jeudi 7 avril 2016

بولس رسول الامم------بولس رسول الامم وفرط الاعلانات(2كو12 :7 ) الاب الدكتور أثناسيوس اسحق حنين



بولس رسول الامم------بولس رسول الامم وفرط الاعلانات(2كو12 :7 ) ,

                                                           الاب الدكتور أثناسيوس اسحق حنين


(2كو12 :7 )
ماذا أعلن الرب له ؟
للبروفسور ستليانوس بابادوبلوس استاذ اللاهوت وعلم الابائيات بكلية اللاهوت جامعة أثينا باليونان ونقلها الى العربية الاب الدكتور أثناسيوس اسحق حنين
وردت هذه الداراسة فى العمل العلمى الكبير الذى صدرعام 2007 عن المؤتمر العالمى الذى أنعقد بمدينة كورنثوس فى مناسبة مرور 1950 عاما على كتابة بولس رسائله الى هذه المدينة ولقد تم اصدار هذه الدراسة القيمة والنافعة للاهوتيين والوعاظ والشعب كله وحتى الباحثين عن ثقافة مسيحية فى كتيب يتكون من 55 صفحة من القطع الصغير وتزين الغلاف أيقونة(وليست صورة) قديمة للرسول بولس وسنحاول ايجاز مضمون الكتاب لفائدة قرائنا الاعزاء عشاق الدراسات اللاهوتية
وما يميز البروفسور بابادوبلوس أنه ليس فقط عالما كبيرا ولاهوتيا مرموقا فى الاوساط اليونانية وخارجها بل هو عابد وناسك ورجل صلاة ومختبر نعمة ويكتب من فضلة القلب ولقد وافق على ذهاب أبنه الوحيد للترهب فى احد أديرة جبل أثوس العامرة بأسم الاب فيلوثيؤس(حبيب الله)والى جانب هذا كله فهو محب للكنيسة المصرية ولاثارها ولقديسيها ولقد كان له دوركبير فى دعم نمو اللاهوت القبطى المعاصرليعود الى احضان لاهوت الاباء العظام أثناسيوس وكيرلس والنساك العظام انطونيوس وبولا وشنودة بعد سبى طويل فى متاهات اللاهوت المدرسى للعصر الوسيط وتأثيرات الغزو العربى واسلمة الفكر اللاهوتى الشرقى وذلك بدعم وتشجيع الدارسين الاقباط فى اليونان روحيا وماديا وقد اهدانا الكتاب بشكل شخصى وفرح اننا سنقدمه للقارئ العربى وسبق ان ترجمنا ونشرنا على نفس الموقع دراسة هامة لبابادوبلوس عن المجمع المسكونى الرابع(خلقيدونية) من وجهة النظر البيزنطية حتى يقف الدارسون الاقباط على وجهة النظر الاخرى فى العائلة الارثوذكسية البيزنطية
أولا –دعوة الرب لبولس :
أن خطة الله لخلاص الجنس البشرى لهى دائما سر كبير(ميستيريون ميجغاμέγα μυστήριο
ولقد شغل شرح هذا السر ومازال يشغل الانسانية جمعاء وهو يشغل بشكل خاص كل من يسعى ليعيش ويختبر بشكل شخصى وتراثى معاصر ارادة الله ولهذ يزداد أندهاشنا وذهولنا الروحى أمام أختيار الله للاهوتى عبرانى من يهود المهجر المتعصبين لكى يبشر بالمسيح للامم ولكى يصير أنائه المختار ولقد كان (شاؤول) أى بولس من (الغيورين) أى من حزب العبرانيين المتشددين ومارس نشاطا كبيرا فى مطاردة اعضاء الكنيسة المسيحيين حسب اعترافه (فأنكم سمعتم قبلا بسيرتى فى الديانة اليهودية أنى كنت أضطهد كنيسة الله بأفراط وأتلفها وكنت أتقدم فى الديانة اليهودية على كثيرين من اترابى فى جنسى اذ كنت أوفر غيرة فى تقليدات أبائى)غلا 1 :13 -14
والشئ العجيب فى قصة تحول بولس هو أنه بينما أعد يسوع المسيح تلاميذه الاثنى عشر ومعهم جمع من التلاميذ لتكميل عمله بعد ان سمع التلاميذ تعاليم السيد وعاينوا المعجزات وتابعوا الامه وعرفوه قائما وقبلوا وعد الروح فى يوم الخمسين لكى يفهموا ما قاله لهم ولكى يقودهم اى يعلن لهم (جميع الحق )ولكى يشددهم فى عملهم (يو 16 :13 ) فلقد أعد الرب مبشر الأمم خارج اليهودية الفلسطينية فى المهجر بشكل مختلف تماما (أذهب فأنى سأرسلك الى الأمم بعيدا)أعمال الرسل 22 :21 فلقد دعا الرب بولس وجهزه بنور اصابه بالعمى وذلك بين عام 34-37 م بينما كان ذاهبا على رأس قوة عسكرية الى دمشق للقبض على المسيحيين ووقتها (بغتة) أشرق عليه نور من السماء فسقط بولس على الارض وقد أصابه العمى (أعمال الرسل 9 :3 و22 :6 )وسمع فى ذات الوقت صوت الرب (شاؤؤل شاؤؤل لماذا تضطهدنى؟) وحينما سأل بولس مندهشا عن مصدر الصوت سمع الاجابة (أنا هو يسوع الذى أنت تضطهده)أعمال الرسل 9 :4-5 و22 :7-8 ومنذ تلك اللحظة سلم شاؤؤل نفسه بالكلية لسر المسيح Το Μυστήριο του Χριστού
وحتى ولو لم يكن فى هذه اللحطات يفهم هذا السر فهما كاملا الا انه قبل وأختار الطريق الذى سيقوده ليصير الرائى بولس رسول الامم (اليهود المهاجرين كمواطنين رومانيين كان لديهم العادة ان يكون لهم اسم اخر رومانى للتعامل مع السلطات الرومانية) والذى يدل على تسليم بولس لنفسه لسر المسيح بلا قيود ظهر فى أجابته بدون تردد على صوت الرب (ماذا أفعل يارب ؟)أعمال 22 :10 وهو يذكرنا بتسليم العذراء مريم لهذا السر ساعة البشارة (هوذا أنا أمة(عبدة) الرب ليكن لى كقولك)لوقا 1 :38 فلقد قبل وصية الرب ان ينقاد (منقاد باليد) الى دمشق وهناك يقبل ما سيقال له من قبل الرب ان يفعل ولقد شكل اداة قيادة بولس لسر المسيح انسان مسيحى صالح من دمشق هو حنانيا والذى قبل فى رؤية وصية ان يقوم بزيارة بولس لكى يعيد له البر ولكى يطمئنه انه سيمتلئ من الروح القدس وسيعتمد وسيعرف مشيئة الرب (أعمال 9 :15 -18 ) ولابد أن نتأمل فى رسالة الروح لبولس على لسان حنانيا (فقال له أله أبانا أنتخبك لتعلم مشيئته وتبصر الباروتسمع صوتا من فمه لأنك ستكون له شاهدا لجميع الناس بما رأيت وسمعت)أعمال 22 :14-15 وتشكل ارسالية حنانيا اول مرحلة فى اعداد رسول الامم وتربيته فى سر المسيح وأن الرب سيظهر له ماذا يجب ان يفعل وانه سيقبل الروح القدس وانه سيعرف ذاك الذى تمم مشيئة الاب يسوع المسيح وسيسمع من فمه الطاهر كل ما يخص رسالته ووقتها أعتمد شاؤؤل وكان مستعدا أن يقبل الروح القدس لانه (لما سر الله الذى أفرزنى من بطن أمى ودعانى بنعمته ان يعلن ابنه فى لابشر به بين الامم )غلا 1 :15-16 ( فأعلنه لنا بروحه لأن الروح يفحص كل شئ )1كو 2 :10
أن عمل الروح القدس الاعلانى فى شاؤؤل صار ممكنا حينما تحول بالمعمودية الى هيكل (سكن) للروح القدس (1كو 3 :16 و6 :19 ) ولم يصاب بولس بحالة هذيان وتغرب عن حياته فى هذا الحلول للروح القدس مثلما يعلم الفلاسفة اليونانيون وحتى لو استعمل بولس كلمة فلسفية (غيبة ) فى أعمال 22 :17 لكى يبين اليقظة الروحية التى كان عليها وليس ليقول أنه قد خرج من ذاته الرديئة الشريرة ومن جسده الردئ وسجن الروح كما يعلم افلاطون بل الى اختبار روحى فى الجسد اعلى فكل الرؤئ والاعلانات والاختبارات الروحية تتم فى كل شخصية الانسان كل انسان وكل الانسان وليس فى جزء منه بمقدار ما تحرر القلب من ظلمة الخطية وهذا هو الفارق الجوهرى بين النسك الوثنى والنسك المسيحى الارثوذكسى(رو 1 :21 ) وحتى الايمان بالمسيح كالله ورب ومخلص هو نتيجة فعل (الانيرجيا) الروح القدس (1كو 12 :3 )
ثانيا :أعلان المسيح ذاته لبولس شخصيا وأرسالية بولس
ما دام الروح القدس هو الذى أعلن لبولس سر المسيح وعمله الخلاصى فأن رسالة بولس ولاهوته يدينان بالفضل للأعلان الالهى ولم يتردد بولس نفسه أن يعترف انه يمتلك روح الرب (وأنا أعتقد جازما (وليس أظن كما فى ترجمة فاندايك البروتستانتى التى بين يدينا لأن بعض الظن أثم) أنى عندى روح الرب) 1كو7 :40 بينما فى موضع أخر يؤكد أن الذى يتكلم فيه هو المسيح(اذا انتم تطلبون برهان المسيح المتكلم فى )2كو 13 :3 ولقد أضطرحينما هاجمه المشككون الى أن يقارن بينه وبين باقى الرسل وانه لم ينقص شيئا عن باقى الرسل (2كو 12 : 11 -13 ) وذلك حينما شكك البعض فى رسوليته وأختباره وعبوره (غلا 1 :15 -16 ) بل وزاد قائلا (اعرفكم أيها الاخوة الانجيل(اى البشارة) الذى بشرت به انه ليس بحسب انسان لانى لم أقبله من عند انسان ولا علمته بل باعلان(ابوكاليبسيس) يسوع المسيح) غلا 1 : 11 -12 ولكى يقنع الغلاطيين المتشككين أضاف بعض المعلومات التاريخية التى تعطى مصداقية للفكر اللاهوتى والمعلومة الاولى هى انه بعد اعتماده لم يذهب الى اورشليم لكى يتعلم الانجيل من الرسل الذين سبقوه ولكن انطلق الى العربية (غلا 1 : 17 )حيث عاش خلوته الروحية وزادت الاعلانات ولكن هذا لم يمنع من المبدا المكمل لهذا الاختبار الشخصى وهنا المعلومة الثانية وهى الشركة فى نفس الاختبار مع الاباء الكبار لاستمرار التقليد الابائى الذى هو الاطار والضمان لانجيل بولس الذى جدد وطور التراث السائد بالروح القدس و بموافقة الرسل (ثم بعد ثلاث سنين صعدت الى اورشليم لأتعرف ببطرس فمكثت عنده خمسة عشر يوما ولكننى لم ارى غيره من الرسل الا يعقوب اخا الرب )غلا 1 : 18 -19 قطعا عرض عليهم ما يعرفه ويبشر به عن المسيح وفى زيارة له الى اورشليم بعد اربعة عشر عاما اى حينما عقد المجمع الاورشليمى تقابل مع يعقوب وبطرس ويوحنا وأعمدة أخرى فى الكنيسة والذين عرض عليهم تعليمه وبشارته اى انجيله الذى بشر به بين الامم وحينما سمعوه بشكل خاص لم يجدوا جديدا ينقص بولس يجب ان يضيفوه والشئ الرائع ان اولئك الرسل الذين تتلمذوا للرب نفسه ثلاث سنين وحضروا يوم العنصرة وجدوا ان بولس يبشر بنفس التعليم فالذى قبله بولس باعلان خاص اتفق تماما مع ما يعرفه تلاميذ الرب(غلاطية 2 :1-9 ) والشئ المؤكد أن انجيل بولس كان أكثر شمولا من انجيل بطرس للسبب البسيط وهو ان بولس كان يحتاج ان يبشر بشكل اشمل واكثر تفصيلا بسبب نوعية المشاكل التى تعترضه ويعد بولس من اوائل اللاهوتيين فى الكنيسة والذى قدم بشارة شاملة ولكنها تتفق مع التراث البشارى الاول
ثالثا:ما هى أسلحة بولس فى البشارة ؟
1 –الرسول بولس فى حالة عنصرة دائمة
2 –لم تلغى الاعلانات الكثيرة امكانيات بولس البشرية بل هذبتها وجملتها مثل اللغة العبرانية واليونانية والثقافة فقد كان موهوبا حسب الجسد واستخدم مواهبه لحمل رسالة الخلاص
3 – الثقافة الكبيرة والواسعة مثل الثقافة الهيلينية والفلسفة والتى درسها فى مدينته الام طرسوس بكيليكية والتى كانت مركزا علميا وفلسفيا كبيرا فى العالم القديم
4 –معرفته العميقة بالديانات الرومانية والوثنية الشرقية والواقع السياسى المعاصر له
5 –قبل كل المعارف يجب ان نذكر معرفته العميقة والاختبارية حتى التعصب بالديانة واللاهوت العبرانيين ولقد درس منهج تفسير الربانيين للاسفار عند المعلم الكبير غمالائئيل الاول والذى علم فى اورشليم
6 – معرفته العميقة بالعهد القديم والديانة اليهودية بشكل عام حتى سمى المفسر الاول للاسفار المقدسة فصار الفريسى لاهوتيا ولهذا فليس من الغريب ان يفسر العهد القديم بكل صعوباته فى سر المسيح ويؤكد ولاول مرة بهذا الشكل الواضح صدق النبوات المرتبطة بشخص المسيح فى الكنيسة ولا يتردد فى ان يستعمل التعبيرات الفلسفية الرواقية مثل الحرية والضمير(الالفاظ اللاهوتية المسيحية لها تاريخ وليست منزلة ) ولكنه مع كل هذا العلم وهذه الثقافة يؤكد انه لا يكرز بالمسيح (بحكمة كلام )1كو 1 :17 ويرى اللغويون الاختصاصيون ان لغة بولس اليونانية اعمق من اللغة اليونانية المعروفة فى زمان الرسل
بولس بشر بصليب المسيح وقيامته ضد العبرانيين وذبائحهم وحكماء وفلاسفة اليونانيين وضد المناخ الاستهلاكى الغارق فى المتع
أنا لم اعزم ان اعرف احد بينكم الا يسوع المسيح واياه مصلوبا (1كو 2 :2 و1تس 4 :14 ) وبالناموس لا يخلص احد (غلا 3 :11 ) وغاية الناموس هى المسيح (رو10 : 4 )
فلقد ذاب بولس حبا فى سر المسيح وحصرته محبة المسيح حسب تعبيره(غلا2 :20 )فالانجيل الذى يبشر به ويجب ان يبشر به كل واعظ هو (رو 1 :1-7 ) فان عمل الناموس عند بولس ينتهى بعمل المسيح (رو 10 : 4 )والذى به وحده اى بالمسيح وليس بالناموس يتم التبرير والخلاص (رومية 3 :20-21 و28 وايضا غلا 2 : 21 و16 و3 : 11 )
رابعا :بولس وسر المسيح فى الكنيسة
يعد بولس هو اول لاهوتى يتكلم عن استمرار عمل المسيح الخلاصى فى الكنيسة وهو ايضا اول من علم ان الكنيسة هى جسد المسيح الواقعى والفعلى وليس الرمزى او الوهمى والمؤمنين هم اعضاء حقيقيين فى جسد المسيح لانهم يشتركون واقعيا فى جسد الرب ودمه ورأسها المسيح (أفسس 1 :2 و2 :3 وايضا1كو 10 :16-17 و11 :23 و24 و26 ) ويستعمل البروفسور بابادوبلوس التعبير الابائى (الواقعية الافخارستية) وليس تعبير (الاستحالة الجوهرية) الذى هو تعبير دخيل على اللاهوت الارثوذكسى وهو تعليم الكنيسة الكاثوليكية الرسمى حسب مجمع ترنت فى القرن السادس عشر ويؤكد بولس على ان سر الافخارستيا قد استلمه من الرب وهو يسلمه للمؤمنين(1كو 11 :23 ) وبولس لا يطلب من الناس ان يعرفوا المسيح معرفة عقلانية بل يطلب التحول الجذرى للمسيح بالنعمة والجهاد والنسك
خامسا   بولس يعلم ان الخلاص هو فى المسيح بالروح القدس
تشكل الحياة فى المسيح والوجود فيه الالف والياء فى لاهوت بولس فالحياة فى المسيح هى (الخليقة الجديدة ) عند بولس والتى لاجلها ولاجل تحقيقها تأنس أبن الله( أن كان احد فى المسيح فهو خليقة جديدة الاشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدا )2كو 5 :17 (لاحيا لا انا بل المسيح يحيا فى فما احياه الان احياه بالايمان ايمان ابن الله الذى احبنى واسلم نفسه لاجلى )غلا 2 :20 ورومية 6 :10 ففى المسيح يتم جمع كل شئ (الاناكيفاليوسيس)افسس 1 :10 ويبشر بولس المؤمنين بانهم اعضاء فى جسد المسيح اعضاء حقيقيين وواقعيين وهو لحم من لحمه وعظم من عظامه وهذا يتحقق عمليا فى الافخارستيا وهذا يتحقق من خلال تأنس الله فى المسيح واتحاد الطبيعة اللاهوتية بالناسوتية لان فى الناسوت وبالتالى فى الكنيسة وفى الانسانية انسانية يسوع(يحل كل ملء اللاهوت جسديا )كو 2 :9 وتيطس 2 :13 وفيليبى 2 :6 وكل هذا السر اللاهوتى لحضور المسيح فى الكون والناس والكنيسة والمؤمنين يقوم على عمل الروح القدس الفاعل والحاضر والبداية فى هذا الطريق هو المعمودية فى الروح القدس للانضمام لجسد المسيح (لاننا جميعا اعتمدنا بروح واحد الى جسد واحد) 1كو12 :13 وبولس الذى عاش خبرة الاتحاد بالروح القدس يطلب من المؤمنين ان يختبروا هذا الاتحاد بالروح القدس (2كو 13 : 13 بالروح (يتعطم المسيح فى جسدى )فى 1 :20 ووقتها يتحقق فى حياة المؤمن الحرية من الخطية والموت (رو 8 : 1-2 ) والمؤمن المسيحى مدعو حسب بولس ان يذوق هذه العطايا هنا على الارض والان فى كل زمان (لان ناموس روح الحياة فى المسيح يسوع قد اعتقنى من ناموس الخطية والموت....لان اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حيوة وسلام ....اما انتم فلستم فى الجسد بل فى الروح ان كان روح الله ساكنا فيكم ....وان كان روح الذى اقام يسوع من الاموات ساكنا فيكم فالذى اقام المسيح من الاموات سيحيى اجسادكم المائتة ايضا بروحه الساكن فيكم )رو 8 :1 -11
سادسا:المسيح حاضر حضورا واقعيا وليس شكليا ولا رمزيا فى الافخارستيا بالروح القدس
الخلاص عند بولس هو دعوة الله لنا للشركة معه فى يسوع المسيح بالروح القدس وهذا ميز بولس عن الديانة اليهودية التى تدعو الى اقامة علاقة عقلانية وطقسية وناموسية مع الله بدون شركة حقيقية وبلا سكنى للروح القدس (امين هو الله الذى به دعيتم الى شركة ابنه يسوع المسيح ربنا ) 1كو 1 :9 ويظهر ان دعوة بولس الى الشركة مع الله هى دعوة واقعية وليست نظرية او شفاهية من رؤيته للافخارستيا وهو اول لاهوتى أفخارستى فالخبز والخمر فى الافخارستيا اى كأس البركة يشكلون الشركة الواقعية مع الله (1كو 10 : 16-17)
ويصف بولس كيفية تأسيس الرب لسر الافخارستيا بشكل واقعى مذهل لا رمزية فيه ولا تلميحات بل بكل دقة يقول (لاننى تسلمت من الرب ما سلمتكم ايضا ان الرب يسوع فى الليلة التى اسلم فيها اخذ خبزا وشكر فكسر وقاال خذوا كلوا هذا هو جسدى المكسور لاجلكم اصنعوا هذا لذكرى كئلك الكاس ايضا بعد ما تعشوا قائلا هذا هو العهد الجديد بدمى ) 1كو 11 : 23-33 ويوضح الرسول معنى الايات التى تجرم الذى يتناول بدون استحقاق ولقد افاض الوعاظ فى التجريم على اساس اخلاقى سلوكى ولكن الحقيقة ليست فى التجريم الاخلاقى الرسول يضع الاساس اللاهوتى والخرستولوجى للتحذير من التناول بغير استحقاق وهو (عدم التمييز ) بين الجسد الحقيقى والدم الحقيقى والشبهية والرمزية التى كان ينادى بها الهراطقة من الغنوسيين والدوكيتيين والتى قاومها يوحنا الحبيب واغناطيوس الانطاكى بعد بولس لانهم يرون الافخارستيا كطقس رمزى وليس حضورا واقعيا للرب يسوع فالتمييز لاهوتى وخرستولوجى وليس مجرد اخلاق حميدة ومن ناحية اخرى بولس لا يبشر باخلاقيات مسيحية بل بانسان جديد وخليقة جديدة ومن من البشر يقدر ان يشعر ولو لحظة بالاستحقاق هذا تبشير بالبر الذاتى الذى حاربه بولس عند اليهود والمسيحيين المتهودين والاية واضحة وضوح الشمس (لان الذى يأكل ويشرب بدون استحقاق ياكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب )1كو 11 : 29 وهنا بيت القصيد فعدم التمييز هو خطأ روحى كبير فى حق واقعية جسد الرب ودمه الذى كان الهراطقة يقولون ان الرب لم ياخذ جسدا بشريا حقيقيا (وهذا يؤكد حقيقة تفسيرية هامة وهى ان الايات بدون خلفية لاهوتية وابائية ولغوية وليتورجية قد تؤدى بل تؤدى الى الهرطقات وتفريغ الايات من غناها اللاهوتى وقوتها لتصير مجرد دعوات اخلاقية الى ارضاء الله والسلوك الحميد والسعى لكى نكون مستحقين) وهذا هو نهج الرسول بولس رسول الامم واللاهوتى لاهوتى الواقعية الافخارستية وعدم التمييزوعدم التمييز هذا ادى الى وقوع الشعب الغير مميز لواقعية وحقيقة جسد الرب ودمه المحيين تحت العقاب (من اجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون)1كو 11 :29 ولكى يدعم كلامه عن الواقعية الافخارستية يذكر الكورنثيين بواقعية اكل ابائهم اليهود الذبائح وكيف ان اكل الذبائح يجعلهم شركاء المذبح (انظروا اسرائيل حسب الجسد اليس الذين ياكلون الذبائح هم شركاء المذبح)1كو 10 :18 فاذا كان الاسرائيليون وهم ياكلون ذبائح حيوانية يصيرون شركاء حقيقييون للمذبح وليسوا رمزيين فكم وكم من يأكل جسد ابن الله ويشرب دمه فهو شريك حقيقى لله فى يسوع بالروح القدس لان فى يسوع سر ان يحل ملء اللاهوت جسديا واذا كان هو كاله لا يحتاج الى هذا الملء يكون قد اخذه من اجلنا ونحن ناخذه فى الافخارستيا وهذا هو المعنى البولسى للشركة مع المسيح فهى ليست شركة رمزية ولا شكلية ولا ناموسية ولا تقوية بل شركة حقيقية كيانية ويسأل بولس المتشككين زمان واليوم(كأس البركة التى نباركها اليست هى شركة دم المسيح الخبز الذى نكسره اليس هو شركة جسد المسيح لاننا نحن الكثيرين خبز واحد لاننا نشترك فى الخبز الواحد )1كو 10 :14-17 ولهذا كان بولس يقاوم كل انقسام فى الكنيسة حتى لو كان باسم رسل كبار لان الانقسام هو انكار لوحدة الخبزة الواحدة وتمزيق للجسد الواحد هو انكار للكنيسة كافخارستيا والافخارستيا ككنيسة وها هو يخاطب اهل كورنثوس المنقسمين احزابا (هل انقسم المسيح )1كو 1 :13 وهنا نأتى لمعنى كلمة ذكرى عند بولس وفى كلمات الرب التأسيسية فهى الحضور الواقعى للمسيح بالروح فى الافخارستيا وليست شبها له فالكنيسة تصير كنيسة فى الافخارسنيا فى الروح القدس فالروح القدس هو هو وحده يقود الى جميع الحق(يو 16 :14 )وهو وحده يعلم ويذكر بجميع الحق الذى قاله المسيح والى المسيح نفسه والروح هو العامل والليتورجى فى الكنيسة واى معلم اخر يجهل او يتجاهل المسيح او ماذا قال وماذا سيقول عن المسيح هو معلم كاذب وغير صادق
سابعا:سكنى الروح القدس فى المؤمنين
ان الواقعية الافخارستية التى يبشر بها بولس تأتى من حقيقة اننا نحيا فى المسيح والمسيح يحيا فينا(رو 4 :6 ) والمسيح فيكم رجاء المجد (2كو 13 : 5 ورومية 8 :10 ) واحيا لا انا بل المسيح يحيا فى (غلا 2 : 19 ) وغيرها من المواقف التى تؤكد على شركتنا فى طبيعة المسيح البشرية المتحدة باللاهوت وهذا يفسر كيف نحصل على الحياة الابدية باكل جسد وشرب دم المسيح فى الافخارستيا(يو 6 :53 -58 )وهكذا فالانسان الذى يعتمد ويشترك فى المسيح بالافخارستيا يلبس المسيح (غلا 3 : 26 -27 ) ولم يتوقف بولس عند ذلك بل زاد من فيض الاعلانات واعلن ان المؤمن هو هيكل للروح القدس(1كو 16 -17 )ولروح القدس لا يسكن فقط فى قلب المؤمن بل ايضا فى جسده فالجسد هو هيكل للروح (ام لستم تعلمون ان جسدكم هو هيكل للروح القدس الذى فيكم الذى لكم من الله وانكم لستم لانفسكم)1كو6 :19 ولهذا يدق جرس التحذير من عاقبة من يفسد جسد ه لانه يفسد هيكل الله (1كو 3 :6و19 ) وذلك لان جسد المؤمن يصير بالافخارستيا جسد وعضو فى جسد المسيح وفى نفس الوقت هيكل للروح القدس واذا لم يكن الاتحاد بين طبيعة المسيح البشرية واللاهوتية اتحادا اقنوميا لا يمكن ان يصير المؤمن عضوا فى جسد المسيح اى الناسوت المتحد باللاهوت ولا هيكلا للروح القدس ويقاوم بولس الرنا لانه يحول جسد المؤمن من ةعضو فى المسيح الى عضو زنى (1كو 6 : 15-17 ) وهكذا فخطة الله لخلاص البشر من زمن التجسد وعمل المسيح الخلاصى يتم فى المسيح بالروح القدس وسكنى الروح القدس فى الانسان تتطلب نقاوة الذهن والقلب والجسد ايضا واصرار بولس على نقاوة جسد المؤمن والهروب من خطايا الجسد هو تأكيد على ان ما يأكله المؤمن هو هو جسد المسيح ويشرب دمه الكريم ولهذا يستخدم تعبيرات محددة وواقعية لا يداخلها الشك او التشكيك (اعضاء جسده من لحمه ومن عظامه )افسس 5 :30
لماذا تميز لاهوت بولس بهذا الشكل ؟ ليس لان بولس احسن من احد بل لانه سلم نفسه لسر المسيح بلا تحفظ وكتب قبل الاناجيل ليوضح اساسات حقائق الايمان المسيحى وواجه تحديات كبرى ذكرناها سابقا وهذا اعطاه الفهم ليقدم لاهوتا بالروح القدس (1كو 14 :37 و2كو 13 :3 )واحيانا كان يعطى رأيا شخصيا غير ملزم بل هو اجتهاد شخصى بلغة اليوم وهكذا صار بولس اول لاهوتى والاناء المختار والمنقاد من الله لكى يفكر لاهوتيا فى الكنيسة حول موضوعات تخص البشارة والكنيسة وقت لم تكن الاناجيل قد كتبت ولم يهمل ان يتكلم ملهما بالروح عن قضايا يومية تهم حياة وسلوك المؤمنين ولهذا فهو ليس فقط اول لاهوتى ولكنه اكثر لاهوتى فى تنوع الموضوعات التى كتب عنها اى كاتب من كتاب العهد الجديد

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire