mardi 22 novembre 2016

الزواج والجنس ومعناهما الليتورجى الأب الدكتور أثناسيوس حنين

 الزواج والجنس ومعناهما الليتورجى


 الأب الدكتور أثناسيوس حنين
دكتوراة فى التاريخ القبطى –اليونانى – جامعة ليموج – فرنسا


 يتعجب الباحث الساجد فى محراب الثقافة الكتابية المقدسة حينما يرى أن المسيح لم يرسم راهبا واحدا بل حضر عرسا !’ والعرس الذى حضره ىالسيد هو عرس شرقى بكل ما يحمل هذا من معانى انسانية نبيلة وانشطة اجتماعية صاخبة من رقص وطبل وزمر وخمر وعلاقات زوجية حميمة وبالمناسبة أم يسوع ’ مريم ’ الصامتة والهادئة والمتبتلة لله ’ كانت هناك’ فى عز الزيطة ! ’ ولم تكن هناك صامتة ’ بل مراقبة لاحوال الفرح ومشاركة فيه وملاحظة زكية بأن الخمر قد نفذ وذهبت للسيد تقول له ( ليس لهم خمر) انجيل يوحنا 2 ’ فعلت مريم هذا لكى لا يتوقف فرح الفرحانين بالعرس . لقد أفتى أحد الأئمة المسيحيين ! ’ قديما ’ بأن خمر قانا الجليل هو خمر "غير مسكر " بضم الميم وكسر الكاف ! طيب وأيه المشكلة أنه يكون مسكر ؟ وهل هناك خمر غير مسكر ويبقى خمر أزاى يعنى ! ؟ أصولية مسيحية جديدة تخالف الانجيل وثقافة المسيحيين الأوائل وأم يسوع نفسها . ماذا تقول مريم أم يسوع للمسيحيين اليوم وقادتهم الذين لا هم لهم الا كرسى فى كلوب عرس قانا الجليل الثقافى و الكونى ويقفلوا الفرح ! والكرسى هو كرسى الفتاوى وأنشغالهم الشديد ’ وهم رهبان ’ بحيض البنات وافرازات الشباب وبما هو صحيح وغير صحيح فى المخادع ! ربما يخرجون علينا يوما بكتاب ثمين عن "الاوضاع الجنسية حسب الرؤية الارثوذكسية !" .وبالرغم من هذه الشهادة الدامغة التى قدمتها مريم فى عرس قانا ’ الا أننا قلما نرى فى تاريخ المسيحية الطويل ’ من القديسين المتزوجين ’ من يكلمنا عن الحياة الزوجية وتفاصيلها وأعماقها وحلاوتها وتجاربها ومرارتها ’بينما نجد ان الكثيرون ’ اللى ليهم واللى مالهومش ’ يتكلمو ويتروحنون ويستفيضون فى الحديث عن الحياة الروحية فى أبعادها الرهبانية والنسكية وكافة تفاصيلها !. ما هى العوامل التى أدت الى تفريغ الرسالة المسيحية من فحواها الانسانى وعمقها الثقافى اليومى ؟ ما هى اليد الخفية التى أمتدت لتفرغ أضخم حدث فى التاريخ وهو صيرورة الله انسانا ’ من انسانيته ؟ لقد صار الانسان فى وجه يسوع هو "ذلك المعلوم" ’ وليس "ذلك المجهول " كما كتب يوما العالم توماس كارلايل . كيف وصلت الانثروبولوجيا المسيحية الشاملة كل الانسان عقلا وروحا وجسدا ونفسا ووجدانا ’ الى أن تحصره فقط فى "أعضائه التناسلية" ’ وأصبحنا نشابه بل ونتفوق على الغير المسيحيين الذين أنشغلوا ’ عن قضايا الانسان المصيرية ’ بقضايا أهم مثل بول البعير وحيض النساء وفقه النكاح وعدم الاقتراب من الصلاة وهم سكارى ’ وكفى الله المؤمنين شر القتال ضد النفس الأمارة بالسوء !
حينما كتب الطيب الذكر والصديق الاستاذ كوستى بندلى ’ الحائز على الدكتوراة فى علم النفس ’عن "الجنس ومعناه الانسانى" كان الانسان الشرقى خارجا لتوه من مجاهل عصوره الوسطى الجنسية ومجاهل أفريقيته العاطفية وصحراء وعقد وشقاء وانفصامية انسانيته البدوية ’ يصرخ مع شاؤل "ويحى أنا الانسان الشقى من ينقذنى من جسد هذا الموت "رومية 7 : 24 ويتلمس خطاه فى خريطة جسده "ذلك المجهول" . لقد شكل المعنى الانسانى للجسد وحركاته وخلجاته وايمائاته وأناته ’ وقتها ’ اكتشافا كبيرا لجيل كامل من الشباب والصبايا فى حركة الشبيبة الارثوذكسية وخارجها ’ يتلمسون طريق معرفة يسوع بدون خصام مع انسانهم الباطنى وجمالاتهم الخارجية وأدق مشاعرهم البريئة العاطفية ’ يريدون صنع صلحا مع (ناموسا أخر فى أعضائى) رومية 7 : 26 .
قصتان من الحياة اليومية كفيلتان بالتعبير عما يعتمل فى نفوسنا جميعا ’ كانت العادة فى أديرة العصور الوسطى أن يوجد صبيان أو أولاد فى الأديرة ’ فى سن المراهقة المتأخرة ’وبلا أهل لسبب أو أخر ’ وحدث أن خرج الرهبان للتسوق ومعهم بعض الاولاد ’ ولم يكن قد سبق للاولاد أن رأتهم عيونهم المراهقة صبية أو أمرأة كاملة ومكملة ’ وحدث أنه كلما شاهدوا أمرأة متبرجة وصبية جميلة وبها شئ ما مختلف يخاطب انسانهم الباطنى البرئ ’ أن بدأو يسألون الراهب المرافق ’ " ما هذا الكائن الجميل والمختلف ؟" يجيب الراهب "الشيطان ! " ’ تكرر السؤال وتكرر الجواب ’ وعاد الجميع للدير ’ وأثناء الطعام ’ سأل رئيس الدير الشباب "ماذا أعجبكم فى المدينة ؟ " أجابوا جميعهم بصوت واحد " الشيطان !" . القصة الثانية هى اعتراف صادق لأب روحى كبير ’ قال "الشئ العجيب أن الجميع ’ رجال ونساء’ صبايا وشباب ’ ورهبان وراهبات ’ ’ يعترفون بكل شئ ويستشيرون فى كل شاردة وواردة ! أما ما يخص الجسد وحركاته والجنس وتساؤلاته (النصف التحتانى باختصار ) ! فصمت القبور ولا أحد يتسأل ’ بل اسئلة من النوع التبريرى والخبيث والذى لا يجيب عنها سوى اله ماكر ومعقد ! الحل ’ قال الشيخ الروحانى ’ هو أما أنهم قد تقدسوا ووجدوا اجابات جذرية لاسئلة الجسد المصيرية !’ أو أنهم متورطون فى غاباته الشاسعة وتائهون فى أحراشه ’ويطلبون فتاوى دينية لتبييض قبور أعضائهم من الخارج ! ’ ولا يريدون الخروج الى نور الانسان الجديد ولا يسرون بناموس الله الا فى حدود انسانهم الباطن فقط بلا ثمر خارجى ولا اطلالات وابداعات ومبادرات عفيفة "رومية 7:22".
نستميح الدكتور بندلى عذرا ونقول أن للجنس معنى ليتورجى أيضا . ان ليتورجية الجسد هى فى أعماقها ليتورجية الهية . البشرية اليوم وخاصة الشريحة المتدينة منها ’ كل المتدينون ’ يدفعون الثمن لما مارسوه من كبت وقهر فى حق هياكل الله التى هى أجسادهم (فقه النكاح الداعشى وأطلالاته على الفكر المسيحى!) . لقد خرج الجسد الانسانى من القمقم اليوم لينتقم لنفسه بكافة الطرق وشتى الوسائل المشروعة والغير المشروعة ! لقد قرأ تلميذ المسيح ولاهوتى الأعمال والسلوكيات يعقوب كل ما يجرى من حروب وخصومات فى المجتمع وأرجعها الى سببها الأصلى والأصيل "من أين الحروب ومن أين الخصومات بينكم ! أليست من هنا من لذاتكم المحاربة فى أعضائكم " يع 4 :1 وحتى لا يظن الروحانيون وعديموا الأجساد منا ! أن يعقوب يتكلم عن الخصومات الروحية ! يصدمنا جميعا ويحدد " أيها الزناة والزوانى " . الزنى هو حالة خصام وانفصام وأغتصاب يمكن أن تحدث فى المخدع الواحد حينما لا يكون مخدع ليتورجى ! حينما ترى زوجا شايطا بلا سبب مفهوم أو زوجة نكدية بلا معنى ’ ابحث عن المخدع ! حينما نقول "ليتورجية الجنس وجنس الليتورجية " نحن نقصد أن يتحقق الوعد الالهى بأن يصير الاثنان (ساركا ميا) اى جسد واحد وهنا لم يترك النص فرصة للفذلكات ’ بل قال "ساركا ميا " أى اللحم والشحم والدم لكل من الزوج والزوجة ’ يتحدان ببعضهما ويصيرا بالنعمة الروح جسدا واحد فى المخدع الواحد أولا ومن ثم فى المطبخ وفى المكتب وفى كافة نواحى الحياة ! لا يوجد كتالوجات ولا مواعيد لهذه الليتورجية ’ بل هى رهن أنات الروح فى الجسد الواحد ’ لانه كما أن الروح يءن فينا ’ هكذا الجسد الواحد يئن فينا بأنات لا ينطق بها ’ ليس بسبب التسيب والانحلال ’ بل لأن الاثنان يعلمان أنه مخوف هو الوقوع بين يدى الرب فى مخدع الحب الليتورجى بدون الاستعداد اللائق والحب اللازم والأمان الشافى والدلال الوافى وبدون أب روحانى مختبر فهمان راهب مستقيم الرأى والحياة كان أومتزوج بحب وعن حب وفى الحب ! ليس بيننا وبين الأباء الرهبان قطيعة ’ ولكن هذا ليس مجالهم ’ أعرف حالات كثيرة مأساوية من الشباب والصبايا بل والكهنة الشباب الملتزم ممن يتخذون راهبا تقيا أب روحى لهم ’ ما ذا يحدث ! برنامج الحياة الزوجية يسير وفق كتالوج وطقس الراهب ’ لا مخدع ليلة الثلاثاء والخميس لأنه صابح صيام اربعاء وجمعة ! ماشى ! ولا حب ليلة السبت لأنه صابح أحد ماشى ! وكأنه بين ليتورجية المذبح وليتورجية المخدع خصام وفصام وعراك ! حظهم سئ لو فيه قداس كل يوم ! النتيجة أن بويضة الحمل تأتى من الله وليس لها ميعاد مهما قال الأطباء ومع كامل احتراماتنا ! يظل العروسان بلا خلفة ! بلا ولد ! وفوق كل شئ بلا لمسات حب ! والشاب فحل والصبية ملكة جمال ولا يوجد سبب طبى للعقم النفسى ذو الغطاء الروحى ! ونجرى على الدكاترة والسحرة وضرابين الودع من رجال الدين والدنيا ! ورزق الهبل على المجانين ! هذا لأن الأب الروحى لا يعايش الزوجان بالروح والحس الانسانى الراقى ’ روح الأبوة والشركة والحب ’ روح الفهم والمشورة ! من أين له وهو راهب ليتورجيته الأساسية هى ليتورجية الخصام مع الجسد والعداء مع الحياة الدنيا ’ واذا حدث ’ لا قدر الله ’ وصالح الحياة فى لحظات غفلة وملاطفة وصفاء فى موبايل شيك أو سيارة أخر موضة أو قرشين على جنب لايام العجز أو الثرثرة هربا من الوحدة وشقائها والصمت وبلاياه ! أو صداقة ما أو تجريم وتحريم الحياة الحرة فى المسيح على الناس وتنكيد حياتهم فى اسهال كتابات تافهة على حد تعبير المتنيح الانبا بيمن ! أو صداقة يستمتع بها ثم يذهب للاعتراف بها كخطيئة من الكبائر ! ’ ويتعاطى مع اولاده وبناته بذهن الكتالوج ! أعجبنى راهب شيخ من الفاهمين (يوجد رهبان شيوخ فاهمون ! )الذين يضيئون كالجلد فى صحراء الوجود ’ قال فى سياق حديث عن الحب والجنس "يعنى هو ربنا ’ اللى هو عمل أكليل أدم وحواء بنفسه ’ جاب حواء لادم ومعاها كتالوج ’ ما هو اداها له وسابه هو يكتشفها وهى تكتشفه بالحب والرقة والشركة " ’ الروح روح الجسد الواحد ’ الروح النارى "يهب حيث يشأ ومتى يشأ " .لقد توقف الجنس عن أن يكون ليتورجية وبالتالى فقد معناه الانسانى ’ وأصبح الجسدان يمكران احدهما على الأخر والله ’ هنا ’ هو خير الماكرين لأنه يسلم الجسدان اللذان لا روح ليتورجى عفوى لهما ليس فقط الى ذهن مرفوض بل الى مخالب جسد شرير ومعاند ! هذا يفسر مغزى ومعنى العادة المسيحية القديمة والتى بدأ الصبايا والشباب الفاهمون ’ اليوم ’ فى العودة اليها ’ وهى الزواج أثناء الليتورجية ’ لأن الفاهمون من أباء وأمهات المسيحية الأولى ’أدركوا منذ اللحظة الأولى أنه كما نصير جسدا واحدا فى الليتورجية ’ جسد المسيح الذى هو الكنيسة ’هكذا الزواج هو ليتورجية (الساركا ميا) وأن المخدع المسيحى ’ يحمل فى داخله كل الامكانيات والعطايا والوسائط التى تؤهله وتمكنه من أن يتحول الى مذبح افخاريستى فى يد الصادقين بلا وسيط ولا شريك ولا عزول مهما بلغت درجة روحانيته ! . نحن نعتقد أن قضية الحب الزيجى والليتورجية المخدعية ’ ما يتعلق بهم من قضايا تناول البنات وهن حائضات وغيرها والقائمة طويلة ’ يتعرضان اليوم ’ لهجمات هرطوقية ناسوتية لا تقل خطورة عن الهرطقات اللاهوتية فى الكنيسة الاولى لأن من يمس انسانية الانسان فى خصوصياته ’ يمس حدقة عين اللاهوت ! ’ وحلها لن يأتى بقرارات مجمعية فوقية وسلطوية ولا حتى بحوارات فيسبوكية والتى هى نافعة لقليل "1تيموثاؤس 4 ,8" !’ بل باعاد بناء البنية التحتية للحياة الانسانية الزوجية واعادة صيغة الليتورجية العائلية ’ ورد الاعتبار للجسد الواحد فى الليتورجية المخدعية ’ واحترام خصوصيات المخدع الغير النجس حسب تعبير بولس الذى كان يخاطب المتهودين منا ونظرتهم المتخلفة للأطعمة والجسد والحب والدلال والزواج (عبرانيين 13 ’ 4 ) ’ ذلك بالتوعية اللاهوتية والحس الانسانى وقبل كل شئ الانسكاب فى صلوات قلبية حقيقية وليتورجية من أجل سلامة البيوت والعائلات وسعادة الشباب والصبايا . خلاف ذلك سيجد شبابنا وبناتنا أن "الشيطان " وأجوائه هو أجمل ما فى المدينة الفاضلة ’ كما رأى الصبى فى العصور الوسطى .