الحوار
اللاهوتى بين الكنائس البيزنطية الأرثوذكسية والكنائس الشرقية
بين الواقع
والامنيات
تعريب الاب
الدكتور اثناسيوس اسحق حنين
مقدمة
للمترجم
تسببت
زيارة قام بها موخرا رئيس جهمورية أرمينيا الى اليونان فى فتح ملف ماضى وحاضر
ومستقبل الحوار اللاهوتى ين الكنائس الارثوذكسية البيزنطية والمعروفة بالخلقيدونية
وبين الكنائس الشرقية المعروفة بالغير الخلقيدونية.بدأت القصة حينما قام رئيس
جمهورية أرمينيا بزيارة غبطة رئيس الاساقفة اليونانى أيرونيموس الثالث فى مقره
بأثينا . قام الرجلان كالمعتاد فى مثل هذه المناسبات بتبادل الخطب الرسمية .جاء فى
خطاب رئيس الاساقفة عبارات تتحدث عن أن اليونان والأرمن كنائس ارثوذكسية قديمة
جمعهم دم واحد فى مواجهة المذابح التى قام بها الأتراك عام 1915 ضد الأرمن و
1920-1922 ضد اليونانيين سكان اسيا الصغرى. تم وقتها قتل وذبح السكان العزل وتهجيرهم
الى اليونان بعد اتفاقية تبادل السكان المعروفةوالتى تمت باشراف الدول الكبرى فى
لوزان بسويسرا.
تلقت
الأوساط اللأهوتية خبر اعلان المسئول الكنسى اليونانى رفيع المستوى بقبوله
ارثوكسية الأرمن بدهشة كبيرة وصلت الى حد الصدمة فلا يمكن أن تكون العبارت التى نطق
بها رئيس الأساقفة زلة لسان أو لون من المجاملات.الكنائس الأرثوذكسية ذات النظام
المجمعى الرصين والرسولى لا تؤمن بعصمة الرؤساء ولا بحقهم فى التدخل فى أى قضايا
بدون رأى أباء المجمع اللاهوتيين ويمكن اللجوء الى دكاترة فى اللاهوت وقت اللزوم
.لهذا قام اللاهوتيون الاثينيون وعلى رأسهم المطران أيروثيؤس والتسالونيكيين وعلى
رأسهم الاب البروفسور زيزيس والاباء رهبان جبل أثوس وعلى رأسهم الأب جورج كبسانيس
باتهام رئيس الاساقفة اليونانى بالتنازل عن الايمان ايمان الأباء والمجامع بخصوص
القضايا العالقة مع الكنائس الغير الخلقيدونية وأهمها القضية الخرستولوجية وعدم
قبول هذه الكنائس المجامع المسكونية الرابع والخامس والسادس والتى قررت هذه
العقيدة الخرستولوجية أى ما يتعلق بشخصية السيد المسيح له المجد.قام اللاهوتيون
اليونانيون مثل المطران ايروثئوس والاب البروفسور ثيؤدوروس زيسيس استاذ اللاهوت
بجامعة تسالونيكى بالدعوة الى عقد مجمع مقدس لمناقشة تصريحات رئيس الاساقفة وفتح
ملف الحوارات اللاهوتية مع الكنائس المذكورة. المطران ايروثيؤس وهو من اللاهوتيين
المعتبرين والنساك فى الكنيسة الارثوذكسية قاطبة وله من المؤلفات اللاهوتية المائة
والثمانين وأخرها أنه قام بتجميع المحاضرات والكاسيتات والكلمات التى القاها
اللاهوتى الكبير وأستاذ العقائد فى كلية اللاهوت بتسالونيكى والصليب المقدس
بالولابات المتحدة الاب جون رومانيدس وأصدرها فى جزئين تحت عنوان (العقيدة
الاختبارية للكنيسة الارثوذكسية).
Μητροπολιτου
Ναυπάκτου καί Αγ.Βλασίου
Ιεροθέου
Εμπειρική
Δογματική της Ορθοδόξου Καθολικής Εκκλησίας
Κατά τις
Προφορικές Παραδόσεις του Π.Ιωάννου Ρομανϊδου 2011.
وسوف نعود فى مبحث أخر الى هذا المرجع الهام الذى يعيد العقائد الارثوذكسية
الى الاختبار الروحى والأبائى الأصيل بالشركة فى النور الالهى والنقاوة والاستنارة
للوصول الى التأله عن طريق الاسرار والصلاة الدائمة والشركة مع الكلام الالهى
وتفاسير الاباء .
قام المطران ايروثيئوس والبروفسور زيسيس بكتابة دراسة هامة حول تاريخ
ومستقبل الحوار اللاهوتى بين الكنائس الارثوذكسية والكنائس الشرقية .تم نشرهذه
الدراسات فى جريد لاهوتية روحية اسبوعية تسمى (الأرثوذوكسوس تيبوس- 4 فبراير 2011)
.ان ظاهرة رؤية الدراسات اللاهوتية العميقة والموثقة والهامة على صفحات الجرائد
اليومية انما هو أمرا لا نراه الا فى اليونان الأرثوذكسية.
جل قصدنا من تقديم هذه الدراسة الموثقة –وقد قمنا بالترجمة الدقيقة على قدر
الطاقة بدون مجاملات لأحد-هو المشاركة فى نشر الوعى اللاهوتى بين الشعوب وذلك بعد
أن أمسكت الشعوب بمصيرها السياسى والزمنى فلابد أن تبحث عن مصيرها الأبدى. ليس فقط
الشعوب بل بين القادة هذا من ناحية. من الناحية الأخرى تعربف القارئ الشرقى
المحروم من قرأة اللاهوت الأبائى والأكيريكى الباحث والخادم الأمين والباحث
المتخصص والقارئ العادى -الذين يعنيهم أمر الحوار اللاهوتى وتاريخ العقائد والفكر
الأبائى- بأراء كبار اللاهوتيين فى الكنيسة اليونانية الارثوذكسية الرسمية اليوم.
أن هذه الدراسات تؤكد أن القضايا اللاهوتية هى قضايا مصيرية وخلاصية ويجب التعاطى
معها بقدر كبير من النسك العقلى والوعى الذاتى والدراسة الموضوعية العميقة وقبول
النقد العلمى والاستعداد دائما لفحص الامور فى شركة الروح القدس والأهم الرجوع الى
أياء وعلماء الكنيسة.لقد حاولنا تبسيط النص الأصلى الصعب على قدر الطاقة لأننا
ندرك أن القارئ المسيحى العربى اللسان لم يعتاد على هذا النوع من الدراسات
المتعمقة والتقنية طوعا أو قهرا.أننا نعلم أن الانفصال الذى حدث فى الكنيسة
الشرقية بين الواقع الروحى والتراث الابائى اللاهوتى قد أدى الى انتشار التعليم
المسيحى الذى يركز على الاخلاقيات بدون العقيدة وعلى الجهاد بدون النعمة وعلى
البساطة بدون العلم .هذا جعل العقل العربى المسيحى لا يميل ولا بستمتع بقرأة
اللاهوت وأحيانا يقاومه عن عدم معرفة أو نتيجة معلومات سابقة التجهيز.من أجمل ما قرأت
للبروفسور الاب جون رومانيدس فى المرجع السابق ذكره هو تفسيره لصلاة السيد
الوداعية فى الاصحاح السابع عشر من انجيل يوحنا(وأنا أعطيتهم المجد الذى أعطيتنى
ليكونوا واحدا كما اننا نحن واحد )يو 17 :20 -26 والتى يفسرها أتباع الحركة
المسكونية على الكنائس المتفرقة اليوم .يرى الاب رومانيدس انه وحسب رؤية الاباء لم
يكن التلاميذ مختلفين أو متفرقين لكى يطلب الرب ان يكونوا واحدا بل يطلب ان يكونوا
واحدا فى المجد الذى اعطاه الاب له واعطاه هو للتلاميذ وهذا المجد هو مجد شركة
البشرية فى طبيعة المسيح الانسانية المتحدة باللاهوت أى رؤية النور الالهى
والاستنارة والتأله فى الافخارستيا ويربط بين هذا المجد ومجد التجلى على جبل طابور
الذى شارك فيه أنبياء العهد القديم وتلاميذ العهد الجديد. ان العقبدة والروحانية
والحياة الكنسية رؤبة واحدة عند أباء الكنيسة.
النصوص
وضعت الجريدة الارثوذكسية عنوانا ضخما على صفحتها الاولى وهو:
Ο
Αρχιεπϊσκοπος Αθηνών κ. Ιερωνύμος (Εβαπτίσεν)Ορθοδόξους τους Μονοφυσίτες .
Οταν αυτοι
άρνούνται τήν Ορθόδξον διδασκαλία είς τό χριστολογικόν δόγμα περί τών φύσεων
τού Χριστού.
والترجمة تقول :
رئيس أساقفة أثينا يعمد( بضم الياء وفتح العبن وكسر الميم أى يعتبر أو
يعترف ) المونوفيزيتيين كأرثوذكس بينما هم الذين ينكرون العقيدة الخرستولوجية
المتعلقة بالطبيعتين فى شخص المسيح.
أن الغموض اللاهوتى الذى يسود العلاقات بين الأرثوذكس والأرمن يعود الى
أيام الحوار اللاهوتى الذى بدأ فى القرن الماضى بين الكنيستين باشراف البطريركية
المسكونية.لقد شغل هذا الحوار المطارنة أعضاء المجمع المقدس فى الكنيسة اليونانية
فى شهر أكتوبر عام 2004 وهو تاريخ توقف الحوار بلا نتيجة جوهرية.لقد أنتشرت وقتها
أخبار عن أن هناك اتفاقا قد تم بين الكنائس الأرثوذكسية الخلقيدونية والكنائس
الشرقية المونوفيزيتية.لقد اكتشفنا من خلال الأبحاث فى الحوارات أن هناك خلافا
وخلافا جوهريا وذلك لان المونوفيزيتيين اى أصحاب عقيدة الطبيعة الواحدة بالمعنى
الأوطاخى - لم يقبلوا المجامع المسكونية التى جأت بعد المجمع المسكونى الثالث .السؤال
هو هل من الممكن لرئيس المجمع المقدس فى أثينا أن يجهل (مبادئ أساسية)تتعلق
بالايمان وتاريخ الحوار اللاهوتى وأن يقوم بالاعتراف بارثوذكسية المونوفيزيتيين
الهراطقة لمجرد أنهم يحتفظون ببعض التقاليد الأرثوذكسية الأولى؟ أم أن هذا الجهل
هو تجاهل مقصود لارضاء وتحقيق أهداف استراتيجية للبطريركية المسكونية والتى تقوم
بتزعم الحركة المسكونية التى تهدف الى تحقيق الوحدة بين الكنائس بأى ثمن و بغض
النظر عن الخلافات الكبيرة فى العقائد. ولقد أكد المطران أيروثيؤس(2004 ) بأنه ليس
هناك اتفاقا نهائيا بين الكنائس الارثوذكسية وبين الكنائس المونوفيزيتية فيما
يتعلق بقضية الخرستولوجيا بل هناك خلافا كبيرا بسبب رفض الكنائس الغير الخلقدونية
الاعتراف وقبول المجامع المسكونية التى جأت بعد المجمع المسكونى الثالث . هذا
الأمر يشكل تناقضا كبيرا فكيف يكون هناك اتفاقا خرستولوجيا مع رفض المجامع المسكونية
والاباء الكبار الذين قرروا هذه العقيدة؟
لابد قبل الخوض فى تفاصيل هذه الدراسة وحتى يكون البحث موضوعيا من عرض ما
قاله رئيس الأساقفة اليونانى عند استقباله الرئيس الأرمنى فى 19 يناير 2011 وذلك
فى مقر رئاسة الاساقفة فى اثينا:
(ان حياة شعبينا تتلاقيان فى امور كثيرة . ان الشعبين يملكان حضارة واحدة
تعود الى الأزمنة القديمة ولقد عانوا من الالام على يد نفس البشر وواجهوا نفس
المشاكل وقاموا بنفس الحهاد .لقد قرأنا جميعا وتابعنا مأساة الشعب الأرمنى وكيفية
خلعه من أراضيه وأنى على يقين أنكم تعرفون أيضا ما عاناه اليونانيون ولقد عاملتكم
الدولة الجارة(تركيا) بنفس الأسلوب . هذا هو التاريخ ويجب علينا ان نتعمق فيه
ونخرج منه بالحكمة والعبرة .أول ما يراه المرء ويقدر أن يقوله هو أن هذا الشعب
الأرمنى قد واجه تلك الصعوبات وتجاوزها بفضل استناده على ايمانه الارثوذكسى.
لقد عاش شعبكم زمنا بلا دولة وقامت بهذا الدور الكنيسة والتى صارت قائدة
وحافظة لهذا الشعب .لقد حدث نفس الشئ فى هذا البلد (اليونان) على حدى قرون حينما
قامت الكنيسة باحتضان ورعاية ومساندة هذا الشعب .
السيد الرئيس
لقد مضى هذا كله واليوم نحن نعيش فى أوقات أخرى مختلفة والتى بدورها لاتخلو
من المشاكل والصعوبات. أنا على يقين بأن العروة الوثقى التى تجمعنا فى الايمان
الارثوذكسى ومحاولاتنا أن نتحد نحن الارثوذكس تشكل معيارا كبيرا سوف يساعدنا على
تجاوز الازمات المعاصرة.
السيد الرئيس
لقدأشرتم سابقا الى أن القيم الارثوذكسية كانت ومازالت وستظل ثابتةوراسخة
بيننا.اننا حينما نسمع هذا الكلام من أناسا بسطاء سوف نشعر بقيمة وقوة هذا الكلام
وكم وكم حينما يخرج هذا الكلام على شفاه رئيس دولة صديقة كأرمينيا.حينئذ يكون
للكلام وزنا كبيرا .أننى أترجاكم رجاء أبويا بأن تجاهدوا أنتم أيضا لكى تضعوا حجركم
الخاص فى بنيان وحدة كل الأرثوذكس حيثما وجدوا ).
أولا :تعليق المطران ايروثيؤس :
لقد تم بحث أمر الحوارات اللاهوتية بين الكنائس الارثوذكسية وبقية الكنائس
وتم التأكيد على الرأى بأن الحوار مع الكنائس التى اصطلح على تسميتها بالغير
الخلقيدونية(المونوفيزيتية) لم يصل الى اتفاق حول القضية الخرستولوجية بل الى خلاف
. ذلك بسبب ان المدعوين بالغير الخلقيدونيين رفضوا قبول المجامع المسكونية أى
المجمع الرابع والخامس والسادس والتى قررت عقيدة الخرستولوجيا أى العقيدة التى
تتعلق بوحدة الطبيعتين الألهية والأنسانية فى المسيح وبالتلى نتائجها الخلاصية
والكنسية والانسانية. وأريد فى هذه العجالة أن أقدم وبشكل بسيط كلما أمكن بعض
النقاط الهامة :
1 – حول نظرية الخلقيدونية الجديدة:
Η θεωρία τού
Νεοχαλκηδονισμού
يبدوا ان بعض اللاهوتيين اليوم يرون أن الأباء فى المجامع المسكونية
اللاحقة للمجمع المسكونى الثالث فى أفسس عام 431 لم يفهموا العقيدة الأرثوذكسية
كما يجب!!! وهم أى اللاهوتيين المعاصرين يتكلمون عن نظرية جديدة تنادى بقبول فكرة
حدوث تطور فى فهم الكنيسة للعقائد الأساسية . يرى أصحاب هذه النظرية -المتناقضة مع
فكر الاباء -أن المجمع المسكونى الثالث فى أفسس والذى قاده القديس كيرلس الاسكندرى
كان فعلا مجمعا مونوفيزيتيا وجاء المجمع المسكونى الرابع فى خلقيدونية وصحح الوضع
على يد البابا ليون بابا روما بالاتفاق مع كيرلس الاسكندرى .هم يرون أيضا أن
المجمع المسكونى الخامس قد عاد ليؤكد ما جاء فى المجمع الثالث .ان قبول مثل هذه
التناقضات انما يقوض اساس الكنيسة الارثوذكسية ويشكك فى عمل الروح فى انارة أساقفة
المجامع .ان هذا الرأى يقدم لنا اباء الكنيسة كمجرد عقلانيين يفكرون فى الامور
بشكل عقلانى وبترددون ويصححون مواقفهم ولا يخضعون لانارة الروح القدس ولاختباراتهم
الروحية واللاهوتية فى علاقتهم بالاعلان الالهى عن الحق او بالحقيقة المعلنة
بالروح القدس.ان أباء المجامع لم يتبعوا نهج ارسطوا فى التفكير فى قضايا اللاهوت
التى هى قضايا خلاصية بالدرجة الاولى.ان الاباء القديسين فى المجامع اتبعوا نهج
الأنيباء و الاباء الرسل المتألهين بالنعمة وليس نهج ارسطو,يقول القديس أغريغوريوس
بالاماس ان الاباء القديسين فى المجامع قد عاشوا الحقيقة كيانيا وفى شركة الروح
القدس ولم يكتشفوها عقلانيا .نحن لا نستطيع ان نقبل هذا الكلام ونعتبر ان عدم قبول
الغير الخليقدونيين لقرارات المجامع الرابع والخامس والسادس هو خطأ لاهوتى كبير
كما لا نقبل نظرية بعض اللاهوتيين الارثوذكس فى اليونان او خارجها عن نظرية
الخلقيدونية الجديدة أو تطور فهم الأباء للعقيدة لكى يبرروا عدم قبول الغير
الخلقيدونيين للمجامع المذكورة. لهذا السبب وبكل تأكيد لا نستطيع نحن الارثوذكس تسمية
هذه الكنائس بالغير الخلقيدونية بل هى كنائس مونوفيزيتية. أن الغير الخلقيدونيين
يؤمنون بأن الاتحاد بين فى المسيح تم بين طبيعتين ولكن بعد الاتحاد صارت الطبيعتان
طبيعة واحدةأى أقنوما واحدا . ويقول بعض الغير الخلقيدونيين انه بعد الاتحاد فى
طبيعة واحدة ليس هناك ذكر للطبيعة البشرية وهذا كلام متناقض لانه كيف يوجد طبيعة
واحدة فى المسيح بعد الاتحاد بدون ان يؤدى ذلك الى انكار الطبيعة الانسانية وكيف
تبقى هذه الطبيعة البشرية وحدها الا يعد ذلك نسطورية جديدة والتى يحاربها الغير
الخلقيدونيون.هذا هو السبب الذى يجعلنا نسميهم مونوفيزيتيين وليس مجرد غير او ضد
خلقيدونية.
2 –ما هى الفوارق الخرستولوجية الاساسية بيننا؟
أن الدليل على عدم الوصول الى اتفاق بين الارثوذكس والمونوفيزتيين حول
العقيدة الخرستولوجية يظهر من الخلاف على منهجية التفسير لعبارات خرستولوجية
مفصلية والتى تشكل لب وأساس الخلاف .
ان العبارة الاولى التى يظهر فيها الخلاف بين الاباء القديسين
والمونوفيزيتيين هى عبارة القديس كيرلس الاسكندرى (طبيعة واحدة لكلمة الله
المتجسدةΜία φύσις τού Θεού Λόγου Σεσαρκωμένη). نلاحظ ان
هناك تطابق بين التعبيرين طبيعة واقنوم فى الفكر الفلسفى وذلك لان كلمة طبيعة تأتى
من فعل πεφυκέναιيثمر ثمرا
وكلمة اقنوم تاتى من فعل يظهر الى الوجود ύφεστάναι. يستخدم
أباء الاسكندرية الكلمة بمعنى الوجود بينما ميز الاباء الكبدوك بين الطبيعة
والاقنوم وطابقوا الطبيعة مع الجوهر والاقنوم مع الشخص ولهذا قالوا بطبيعتين فى
شخص المسيح الاقنوم الواحد. لاحظ الكثيرون من اللاهوتيين ان القديس كيرلس يستعمل
التعبيرين طبيعة Φύσις واقنوم Υπόστασις بالتبادل فمرة يطلق على الطبيعة معنى الاقنوم ومرة يطلق عليها معنى الجوهر
او الوجود . كتب القديس كيرلس فى رسالته الى ثيؤدوريتوس (ان طبيعة اللوغوس هى
الاقنوم والذى هو هو اللوغوس )هنا يظهر ارتباط الطبيعة بالاقنوم وبهذا المعنى
استعمل عبارة طبيعة واحدة للكلمة المتجسدة .لم يتكلم كيرلس اطلاقا عن جوهر
متجسد.هذا معناه انه استخدم العبارة طبيعة واحدة للكلمة المتجسدة بمعنى اقنوم
الكلمة المتجسد وذلك لمواجهة بدعة نسطور والذى يرى ان فى المسيح يوجد طبيعتان اى
اقنومان وان هذه الوحدة تؤلف-عند كبرلس- شخص واحد حسب التدبير بينما عند نسطور
تكون شخصان منصلان وبينهما علاقة تماسσυνάφεια.هكذا استعمل
كيرلس التعبيرين لكى يواجه نسطور ولا يجب عزل العبارة الكيرلسية عن سياقها
التاربخى واللاهوتى.ان اقنوم كلمة الله قد اتحد بالطبيعة البشرية وذلك لانه لا
يمكن ان تكون الطبيعة البشرية فى المسيح بلا قوام وبلا اقنوم ولكنها متحدة
بالطبيعة الالهية ولهذا تسمى الطبيعة المتأقنمةΥποστατική
Φύσις .ان
استعمال القديس كيرلس للتعبيرين بشكل متبادل لا يعنى انه يطابق بينهم بل كما قلنا
يستخدمهم تدبيريا لمقاومة نسطور ولم يفعل كيرلس ما فعله ساويرس الانطاكى الذى طابق
بين التعبيرين فالقديس كيرلس لم يطابق بينهم كاشياء مختلفة بل كحالة وجود .هناك
شهادات تؤكد ان القديس كيرلس كان يرى ان الاقنوم غير الطبيعة وهناك شهادات من
كتابات كيرلس تؤكد كلامه عن وجود طبيعتين فى المسيح وعن الاتحاد الاقنومى بين
الطبيعتين .هذا واضح من ان الاباء فى المجمع المسكونى الرابع قد قاموا بدراسة
الفصول الاثنى عشر لكيرلس فى علاقتها بطومس لاون وتأكدوا من اتفاق النصين
جوهريا.ان اباء الكنيسة قد قاموا سواء على المستوى الشخصى او المستوى المجمعى
بالتفسير الصحيح لعبارة كيرلس (طبيعة واحدة لكلمة الله المتجسدة).يقول القديس
يوحنا الدمشقى اننا لا نخطئ اذا قلنا ان هذه العبارة تعنى اقنوم واحد ويمضى الى
ابعدمن ذلك ليؤكد ان كيرلس بهذه العبارة لا يتكلم عن شئ مشترك بين الطبيعتين بل
يتكلم عن الاقنوم وحده بل يتكلم عن الطبيعة المشتركة للاهوت المتجسد المتواجدة فى
اقنوم الكلمة .ان القديس كيرلس الاسكندرى لا يصر على طبيعة واحدة بل ايضا على جوهر
واحد ويرى مكسيموس المعترف ان هذه العبارة تعنى الطبيعتين فبكلمة الطبيعة يعنى
الطبيعة الالهية وبكلمة المتجسدة يعنى الطبيعة الانسانية.على هذا الاساس نجد ان
عبارة كيرلس تستخدم ضد النساطرة بمعنى طبيعة واحدة اى اقنوم واحد للكلمة المتجسد
وذلك لكى يمنع ظهور فكرة الشخصين فى المسيح واستعملها ضد المونوفيزيتيين
الاوطاخيين بمعنى اتحاد الطبيعة المشتركة بالطبيعة البشرية فى اقنوم الكلمةبدون ان
يحدث اختلاط او امتزاج وذلك كما كتب فى رسالته الى يوحنا الانطاكى (يبقى الذى هو
ابدى ولا يتغير )وفى رسالته ىالى نسطور يؤكد(ان المسيح الابن الوحيد واحد من اثنين
ليس بمعنى تناقض الطبائع والذى زال بالاتحاد بدون امتزاج).
لقد فسر المونوفيزيتيون عبارة كيرلس حسب تقاليدهم هم والتى تطابق فى المعنى
بين الطبيعة والاقنوم وهم هنا يختلفون تماما مع تراث الاباء الكبادوك ومع كيرلس
الاسكندرى.هكذا وصلوا الى عقيدة الطبيعة الواحدة والى المونوفيزيتية وهذا ما فنده
القديس كيرلس فى كتاباته .القديس مكسيموس المعترف يتهم ساويرس الانطاكى بانه قد
خلط بشكل سئ بين معنى الطبيعة والاقنوم ويؤكد القديس يوحنا الدمشقى ان من خلط
الطبيعة بالاقنوم هو من عمل الضلال. سوف يتضح هذا الامر اكثر فى السطور التالية
ولكننا يجب ان نؤكد على ضرورة الحرص الشديد والنباهة اللاهوتية والعلمية عند قرأة
نصوص كيرلس الكبير
2 –نظرية الطبيعتان فى الفكر فقط
Δύο φύσεις έν
τή θεωρία μόνη
يتعلق الفارق الثانى بين الارثوذكس والمونوفيزيتيين بقضية الجملة التى
قالها القديس كيرلس بان الاتحاد بين الطبيعتين فى المسيح قد تم فقط على مستوى
الثيؤريا اى انه فى المسيح يوجد طبيعتان على مستوى الفكر التنظيرى فقط. نعود ونؤكد
ان القديس كيرلس قد استخدم هذه العبارة ضد نسطور والذى اى نسطور كان يؤكد على
واقعية تمايز الطبيعتين بدون انفصال.ان اباء الكنيسة يفسرون هذه العبارة على اساس
انه فى المسيح قد اتحدت الطبيعتان بدون اختلاط ولا امتزاج ولااختلاط ولا تغيير.لكن
اقنوم الطبيعتين الالهية والانسانية هو اللوغوس اى انه استخدمها ليقاوم الفصل بين
الطبيعتين ولهذا فبعد الاتحاد لا يمكن ان تكون الطبائع اقانيم منفصلة .لأن الطبيعة
البشرية لم تكن بدون اقنوم بعد الاتحاد.لهذا فالطبيعتان بعد الاتحاد لا توجدان
منفصلتان لان اقنومهم الواحد هو الكلمة وبهذا المعنى تم الكلام عن طبيعتين فى
الفكر فقط . الفكر المونوفيزيتى اخذ هذه العبارة ليعنى بها انه بعد الاتحاد لا
يمكن الحديث عن طبيعتين بشكل واقعى وأسأوا فهم كلمة (ثيؤريا) لانهما كونا طبيعة
واحدة ولهذا فعبارة فى الذهن فقط تعنى ان الطبيعة البشرية ليس لها وجود بعد
الاتحاد الا نظريا أى فى الثيؤريا فقط والثيؤريا عند الاباء تعنى الرؤية والبصيرة
الروحية التى هى واقعية جدا ولا تشرح بالعقل فقط بل بالحدس الروحى المستنير ولا
تعنى ابدا الكلمة الانجليزية theory.
الاباء فهموا اذن من هذه العبارة ان الطبيعتين لا يمكن ان يتمايزوا فيما
بينهم بسبب الاتحاد الاقنومى ولا يوجد اقنومان بينما يرى المونوفيزيتيون ان هذه
العبارة تعنى انه لا وجود ولا كيان للطبيعة البشرية بعد الاتحاد.
3 –الطبيعة المركبة والاقنوم المركب
Σύνθετος
φύσις ,σύνθετος ύπόστασις
ٍ
الامر الثالث الذى يتعلق بالخلاف بين الارثوذكس والمونوفيزيتيين هى
العبارات (طبيعة مركبة )و(أقنوم مركب ). حسب تفسير الاباء نستطيع ان نتكلم عن انه
فى المسيح يوجد (اقنوم مركب)اى ان اقنوم الالكلمة هو اقنوم الطبيعتين اى الالهية
والانسانية هذا معناه الحفاظ على خصائص الطبيعتينΙδιώματα وان
الطبيعتين يعملان ένεργούνمن داخل الاقنوم الواحد للكلمة .
لا يقبل المونوفيزيتيون عبارة الاقنوم المركب ويتكلمون عن طبيعة مركبة اى
انه من اتحاد الطبيعتين نتجت طبيعة واحدة , لا يمكن ان يقبل الارثوذكس هذا الكلام
لانه حسب الاباء والقديس الدمشقى فان عبارة الطبيعة المركبة تعنى ان الطبيعتين
تفقدان خواصهم لان الطبيعتين فى اتحادهم يشكلون بهذا الشكل طبيعة ثالثة وهكذا لا
يكون المسيح مساويا للاب فى الجوهر اللاهوتى ولا مساوى للام العذراء أى للبشرية فى
الجوهر الناسوتى
¨οποτε ό Χριστός δέν θά ήταν ούτε όμοούσιος μέ τόν Πατέρα ,ούτε
όμοούσιος μέ τήν Μητέρα
ونقدم مثال اتحاد عنصرين من الطبيعة مثل الماء والزيت ويصير منها طبيعة
جديدة ثالثة ولهذا فلا يمكن ان تتكون طبيعة واحدة من طبيتعين .
4 –من طبيعتين او فى فى طبيعتين
Εκ δύο φύσεων
,.εν δύο φύσεσιν
الفارق الرابع بين الارثوذكسي والمونوفيزيتيين فى قضية الخرستولوجيا هى
العبارتين (من طبيعتين) او (فى طبيعتين).لقد اكد اباء الكنيسة بالاجماع على انه فى
المسيح يوجد طبيعتان اتحدتا فى شخص الكلمة وان الاتحادقد تم من طبيعتين ولكن
المسيح فى نفس الوقت يعمل فى طبيعتين وذلك لان كل طبيعة وخواصها لا تلغى بعد
الاتحاد وان كل طبيعة تعمل فى اتحاد فى اقنوم الكلمة وفى شركة .لا يقبل
المونوفيزيتيون هذا التعليم الارثوذكسى ويصرون على ان الطبيعتين اتحدتا فى المسيح
فى طبيعة واحدة. هذا الكلام يغير تماما العقيدة الخرستولوجية ويرى بعض
المونوفيزيتين بانه بالرغم من القول بطبيعة واحدة لا يلغون الطبيعة البشرية وهذا
غير مقبول لانه يقود الى النسطورية وهذا يودى الى عدم نجاح الحوار ولا نستطيع
الكلام عن اتفاق بين الارثوذكس والمونوفيزيتيين فى الحوار اللاهوتى . يجب ملاحظة
ان الأمر يرتبط بحرف جر قد يظن البعض أنه لا قيمة له فى اللاهوت ولكننا نقول ان
الأمر خطير جدا ولدينا دلائل من تاريخ الكنيسة على أن الهراطقة قد استخدموا اللعب
بحروف الجر لكى يغيروا عقائد الارثوذكسية مثلما حدث مع القديس باسيليوس ومحاربى
لاهوت الروح القدس من الأفنوميين.
3 –العقيدة ا لابائية الاختبارية
Εμπειρική
Δογματική
ان من يقرأ هذه النصوص التى تحلل العقائد الارثوذكسية قد يخرج بالانطباع ان
الارثوذكس يتفلسفون كما فعل اللاهوتيون المونوفيزيتيون ولهذ يجب ان نتخلص من هذه
التفاسير الفلسفية لكى نصل الى الوحدة فى المسيح وفى الافخارستيا أى الا شفاء
الانسانية .هذا الكلام لا اساس له من الصحة لان الاباء حينما صاغواالعقائد لم
يكونوا يتفلسفون بل ساروا على درب الانبياء والرسل فى اختبار الحقائق الالهية
ورؤيه المجد الالهى. هذا الاختبار هو الرؤية الالهية لاشعاعات انوار الثالوث
القدوس وذاقوا خبرة ان الاقنوم الثانى من الثالوث قد تأنس وان هذه الطبيعة البشرية
للمسيح بكل مكوناتها الانسانية(جسد ونفس وعقل ومشيئة وارادة )قد تألهت بالاتحاد
باللاهوت وصارت ينبوع لافعال النعمة الالهية الغير المخلوقة وهنا يمكن لليشرية أن
تأخذ ما للاهوت فى المسيح المتجسد.رأوا النور الواحد المتجسد والذى هو ينبوع
للانوار الاخرى والذى هو الاب الغير المتجسد ورأوا النور الثانى الذى هو المسيح
المتجسد واختبروا النور الثالث الذى هو الروح القدس المنبثق من الأب.ظهرت
ارثوذكسية الاباء فى الاختبار العملى فى الليتورجيات والتسابيح والتماجيد حيث
يشتركون فى شركة جسد ودم المسيح ويشعرون بالروح بحضور جسد المسيح المتأله اى
الطبيعة الانسانية فى شركتها مع الطبيعة الالهية ولما كانت الطبيعتا ن لهما كل
الخواص الخاصة فى وحدة الاقنوم الواحد الكلمة فان ارثوذكسية الاباء قد أشركتهم فى
سر التأله اى سر الافخارستيا حيث يأكل المؤمن بالحقيقة جسد المسيح ويشرب دمه ويكون
الجميع معا الكنيسة الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية. هنا يظهر الفارق مع
المونوفيزيتيين الذين يعلمون بان الافخارستيا لا تمثل الحضور الحقيقى للمسيح فى الخبز
والخمر وبرفضون عقيدة تأله الانسان ورئاسة كهنوت المسيح وهنا يتحول جسد المسيح الى
مجرد خبز تحل عليه البركة والكهنوت الى سلطةوليس خدمة والتوبة الى تقوية للأرادة
(لان المسيح حسب المونوفيزيتيين ليس له ارادة انسانية)وليس التغيير والتجديد
الشامل للطبيعة البشرية فى طبيعة المسيح المتحدة باللاهوت . عاش الاباء الارثوذكس
الافخارستيا كقوة غيرت حياتهم وجددت لاهوتهم وصيرتهم شبيهين بابن الله حتى ان ذهبى
الفم قد قال اننا نخرج بعد الافخارستيا كالأسود . نفس القوة ذاقوها حينما صلوا
باسم يسوع الصلاة الدائمةνοεράν προσευχήν التى تنير
الذهن لانه ليس اسما عاديا بل هو الاسم الحسن الذى للكلمة كلمة الله .هذه الحالات
الاختبارية الثلاثة اى رؤية الله بالاستنارة والتأله والافخارستيا كجضور واقعى
وحقيقى للمسيح وصلاة اسم يسوع الدائمة بانزال العقل فى القلب جعلت الاباء يحيون فى
شركة النور الغير المخلوق والفعل الالهى المتأنقم. لهذافان معرفتهم بسر الثالوث
وبتأنس الابن ووحدة الطبيعة الانسانية مع الطبيعة الالهية انما كانت معرفية
اختبارية وكيانية وليست عقلانية.لقد ذاقوا معرفة الثالوث فى اختبار افعاله الاتية
نحونا فى طبيعة الابن الانسانية المتحدة باللاهوت وفى عمل الروح القدس المحيى وفى
شركة المؤمنين مع الأسقف المستنير بمواهبهم الروحية واللاهوتية المتعددة فى
الوحدة.لقد ساعدت هذه الاختبارات الاباء على ان يجدوا التعبيرات اللاهوتية
والانسانية المناسبة فى عصرهم وعلى أن يعمدوا فى الروح اللغة اليونانية صعبة
المرأس لكى يفندوا اراء الهراطقة والذين لم يكونوا متمتعين بالاعلانات الالهية
وهذا هو الفارق الجوهرى بين الاباء الارثوذكس والهراطقة.
4 -النصوص الثلاث
Τρία κείμενα
ان هذه الرؤية التى قدمناها بشكل مختصر لهى قضايا جادة ومصيرية وتحتاج الى
دراسات متعمقة وتأمل واف ولهذ نقدم للذين يقررون التعمق فى دراسة هذه القضايا أهم
النصوص التأسيسية للعقيدة الخرستولوجيا :
أولا: الفصول الاثنى عشر للقديس كيرلس الكبير والواردة فى رسالة كيرلس
الثالثة الى نسطور والنص الثانى هو رسالة المصالحات بين كيرلس الكبير الى يوحنا
الانطاكى والنص الثالث هو نص طومس لاون بابا روما . توجد وحدة لاهوتية بين هذه
النصوص الثلاثة لا يلغى احد هذه النصوص الاخر بل يكمله لان الثلاثة نصوص تمت
كتابتها لاسباب مختلفة أثناء الازمة الخرستولوجية.ترتبط هذه النصوص الثلاثة بنصوص
ايمان مجمع خلقيدونية بل وترتبط بنصوص المجامع اللاحقة الخامس والسادس . نفهم من
هذه كله انه لا يمكن القول بان هناك اتفاقا قد تم بين الارثوذكسيين والمونوفيزتيين
حول موضوع الخرستولوجيا وان الخلاف فقط كما يدعون يدور حول قبول المجامع المسكونية
. هذا الكلام متناقض فكيف يتم الاتفاق على العقيدة الخرستولوجية بينما لا يتم قبول
المجامع المسكونية التى قررتها , لهذا نحن نرى ان التسمية الحقيقية لهؤلاء الناس
هى المونوفيزيتيين وليس غير خلقيدونيين لانهم يقبلون نظريا ان المسيح يتكون من
طبيعتين ولكنهم لا يقبلون عمليا وليتورجيا التعاليم الارثوذكسية بان المسيح يعمل فى
الطبيعتين كأقنوم واحد .
ثانيا :أراء البروفسور الاب ثيؤدوروس زيزيس
انفصال المونوفيزيتيين عن الايمان الارثوذكسى
يطرح البروفسور زيزيس قضية ارثوذكسية الأرمن ويقارن عقائدهم بكتابات القديس
فوتيوس البطريرك المسكونى ويصل الى نفس النتائج التى وصل اليها المطران ايروثيؤس .
يقول الاب زيزيس ( ساد فى السنين الاخيرة من القرن الماضى رأيا غريبا مضادا لأراء
الأباء فى المجامع المسكونية وعند القديس فوتيوس .يقول هذا الرأى أن الأرمن ومعهم
الكنائس التى فى شركة معها مثل الاقباط والاحباش واليعاقبة هم ليسوا مونوفيزيتيين
ولكنهم لديهم نفس الايمان معنا نحن الارثوكس .يذهب هذا الرأى ان الانفصال
الذىقاموا به ضد الكنيسة الارثوذكسية لا يعود الى اسباب لاهوتية ولكن الى اسباب
سياسية وايضا الى الاختلاف فى فهم التعبيرات الخرستولوجية, السبب كما يرون هو موقف
السياسة البيزنطة من هذه الشعوب وعدم قدرة اللاهوتيين من الجانبين على تعدى الخلاف
فى التعبيرات الخرستولوجية للوصول الى جوهر القضية الخرستولوجية).
1 -مجلس الكنائس العالمى
ونظرية الفروع
حينما يتابع الباحث هذه الافكار يلاحظ ان قضية العوامل التاريخية والسياسية
لم تكن فى الماضى بل فى الحاضر لانه فى ايام المجمع فى ايام الامبراطورية المسيحية
كانت الدولة تحافظ على الايمان الارثوذكسى لان وحدة الكنيسة كانت اساسا لوحدة
الدولة ولم يكن الاميراطور يتدخل فى قرارات المجامع اللاهوتيةبل كان حاميا لها
وضامنا لتنفيذها .نحن نعيش اليوم فى عالم مترامى الاطراف وغير موحد ولكن عالم
اليوم يميل الى الوحدة فى السياسة والوحدة على مستوى المسيحيين ولهذا ظهر مجلس
الكنائس العالمى والذى يدعو الى وحدة المسيحيين ليس على أساس الحق والعقيدة بل على
أساس نظرية الجذر الواحد والفروع المتعددة. ترى هذه النظرية انه ليس من حق اى
كنيسة قائمة الأن ولا حتى الأرثوذكسية أن تتدعى بانها الكنيسة الواحدة المقدسة
الجامعة الرسولية بل أن كل الكنائس هى فروع فى شجرة واحدة.ان الفلاح البسيط يعرف
أكثر من اصحاب نظرية الفروع فهو يعرف ان الفرع هومن أصل الشجرة وانه اذا سقط من
الشجرة الأم ولم يتغذى على غذائها فانه ييبس ويقع وهذه هى الهرطقات.
يعتبر البعض ان التمسك بالاصول الايمانية والقواعد العقائدية اليوم هو ردة
الى العصور الوسطى لان روح العصر لا تحتمل مثل هذه التوجهات فالافضل ان لا نترك
االأرمن للأتراك والاخوة الاقباط ضحية لتعصب الاسلاميين والأحياش للفقر والتخلف
وانه يمكن ان يكون المونوفيزيتيين لنا سندا فى مجلس الكنائس ضد الاغلبية الغير
الارثوذكس .
2 -الأنانية اللاهوتية
Θεολογικός
έγωισμός
نضيف الى هذه الحجج الغير اللاهوتية والعلمانية والتى تحاول فرض ذاتها على
الفكر اللاهوتى الابائئ والتى تأتى من فكر لاهوتى متعلمن ومسيس نقول نضيف لونا من
الوان ما نستطيع ان نسميه الانانية اللاهوتية والتى هى غريبة تماما عن طباع وخصال
الاباء القد يسين. كان الاباء القديسون يسيرون على نهج وتعاليم المسيح يسوع وخطى
الرسل وكان احترامهم للثراث والتقليد الكنسى كبيرا ويتم بانكار للذات كبير. كان كل
مجمع مسكونى او غير مسكونى يبدأ بدراسة ما قاله وعلم به الاباء القديسون والذين
جاهدوا الجهاد الحسن لكى يحولوا الخبرة الروحية والنسكية الى صياغات لاهوتية. لم
يستخدم الأباء معارفهم اللاهوتية وحكمتهم الا لكى يخدموا الحقيقة المسلمة مرة
للقديسين . ان الانانية اللاهوتية تكمن فى ان بعض اللاهوتيين المعاصرين يحاولون
القول بان الاباء الكبار فى مجمع خلقيدونية 451 لم بفهموا تعبيرات المنوفيزيتيين
ولا يعلقون على اتهام المونوفيزيتيون لهذا المجمع العظيم انه مجمع هراطقة وان
الاباء الكبار لم يفهموا تعبيرات المونوفيزيتيين وهذا هراء لاهوتى وادعاء اننا
نفهم اكثر من ليون بابا روما وكيرلس الاسكندرى وبوحنا الانطاكى وغيرهم من عظام
الأباء وكل الذين انشغلوا ببدعة المونوفيزيتية مثل يوحنا الدمشقى ومكسيموس المعترف
والعظيم فوتيوس .
ان الحوار اللاهوتى المعاصر بين الارثوذكس والمونوفيزيتيين يضر بالتقليد
الارثوذكسى.
3 -التشويش العقائدى
ΔογματικηνΣύγχυση
لقد أثار الحوار اللاهوتى بين الكنائس الارثوذكسية والأرمن والمونوفيزيتين
ردود أفعال شديدة فى الأوساط اللاهوتية وفى الجبل المقدس أثوس بل وفى أوساط
المؤمنين البسطاء. ذلك لأن المونوفيزيتيين يتمسكون بنفس الأسباب التى تمسكوا بها
اثناء مجمع خلقيدونية وبعده وهى رفض مجمع خلقيدوينة وعدم الاعتراف يوجود طبيعتين
فى المسيح بعد الاتحاد . هذه الامور تكفى وحدها لكى يكونوا فعلا مونوفيزيتيين
وهراطقة .لقد نجح ممثلوهم فى الحوار اللاهوتى فى استعمال بعض الحجج اللاهوتية
العقلانية والتى لا تصمد امام الفكر اللاهوتى للاباء ومنهم فوتيوس.لقد نجحوا فى
اقناع أعضاء لجنة الحوار الارثوذكسيين بان هذه الكنائس المونوفيزيتية هى كنائس
ارثوذكسية وان الكنيستين الارثوذكسيتين قد ورثتا تراثا ارثوذكسيا واحدا وانهم
يشكلون عائلتين ارثوذكسيتين . لقد رفض المونوفيزيتيون فى بداية جلسات الحوار ان
تسمى كنائسهم بالغير الخلقديونة أو بالكنائس الشرقية بل أصروا على ان تسمى كنائسهم
بالكنائس الارثوذكسية . لقد قبلوا فى المرحلة الاولى ان تسمى كنائسهم بالكنائس
الشرقية وبعدها طلبوا ان يسموا بالكنائس الارثوذكسية ولم يقبلوا الحل التوفيقى
الذى عرضه الارثوذكس وهو ان يدعو بالكنائس الشرقية الارثوذكسية الغير الخلقيدونية
. لقد أحدثت هذه الخطوات لونا مما نسميه التشويش العقائدى فكيف يعقل أن يطلق اسم
ارثوذكس على من لا تشترك فى الايمان الواحد ولا فى الادارة الواحدة ولا فى الكأس
الواحدة المقدسة .هذه هى مشكلة مجلس الكنائس العالمى الذى يجمع المونوفيزيتيين مع
الارثوذكس فى لجان واحدة تحت اسم ارثوذكس. الشئ المحزن هو ان نقوم نحن الارثوذكس
بعمل بيانات مشركة مع المونوفيزيتيين ونطلق عليها بيانات ارثوذكسية. لقد صار هذا
التشويش العقائدى واقعا فى بعض اوسا طنا اللاهوتية ومعاهد اللاهوت . هناك اتجاه
للقول بان طومس لاون لا يمثل المجمع بل وكان هناك تناقضا بين القديسين كيرلس
ولاون. اننا لا ننكر ان الارمن شعب عريق وانهم عانوا ما عانينا على يد الاتراك وان
الاقباط يتعرضون للاضطهادات ولكن هذه لا علاقة له بالقضايا الايمانية واللاهوتية
التى تتحرك فى نطاق الابدية لا الدنيوية واللاهوتية والروحية لا العاطفية
والنفسية. ان الدخول فى هذه الايمانيات يؤدى الى نشوء وتكوين الكنيسة الواحدة
المقدسة الجامعة الرسولية كما يقول القديس فوتيوس .
ثالثا :نداء الى المجمع المقدس
اننا نوجه ندأ الى رئيس الاساقفة بان يدعو الى عقد مجمع مقدس يناقش فيه
ارائه بالاعتراف بارثوكسية الارمن والمونوفيزيتيين الذين لا يقبلون العقيدة
الخرستولوجية ولا المجامع المسكونية التى قررتها .أن الرباط بين العقيدة
الارثوكسية والروحانية انما هو رباط خضوى وكل اضطراب او تشويش فى العقيدة يجلب
اضطرابا فى الحياة المسيحية برمتها.(الاب جون رومانيدس).
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire