتأنسه .هنا’ أى فى الانفصام بين الكلمة والواقع أى بين اللاهوت والناسوت ’ يتحول اللاهوت ’ نقول ’من خبرة وتاريخ الى مهنة وطبيخ !هنا الهرطقة أى اللاهوت الانتقائى- المزاجى على حد تعبير الصديق الدكتور جوزيف موريس فلتس .لم تنجو المسيحية منذ نعومة اظفارها ممن حاولوا جهدهم عزل الكلمة اللاهوتية عن جسد التاريخ والام العامة وطموحات النخبة وأسئلة المثقفين المصيرية.
ما أن أنتهى المسيحيون الحسنى العبادة والمستقيموا الرأى من وضع خلاصة خبرتهم اللاهوتية والانسانية فى (دستور الايمان عام 325 م) ’ حتى أطلت فذلكات الناس برأسها الافعوانى فى انحرافين من أخطر الانحرافات اللاهوتية والتى ما تزال سمومهما تفعل فعلها فى مناطق كثيرة من مسكونة اليوم ! نسطوريوس بطريرك أنطاكية ووالأرشمندريت أفتيخيوس رئيس رهبنة كبرى ’ خرجت من عبائتهم الكهنوتية بدعتى النسطورية أى الذيوفيزيتية (الطبيعيتان اللاهوتية والناسوتية فى المسيح لا يمكن أن يتحدا فى بطن العذراء) والاوطاخية –المونوفيزيتية(المسيح لاهوت فقط لا يمكن أن يكون ناسوت كامل اى الطبيعة الواحدة).القضية ليست خلافات لفظية كما يراها بعض البسطاء ’ لان فى هذا القول استهانة بقيمة الكلمات اللاهوتية ومردوداتها الخلاصية ويعنى ببساطة أن المسيحيين الاوائل لم يفهموا الايمان وتعبوا نفسهم عا الفاضى يعنى خذو بمبة بالمصرى.
نسطور لم يكن ساذجا أو طفلا بل بطريركا ولاهوتيا ’ وأفتيخوس لم يكن انسانا عاديا أو شابا متهورا لا يفهم الاعيب السياسة ’ من شباب التحرير أو رابعة بل راهب مخضرم ذو حظوة فى القصر الامبراطورى ’ أيه الحكاية أذن ؟ ابحث عن الفلبسفة أى الفمر العابد لذاته بلا اله فى هذا الدهر ’ اصرار نسطور على رفض اتحاد اللاهوت بالناسوت يرجع الى مهفوم معرفة الله السائد فى الثقافة السائدة فى زمان البطريرك والتى تغلبت على اللاهوت ’ البطريرك الفيلسوف انهزم أمام البطريرك اللاهوتى ’ نسطوريوس ’ ونحن نوافق علماء اليوم ’ كان مخلصا ’ ولكن لافلاطون وليس للمسيح ’البطريرك نقل الصراع الافلاطونى بين العالم المحسوس اى عالم الجسد والحواس والقيود وبين العالم الغير المحسوس أى عالم المثل والصلاح واللذان أى العالمان لا يمكن أن يلتقيا الا حينما تتخلص النفس من قيود المادة وتتمتع بالطوباوية(راجع قاموس اللاهوت الارثوذكسى أثينا 2001 ص 11 )’ نقول نقل البطريرك نسطوريوس هذا الصراع الى شخص المسيح ’ وخرج على المسكونة وقتها برؤيته أنه لا يقبل أن يكون المولود من العذراء الها !
اذا ما كان نسطوريوس البطريرك هو ابن افلاطون وليس ابن ابراهيم واسحق ويعقوب ’ فأن ألراهب أفتيخوس ’ وان يكن عالما بالتيارات الفلسفية بحكم تكوينه الرهبانى وعزلته عن العالم الا أن التيارات الفلسفية التى تجرم الجسد وتحرم الخمر وتحتقر الزواج كانت بضاعة رائجة فى الاوساط الرهبانية أنذاك ووراء احتقار الجسد والتوق الى الصالحات والحكمة اى الى الما ورائيات الفلسفية ’ فى رأينا ’ كان العامل الرئيسى ’ وما يزال ’ الذى دفع الراهب التقى أفتيخوس (ومعنى الاسم السعيد الحظ) الى أن يتمسك بالطبيعة الواحدة فى المسيح ولا يعطى للناسوت أى للجسد حٌقه الواجب فى التجسد لأن الجسد عنده لا يرقى الى مرتبة التحاد الكامل باللاهوت ’ نفس التقوى الرهبانية الميتافيزيقية -الافلاطونية هى التى دفعت قداسة البابا شنودة الثالث الى الصدام مع الاب متى المسكين و رفض شركة الانسان فى الطبيعة الالهية وتأله الطبيعة البشرية من خلال شركتها فى اللاهوت فى اقنوم واحد كما قال سلفه كيرلس الكبير واعد الطريق لمجمع خلقيدونية 451 وهذا أدى الى تدمير سر الافخارستيا وهدم الكنيسة كما أطلق يد رجال الاكليروس لاستغباء الناس واحتقار خلق الله والاستهزاء باللاهوتيين والازدراء بعلوم التاريخ والانكفاء على اصولية كتابية غريبة عن أباء الكنيسة تردد الايات ترديدا اليا بلا شرح ولا تفسير بل بجهل وتكفير ’ وليس كما عرفها الأباء ولقد سبق وأسهب وأفاض استاذنا الدكتور جورح حبيب بباوى وهذا البحث للتنوير وليس للتشهير لأن هذا هو دور اللاهوتيين ! .نخلص من هذا كله الى أن غياب الحس اللاهوتى وانشغال القادة بالصراعات السياسية وتغلغل ثقافة العصر الوثنية الفلسفية (هذا يختلف تماما عن ضرورة الثقافة كمطارح سجود للكلمة ووسيلة بشارة ) قد يؤدى الى عواقب وخيمة على مسيرة الفكر المسيحى , وليس أدل على ذلك مما يحدث اليوم فى مصر حيث خرج علينا البطريرك القبطى البابا تأوضروس ’ الذى نترجى من حبريته الخيرات اللاهوتية والعلمية والروحية ونحن نعلم ان حمله ثقيل ’ نقول قام سيدنا بمجاملة للمسلمين من النوع الثقيل جدا(العبارة ليست لقداسته بل تم حفرها فى عهود ولت أو هكذا نتمنى !) ’ والتى لا يقبلها مسلم عاقل ولا مسيحى ساجد ’حينما استهل احد خطبه (بأسم الاله الواحد الذى نعبده جميعا!!! ) هذه المقولة كفيلة ’ اذا ما سمعها سلفه العلامة القديس اثناسيوس ’ بعقد مجمع لمحاسبة قائلها على ما هو أشر من الاريوسية الكارثة أنها لم تحرم مشاعر أحد وكأن الخطية هى فى انعدام الحس اللاهوتى والروحى والانسانى !!! وهذا دليل دامغ على تأسلم الفكر المسيحى المصرى وأنه فى حاجة الى جهاد حتى الدم للعودة الى المصادر المسيحية النقية وحفر الأبار التى ردمها الاهمال والجهل والمجاملات .هذا دليل فاضح على النتائج الوخيمة التى يعيشها المسيحيون اذا ما سلم القادة عقولهم الى ثقافة العصر الوثنية بلا لاهوت ابائى مسكونى حقيقى

 

mercredi 7 septembre 2016


النكتة اللاهوتية !
دعوة للمرح ’ الذكى ’ البرئ !
الأب أثناسيوس حنين – اليونان
كنت قد قررت التوقف عن الكتابة ’ مؤقتا للراحة والتقاط الأنفاس نفس نفس ’ ولكن هل يستطيع مدمن محترف أن يتوقف عن تعاطى (الجرعة ! ) ’ وهل يستطيع أحدنا مهما تذاكى من أن يمنع طيور الكلام السارحة ونسور الفكر الجارحة من التحليق فوق رأسه ؟ ’ بل وليسامحنى الشيخ الروحانى من التعشيش فى أم رأسه ! لقد أصابنى هذا المقال صباح اليوم 16 أغسطس 2016 وبعد أن عيدنا وطنيا وشعبيا وقوميا لأم اليونانيين وأم الدنيا وأم النور كله مريم ’ حينما وجدت على باب البيت مظروف من "الابوستولكى دياكونيا" للكنيسة اليونانية أى هيئة الخدمة الرسولية وهى التى تتولى النشر وأصدار كافة ما يخص الرعاية من كتب ليتورجية ومؤلفات لاهوتية ونصوص أبائية وشروحات كتابية ’ كما تقوم باعلام الأباء الاساقفة والكهنة اللاهوتيين ’ وفى اليونان كل اسقف وكاهن هم لاهوتيون ! بكل جديد على الساحة اللاهوتية والعلمية والوطنية وبالمجان وعلى عنوانيهم الشخصية ! ’’ بل وتقوم بتقديم المنح الدراسية لمن يرغب فى دراسة اللاهوت من كافة أرجاء العالم وقد نالت الكنيسة القبطية ومبعوثيها ’ ومنهم من تبوأ مناصب كهنوتية كبيرة ’ نصيبا كبيرا من عناية هذه الهيئة الموقرة . المهم فتحت المظروف واذ به بحث وثائقى تاريخى ولاهوتى راق لرئيس أساقفة اليونان كيريوس كيريوس أيرينيؤس يحلل فيه تاريخيا ووثائقيا وبكلمات لاهوتية وتاريخية قليلة تمنع بلاوى كثيرة عن هذا البلد الجميل ’ والمستهدف من العثمانيين والاردوغانيين الجدد ! الذى هو اليونان .
بادئ ذى بدء يجدر بنا القول ’ لمن لا يعرف من القراء الداخل اليونانى ’ بأن هناك صرعة مريضة ولا أقول صرخة صحيحة ’ جديدة فى اليونان وعلى معظم اليونانيين الحسنى العبادة ’ تنادى بفصل الكنيسة عن الدولة ’ وأتباع هذا النهج هم من المتؤربين بلا ثقافة أوروبية حقيقية سوى الرتوش العلمانية والمتعلمنة ! والرجل ’ أى رئيس الاساقفة ’ يوثق تاريخيا ويحلل لاهوتيا وواقعيا قضية العلاقة بين الدولة والكنيسة ’ وفضل الأخيرة على الأولى ’ منذ مشاركة الكنيسة بأموالها وأكليروسها ’ فى تحرير اليونان من العثمانيين الظلاميين والظالمين ’ بل وحفظ هوية وذاكرة الأمة اليونانية أثناء 400 سنة من الظلامية العثمانية ’ لم يتعلم فيها اليونانيون كلمة تركية واحدة ’ اذا كانوا يعلمون اولادهم وشعبهم اللغة اليونانية القديمة فى المغاير وشقوق الأرض !!! ’ والجدير بالذكر ’ كما قال سيدنا ’ أنه يذكر أن فى عام 1822 ومباشرة بعد حرب الاستقلال وبسبب من عدم وجود نقود ’ فى خزانة الحكومة الناشئة ’ تغطى احتياجات استمرار معركة التحرير وبدايات بناء الدولة اليونانية الحديثة ! ’ أرسل الاسقف يوسيف أندروسوس رسالة الى الحكومة المؤقتة لليونان الخارجة توا من حياة والأم الاستعمار العثمانى البغيض ’ يقترح فيها أن يتم أعطاء كل الادوات والاوانى الذهبية والنذور والايقونات المذهبة فى جميع الكنائس اليونانية والأديرة فيما عدا أوانى الهياكل أى الكأس والصينية ’ الى الحكومة لكى ما تودعا خزينة الدولة الفارغة ’ وتحولها الى نقود تصرف منها على الجيش وعلى مؤسسات الحكومة ! قال هذا كله رئيس الاساقفة اليونانى الرائع والمتواضع والمحب لمصر ولكل المصريين ’ قال ليرد على موجه من المحدثين النعمة فى اليونان والذين يبحثون عن (علمنة ) البلد’ أى فصل الروح عن الجسد ! ’ بلا تهيئة للبنية التحتية للبلد لمثل هذه التحولات الثقافية والتاريخية والسياسية ’ وأن كان اللاهوتيون اليونانيون على دراية كبيرة بموجات العلمنة الكونية ويتفاعلون معها بشكل لاهوتى وانسانى وكنسى رفيع المستوى ! وهذ موضوع أخر ! ’ ومن ضمن اقتراحاتهم ’ على سبيل المثال لا الحصر ’ وهنا سنقف قليلا لنضحك على العلمانيين وعلى أنفسنا معهم ! يقترحون أن يتم اصدار قانون بحرق الميتين بدلا من دفنهم !’ وهنا أصابتنى موجة من الضحك الكئيب ’ كنت فى حاجة اليها ماسة ’ والقيت نظرة على كتبى واصدقائى لعلى أجد معزيا أخر يأخذنى الى واحة من الهدوء والتسلية لئلا يبتلع الحزن نفسى وتأكل الكأبة ما تبقى من طاقات ومخزون المرح الصعيدى فى داخل خلقات نفسى ! وقررت أن لا أضحك وحدى ’ فالقراء الذين نبكيهم كثيرا ويحملون الهمموم معنا وعنا مرات ’ لهم الحق أن يضحكوا معى وعلينا ولو مرة !’ وهم قرائى وأصدقائى وأبائى الذين أحبهم بالحق ’ ولأن الأعمال بالنيات ولكل أمرئ ما نوى ! فقد وقع بصرى على كتاب قد نسيته وسط زحام مكتبتى وهو (النكتة السياسية –دار سفنكس للنشر 1990 ) وكان قد أهداه لى أحد أصدقائى الظرفاء ونسيه أو أنا تناسيته !!! للكاتب الرائع عادل حمودة ’ وقلت وليه لا ما نكتبش عن النكتة اللاهوتية ’ هو حرام يعنى والا حرام يعنى ! ردت على نفسى الأمارة بالخير وقالت لى بالصعيدى : لع لع لع مش حرام !
قلت لنفسى ما دام العلمانيون الجدد فى اليونان عاوزين يطلعوا قانون بحرق الميت ’ ووضع رماده فى قزازة ورميها فى البحر !!! ايوه صحيح ’ صدقونى دا كلام رسمى فى اليونان المسيحية الارثوذكسية أساس كل علوم اللاهوت والفلسفة الراقية فى العالم ’ ! أنا لسة بعقلى يا أصدقائى ما تقلقوش على ! يعنى يبقى حرق الميت مش شتيمة ’ ده يبقى أمنية ’ ومش شماتة ’ ده مواساة ’ ويبقى كده المصريون صاروا هم أوائل المبدعون فى هذا المجال وها يفرحوا لما يقولوا لبعض ( الله يحرق ميتين أبوك !) ’ ولما يرموا رماده فى البحر ’ لو يونانى بنطيوس صعيدى دمه خفيف ها يطلع السمك يضحك ! الحرق صار ’ عند المتعلمنين من اليونانيين ’ موضة ’ وممكن تطلع مكاتب حرق تحرق حسب الطلب ’ عاوز ميت مشوى والا نص سوى يعنى محروق نص ونص والا أذا كنت بتحبه عمى ’ نحرقه فحمة ! وممكن كمان نولع بفحمه الجوزة فى قعدة مزاج !!! وطبعا علشان ريحة الحرق تبقى حلوة ’ ممكن يتم الحرق بوضع روايح وعطور ’ وهنا لا نحتاج لبخور ’ لأن البخور منه فيه ! وتيجى زوجة المتوفى وتطلب حرق حته منه أكثر من الحتت التانية ’ مثلا ’ من فضلك يا عمو حانوتى ’ زود النار فى ايديه علشان كان بخيل جلدة !! ستقولها الزوجة بدلال ورمانسية هى لابسة لباس السوارى ’ وممكن تقول ولو كانت ملتزمة ومحجبة : من فضلك يا أونكل حانوتى أحرق لى قلبه كويس أوى أوى علشان ما يحبش حد غيرى من بنات الحور فى الجنة ! وتيجى واحدة تانية وتطلب حرق عينيه لأنه عيونه كانت زايغة فى الدنيا ’ وأيش عرفنا ها يعمل ايه فى الأخرة !
يعنى اللى بينادوا بحرق الميت بدلا من الصلاة عليه والدفن ’ لما يعزوا بعض بدل ما يقولوا (ربنا يرحمه ويريح نفسه ) يقولوا (ربنا يحرقه البعيد مطرح ما راح !!!) صدقونى فكرة رائعة ’ تخلصنا من الحقد والزعل على ومن الميتين وتخلى دعواتنا على أو من أجل الميتين اللى بنحبهم موت !وخاصة من العظماء اللى خربوا البلاد وشوهوا الدين وصيروا اللاهوت نكتة وقفشة ’ وخوخوا كنيستها القديمة وأزهرها العريق وحولوهم من ديار أبداع ولاهوت وفتوى ينتظرها العالم ’ الى أنقاض بدع وارتدادات يخجل منها المسلم والمسيحى ! ’ نقول هنا تصبح الدعاوى والدعوات ’ على المحروق بدلا من المرحوم ! ’ شرعية وطبيعية وطالعة من القلوب ! (ربنا يحرقهم مطرح ما راحوا !!!) !حقيقى شر البلية ما يضحك أو ربما خير البلية ما يبكى !
الحقيقة هى أن الحكومة اليونانية الحالية وكل حكومة سابقة بتعيش من أملاك الكنيسة اليونانية وبتتفشخر على الكنيسة !!! وبيساعدها بعض المهاجرين المرتزقة من كل الأديان والألوان اللى سرقوا البلد وأشتروا بيوت وأراضى وبنوا من فلوس القروض التى لم يدفعوها وهربوا بيها الى بلادهم أو خبوها فى داخل اليونان وكلمة شكرا افخارستوا ما بتعرفش طريقها الى السنتهم اللى عاوزة الحرق !!!’طبعا مش كلهم !!! فيه أجانب شرفاء زيى كده !!! ( دا مال أموات! ) زى ما قال مدبولى فى مسرحية المتزوجين !بس أموت شهداء وشرفاء .
يقترح أتباع منهج الحداثة المتخلفة فى اليونان ’ الغاء درس الدين المسيحى الارثوذكسى فى المدارس الحكومية ’ يا للهول ! على رأى يوسف بك وهبى ! وبالمناسبة كتب الدين المسيحى فى الاعدادى والثانوى ’ عبارة عن كتب لاهوت تفوق ما يدرس فى اكليريكيات العالم الثالث !’ هذه الكتب اللاهوتية والتاريخية التى يدرسها العيال فى اليونان ’ تخليك تموت من الضحك على كتب (يا لاهوتى!!!) السائدة فى بلاد العالم الثالث ! طيب عاوزين ايه ’ نخليه درس تاريخ الاديان ’ وليس درس أخلاق كما أقترح أحد الأصدقاء الروم المصريون ’ يا ريت أخلاق ! ’ فكرة ذكية ! يعنى هنا ها تنفع النكتة اللاهوتية التى أطلقها أحد أكابر الأئمة المصريين واللى أصبحت شعار فى مصر (باسم الاله الواحد الذى نعبده جميعا !!!) وليس باسم الأخلاق الحميدة التى نتزين بها جميعا ’ لو قالها كان ها يبقى لاهوتى أفضل وعلامة للرب فى أرض مصر ! الحل جاى من مصر ’ على ايه محيرين نفسهم أحفاد افلاطون وابناء المجامع المسكونية السبعة وواللى مضيعين وقتهم فى التكلم عن التأله والافخارستيا والنعمة والكرامة والحرية وحلول الروح النارى فى الانسان والانيرجيات الغير المخلوقة ومناقشات بيزنطية وتعب وحوارات ومؤلفات ! بالزمة دى قلة عقل ودوشة على الفاضى ! فكرتنى بالنكتة ’ ودى من عندى وم من كتاب حمودة ’ اللى بتقول أنه كان فيه شوية حشاشين من بلدياتى قاعدين بيحششوا تحت الهرم ’ وبيرصوا حجارة مليانة سموم ’ عدى عليهم واحد سايح ’ واحد منهم أتحمس وعاوز يوصل رسالة من أجل مصر !!! راح قال للسايح وبكل فخر وبمظهر العالم ببواطن الأمور (بواطن هنا من الباطنية ! ) :
عارف ’ يا خواجة أنت ’ الهرم الكبير دا دا هو دا هو !!! احنا بقى اللى بنيناه !!!
سأل الخواجة بعربى مكسر : أزاى بنيتوه يا خبيبى ؟
رد الحشاش : ورصيناه حجر على حجر !! مادام الحشاشون بنوا الهرم والمعوقون يدرسون اللاهوت ’ فلماذا التعب ! قلة عقل ! هنعمل أيه ! عمر ضايع يحسبوه ازاى على زى ما بتقول الست !!! المهم خلونا فى اليونان ومع جماعة واتباع وتلاميذ مدرسة فصل الكنيسة عن الدولة : ينادون برفع ايقونات المسيح والعذراء والقديسين من دواوين الدولة ومن المكاتب والأماكن العامة ! طيب عملت لهم أيه ايقونة السيد وصورة العذرا برضة مش فاهم ! ’ كما ينادون بالغاء القسم – التعهد اللاهوتى الذى يتعهد فيه الجميع ’ من رجال دولة ولاهوتيين ’ الامانة والاخلاص للبلد ولعقائده المسيحية الارثوذكسية ’ واضح السبب وراء المطالبة بالغاء القسم !!! يعنى أذا كنت فهمت وأنا فهمى على قدى ’ يتم تغيير اسم وزارة التربية (اللاهوتية والاخلاقية ) الى (وزارة قلة الرباية الدينية) ! كما يطالبون بضرورة أنشاء أماكن خاصة للحزن على الميت قبل حرقه ! طيب و ما دام ها يحرقوه ’ يحزنوا عليه ليه مش فاهم ! حاجة تحرق الدم صحيح ! دا يبقى موت وحرق دم ! وابونا يصلى وألا ما يصليش ’ لا مش عاوزين أبونا ! ’ دا لو جابوه أو سابوه يصلى ’ يقول ايه ’ بدل من ( ريح نفوسهم فى فردوس النعيم ) يقول ( احرق نفوسهم فى أتون الجحيم !!) مش فاهم ! ونروح فين من الذكرى و والتكريم على المستوى الانسانى ’ ونروح فين من كرامة الميت دفنه وليس حرقه على المستوى الدينى ’ و ونروح فين من قيامة الاجساد وتألهها من خلا جسد يسوع ’ حسب الطبيعة الناسوتية ’ المتحد باللاهوت ’ حسب الطبيعة اللاهوتية ’على المستوى اللاهوتى وامكانية تحولها الى اجسام تصنع الايات كما نرى فى أماكن كثيرة من العالم الراقى ثقافيا ولاهوتيا ! ايه رأى القارئ الكريم أن حرق الميت بيكلف أغلى من دفنه العادى ! دا يبقى حرق وخراب ديار ! ’ ولا يوجد محارق للميتين فى اليونان لأن الكنيسة والشعب فى اليونان يرفض هذه البدعة الانسانية ذات التبعات اللاهوتية الخطيرة ! ’ بيروحوا يحرقوها فى بلغاريا ! وبعدين ما البنى أدم محروق دمه فى الدنيا ’ لسه ها تحرقوه كمان فى الأخرة ! مش فاهم ! وبعدين لما الزوجة تتذكر زوجها قدام الناس ويكون كان فعلا رجل كويس ها تقول أيه ( ..دا المحروق كان طيب !!!) ’ حاجة تانية واللى يموت محروق فى حادث ’ ها نعتبره مات وألا لسه عاوز حرق ! يكون ناقص سوى ! ؟ ده مشكلة فقهية ودينية كبرى ! أه حاجة ثانية ’ ينادون بتقنين الزواج المدنى والغاء الزواج الكنسى ’ يعنى تحليل الزنى ! يعنى العودة الى أخلاق البادية فى ثوب متمدين ( زوجتك نفسى !!!) . هذه ليست حداثة ’ هذه تعاسة فى ثوب حداثة !
من أجل هذا كله ولكى أرفه عن نفسى الحزينة جدا حتى الموت وعن القراء الأعزاء والذين أرجوهم الضحك من كل القلب وعدم تسييس الموضوع !’ أسرعت الى صديقى الكاتب المرح عادل حمودة اللى بيذكرنا بنكت الستينات وهى تناسب ما يحدث الأن على الساحة الدينية والسياسية فى المحروسة ’ النكتة ’ عند أمثال حمودة ’ سلاح فتاك ! على سيرة الميتين وحرق الميت ’ المصريون لا يحرقون الميت فى حياته ’ وخاصة اذا كان شخصية عامة يستخبوا وراه ويخبوا فيه خيبتهم ’ فيدفنوه بالدموع و ببالغ الأسى ويكرموه ويبكوا عليه بمرارة ’ ووممكن يقدسوا مخلفاته أيا كان شكلها عربية أو عصاية أو جزمة قديمة أو خلجاته !!!’ ثم يولعوا فيه بغاز بعد مماته ’ لأنهم لم يعتادوا على انتقاده بحب وعلم فى حياته ! . يقول حمودة أن هذا حدث بعد موت جمال عبد الناصر ( لقد مات عبد الناصر مهزوما ...بعد أن فقد حدود الوطن والأرض ..وبعد أن أضاف الى خيام اللاجئين خياما أخرى ...ومع ذلك ودعه الى مثواه الأخير ستة ملايين مصرى (الكاتب لقى نفسه فى الشارع يبكى مع الباكين وفضل عيد الناصر علينا كان مجانية التعليم ’ كنت أتعلم فى نفس المدرسة مع ابن دكتور الصحة ومأمور المركز ولكنه أخطأ كثيرا !) ’ فى مشهد جنائزى حزين ومهيب ...ولكن ما أن أنفض المشيعون ...حتى أطلقوا عليه وابل من النكات ...فقيل أنه بمجرد أن صعد الى السماء فوجئ ببلاغ من الملك فاروق يتهمه فيه باغتياله ...فاستدعوه للتحقيق ...فأنكر التهمة ..ثم أضاف ...صلاح نصر شاهد على كلامى ...واذا كنتم مش مصدقين هاتوه !!!) يرى حمودة أن النكتة عند المصريين هى انتقام مقدس ..دافع به الشعب عن نفسه وحريته ضد الطغيان ولا يزال ! أى أنها نكتة لاهوتية ! تأليه الشخص ثم حرقه ! هناك قيادات تصنع الكوارث السياسية أو اللاهوتية منها ولا يتحرك ضميرها بالمرة بل ويقابلونها بالنكات والمرح وخفة الدم الثقيل ’ لنسمع حمودة مثل الذين قسموا الكنيسة بالعناد فقط ’ هل يعلم القارئ أنه ومن خلال نصوص محاضر المجمع السكونى الرابع 451 يظهر بوضوح أنه لو كان عن الساقفة المصريون حرية رأى وقدرة على القرار لبقوا فى المجمع حتى فى غياب ديوسقوزيروس ولأمكن ايجاد حل ! ولكنه الواحد ’ يخرج الواحد نخرج جميعا ! أنقسمت الكنيسة ! تقول النكتة ( تصور الجميع أنه وبعد الهزيمة العسكرية ’ أن عبد الناصر قد أنهار وأنعزل ’ لكنهم فوجئوا به يأتى بسيارته الى القيادة ’ وقد تحول الى شخص أخر ..شديد المزاح..مفعم بالسعادة...دخل الى مجلس قيادة الثورة وكان عبد اللطيف بغدادى ينتظره ..وكتب فى مذكراته ( ..وتسألت بينى وبين نفسى هل يمكن لانسان فى مثل مسئوليته أن يبتسم فى مثل هذه الظروف..) ص 24 ! هناك من قسموا الكنيسة ’ جسد المسيح وهم لا يخجلون ! . حقيقة فأن شر الهزيمة ما يضحك ! لقد وصف نزار قبانى عظماء جيله من السالبين لثروات البلاد ومن المخربين لعقول العباد من رجال الدين والدنيا :
جيل القئ والزهرى
جيل الدجل والرقص على الحبال
جيل الكبت
جيل القهر
جيل التخلف
جيل العقل ذى البعد الواحد !!!
والشعب المصرى ابن نكتة ولم يسلم من نكاته السياسيين ولا العسكريين ونتمنى ألا يسلم من نكائه حتى اللاهوتيين أسما ! ’ ونتمنى اللحظة التى يتعامل فيها المصرى مع الفكر اللاهوتى والدينى فى المحروسة بالنكات ذاتها الذكية بعد أن فشلوا فى الاصلاح بالانتقاد !ونحن نتابع ذلك التيار وان كان بلا توثيق علمى كاف وبخجل شديد وباسماء مستعارة على الفيس بوك !
قيل : ثلاثة لا يدخلون الجنة .
سألوا : من ؟
قيل :شمس بدران ’ وعبد الحيكم عامر ’ وجمال عبد الناصر .
سألوا : لم ؟
قيل : الأول ترك الجيش من غير عدة
الثانى مات حبا فى وردة ’ والثالث تنحى وقت الشدة !
واذا جئنا الى النكتة الدينية ’ يذكر حمودة أن بعد مظاهرات الطلبة والعمال عام 1968 ’ بدأ عبد الناصر يسمع الناس أكثر ويسمح بالنقد تحت عيون أمن دولته ! ولقد وقف الشيخ عاشور امام مسجد "أبى العباس " بالاسكندرية يقول :
(..لقد تأخرت الأمة الاسلامية بعد أن أصبحت أمة كلامية ...وحتى فى التطبيق الاشتراكى ’ لا نجد الا الذين يتكلمون عن الاشتراكية ..فقد حضرت المحاضرات عن الاشتراكية ..ييجى المحاضر راكب عربية مرسيدس ثمنها (7 )الاف جنيه ! وبعدين لابس خاتم يساوى ألفين جنيه !..وبعدين يطلع من المحاضرة ياخذ الشلة معاه , يروحوا المطعم يتعشوا ’ يدفع له سبعة ثمانيةجنيه ’ هو فى المحاضرة لسة بيقول أربطوا بطونكم ..جوع ..جوع أيه الله يخرب بيوتكم !!!..أنت خليت فيها فيها جوع وانت ما بتجوعش ليه ...هو الجوع ده مكتوب على أنا وبس ..هى الاشتراكية على وعليك لا ..) ص 39 .كم نحتاج الى الشيخ عاشور بين المسيحيين يتكلم عن ثقافة المرسيدس والبودى جاردات ! ..بالرغم من ذلك فهناك حالة من الاكتئاب الجماعى تسود المصريين ’ عند موت طاغية ’ ..ولم يجد العلماء تفسيرا لهذه الحالة سوى أن الشعب المصرى شعب "مستذل" يتلذذ بالطغيان السياسى أو الدينى وانا أضيف واللاهوتى الهرطوقى ’ ..ويستمتع بالقسوة ...ويتفنن فى صنع الطاغية اذا عز وجوده !!! واذا مات يتمسح فى سيارته !!! (صلاح عيسى "مثقفون وعسكر " مدبولى 1986 ). لقد ميز المصريون فى نكاتهم بين المحرمات الثلاثة وهى :الجنس والدين والسايسة ! بكاء الشعب صادق بينما نحيب الباشوات نفاق :
قيل ..أن أحد باشوات ما قبل الثورة أصر على الاشتراك فى جنازة عبد الناصر ’ وكان يبكى بحرقة ويصيح :
أشوفه ’لازم أشوفه .؟..لازم أشوفه ...
ومن هذه الحالة التى كان فيها الرجل ’ سمحوا له برؤية الجثمان ..فدخل ...ورأه ..وتلاشت دموعه ...ورفع الكفن ..ثم قال :
-أيوه الحمدلله هو ! الباشا يريد أن يطمئن أن الريس الدكتاتور مات ! تعتبر الشعوب المقهورة والفقيرة ماديا وروحيا ولاهوتيا ’ النكتة ضرورة مثل رغيف العيش وقرص الاسبرين وكوب الشاى والسيجارة اللف ! وانجاب أكبر عدد من الاطفال. النكتة تنتشر فى جو الكذب والنفاق والعلم الفارغ والغنوسية أى المعرفة الكاذبة والغير اللاهوتية ولقد أنتشرت هذه النكات فى البلد فى الستينيات ’ والى اليوم ’ وعبرت عن اسطورة سطوة اجهزة التنصت وجواسيس النظام والنفاق والخباصن واللباصين وتقديس البشر الفانون وفى بعض الأحيان السجود لهم ولمراكبهم بعد موتهم :
أذن ...مصر أقدم مجتمع عرف النكتة السياسية ...وتوافرت فيه شروطها ..مجتمع مقهور ...حضارته عريقة....لا يتمتع بحرية التعبير ...ليس لأبنائه فرصة ولا مصلحة للمشاركة فى الحكم ...ويرون ان البعد عن السلطة غنيمة...والاقتراب منها احتر اق ...وكسر هيبتها وسطوتها وظلمها ..’ على الأقل فى داخلهم بالنكات’ حماية للذات ! هيهات أن يأتى اليوم الذى يقدم فيه المسيحيون خدمة للبلاد والعباد ويطلقوا المجال للنكتة اللاهوتية ولقد توافرت أجوائها ونضجت بيئتها و وأخصبت تربتها وتم تفليحها بالسماد الكافى من القرف والتذمر والزهق والكلام الكثير التعليقات الفيسبوكية على أيدى أظرف الظرفاء ’ وعلى الأقل يغيروا الجو على البلد بدل الندب والشكوى ’ يعنى لا لاهوت ولا نكت لاهوتية !!! ’ يطلقوا النكتة والبسمة ! والا هم مش مصريون ! والا جالهم فقدان ذاكرة زى النكتة المعاصرة والتى لها أصل فى كتب التراث وتاريخ البلد القديم والمعاصر وتأليه الأشخاص ثم التنكر لهم عند أول طارئ أو وجه طاغية جديد ! لأن المعرفة مش لاهوتية والذاكرة مش تاريخية والنية مش مقدسة بل ذاكرة متشخصنة ومتشيطنة ! النكتة اللى بتقول :
سألوا مواطن مصرى ’ يعيش فى الصعيد :
--لماذا تعلق صورة الرئيس ؟
= رئيس ...رئيس مين ؟
--الرئيس حسنى مبارك ؟
- ما أعرفوش !
- اللى جه بعد السادات .
- سادات ...سادات مين ؟
= اللى جه بعد عبد النماصر .
--ومين ده كمان ؟اللى قام بالثورة وطرد الملك فاروق .
–الملك فاروق ؟! فاروق ده يطلع مين ؟ ولا سمعت عنه !
-أيوه ...ابن الملك فؤاد
فرد الرجل بحزن عنيق –الله هو الملك فؤاد اتجوز ؟!
لم يسلم حتى الانبياء من نكات المصرى ولو قالوها بشكل خاشع ولتوصيل رسالة للأذكياء فقط وهذه النكتة فيها ريحة مسكونية مجاملاتية ونفساوية :
واحد صعيدى مات ابوه ! وقعد يوولول ويعيط ويندب ويشيل الطين !
جابوا له كبار البلد ’ ما فيش فايدة !
جابوا له المشايخ ..برضة بيندب !
قالوا نجيب ابونا القسيس المسيحى الطيب ’ الراجل كان مسلم !
دخل ابونا والكل منتظر أنه هو اللى يهدى الراجل وينهى المصيبة !
قام ابونا باختراع نكتة دينية مسكونية بايخة ومهينة من بتاعة كلنا واحد وموسى نبى وعيسى نبى ومحمد نبى وكل من ليه نبى يصلى عليه !!! وليست لاهوتية ! و قاله : يا أخ محمد كلنا ها نموت ما عيسى مات والنبى كمان مات !
قام الراجل صرخ ومسك فى هدوم القسيس وهو بيصوت وقال هو النبى كمان مات هو أنت بتفول على النبى كمان ! واستمر فى النوح والعويل ! وبمناسبة توحيد والطوائف التى ينادى بها (المسكونون الجدد!) أتباع مدرسة (كلنا واحد ) والداعون الى توحيد الاديان وتجميع الطوائف فى مسكونية دينية شكلية لا عمق لاهوتى لها أو فيها ! هناك نكتة تقول (كان السادات يدعو الى بناء مجمع للأديان فى سيناء ..وبعد اعتقالات جميع القوى الوطنية والدينية فى 5 سينتمبر 1981 فوجئ بمن يهتف بحماس :
-" عاش موحد الأديان ".
فسأله السادات :
-ليه بتقول كده ؟
فقال له :
- لأنك كفرت الجميع ! .) أذكى نقد للمسكونية الجديدة قرأته فى حياتى !
- وبالمناسبة ويندرج فى نفس هذا الاطار قصة لم يذكرها حمودة وهى نكتة أيضا ومن العيار الثقيل ’ قالها من صدمتهم الأحداث وتطوراتها ’ وذلك حينما شمل قرار السادات بالقبض على رموز الوطن من قيادات ظن هو ’ أنهم داعمون للفتنة ! وكان من بينهم "الانبا شنودة " كما كان يلقبه وقام السادات ’ حسب النكتة ’ بجمع أعضاء المجمع المسيحى ’ وقال لهم :
-لازم نبطل وبشكل نهائى نقول مسيحى ومسلم ! دا أمر نهائى ومن يعارضه يعرض نفسه لتهمة الخيانة العظمى !
- طبعا يا ريس أجاب كبير الحضور .
- عاوزين نعين بابا للاقباط بدال شنودة !تختاروا مين ؟ رد السادات بكل طبيعى ومسكونى هادئ !

صمت مطبق !
- أنا أقترح نعين فضيلة الشيخ متولى الشعروى بابا للاقباط !قال الرئيس بلهجة هادئة وواثقة !
- بس يا ريس دا مسلم ؟ّ جائه صوت من الحضور !
- رد الريس : تانى ها نرجع نقول مسلم ومسيحى !!!
ولم يسلم السادات من نيران النقد بسبب دكتاتوريته فقيل ...أن أختفى قلم السادات الذى يسميه "قلم الأمضا" وهو فى مجلس العب ’ فطلب من النبوى اسماعيل البحث عنه ..وفى البيت وجد السادات القلم بين أوراقه ’ فأتصل بالنبوى اسماعيل ’ وقال له :
- خلاص يا نبوى لقيته .
- لكن يا افندم ....
- لكن ايه يا نبوى ؟
- ..لكن ها نعمل ايه فى العشرة اللى اعترفوا بسرقته ؟:!
- ونكتة دينية أخرى :
- كان السادات يخاف من يوم الحساب وحساب الملكين ’ حسب
- التراث الاسلامى ’ فشجعه الذين حوله ’ وقالوا :
- -ما تخافش ..مش ها يسألوك الا عن أسماء الأنبياء .
- -لكن أنا مش عارفهم ولو عارفهم مش حافظهم رد الريس !
- فأقترح أحدهم أن يكتب الاسماء الانبياء ععلى لياقة القميص ’ ليغش منها ....ففعل ...وجاء ناكر ونكير وسألاه عن أسماء الأنبياء ...فنظر الى ياقة القميص ’ وراح يقرأ :
- أدم ...نوح ...موسى...عيسى ...محمد ..وبيير كاردان ...بيير كاردان هو مصصم أزياء فرنسى شهير وكان واحدا ممن يتعامل معهم السادات وكان الاسم مكتوب على لياقة القميص !!!
- نختم بالتأكيد على أن السيدة العذراء والتى عيد لها الأخوة الروم بالامس 15 أغسطس وسيعيد لها الأخوة الاقباط 22 أغسطس ’ كانت تحب المرح والفرح ’ ألم تكن مع يسوع فى العرس الشرقى الذى جمع ربما لأخر مؤة فى التاريخ الفلسطينى واليهودى فى فرح حقيقى ورقص الدبكة الشرقية تراثية وخمر معتق ! فى قانا الجليل ’ لم يكن عرسا روحيا وهيوليا ومونوفيزيتيا كما يريده البعض !!! نقول هناك نكتة جميلة وقصة مضحكة أضخكت السيدة الاولى نفسها ’ وردت فى كتب التراث المسحية الغربية :
- ( حدث أن مهرجا فى سيرك تاب عن المعاصى وترهبن ’ وذات مرة قرر الأخوة الرهبان أن يذهبوا للسجود لايقونة السيدة العذراء فى أحدى الأديرة البعيدة ...ووصلوا الى الدير وقالوا للاخ المهرج : أنت ستدخل أخر واحد لأنك مستجد ولا تعرف بعد أصول الترتيل للعذراء !
- أنتظر الأخ وجاء دوره ودخل وحده الى داخل الكنيسة ’ ووقف أمام أيقونة العذراء وقال لها :
- أنا لا أعرف أن أصلى وسأقدم لكى ما أعرف ! وبدأ يعمل حركات البهلوان ويضحك ويتشقلب ! ولدهشته نظر الى العذراء ’ فوجدها تضحك له !
السماء تفرح بمكتئب واحد تائب ’ يضحك من قلبه ويفرح الأخرين لأنه ليس باكتئاب الوجه ينصلح القلب ’ هذه ثقافة العهد القديم ’ بل بفرح القلب يستنير ويبتسم الوجه حسب ثقافة العهد الجديد !. الى اللقاء .

-
-
كل عام والقراء فى ملء الفرح البسيط والبساطة الفرحانة ’ وليهدى الروح ’ روح الفرح وروح المرح ’ الصادقين منا الى أن نساهم فى النهضة اللاهوتية المراتقبة فى مصر ة أن لم يكن بالكمتابات اللاهوتية العسرة الفهم ’فبالنكتة اللاهوتية السهلة الهضم .

 


العذراء مريم فى الثقافة اليونانية
الأب الدكتور أثناسيوس حنين –بيرية – اليونان
شكلت التقوى الشعبية والخشوع أمام كل ما له صلة بعالم الألهة المركز الذى جمع اليونانيين جميعا ’ بغض النظر عن درجة الثقافة أوالقدرة على التفلسف. لقد شكلت التقوى الشعبية’ نقول ’ خلال تاريخ اليونان وعبر العصور ’ وحسب الاستاذ اللاهوتى والمؤرخ ارستيديس بانوتيس (تاريخ الكنيسة اليونانية ’ أثينا 2008) ’ نقول شكلت صمام الأمان الثقافى الشعبى فى مواجهة التقلبات الدينية والحوارات الفلسفية وأسئلة الناس المصيرية ’ بل ولا نبالغ اذى قلنا حتى فى الأزمات السياسية الكبرى ’ وأثر هذا كله على الأزمات السياسية على مر العصور. لم يحدث فى تاريخ أى شعب أخر فى العالم القديم ’ أن صارت قضايا الألهة وثقافة الصالح والطالح والسعى لمعرفة الحقيقة وعلاقة النفس بالخلود والرؤية السياسية والبقاء والفناء ’هى أحاديث الناس فى الميادين العامة والحانات والملاعب ’ مثل ما حدث فى اليونان قديما ’ وما يحدث ’ بشكل لاهوتى جديد’ حديثا . لقد صار الشعراء والكتاب والرسامين والمثالين والنحاتين هم بمثابة أنبياء اليونانيين الوثنييين ورسل ثقافتهم ! ولم يكن الفكر الدينى عند اليونانيين تسليما أعمى بقدرطاغ ’ بل على النقيض ’ لم يخلو التاريخ الدينى لليونانيين من النقد الذاتى والمراجعات الفلسفية ’ بل لقد رفض الكثيرون من الفلاسفة الانحطاط الذى وصل اليه بعض المثقفين فى تصويرهم للالهة على أنه لا عمل لها الا أرضاء شهوات الناس وأشباع نزواتهم .
لقد صار اليونانيون مسيحيون فى ملء تراثهم الثقافى وتاريخهم الفلسفى . لم يحدث بين اليونانيين وتراثهم اللغوى والحضارى وثقافتهم اليومية خصومة حقودة ما أو عراك وهمى أو تكفير عشوائى . تراهم وبنفس الحرارة الدينية ’ صاروا مسيحيون مستقيموا الرأى . لقد عمدوا لغتهم العنيدة وتراثهم الفلسفى الناقد واساطيرهم الميتافيزيقية ’ فى نور الكلمة –اللوغوس . صارت أعيادهم الدينية مظاهرات ثقافية وتأصيلات لاهوتية وأطلالات سياسية ولكن غير مسيسة وهبات وطنية وثورات قومية . اليونانيون يبحثون دائما عن البطولة ’ ولقد وجدوها فى عفة العذراء أم اللاهوت النقية بعد أن أصابهم الملل من انحلال أفروديت ’ سيدة الاغراء والتحرش ! . لقد حولوا الانحلال الافردويتى الى تكريم للعفة والجمال العذرواى وحب لكل النساء فى شخص العذراء . قال أحد الحكماء (اذا كانت أفروديت ألهة ’ فلا يمكن للعفة أن تصير فضيلة ’ واذا كانت العذراء أم الله فلابد للبتولية والقداسة من أن يكونا أصل كل فضيلة ). لم يكن اليونانيون يهينون المرأة فى تأليه أفروديت الساقطة ’ كما لم يكونوا يؤلهون أمرأة وأم فى حبهم للسيدة العذراءْ السامية ’ كم يظن العرب ! لأن مريم فى التراث ’ ليست مجرد مريم العذراء’ ليست صورة عن الانثى فانها ليست مجرد انثى لأنها أصبحت انساننا بالتجسد وانتقلت من حدودية ومحدودية الانوثة الى رمز البشرية الجديدة امام الله والناس (راجع مقال سيادة المطران جورج خضر : الانسان المسيحى ليس رجلا او امرأة ’ فى كتاب المرأة فى الكنيسة والمجتمع فى الشرق الاوسط ة اصدار مجلس كنائس الشرق الاوسط - لبنان 1979 ص 91 -96 .
لقد شكلت السيدة العذراء الثقافة اليونانية عبر تاريخها ’ بالمعنى الواسع للثقافة . لقد علمتهم مريم معنى روح ولاهوت المقاومة وذلك CULTURE أثناء الاحتلال العثمانى لليونان . من أهم روافد الثقافة اليونانية والتى تشكل ضمير الشعب وثقافته اليومية نجد فن الايقونة والذى ليس هو رسم ولا الايقونة صورة بل هى انسكاب نعمة الذوق الانسانى كله فى وجه السيدة الاولى على يد رسام صائم ومصلى وناسك وعاشق للاهوت المنكسب ألوانا فى ريشته ! ’ الايقونة رؤية ثقافية واطلالة لاهوتية ومطرح سجود انسانى ’ وكم من أيقونة صنعت أيات ومن أستطاع أن يؤمن فليؤمن ! مئات الايقونات للسيدة العذراء وكل ايقونة تصور حدثا تاريخيا ’ وتوثق لوقفة ثقافية ’ وتقرر قانونا لاهوتيا ’ الايقونة هى خير مدرسة اللاهوت التى يدخلها البسطاء ويتعلم فيها العوام (راجع : مريم فى الفن البيزنطى ’ للأب أنطون هى ’ فى مريم أم الله ’ مجلة المسرة العدد 389 ’عدد خاص بالسنة المريمية 1954 ص 646 -652 ) . اذا ما تم الاعلان عن زيارة ايقونة للسيدة العذراء من منطقة نائية أو من جبل أثوس الى أثينا ’ تقف الدنيا ولا تقعد ’ مظاهرة روحية واطلالة ثقافية وهبة حضارية وعزة نفس وطنية وأجماع وطنى ليس له نظير . يتقدم الجيش الايقونة بكرامات رئيس الدولة ومن ثم رجال الدولة والمطارنة والكهنة بالملابس الذهبية الزاهية لأن مريم هى الأناء الذهبى الذى حل فيه ملء اللاهوت ! ويصطف اليونانيون على جنبات الشوارع فى خشوع شعبى راق وتتولى السيدات القاء الورود من بالكونات وشرف ونوافذ البيوت والعمارات وهم يحملون المباخر ’ وتنهدر الدموع وتعلوا الدعوات من أجل العالم كله ونهضته ورقيه وثبات المؤمنين . أنها مظاهرة ثقافية ولا أرقى . اذا بحثت عن اسم مريم وماريا ومارى وماريانا بين صبايا وسيدات اليونان ’ يعوزك الوقت ومكاتب السجل المدنى خير شاهد ! يجب أن لا يفوتنا أن أعياد الثيؤطوكوس فى اليونان هى بمثابة نهضة لغوية كبرى ’ لأن الترانيم والطروباريات والصلوات التى يتلوها الاساقفة والكهنة ويرتلها المرتلون هى باللغة اليونانية الفصحى أى لغة أفلاطون وأرسطوا والتى عمدها المسيحيون فى معمودية اللاهوت ’ لتصير من لغة وثنية ال أله لها الى لغة لاهوتية تنطق بالألهيات ! والتى يحفظها الشعب البسيط عن ظهر قلب ! ثورة لغوية ضد كل محاولات طمس اللغة اليونانية القديمة التى ينادى بها بعض اتباع الحداثة والتسهيل على الناس ! اذا تسألنا عن السبب وراء صبر المسيحيين الاوائل على العيش فى الكهوف وشقوق الأرض هربا من الملاحقات الامنية ’ سنجد أن أهم الاسباب هو ايقونات السيدة العذراء المرسومة على حوائط الكهوف والمغاير وشقوق الأرض والتى كان يلجأ اليها المضطهدون والهاربون من الضيق يبثونها الامهم وشجونهم ويطلبون المعونة لأنهم أمنوا بأن الشكوى لغير العذراء وابنها يسوع المسيح ’ كلمة الله وروح منه ’ مذلة حقيقية ! وكم من مؤلفات لاهوتية عميقة قد تمت كتابتها اثناء الاضطهادات وتحت أيقونة العذراء الثيؤطوكوس وعلى ضوء شمعة فى أحسن الأحوال ! يشكل يوم عيد السيدة العذراء فى اليونان عيدا قوميا ومهرجانا وطنيا وحفلا ثقافيا ’ اذ تمنح الدولة اجازة رسمية للعاملين ’ الى جانب ان العيد (الذيكابنتفغستوا) يأتى فى الصيف 15 أغسطس ويسميه اليونانيون (فصح الصيف ) والصيف فى اليونان له سحره واليونانى يعشق البحر وتمتلئ الجزر التى بها مزارات تاريخية على اسم السيدة العذراء بالحجاج (والكلمة مسيحية ايضا ) ويرتبط الصيف والبحر بالعذراء والتسليات الروحية والتسامح والنسيان ’ ناهيك عن الانتعاش السياحى فى ظل أزمات الاقتصاد اليونانى ’ واليونانيون يمتلكون أجمل بلاجات العالم ’ وهنا ترتبط السياحة بمريم ومريم بالسياحة ’ روحية أكانت أم جسدية وكله يهون فى حب مريم ! . يلتقى فى العيد قيادات البلد ’على أختلاف انتمائاتهم السياسية بالناس ’ ويتناسون خلافاتهم الساسية وأنتمائتهم الحزبية ويصلون معا و معهم ويتم التلاحم الشعبى والحكومى فى أروع صوره العذرواية ’ويتحقق حلم أفلاطون القديم بأن يحكم الفلاسفة والحكماء ويتفلسف الحكام بالروح ! ويتم ربط العيد بمناسبات قومية كبرى وأحداث وطنية جسام ويتم القاء الخطب الوطنية وسرد تاريخ الحرية ومدح ثقافة الكرامة وتجديد ذاكرة الأمة . هذا الى جانب وسائل الاعلام المرئية والمقروئة والمسموعة والتى تنتهز الفرصة وتواكب الحدث لتصنع منه لحن وحدة وطنية كبير وجلسة صلح انسانية بين جميع التيارات السياسية والانتمائات الثقافية والاجانب المقيمون باليونان على اختلاف ركائبهم بلا تصنع دينى ولا تكلف سياسى ’ أنها هدنة سياسية واجتماعية وثقافية بين جميع أطياف البلد ومن الطراز الأول وخاصة اذا علمنا أن عطلة المجلس النيابى تقع فى شهر أغسطس .
يتبقى السؤال الذى يطرحه الكثيرون داخل اليونان وخارجها ؟ ما هى طبيعة العلاقة بين رهبان الجبل المقدس أثوس فى ضواحى مدينة تسالونيكى (يضم 2000 راهب ) وبين السيدة العذراء ؟ هناك تقليد قديم يؤكده خبرات الأباء وأمهات الوثائق فى الجبل المقدس بأن السيدة العذراء هى شفيعة الجبل وحاميته ’ بل ومؤسسته (بيريفولى تيس باناجياس ) ويوجد بأديرة الجبل العشرون أندر وأقدم ايقونات للسيدة الثيؤطوكس . صارت العذراء حامية الجبل وأم رهبانه وسر قوته وصموده ’ سيقول العالمون بامور اليونان ’ لماذا لا يسمح الرهبان فى جبل أثوس بدخول المرأة ؟ لم أقم بدراسة القضية درسا وافيا ولا يتسع المقال والمقام للشرح والاستفاضة ’ لكنى سأجتهد كمن رحمه الله ومن خلال علاقاتى الشخصية مع أباء الجبل المقدس ’ هم أختاروا السيدة العذراء أما وأختا وشريكة لهم ويرون فيها كل أمراة ’ نعم كل أمرأة ’ ’ ليست الانثى ’ لأن مريم لم تعد بعد أن أسلمت نفسها وجسمها لله ’ لم تعد أنثى ’ كما قال المطران خضر ’ بل صارت مطرح سجود الانسانية الجديدة ومحجة كل أمرأة حقيقية ’ أذن العذراء هى سفيرة كل أمرأة فى الجبل المقدس . الأمر الثانى هو أن الراهب قد أنقطع عن العالم ولا يرى وجه أمرأة وحتى أعز الأقارب جسديا ! ليس لأن المرأة شرا ! ’ بل لأن المرأة هى سر الجمال ورمز الاستقرار ومطرح العائلة وأساس الحياة فى العالم وصانعة الحياة ’ والراهب قد قرر أن يتغرب ويرتفع ويتسامى عن هذا كله ليسكن فى اللاهوت ويستمتع بصداقة المرأة الأولى والأخيرة فى التاريخ كله ’ مريم الدائمة البتولية . الحقيقة أن قضية زيارة المرأة للجبل لم يتم أثارتها الا حديثا على يد حفنة من النسوة المدافعات عن حقوق المرأة !!!’ وهم فى الحقيقة لا يدافعن عن كرامة المرأة بل يؤيدن فلتانها وتسيبها واستبدادها ويضعون ’ مع العرب ’ كل العصمات ’ مش عصمة واحدة ’ فى أيديها الغير المقدستين واللتان لا تقبلان العذراوية ولا تقبلان أيقونة العذراء والا يخشعن أمام سر المرأة الرائع والعميق والحقيقى والدليل منظر المرأة اليوم فى وسائل الاعلام والفضائيات والشوارع والبيوت وهذه قضية أخرى يمكن ببركة السيدة العذراء أن نتتناولها مرة أخرى ’ !!!.’ هذا عن الجانب الروحى واللاهوتى والثقافى لموقف الرهبان من زيارة المرأة للجبل ’ من الناحية العملية الجبل المقدس مجموعة من الجبال والاحراش والغابات يستحيل على الرجال أنفسهم (يحدث أن يتوه بعض الزوار الرجال فى الأحراش ويتم البحث عنهم بالطائرات الهليوكوبتر كما حدث الاسبوع الماضى !)’ الا الاشداء منهم السير فيه والتجول بين أديرته وصوامعه ’ من هنا ’ أقول ’ ربما يكمن البعد العملى لمنع السيدات من الدخول الى الجبل المقدس وأن كان يسمح لهن بالتجول فى المراكب حول الجبل المقدس والتبرك بأجساد القديسين وأيقونات السيدة والتى يحملها اليهن الأباء الرهبان للتبرك فى الكنيسة الكبرى فى منطقة خارج الجبل المقدس ! . خلاصة الأمر مريم العذراء قد شكلت وما زالت تشكل قلب الثقافة اليونانية ومحور نهضتها اللاهوتية والانسانية وسر بقاء اليونانيين أصحاء روحيا ونفسيا وأجتماعيا وكل عام والجميع بالخير فى اليونان ومصر والشرق كله والأاخوة المسيحيين فى مصر بالخير ’ للروم فى مصر والشرق للذين أحتفوا بالعذراء فى 15 أغسطس وللأقباط الذين سيعيدون 22 أغسطس .

 

اله المسيحيين ’ من هو ؟
الله : الثالوث القدوس
رؤية أبائية
أعداد الأب أثناسيوس حنين
من كتاب : (تعاليم الكنيسة الارثوذكسية)
للاب ميشال أزكول
معهد القديس فلاديمير
الولايات المتحدة الأمريكية
1986
“Let us look at the very tradition , teaching, and faith of the Catholic Church, which the Lord gave ,the Apostles preached and the Fathers preserved.”
St. Athanasios the Great
(هلموا لنمعن النظر والتأمل فى تراث وتعليم وايمان الكنيسة الجامعة ’ والذى وهبه الرب ’ وبشر به الرسل ’ وحفظه لنا الأباء)
القديس أثناسيوس العظيم
(أنه واجب بالحقيقة أن نسبح الثالوث الفائق اللاهوت ’ الأب المبدع الكل ’والكلمة المساوى له فى الأزلية ’ المولود من الأب قبل الدهور ’ بدون سيلان ’ والروح القدس المنبثق من الأب خلوا من زمن ) القانون الثالوثى ’ باللحن السادس ’ يرتل كل أحد .
(اننا نسبح الوجوه الثلاثة الغير المختلطة للاهوت الواحد الاصلى معتقدين انها ثلاثة اقانيم متجزئة بالخواص ولكنها متحدة وغير متجزئة بالمشيئة والمجد واللاهوت ) كتاب المعزى صباح الاحد فى صلاة نصف الليل قانون الثالوث القدوس
الاودية الاولى –على اللحن الثانى
(أضئ بنورك المثلث اللمعان ’أيها الثالوث المثلث الشموس ’ قلوب مسيحييك وأمنحهم فهما ليدركوا فى كل شئ ارادتك الصالحة الكاملة ويعملوا بها ويعظموك ويمجدوك)
(أبطل كل خواطر الاضداد الشريرة وضغط الشياطين أيها الثالوث الغير المدنو منه المساوى فى الازلية وعدم الابتداء’ الرئاسة الالهية التى لا تتغير ولا تختلف فى شئ ما عدا الخواص النيرة واحفظنى دائما بلا مضرة يا رب الكل )
(لقد اتخذت طبيعة البشر عن حنو وشفقة’ يا حكمة الاب الغير المدركة وكلمة الله المتعذر وصفه ’ ولم تغير طبيعتك الغير المتبدلة وعلمت الكل أن يعبدوا الثالوث الموحد كرب كل الدهور).من كتاب (المعزى ) المنشورات الارثوذكسية –مكتبة السائح –طرابلس ’ لبنان 1999 .

يشكل الكلام فى اللاهوت (الثيؤلوجيا ) أى حياة الله نفسه كما تعنى كلمة (ثيؤلوجيا) فى الأصول القديمة ’ نقول يشكل صعوبة بالغة ومخاطرة كبيرة . اللاهوت ’ عند الأباء’ هو اعلان ’ مبادرة الهية ’ يستجيب لها الانسان ’ المدعو للرؤية ’ حسب طاقته على الفهم والتناسب مع مواهبه ’ ومكان خدمته وسط شعب الله. الأعلان لا يأتى للمستريحين مع مؤاب ’ بل للسائرين والهائمين على وجوهم فى أرض الغربة مع موسى ’ لنتذكر موقف موسى ورؤية الله ’ لم يرى موسى الرؤية وسط شعب (الصالونات) ’ بل فى أثناء تأدية عمله المتواضع وواقعه اليومى ولكن بصدق ( وأما موسى فكان يرعى غنم يثرون حميه ....)’ الله ’ عندنا أب ’ علاقات (ثالوث) ومودات (تجسد) من أجل شعب يصرخ (فى الروح) ’ من قلبه ’ من العبودية ويصعد صراخهم الى الله ’ فيعلن نفسه لقائد ذكى’ قائد واع يقدر أن يميل لينظر (خر 3 :3 ) ’ يميل أى يغير زاوية الرؤية ويتمعن فى الرؤية من زاوية مختلفة ويفهم الدرس ويتصرف فى نور المعطيات الجديدة ’ كما كنا نقول فى درس الهندسة ’ ويقبل التحدى ! تحدى الرؤية وتحدى الارسالية !’ اللافت فى الرؤية أن الله لم يعلن نفسه لموسى فى جوهره (يوحنا 1 :18 ) ’ بل فى تاريخ علاقاته بالأباء وعمله من أجل حياة العالم وتقديس عبيده وتكوين شعبه (أنا اله ابيك اله ابراهيم واله اسحق واله يعقوب ...قد رأيت مذلة شعبى فى مصر وسمعت صراخهم ...فلأن هلم فأرسلك ...) خروج 3 :1 -12 .
الهنا هو اله التاريخ واله الرؤية ’ الله هو خالق الكل ومخلص الجميع .
تكمن الصعوبة فى الكلام فى اللاهوت ’ بهذا المعنى الحصرى والاختصاصى’ فى عدة أمور :
أولا: أن الله لم يكشف لنا كثيرا عن شخصه ’ بل أعلن نفسه بطرق متنوعة وأخيرا كلمنا فى ابنه الذى جعله وارثل لكل شئ .....(عبرانيين 1 : 1 ) وحتى فى اعلان الابن الكلمة عن الله ’ نرى فى لغز وفى مرأة حسب بولس .
ثانيا : يحيا المسيحيون الشرقيون ’ منذ عقود طويلة ’ فى ظل الثقافة العربية والتى أثرت بشكل أو بأخر على رؤيتهم ومفهومهم وحتى كلامهم عن الله ’ وخاصة بعد الانقطاع عن نور اللاهوت الكتابى والابائى الصافى بسبب من السبى الفكرى العربى من ناحية والخوف من اليهود والمتهودين من ناحية أخرى والتوجس من الغنوسيين الجدد من جهة ثالثة !
الله – الثالوث هو خالق العالم فالله الأب خطط ودبر ’ والابن أطاع ونفذ ’ والروح القدس منح الحياة . الله ’ عندنا ’ ليس مبحثا عقلانيا ولا دروسا أكاديمية’ التخصص والدراسة لا تنشئ الرؤية بل توثق لها وتسكبها تاريخا للأمم !!! ’ بل هو رؤية باطنية ومعرفة كيانية (غنوسيس)يمارسها الكيان الانسانى لكى ما يصل بها ’ من خلال السهر والتعب والصلاة والانسكاب والدراسة والتوبة ’ الى التعرف على الله (ثيؤغنوسيس). يرى أغريغوريوس الثيؤلوغوس ’ لاهوتى الكنيسة الأول ’ أن الكلام فى اللاهوت ليس أمرا رخيصا أو حديث المقاهى وتسليات الحانات (هكذا كان فى أيام اغريغوريوس فى القنسطنطينية!) ’ ويمكن أن نقول أيضا أنه ليس موضوع دردشات على الفيس بوك ’ بل هو أعمق من هذا ’ يقول اللاهوتى أغريغوريوس ( يتطلب الحديث فى اللاهوت التنقية من الأوجاع ’ لأنه ليس من الأمان فى شئ ولا الحكمة أن يتطلع الغير النظيف فى النظيف والغير النقى فى النقاوة كلها ’ تماما مثل الخطر الذى ينتج عن تطلع عيون مريضة الى ضوء الشمس الساطع) (العظات اللاهوتية 1 ’4) . ان نقاوة اللاهوتى ليست أمرا شخصيا فقط بل هى ترتبط بايمانه واتحاده بايمان الكنيسة . لا يوجد لاهوت (قطاع خاص !) أو ( من منازلهم !) بل لاهوت فى الكنيسة وبالكنيسة وممن أجل الكنيسة أيا كان حال الكنيسة’ فهما أسودت بسبب من ظلم الأيام ’ فهى جميلة بسبب من حب الديان (نشيد الأناشيد)!واللاهوت هو عطية الله-الثالوث ’ من أجل حياة العالم. الانسان الجسدانى والشهوانى (ممكن تكون الشهوات دينية أو طائفية أو حتى ثقافية !!!)’لا يمكنه السير فى طريق اللاهوت أو الاقتراب من العليقة المشتعلة ’ بل عليه أن يخلع نعليه من دماغه قبل أن يخلعها من أرجله ! ...السبب ’ يذكره اللاهوتى بولس ويخاطب الذين يحاربون الصليب والمصلوب عن جهل (..لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد ...كما هو مكتوب مل لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما أعده الله للذين يحبونه ...فأعلنه لنا بروحه ’ لأن الروح يفحص كل شئ حتى أعماق الله ) 1كورنثوس 2 : 6 -16 . ويمكن للذين لا يقرأون سوى الكتاب المقدس (وما لهمش نفس يتعبوا فى قرأة كتب اللاهوت والتاريخ لاسباب نفسية او طائفية أو خلافه ! ) أن يتابعوا لاهوت الثالوث القدوس فى وحدته وتعدد اقانيمه فى وحدتها ’ من خلال حديث بولس للمتهودين من المسيحيين والغنوسيين من اليونانيين الثقافة من الكورنثيين .
يرى الأباء أن بداية الدخول فى معية (الثيؤغنوسيا) تتم من خلال الدخول فى جسد المسيح ’ الذى هو الكنيسة ’ من خلال الاسرار اللاهوتو-انسانية . يرى القديس فوتيوس (المستاجوجيا فى الروح القدس) ’ بأن "سر الدخول فى الايمان " يمنح نقاوة القلب واللاهوى (الأباثيا) ’ أى الشفاء من الأوجاع ومن هنا يتمكن المؤمن الساجد بالروح والحق مع القديس كيرلس الكبير من رؤية الاشياء التى لا ترى .هنا يبدأ اللاهوتى فى الصعود الى الله ’ حسب أغريغوريوس بالاماس فى رده على الهدوئيين الذين يدعون بقدرتهم على رؤية الله فى جوهره ’ ذلك فى نهايات الالفية الاولى ’ ’ وفى نفس الوقت تبدأ أفكاره العقلانية القديمة عن الله ومشاعره النفسانية وتصوراته الذهنية فى السقوط مثل القشور من عيون شاؤل’ أى أن الانسان يسلك فى طريق النقد الذاتى القاسى وهو ما يسميه بالاماس (اللاهوت السلبى ) أى الوصول الى ما ليس له صلة بالله فى شك كيانى مستنير وما أروع ومن ثم الصعود الى الرؤية ’ والتوبة وتغيير الذهن ’ ومن هنا يبدأ فى تذوق عربون شركة اللاهوت أى التأله (مكسيموس المعترف باترولوجيا جريكا 91) وشركة الطبيعة اللاهوتية فى طاقاتها المنسكبة على كيانه الساجد بالروح القدس. هذا كله له علاماته الواضحة ونماره المميزة فى الكنيسة والعالم ’ امام الله والناس ’أى ثمار روح الثالوث (غلاطية 5 :22 ).
الحديث فى الله فى الرؤية الأبائية طويل ولا يمكن أنهائه فى مقال واحد لأنه لابد من دراسة معنى وحدود معرفة الله حسب التراث المسيحى الأول ’ ومن ثم موقف الكتاب المقدس بعهديه من قضية الله –الثالوث ونتوقف عن رؤى أشعياء ودانيال وغيرهم وما ذا رأؤوا من اللاهوت ورأى المفسرين ’ اذا يوجد أخوة لنا مسيحيون ينكرون اية صلة للكتاب المقدس بقضية الثالوث ويذهبون فى تفسيرها مذاهب شتى !’ ومن ثم نفحص قضية معرفة الله فى تراثنا وحدودها ومحظوراتها ’ ومن بعدها نأتى الى القضية الكبيرة وهى رؤية وخبرة ورأى الأباء الكبار فى قضية الله - الثالوث لكى نصل الى رؤية الأباء فى معرفة الله من خلال (طاقاته ) المعلنة بالروح القدس وما هى صلة هذه الانيرجيات باللاهوت –الثالوث نفسه !
قررنا أن نعرض لهذه القضية مساهمة منا متواضعة فى الحوار الجارى اليوم فى مصر وبمناسبة مشاركة أخوة لنا لاهوتيون فى اجتماع قداسة البابا تأوضروس بلجنة التعليم وتحية منا لهذه المبادرة الطيبة والواعدة .
يتبقى أن الكتاب الذى أعتمدت عليه فى مقالاتى هو للاهوتى أمريكى – لبنانى الأصل وهو الأب ميشيل عزقول وهذه ميزة لأن الأب ميشيل يفهم الواقع الشرقى العربى وشبعان بالرؤية اللاهوتية الأبائية و خريج معهد القديس فلاديمير وجامعة ميتشجان .
الشئ اللافت والعجيب والذى ’ بالنسبة لى ليست مصادفة بالمرة’ هو أن الكتاب مهدى لى من أب فاضل وصديق من رهبان الكنيسة القبطية ’ وهنذا يعنى أن أباء البرية المصرية ليسوا منعزلون ’ متى سنحت لهم الفرصة ’ عن تيارات اللاهوت النقى والأصيل ويقول الاهداء:
((مهدى
الى الأب الحبيب
القس أثناسيوس اسحق
حاللنى وصلى لأجلى ’
ابنك
كيرلس البراموسى
24 -7-2001))
مع مثل هؤلاء الأباء ’ مصر بخير وكنيستها بخير. ونحن نقدم هذا البحث تكريما لعلماء اللاهوت فى مركز الدراسات الأبائية وخاصة الذين حظوا بثقة الكنيسة فى أكبر قاماتها الدكاترة الأصدقاء جوزيف موريس فلتس وجورج عوض ابراهيم وعقبال الدكاترة سعيد حكيم وجورج اندراوس وجورج فرج .
كما نقدم تحية محبة ومطانية للأب الراهب الفاضل كيرلس البراموسى ’ مهدى هذا الكتاب:
The teachings of the Holy Orthodox Church
Rev. MICHAEL AZKOUL
U.S.A.
’ والذى هو الأن ’ وأرجوا أن لا تخوننى ذاكرتى ’ هو نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس (ومعناها طوباوى باليونانية) اسقف المنيا المناضل والجرئ والذى نرجوا بصلواته أن نواصل تقديم هذا الكتاب الهام ’ نطلب من الأصدقاء الصلاة والتفاؤل والرجاء والتمسك بالمثل الاميركى المفرط فى التفائل فى وسط ظروف المحروسة اليوم والقائل :
(EVEN A STOPPED WATCH , IS RIGHT TWICE A DAY !!!) .

 


أتبعنى أنت !
تأملات فى أنجيل سحرية يوم الأحد 4 -9 -2016
تبعية المسيح من خلال أنجيل يوحنا
الأب أثناسيوس حنين- مطرانية بيرية – اليونان

قرأنا اليوم فى سحرية (صلاة باكر) القداس البيزنطى مقطعا من انجيل اللاهوتى يوحنا والذى فيه حوارا ساخنا بين ثالوث الحب والرعاية والتبعية ( أتحبنى أكثر من هؤلاء ...أرع خرافى ...) يوحنا 21 : 15 -25 . نحن نعتقد أن بشارة يوحنا تختص برمتها بقضية تبعية المسيح وهل للمسيحية كلها من هدف سوى تبعية المسيح وأختبار حبه فى رعاية خرافه . الاصحاحات الاحدى عشر لبشارة اللاهوتى يوحنا ليس لها سوى قصد واحد وهو خارطة طريق المسيح . الدعوة الى تبعية المسيح لم تبدأ فى نهاية الانجيل اليوحنائى ’ بل قد وجهها السيد نفسه الى فيليبس فى الاصحاح الأول من الانجيل ’ يسوع هو الذى وجد فيليبس وقال له ( ..أتبعنى...)يوحنا 1 : 43 . الأية باللغة اليونانية هى :
Ακολούθει μοι
وحينما يسمع الرومى الذى تدربت أذناه على خبرة اختبار الكلمة
فى الليتورجيا هذه الكلمة ’ سوف يذهب كيانه كله الى تعبير ليتورجى بات تراثا فى العبادة الحسنة وهو :
Ακολούθεία

والكلمة تعنى أو تشير الى خدمة أو دورة من دورات العبادة أى أن الكلمة الانجيلية (أتبعنى أكولوثى مى ) تحمل وجدانا ليتورجيا ’ هذا معناه أن تبعية المسيح هى تبعية وشركة وليتورجية وحب ومسيرة ورعاية . لا يوجد ’ عند أكابر الروح فى المسيحية ’ تبعية للمسيح ’ (منازلهم !) شفاهية أو كلامية أو دماعية أو هيولية أو صالوناتية أو حتى فيسبوكية غامضة وباسماء مستعارة ! ’ بل يوجد تبعية كيانية ظاهرة فى شركة الحب ومتجسدة فى مسئؤلية الرعاية.
اذا من (أتبعنى ) الفيليوبوسية فى الاصحاح الأول من انجيل يوحنا الى (أتبعنى أنت) البطرسية فى الاصحاح الأخير من الانجيل اليوحنائى ’ تنتقل دعوة التبعية من العام ( أتبعنى ...) ألى الشخصى ( أتبعنى أنت ! أنت بالذات ) !
العلاقة بالمسيح ’ بكل تأكيد علاقة شخصية ’ لكنها ليست فردية ’ ولكنها شخصية فى شركة. المتوحد الناسك التائه فى البرارى ’ وحده ’ هو شكليا وحده ’ ولكنه وجوديا يحمل الكون كله معه ليقدمه ذبيحة للرب فى البرية ! والا يكون قد تبع سرابا وليس شخصا ! أوهاما وليس اعلانات !
ندعو الاصدقاء الى التعرف وبشكل سريع على أهم علامات طريق تبعية المسيح من خلال مواقف فى أنجيل يوحنا ونترجى أن يشاركونا فى فتح كتابهم المقدس وعليهم أن يعرفوا أنها محاولة روحية وكتابية للتأمل فى تبعية المسيح من خلال مواقف فى انجيل يوحنا وهى لا تدعى أن تكون تفسيرا ولكنها رياضة روحية وجولات كتابية ’ ونحن نقدم هذه القرأة لأننا شعرنا بأن التركيز الكبير على الأبائيات واللاهوتيات والحوارات ’ قد يؤثر على بساطة المسيح التى فى الانجيل ’ هذا يعنى أننا أنجيليون قبل كل شئ ولكننا انجيليون فى شركة الافخار ستيا ومعية الرسل والأباء .
1 – من هو الذى نتبعه ؟ (يوحنا 1 )
هو الذى كان فى البدء ’ هو الله الكلمة – اللوغوس ’ هو الحياة ’ الحياة الغير منكفية ولا مكتفية بذاتها ’ بل الحياة التى ظهرت للناس وفى الناس ’ الحياة التى صارت جسدا محسوسا وملموسا ’ الله الذى ليس عنا ببعيد بل أظهر مجده فى وجه يسوع ’ نحن مدعوون لتبعية ذاك الذى (...يرفع خطية العالم ..) يوحنا 1 :29 . الذى نتبعه لا يشهد عن نفسه بل أخرون يشهدون له وعنه ( يوحنا 1 :34 ). قبل أن يدعونا فيليبس الى الخبرة ( تعال وأنظر ..) يو 1 :46 ’ سبقه يسوع نفسه وقال لنا حينما سألناه مع يوحنا وتلاميذه عن اين يمكث ’ فاجاب ( تعاليا وأنظرا ...) يو 1 :39 . الخبرة اساس التبعية .
وسط هذه الاجواء من الحوارات والاعلانات ’ تأتى الدعوة بأن ( أتبعنى ...) يوحنا 1 :43 ’ والتى سبق واشرنا الى أبعادها الليتورجية . نحن نتبع سماوات مفتوحة ولكننا لا ننسى أنفسنا فى السماء ’ بل تنزل الينا السماء وملائكتها على ( ابن الانسان ) ’ نحن لا نتبع خرافات مصنعة (2بطر 1 :15 ) ’ بل نتبع (أبن الانسان الذى صار مكان لقاء ملائكة الله وأولاد الله ) .

2 – رؤية الأيات (يوحنا 2 )
تبدأ تبعية المسيح أو طريق تبعية السيد بمعاينة سره المسيح ’ سر العرس ’ سر الحب وزمان الحب فى عرس قانا الجليل . اذا تكلمنا بشكل كيانى ووجودى ’ فلكل نفس مدعوة لتبيعة المسيح ’ قاناها وعرسها ’ هنا يستلزم ’ من كل نفس تشتاق للتبعية ’ الاعتراف الصادق والعذراوى ( ليس لهم خمر) يوحنا 2 : 3 ثم الطاعة بلا نقاش ’ النقاش يأتى لاحقا ’ هنا طاعة فقط للأمر الالهى ( قال لهم يسوع أملأؤا الأجران ماء ) ’ يسوع يعلن نفسه للطالبين وبشوق ’ ويمكن أن يغير برنامجه ’ فالبرغم من أن ساعته لم تأت بعد ’ الا أنه صنع الأية وأظهر مجده فأمن به تلاميذه) يوحنا 2 : 1 – 11 . هنا الايمان هو اعلان مجده واستعلان الايمان فى القلب ’ فى كل كل تلميذ .
3 – الولادة من فوق (يوحنا 3 )
لقد أستنفرت الأيات التى صنعها يسوع وألتى ذكر يوحنا أهمها فى عرس قانا ’ أستنفرت حب استطلاع الناس وليس فقط الناس العاديون بل الأعيان والرؤساء (يوحنا 3 :1 ) . صحيح أمن التلاميذ فى الاصحاح الثانى ’ ولكن لابد للايمان من أن يستعلن فى ( الولادة من فوق) ’ وهذه هو الترتيب الليتورجى والكنسى لتبعية المسيح ’ الايمان ومن ثم الاستعلان والولادة ’ ومن هنا تأخذ الصلاة لأجل الموعوظين فى الليتورجية كل قوتها :
( صلوا أيها المؤعوظون للرب
يارب ارحم
أيها المؤمنون من أجل الموعوظين نطلب
لكى يرحمهم الرب
ويعظهم بكلمة الحق
ويعلن لهم بشارة العدل
ويضمهم الى كنيسته المقدسة الجامعة الرسولية ...).
4 – التبعية بين الأكاذيب والشكوك وتجديد العهود (يوحنا 4 )
( كان لابد أن يجتاز السامرة ...) يو4 :3 ’ أبدا لم يكن هناك ضرورة جغرافية ’ بل (لابد ..) من أجل أن يدعوا نفس واحدة سوف تغير وجه البشارة وتمارس الحب بعد العشق والعطاء بعد الشح والسجود بالروح لمن تعلم ’ بعد سنوات كانت تسجد فيها لمن لا تعلم ! هنا تحلو الاسئلة ’ اذا كان القصد منها النهائى هو اكتشاف اليات تبعية المسيح وأسرارها ’ وليس مماحكات الكلام ! تبداء التبعية بأن يعطينا السيد احساسا حقيقيا وواقعيا أنه يحتاجنا ..( أعطنى لأشرب ..) يو 4 : 7 . وهنا تتولى النفس الأمارة بكل سؤء الى التفنن فى أدخال المعلم فى متاهات طائفية ومعارك جانبية عرقية وسراديب مذهبية ( كيف تطلب منى ... وأنت يهودى وأنا أمرأة سامرية ...) يو4 :9. لا يدخل معنا يسوع فى متاهات ضيقة الأفق ’ بل يرجع كل متاهاتنا الى الجهل ( ..لو كنت تعلمين عطية الله ...) ’ من وجد أجابات لاسئلة الحياة المصيرية واللاهوتية ’ لا يحتاج الى تسلاية دينية أو سياسية أو طائفية أو عرقية(المطران جورج خضر). ! الأسئلة تتوالى كزخات المطر ’ فبعد ( كيف ..؟) ’ تذهب النفس الى ( من أين ؟ ) .... وهنا يتنطع العقل ليؤكد الشك ( ليس لك دلو والبئر عميق !) يو 4 : 11 . ثم يتطور السؤال الى سؤال دينى من العيار الثقيل وفذلكة شرعية واستعراض لمعلومات دينية ( ألعلك أعظم من أبينا يعقوب .....) يو 4 : 12 . أه من الدين والتدين ! لعلهما من أكثر العقبات فى طريق تبعية المسيح ! السيد يذهب الى الهدف مباشرة ’ والنفس الصادقة تتبعه ’ سيبك من
من الفذلكات الدينية والمتاهات العقلية والترهات المذهبية ’ ...( أذهبى ....أدعى زوجك ...) يو 4 : 16 . هنا نقطة الفصل فى بدايات تبيعة السيد ’ على الأجابة ’ تعتمد خارطة طريق السائح المسيحى فى دروب الرب ! ليس لى زوج ’ حسنا قلت ! ومن ثم بدأ فى أن يكشف لها سر السجود بالروح والحق ’ ذلك السجود الذى انسكبت الجماعة المسيحية الاولى على تفسيره ومازالت الكنيسة تفسره ! السجود بالروح والحق ! لقد كرس كيرلس الاسكندرى عشرة أجزاء من الباترولوجيا لشرح معنى السجود بالروح والحق ! صارت السامرية أول مبشرة فى تاريخ المسيحية . لقد قررت أن تتبع المسيح بكل كيانها ومن خلال كل حيرتها وأسئلتها وشكوكها ووجدت فيه الانسان الذى شاركها فى همومها وأخرجها من طائفيتها وشكوكها وقال لها كل شئ (يو 4 :39 )و هنا صارت التبعية نهجا ونبراسا وطعاما . النفس التى تتبع المسيح ’ وبعد كل هذه الحوارات ’ تقرر ( أن تترك جرتها ..) يو 4 :28 . السامرية لم تترك شيئا تافها كما قد يظن البعض ’ بل تخلت عن مكتب العلاقات العامة بحاله وهو (الجرة ) التى كانت تذهب بها الى البئر وأعين الشباب والشيوخ تلاحقها وبهما ومن خلالها تنسج علاقات شرعية وغير شرعية ( أذكر ’ ونحن صغار ’ أن أحد جيراننا حينما تقدم به السن وشعر بالوحدة والملل ’ قام بدق طلمبة قدام البيت ’ حتى يشعر بالونس وخاصة من الجنس اللطيف من اللواتى ياتين ويتبخترن لملء الجرر والحلل والبلاليص ! ) ترك الجرة هو قرار خطير بالتخلى عن مشروع استثمارى ضخم !!! الا يوجد بيننا حتى اليوم من يتبع المسيح مع التلاميذ ويتعجب من أنه ( يتكلم مع أمرأة !!! ) يو 4 : 27 .
5 – الذين يتبعون المسيح ’لا يتكلون على انسان (يوحنا 5 )
يسير انجيل يوحنا فى طريق تبعية المسيح بخطى ثابتة ’ بعد أن سجدنا بالروح والحق ’ ويقدم رؤية أخرى فى وسط أورشليم وفى أهم أعياد اليهود ’ ذهب يسوع ليلتقى تلميذا أخر ’ مقعد منذ 38 عاما ’ قرر وسط الزحام أن لا يتكل على انسان ’ قرر اليأس من كل ذراع بشر مهما علا شاؤ هذه الذراع ’ يأسا وجوديا وكيانيا وروحيا ’ من أهم شروط تبعية المسيح ( ...ليس لى انسان يلقينى فى البركة ..متى تحرك الماء) يو 5 : 7 . كان هناك زحام كبير ’ لكن الرجل قرر أن لا يستجدى انسانا لكى يلقيه ’ أحدهم ’ فى البركة ! قرر أن لا يصنع من عاهته ( الدينية أو الصحية أو النفسية أو الطائفية ..) مادة للتجارة والمزايدات الرخيصة ! جاء الأمر المباشر أن ( قم أحمل سريرك ...) ’ قرر الانتظار وان طال انتظاره ! ’ كان الشفاء كامنا فى الطاعة ! خبراء الكلام وأساتذة الجدل لم يفهوا شيئا ! بالطبع ! كل ما شغلهم ( لا يحل لك أن تحمل سريرك ’ لأنه سبت !!!) يو 5 : 11 . دول رؤساء الطوائف الدينية ووجهاء الأمة !!!
6 – زاد الطريق (يوحنا 6 )
التبعية الصادقة يلزمها طعام صحى وخبز حقيقى وشركة ’ هنا يقدم السيد نفسه خبزا لتابعيه ’ ولكى يقودهم فى مدرسة التبعية تدريجيا ’ قام باشباع الجموع بالخمس أرغفة والسمكتين ’ ورد بهذا عمليا على اعتراض فليبس والذى صار اعتراضنا جميعنا ( من أين !!! لا يكفيهم !!!)يو 6 : 7 . وأما يسوع فلم يدخل فى حوار أو جدل بل ( رفع عينيه ...)’ ينسى الكثيرون الغلام الذى ’ ربما أو فى الغالب ’ كان ذاهبا بالخبزات والسمكتين الى بيته وتنتظره أفواه كثيرة ’ قرر أن يتبع السيد وقدم ’ طوعا ’ قوت يوم وعائلته ’ وتركه بين يدى المعلم ’ كم أود أن أرى بحثا تلرؤيخيا عن هذا الغلام ! هذا التكريس الصبيانى والبرئ ! لقد أخزى ’ بتسليمه قوت يومه ’ أغنياء كثيون من جيله ! أمرأة وغلام هم أول من تبع السيد وقدموا له كل ما يملكون ! الأولى (جرتها ) والثانى ( لقمة عيشه وقوت يومه ) ! هم دول تلاميذ السيد فى كل جيل ’ وهم دول التابعون الحقيقيون فى كل زمان ! ثم أنتقل المعلم وبمنهجية تعليمية رائعة فى أن يكلمهم عن ( أنا هو خبز الحياة ....) يو 6 : 35. هو هو خبز الحياة ’ وليتنفلق المتذمرون من المتهودين فى كل جيل وليخاصم الأغبياء ’ دينيا ’ بعضهم بعضا لأن الزمان ليس زمانهم بل زمان اللاهوت والمتألهون العقول من التابعن للسيد والمعلم ( يو 6 :41 ’ 52 ). التابعون الحقيقيون لا يتذرعون بالحجة البليدة والكسولة ( هذا الكلام صعب من يقدر أن يسمعه ! ) يو 6 : 60.

هنا دخلنا ف الجد ’ ووضعت الفأس على أصل الشجرة ’ شجرة تبعية المسيح ’ وبينما الكثيرون يمتنعون ويتراجعون ...يعطى يسوع الحرية لتلاميذه ومريديه وتابعيه ’ ( ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا ؟ ) يو 6 :68 ’ هنا ينبرى أحد التابعون أن يتولى عنا الاجابة ’ وهذا يحدث فى كل جيل ’ أن يجيب واحد صادق عن أمة كاذبة ! قالها بطرس وصارت حياة التابعين وقانونهم ( يا سيد ة الى من نذهب ......كلام الحياة الأبدية ...عندك ...) يو 6 : 66 . التابعون الحقيقيون لا يستلمون مسيرتهم من انسان ولا من تقاليد ولا من عادات لأنهم ’ وبكل تأكيد ’ سيخورون فى الطريق ’ بل ( نحن أمنا وعرفنا أنك أنت المسيح أبن الله ) يو 6 :69 . وهنا وأمام التلسيم الكامل للتلاميذ ’ لم يقدر المعلم الا أن يصارحهم بكل شئ لأن الطريق طويل والمسيرة تحتاج الى رجال ’ صارحهم بأن هناك حرام وسط اسرائيل الجديد ( ...أليس أنى أخترتكم الاثنى عشر وواحد منكم شيطان ...) يو 6 : 70 ’ ويصارحنا يوحنا باسم هذا الحرام وهو يهوذا ويحدد عمله ( المزمع أن يسلمه ) !!!
نكتفى اليوم بهذا القدر ونتابع فى المرة القادمة .
 

dimanche 31 juillet 2016

بين مسيح القرأن ومسيح المطران ! الأب الدكتور أثناسيوس حنين – مطرانية بيرية المقدسة – اليونان

بين مسيح القرأن ومسيح المطران !
الأب الدكتور أثناسيوس حنين – مطرانية بيرية المقدسة – اليونان
(ليس كل المسلمون أشرارا ’ كما أن ليس كل المسيحيون أبرارأ !) قول حكيم

كتب الاستاذ الفاضل فؤاد نجيب تعليقا على تعليق لنا فى حوار طويل مع المعلم بيشوى ’ على الفيس ’ ولم يعجبه رأينا قائلا وبدالة كبيرة "
(بزعل أوي أوي من قديسين روم وقديسين أقباط!!! خلقيديوني موحد بالله وألا مونوفزيتي كافر!!! ... الحق المسيحي واحد لا يفرق !!!)

ولم يكن يدرى الاستاذ فؤاد وهو من جيل الكبار والذين عانوا كثيرا ليستنيروا ولينيروا ’ أنه يتبنأ أى يعلم حقيقة حسب معنى التنبؤ فى العهد الجديد وهى ’ وحسب قرارات المجامع المسكونية السبعة وتاريخ العقيدة لمدة الفين سنة كاملة وشاملة هذا بدون حساب زمان العهد القديم والتراث الفلسفى القديم والثقافة المصرية ’ أن الخلقيدونى المستقيم الرأى هو فعلا موحد بالله فى المسيح الواحد والغير المنقسم والكامل فى لاهوته والكامل فى ناسوته ’ ليس للمنظرة أو لتعقيد الأمور أو للسفسطة البيزنطية حتى من يأتى الينا فى أواخر الدهور من يبشر بمسكونية تلفيقية لا طائل من ورائها غير الضحك على الدقون ! ’ بل لأجلنا ولأجل خلاصنا وتقديسنا وتأليهنا ’ ونسى صديقنا أو تناسى أن المجامع المسكونية من الرابع الى السابع قد أطلقت تعبير (الكفرة ) على الهراطقة والمونوفيزيتيين ! .
لقد ألهمنى هذا الحوار لكى ما أهدى للقارئ المصرى والعربى ايا كانت ركائبهم دراسة بسيطة فى حجمها ولكنها كبيرة فى معانيها وتحتاج لابحاث أعمق ووقت أوفر ’ وهى حول السؤال كيف أدت الهرطقة المونوفيزيتية ’ أى التنكر الكامل لكامل ناسوت المسيح فى كمال اتحاده بكامل اللاهوت فى كماله وكمال جماله ! نقول كيف ادت الى كوارث لاهوتية وانتكاسات انسانية وردات حضارية وتجليات وانتصارات عربية- اسلامية –عسكرية !. نعم لقد تصدى القرأن ’ فى ظروفه التاريخية وحسب طاقته وقتها ’ للهرطقة المنوفيزيتية ولهرطقة الثيؤباسخيتوس وهى البنت البكر للمونوفيزيتية أى انكار حقيقة جسد المسيح بل تبعات هذا الانكار على الانسان وحياته ومصيره الزمنى والأبدى ’ وكما سيؤدى الفكر المنو فيزيتى بالضرورة الى نسبة الام الصليب ليس الى ناسوت يسوع المتحد باللاهوت بل يتم نسبة الألم الى اللاهوت نفسه وهذا هو السبب وراءو رفض القران ارتباك العقل الاسلامى أمام موت المسيح واحتمال صلب اللاهوت كما هو واضح فى القرأن والتفاسير اللاحقة !!
لقد تسببت هذه الهرطقات فى انقسام المسيحيين وسقوط الامبراطوريات وانتصار العرب وتسليم المونوفيزيتيين واليعاقبة والنساطرة الشرق ومصر للعرب انتقاما من البيزنطيين ويذكر المؤرخون الثقاة أن البطريرك اليعقوبى ميخائيل السريانى (تنيح 1126 م) قد أحتفل بالاحتلال العربى كتحرر من نير البيزنطيين !. وقال وكتب "ان اله الانتقام او الاله المنتقم !!! قد خلصنا من نير الرومان أى البيزنطيين ’على يد الاسماعيليين " ولقد تكررت العبارة على لسان اسقف قبطى معاصر وهو الأنبا موسى اسقف الشباب !. هنا نعود الى واحد من أهم المراجع العلمية والتاريخية وهو كتاب القديس يوحنا الدمشقى اللاهوتى الهيللينى الثقافة والعربى اللسان
حول(أراء فى الاسلام ) باليونانية مع ترجمة فرنسية والذى أصدرته دار النشر الفرنسية سيرف :
Sources Chretiennes
No 383
Jean Damascene
ECRITS SUR L,ISLAM
Par
Raymond Le Coz
Les Edidtions Du CERF
Paris 1992
والقديس يوحنا الدمشقى ’ وان كان قد وضع كلامه عن الاسلام فى كتابه حول المائة هرطقة أو شيعة مسيحية الا أنه يعامل المسلمين معاملة خاصة اذ يقول " ويوجد ايضا ديانة الاسماعيليين والتى تنتشر وتسود فى ايامنا هذه" وهذا بحكم التعايش بينهم وليت كل المشغولون بالحوار مع الاسلام والجدل مع المسلمين الرجوع الى اسلوب الدمشقى الراقى والعلمى فى الحوار. يؤكد الباحث الفرنسى أن الصراعات الخرستولوجية فى القرن السادس ’ قد سهلت استيلاء العرب على سوريا ومصر 632 –661 م .
ما هو وضع المسيحيين وقت ظهور وانتشار الاسلام ؟
لقد أنقسم المسيحيون منذ مجمع أفسس 431 الى ثلاث كنائس وهى :
الكنيسة الخلقيدونية
الكنيسة المنوفيزيتية او اليعقوبية
الكنيسة النسطورية او كنيسة فارس
جاء عام 628 ليرى الخلقيدونيين منتصرين وذلك بعد معارك ضارية مع الفرس وأصبحت الكنيسة الخلقيدونية هى الكنيسة الامبراطورية البيزنطية الرسمية أو ما تبقى من المملكة . وتوالت الصراعات الخرستولوجية ولا نحتاج للتذكير بأن ظهور الاسلام ونبى الاسلام (570 – 632 ميلادية ) قد تزامن مع الأثار والتداعيات الكبيرة للمجمع المسكونى الرابع فى خلقيودنية 451 وما تبعه من رد فعل وتشدد المصريين والحكم على البطريرك ديوسقوروس (راجع مجموعة الشرع الكنسى ’ منشورات النور –بيروت 1984).
وهنا نأتى الى المطران وكيف فشل فلا ذريعا فى الدفاع عن مواقف الغير الخليقدونيين فى الحوارات اللاهوتية بين الكنيستين ’ ولقد حدث أن سأله اللاهوتيون البيزنطيون فى أحد جلسات الحوار عن الترنيمة الشهيرة بالثلاث التقديسات والتى تمت
هنا تمت اضافتها اى الثلاثة التقديسات وبحسن نية غير لاهوتية ! التى تنسب الولادة والصليب والقيامة الى الثالوث والالم الى اللاهوت على يد بطرس القصار والتى لا يزال يرتلها الاقباط الى اليوم وهى (قدوس الله قدوس القوى قدوس الحى الذى لا يموت الذى ولد عنا أرحمنا ’ الذى صلب عنا ارحمنا .الذى قام من الأموات ارحمنا .) ’ الترتيلة تبشر بولادة الثالوث وبصلب الثالوث كله وبقيامة وتخلط خلطا كبيرا بين الطبيعتين فى المسيح وتشوش الخلاص ’ وأذكر للتاريخ أن اللاهوتيون البيزنطيون قد طرحوا القضية على ممثل الكنيسة القبطية فى الحوار اللاهوتى وهو سيادة المطران بيشوى فحاول بذكائه المعتاد أن يهرب من الموقف قائلا ( اننا نقول قدوس الله قدوس القوى قدوس الحى الذى لا يموت ...للاشارة فى كل مرة الى اقنوم من الاقانيم .....جه يكحلها عماها مما أضحك اللاهوتيون البيزنطيون على كم السذاجة اللاهوتية التى يتمتع بها المطران !!!). وهنا نحن نرى أن القرأن قد قدم خدمة ليصحح أخطاء المطران وأسلافه ومن أهم الأخطاء نسبة الألم لله للاهوت للوغوس !
هنا ووقتها جأء الرد من القرأن وليس من المطران ووقف الفكر الاسلامى وقفة كبيرة وقفة كبيرة ضد المناداة بصلب اللاهوت وقال قولته الشهيرة والتى لم يبذل المطران ولا الباحثون والكهان المسيحيون جهدا كافيا وموضوعيا لفهمها فى سياقها التاريخى والرد فعلى بل وأنطلقوا فى مظاهرة دفاعية وتليفزيونية أصولية وغير لاهوتية وفواصل من الردح والدفاع الرخيص ضد الاسلام والمسلمين لا تشبع باحث ولا تغنى مؤمن بل تهيج المتعصبين وتثير غرائز الحاقدين من كل لون وتشعل فتيل الفتن بين جيران الحى الواحد(راجع رد القمص سرجيوس على الشيخين الطنيخى والعدوى : حول تجسد الله ولاهوت المسيح ’ وأيضا يسى منصور لكى لا ننكر المسيح وابو بشارة المقدسى (ما بين النور والظلمة) وغيرها من المؤلفات الدفاعية بلا منهجية لاهوتية وكما يستطيع القارئ أن يراجع الكم الهائل من الفضائيات التبشيرية الأسم والحقودة النية ! لا يمكن التبشير بدون حب !).
نحن نطرق باب الاجتهاد المسيحى ونقرع بخشوع على باب القرأن ونستسمح الفقهاء والمفسرين ونقول أن هذه العقيدة التى تنزه المسيح عن الموت فى لاهوته وتحترم ناسوته ’ بالرغم من موضوع الشبه’ واضحة فى القرأن الكريم وهى أن المسيح ’ فى لاهوته ’ لم يقتل ولم يصلب بل وقع الشبه على الذين قالوا بذلك أى’ أتباع المسيح المتخاصمون حول شخصه ! ’اتباع عيسى الذين لم يفهموا هل صلبوا اللاهوت أم صلبوا الناسوت وهذا انعكاس واضح للخلافات بيين اتباع الطبيعتين واتباع الطبيعة الواحدة مع العلم وحسب شهادة سيادة المطران جورج خضر فان العرب لم يتعرفوا على الارثوذكسية المستقيمة الرأى والتى تعلم بالطبيعتين لأنهم لو عرفوها فى صفائها لكان للقرأن رايا أخر أكثر وضوحا . بل تعرفوا على المسيحية الهرطوقية بسبب من الجوار والعراك مع النساطرة واليعاقبة والمونوفيزيتيين فى مصر وسوريا وبلاد ما بين النهرين وايضا وبسبب العداء المشترك للبيزنطيين ! يقول القرأن (وقولهم انا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ’ وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وان الذين اختلفوا فيه لفى شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله اليه وكان الله عزيزا حكيما ) سورة النساء 157 -158 ( وقولهم مفتخرين انا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ) فى زعمهم أى بمجموع ذلك عذبناهم ’ قال تعالى فى تكذيبه لهم فى قتله ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) المقتول والمصلوب وهو صاحبهم عيسى اى القى الله عليه شبهه فظنوه اياه ’ (وان الذين اختلفوا فيه ) أى فى عيسى (لفى شك منه ) من قتله حيث قال بعضهم لما رأوا المقتول الوجه وجه عيسى والجسد ليس بجسده فليس به ’ وقال أخرون : بل هو هو (ما لهم به ) بقتله (من علم الا اتباع الظن ) استثناء منقطع ’ أى لكن يتبعون فيه الظن الذى تخيلوه (وما قتلوه يقينا ) حال مؤكد لنفى القتل). راجع تفسير الجلالين ويؤكد الاب دره الحداد فى كتابه( شخصية المسيح فى القران ص 22) حقيقة هامة وهى أنه ( ...يجنح اكثر المفسرين المتاخرين من المسلمين على قصر الموقف السلامى من قتل أوة موت المسيح أو عن عن اخرة المسيح على سورة النساء والأية 156 وهذا التعبير ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ...)قد اثارت جدلا طويلا عقيما وانقسم القوم حول الموضوع فرقا : هل قتل احد بدل المسيح أم لا ؟ وعند من قالوا بمقتول بدل المسيح هل القى على المقتول شبه عيسى أم لا ؟ وبعد ان يسرد الرازى برصانته المعهودة روايات الشبه يختم بقوله "وهذه الوجوه متعارضة متدافعة ’ والله اعلم بحقائق الامور ".
يذهب بنا الظن أن القرأن يعرض للمشاحنات بين المسيحيين اصحاب الطبيعة وأصحاب الطبيعتين واصل قضية الشبه هى قضية مسيحية تنسب الى طائفة الدوكتيون والذين هم امتداد للقضية الشهيرة حول طبيعتان المسيح والتى كانت لا تزال تشغل العالم المسيحى بشهادة القرأن والتى لم يفهمها الكتاب المسلمون ولديهم العذر فى ذلك ’ هم قرروا أمرا مقضيا بخصوص القضية التى لم يفهموا أبعادها اللاهوتية بسبب الصراعات الدائرة حولها ! (وان الذين اختلفوا فيه لفى شك ) وهنا الاشارة واضحة الى المعارك الخرستولوجية فى القرون الخامس والسادس والسابع ’ السؤال الذى يطرحه القرأن ’ فى الأعماق ’ هو فى النهاية من هو الذى علق على الصليب مع التشديد على تنزيه اللاهوت من أن يصلب !
وهنا ننتقل من القرأن الى المطران ’ وهو الأنبا بيشوى مطران دمياط والذى يصول ويجول هذه الأيام لكى يوهم السذج بأنه بطل الحوارات المسكونية وأنه قد قهر اللاهوتيين البيزنطيين فى عقر دارهم وأن الوحدة الوهمية القائمة فى دماغة هو فقط ! والتى هو صانعها على الأبواب ’ لعله يحارب أخر معاركه بدلا من أن يذوق حلاة التوبة ويستنير عقله ويتأله كيانه ويصمت لعل مراحم الرب تدركه ! حسب تعبير صديق مشترك بيننا!!! والذى ’ أى المطران الدمياطى حسب تعبير صديقى ماجد منصور ’ سأله أحد كبار اللاهوتيون فى الجبل المقدس أثوس هذا السؤال ( من هو الذى صلب على الصليب ؟ )

ΠΟΙΟΣ ΣΤΑΥΡΩΘΗΚΕ ΠΑΝΩ ΣΤΟ ΣΤΑΥΡΟ ?
’ ونقولها شهادة للتاريخ وضميرى شاهد على بالروح ’ وكاتب هذه السطور ليس لديه ما يكسبه ولا من دول ولا من دوكهم !!! وليس لديه ما يخسره لأنه قرر أن يعيش فقيرا لله ومكرسا للبحث ومقاومة التلفيق والملفقين وبعد أن صبرنا عليهم كثير ’ وظنوا وهنا كل الظن أثم ’ أن صبرنا رضا وأن تواضعنا خنوعا أو أن ذوقنا خوفا ونحن نعتقد أننا لسان حال الكثيرين فى مصر الطيبة من الأغلبية الصامتة على حد قول طيب الذكر المستشار وليم سليمان والذى ناله هو الدكتور سليمان نسيم من الحب الحقود والمريض جوانب !! ولكن يبدوا أنه اللى أختشوا ماتوا فى هذا الزمان الردئ جدا كما يقول العرب وكما يبدو أن الخطيئة الحقيقية تكمن فى انعدام الحس كما يقول باسليوس الكبير ! كان يجب أن نذكر أنه قد قامت احتجاجات كبيرة على ما وصل اليه الحوار اللاهوتى بين الخلقيدونيين وبين الغير الخليقيدونيين من كافة أرجاء اليونان وروسيا وقبرص ’ من نتائج متسرعة وبلا تأصيل لاهوتى (قيل نفس الكلام فى المجمع الارثوذكسى الأخير فى كريت ) وعلى أثر ذلك قام البطريرك المسكونى برثوليماؤس هذا الانسان العظيم والذى يحب الشرق والشرقيين والاقباط ويكفى أن أذكر انه حينما رأى مدى تعبى فى تجديد الاقامة وانا كاهن قبطى فى اليونان ’ قام براسل ر اسلة الى وزير الداخلية اليونانى الذى قام بمنحى الجنسية اليونانية تكريما لى على جهودى فى دعم العلاقات بين مصر واليونان ووبين الكنيستين ’ بطريرك خلقيدونى يسعى لكى ما يحصل كاهن قبطى على الجنسية اليونانية! ’ نقول قام البطريرك بتوجيه الدعوة الى لقاء بين اللاهوتيين من الجبل المقدس اثوس وبين رؤساء لجان الحوار من الجانب البيزنطى المطران دمسكينوس ومن جانب العائلة الشرقية المطران بيشوى والذى أنفرد بالرئاسة عنوة وفتونة ولم يعطى فرصة لأى لاهوتى أثيوبى أو أرمنى للمشاركة فى الرئاسة حسب شكوى شخصية بثها لى شخصيا مطران أرمنى ولاهوتى معروف وبيفهم أحسن من مطراننا ! ’ وقد تم اللقاء بناء على طلب البطريرك المسكونى كيريوس كيريوس بارثوليماؤس وكان كاتب هذه السطور حاضرا بصفتىه كاهن الاقباط فى اليونان و مترجم وكما كان حاضرا كل من الدكتور اللاهوتى والمؤرخ ماجد صبحى (الاب باسليوس صبحى) والدكتور الدياكون الليتورجولوجى رشدى واصف وبعد أن عرض المطران القبطى لنتائج الحوار اللاهوتى من وجهة نظره ’ بادره اللاهوتى الاثوسى الأرشمندريت جيوروجيوس كابسانيس بالسؤال :

من هو الذى صلب على الصليب ؟
ΠΟΙΟΣ ΣΤΑΥΡΩΘΗΚΕ ΠΑΝΩ ΣΤΟ ΣΤΑΥΡΟ ?

هنا نرى العجب العجاب ’ نفس السؤال الذى حير المسيحيين وأدى بالمسلمين أن يلوا بدلوهم فى الحوار القائم لينقذوا ما يمكن أنقاذه من كرامة اللاهوت الواحد الأحد والذى لا يتألم ولا يصلب ! يتم طرحه على المطران القبطى وهنا قام سيادة المطران القبطى بالرد ردا عاما وعائما بلا أية شروحات لاهوتية أو توضيحات خرستولوجية ولم يبدوا أن اللاهوتى الأثوسى قد أقتنع بالاجابة ! لأنه وان قال المطران ان الذى صلب هو الله فسيقع فى بدعة صلب اللاهوت وان قال ان الذى صلب هو المسيح سيقع فى الخلط لأن السؤال سيكون أى مسيح هو الانسان أم الاله ’ فأستعمل الاسقف ذكائه كالعادة وقال :أن الذى صلب على الصليب هو اللوغوس ؟ ولكن أى لوغوس ؟ لم تسعف الاجابة المطران القبطى لأن المخرج الوحيد من هذه الأزمة هو الطبيعتان فى المسيح الواحد ’ لقد صلب اللوغوس فى طبيعته الانسانية مع استمرار اتحادها باللاهوت اللوغوس الذى لا يموت بدون اختلاط ولا امتزاج ولا انفصال ولا تغيير حسب قرار مجمع خلقيدونية الرابع 451 ميلادية ! لقد أختلط الأمر على الاسقف القبطى ووقع تحت الحكم القرأنى بأنه قد شبه له ’ شبه له لأنه لو كان يعرف المسيح فى ملئ لاهوته وناسوته لأمكنه الاجابة !! لقد شبه (بضم الشين وكسر الباء وفتح الهاء ) المسيح لسيادة المطران ولم يدرك عمق المسيح الذى يدعى أنه يحبه وكم أضطهد ابرياء وشتت علماء من أجل أسم المسيح الذى لا يعرفه فى أعماق لاهوته وناسوته ! كان القرأن أذكى من المطران ! ومن هنا نخلص الى الفكر الاسلامى قد نزه اللاهوت عند الألم بينما المطران لم يقدر أن يفسر المسيح تفسيرا مستقيما وأتهم اتباع المسيح ’ ومنهم المطران ’ بالخلط الخطير فى شخص المسيح حسب تفسير الجلالين .
الشئ الخطير حقا هو أن المطران الذى لم يرتفع فهمه الى مستوى القرأن يفتخر ويتفشخر بارثوذكسيته !!! وفى ذات الوقت يهاجم وبشراسة أهم عقائد المسيحية مثل شركة الطبيعة و التأله ومن أين له أن يفهم التأله وهو يرفض الطبيعتان فى المسيح قبل الاتحاد وبعده فى المسيح الواحد حسب كيرلس الذى يدعى المطرانه أنه يفهمه ! ويوهم ويخدع ويورط البسطاء من الشباب والصبايا بأنه حامى حمى الايمان وأنهم هم حماة الايمان ويوقع الشباب الطيب فى بعض وهو نايم فى قصر السلطان !!!
لقد قمت ششخصيا فى جلسة مودات مع المطران بمحاولة لشرح الأية البطرسية من النص الأصلى (2 بطرس 1 ’ 4 )’ وقلت له أن كلمة (الفيسيس) فى الأية ليس بها أداة تعريف ومن هنا نحن شركاء فى طبيعة الهية وليس فى الطبيعة الالهية ’ كما ترجمها المرحوم فاندايك البرتستانتى ! وهى أى الطبيعة أو طبيعة ’ قلت ’ الطبيعة الناسوتية المتحدة باللاهوت ’ وهنا نحن نشارك الطبيعة الناسوتية للمسيح والمتألهة فى شركتها باللاهوت ’ وفرح المطران بالكشف ولكن فرحه كان وقتيا ’ و لم يحوله الى موقف لاهوتى وتوبة لاهوتية وعلمية ! . كما كنا قد قمنا بترجمة مقال للمطران تم نشره فى الكرازة ونشرناه على موقعنا فى الفيس بوك يتسأل (لماذا التجربة ؟ مجلة الكرازة يوم الجمعة 30 يناير 2015 ) وهو فى هذه المقالة يعترف بالايمان المونوفيزيتى فى أسواء صوره وينأى بالمسيح عن قبول التجربة كأنسان كامل وحر الارادة ويبشر بالقدرية الكئيبة ويلوى عنق الأيات بشكل يحسده عليه أعتى الهراطقة ’ ’ ولقد قمنا بترجمة المقال للغة اليونانية ’ وهنا أصابت الصدمة الكبرى اللاهوتيين والأباء وقاموا بنشر تعليقات على أن أوطاخى نفسه الى جانب المطران القبطى ’ سيشعر ’ أى أوطاخى ’ أنه بطل وأرثوذكسى !
لقد كأن القرأن أرحم بالمسيحيين من المطران الذى لم يسلم أحد من بطشه الا المنافقون والأفاكون والمرتشون ! ألم يتم رسامته اسقف فى سن غير قانونى وأرتقى السلالم الاسقفية فى لمح البصر لأن النقيب خاله ! أما يفيق القبط ’ أهلى وأقربائى حسب الجسد ’ من الغيبوية ! العالم ينتظر نهضتكم !
أنا حقا ممنون وشاكر وعارف بالجميل مرة للقرأن ومرات للمطران ’ للقرأن لأنه أنارنى فى حقيقة تاريخية كنت أجهلها ولا أفقه كنهها ولا أدرك معناها وهى حقيقة عدم صلب اللاهوت ’ فله منى الشكر ’ وأنا ممنون وعارف بالجميل للمطران لأنه حينما كتب قرار شلحى فى ورقة من بضعة سطور ’كان يصلبنى صليبا وثنيا بلا قايمة ’ هكذا ظن ! فى انسانى الضعيف وظن أنه لا قيامة لجسدى الا بعد بوس القدم وابداء الندم أمام الباب العالى ! وقد قمت بترجمة القرار باللغة اليونانية ’ لتكريم المطران ’ وحينما قرأئه الأباء واللاهوتيون فى اليونان وقبرص والأديرة وغيرها ’ أدركوا أن المطران القبطى رئيس لجنة الحوار اللاهوتى يحتاج الى تعليم اساسى فى اللاهوت والحق الكنسى والانسانى وأنه فعلا يمثل المونوفيزيتية الهرطوقية فى أوسخ صورها لأنه لا يتورع عن يلغى الانسان بجرة قلم ’ لن أنسى ما حييت عبارته حينما علم بموت الاب الدكتور اللاهوتى صموئيل وهبة وكنا فى اليونان ووقتها قال له الأب ماركوس ناشد تلميذى النجيب (دريت يا سيدنا أن ابونا صموئيل وهبة مات ؟ فرد المطران ردا يصير بجانبه القرأن صانع سلام " أنا عمرى ما شفت سيدنا البابا فرحان زى فرحه لما سمع بموت صمؤئيل وهبة " !!!!!!!!!!!!!!! أذا لم يكن المطران ومن يسكت عليه هم قتلة الرسل والأنبياء ’ فمن يكونوا ’ على أى حال ليكونوا ما يشأؤن وأن يتقوفوا أن يدعون أنهم ارثوذكس ومستقيموا الرأى وهم قوم لا يفقهون !!! ولم يهتم ’ المطران ’ بأية مبررات انسانية ولا لا هوتية تبرر فرحه بموت الاب صمؤئيل ولا بقرار شلحى ’ ولم يوثق قراره أمام العالم اللاهوتى وأمام الكنائس التى يريد الاتحاد بها !!!’ أى أنكر جسد الحقيقة اللاهوتية وبعهدها الناسوتى وشتت عائلات كثيرة وعلماء لا ذنب لهم الا أنهم أعطوا كل شئ ’ للكنيسة ’ أم الشهداء ’ حتى الثمالة ’ يعنى مصر بخير بمجالس برضة بمجالس العائلة التى تصلح بين المصريين الطيبيين بينما السلطان العثمانى المطران بيشوى لم يعترف بوسائط ولا صلح ولا تسامح ولا توسلات العائلات ! اليس من يزرع بالحقد بالحقد يحصد !! قانون الهى !! وكم ادميت أيادى الصادقون من كل أرجاء العالم وهم يكتبون الرسائل يشحتون الرحمة ويتوسلون العطف من أردوغان الكنيسة القبطية العثمانى !!! ولا حياة ولا حياء لمن ينادى !!!.
أنا ممنون للقرأن وللمسلمين لأنهم قد أوضحوا لى موقفا تاريخيا ينير على واقع معاصر وأعتذر له وللمفسرين المسلمين أننى قد تأخرت فى الفهم ,ادعو الكتاب والمفكيرن لقتل هذا الموضوع بحثا لأنه مساهمة اسلامية كبيرة فى سلام فكر المسيحيين .’ كما أننى ممنون للمطران لأنه حررنى وأطلقنى لكى مأ أخدم الرب فى كل انسان ’ وخاصة فى مصرنا الحبيبة ’ فى ملء حرية الانجيل وشروحات الأباء وعلامات الزمان الثقافى . ورب ضارة نافعة جدا .