lundi 4 avril 2016

العنصرة بين وحدة الايمان وتعدد الثقافات الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين


العنصرة بين وحدة الايمان وتعدد الثقافات الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين
العنصرة بين وحدة الايمان وتعدد الثقافات
                                  الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين

العنصرة ’ عند الاباء الارثوذكس الكبار ’ هى الحياة الجديدة التى تنزل علينا كل يوم وتكشف لنا جمال وجه المسيح وتجعل توبتنا ثابتة.كل مؤمن يذوقها بمقدار ويرى بها رؤى ’فيحب بصورة مدهشة’ فيغفر بما لا يتصوره الناس’ويرق ويلطف كما لا يتوقعون.العنصرة هى المسيح معطى لنا بالروح القدس فيجعلنا شهداء ونحن جبناء وقادرين على تحدى الظلم وان نستقل عن المعتبرين أقوياء وأن نتكلم بما يفوق قدرتنا كما تكلم الصيادون.لا يكفى لهذا ان نتعلم أمور الايمان’فالكثيرون تعلموا واجتروا الكتب اجترارا ولم يوصلوا رسالة لأن الكلمات كانت ميتة على ألسنتهم بعد أن قلوبهم منطفئة.العبادات وهى حية استقبلوها أشكالا وأنماطا وما أحيتهم فمروا ولم تمسسهم نار . يمكن أن يقرأ انسان كتبا كثيرة ويبقى باردا. وقد تجد انسانا حارا يعرف القليل ويقول القليل ويمكنك أن تعيش على دفئه.هذا هو سر الروح القدس(المطران جورج خضر-العنصرة-الروح والعروس 2 - سنة الرب المقبولة-جبل لبنان 2000 ص ص 249 ) .
الايمان المسيحى المستقيم صار واقعا معاشا فى يوم حلول الروح القدس ويصف لنا سفر الاعمال الذى هو سفر اعمال الروح القدس فى الكنيسة-والذى يقرأ فى الكنيسة البيزنطية طوال الخماسين المقدسة- يصف لنا كيف أعد الرب العالم والتلاميذ لقبول هذا اليوم العظيم(الذى أراهم نفسه حيا ببراهين كثيرة بعد ما تألم وهو يظهر لهم اربعين يوما ويتكلم عن الامور المختصة بملكوت الله وفيما هو معهم اوصاهم أن لا يبرحوا من اورشليم بل ينتظروا موعد الأب الذى سمعتموه منى لأن يوحنا عمد بالماء واما انتم فستتعمدون بالروح القدس)اع 1 :3-5 .الروح القدس هو روح الاب ’روح الحق ’هو الرب المحيى كما عاشوه وذاقوه وأختبروه وصاغوا الخبرة عقيدة الاباء فى المجمع المسكونى الثانى فى القسطنطينية عام 381 .ولما حضر يوم الخمسين اجتمع ممثلون من كل شعوب الارض فى اورشليم وتعددت اللغات والثقافات وتوحدت النوايا فى العبادة بالروح والحق ’تعددت اللغات والثقافات وتوحدت القلوب والاشواق’لقد سبق واجتمع البشر على بناء برج بابل لكى يصلوا الى السماء ومع ان لغتهم كانت واحدة الا ان نواياهم كانت مشتتة وطمست قلوبهم الاهواء وجاء يوم الخمسين –حسب اباء الكنيسة -علاجا لكارثة البرج ففى البرج حاول البشر بذكائهم ولم يتفقوا وفى العنصرة ترجوا الروح السماوى وصاروا نفسا واحدة وكل شئ بينهم كان مشتركا من اللقمة الى الرؤية بدون انفصام.لهذا جأ رد السماء فوريا (وصار بغتة صوت من السماء كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين وظهرت لهم السنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم وامتلاء الجميع من الروح القدس ).نحن امام ظاهرة ثقافية كبيرة فالله لا يمارس لونا من الدكتاتورية الاملائية على البشرية ولا ينظر الى الناس على انهم كم مهمل عليه ان يسمع بلا تفكير فمسيحية يوم الخمسين ترفض الالغاء والاقصاء والتهميش والقهر الفكرى وومحاكم التفتيش التسلط باسم الله مهما كانت التبريرات ’لقد رد الروح القدس فى يوم العنصرة للانسان وللغته ولثقافته ولفرادته الاعتبار .لقد أعطى الروح القدس أن كل واحد كان يسمع تلاميذ المسيح يتكلمون بلغته(اع 2 :5 ) وتأتى العبادات لتؤكد التعليم اى تاتى الخبرة لتختم على الخبر فيقول المرنم مع الشعب حسب الترتيب البيزنطى لاحد العنصرة (امور مستغربة منافية لناموس الطبيعة قد سمعت لان الصوت الواحد الذى حازه التلاميذ بانواع مختلفة بنعمة الروح قد اسمع الامم والقبائل واللغات عظائم الله وحازوا المعرفة بالثالوث).وهنا تظهر فرادة المسيحية الأصلية فى أنها أتت لا لتلغى الانسان وتهمش طاقاته وتحتقر تراثه وتبشر بالجهل والسذاجة بل لترفع الانسان وتراثه وثقافته ولغاته الى السماء لترتفع وتسموا حتى تصير السنة الناس ادوات لمجدا لله.وروح يوم الخمسين لم يعطى للناس أن يسمعوا كل واحد لغته الحالية فلربما تكلم الكثيرون منهم اكثر من لغة بحكم الغربة والسفر ولكن اعطاهم ان يسمعوا (نحن كل واحد لغته التى ولد فيها ) وهنا يهتم الروح القدس بقضية الانتماء الحضارى والثقافى للبلد وللغة التى ولد فيها التلاميذ.كل الشعوب الحاضرة يوم الخمسين والتى كانت تمثل كل شعوب الايكومينى يومها (فرتيون وعيلاميون وماديون والساكنون ما بين النهرين واليهودية وكبدوكية وبنتس واسيا وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحى ليبية التى نحو القيروان والرومانيون المستوطنون يهودا ودخلاء وكريتيون وعرب) الشئ اللافت ان اللغة العربية قد تعمدت بالروح القدس قبل ان تصير لغة الاسلام بقرون كثيرة.التقت الشعوب التى فرقت بينها السياسات والثقافات على طريق السماء .حقا نحن امام حدث حضارى كبير .الروح القدس ليس أمرا هلاميا لا قوام تاريخى له بل هو الاقنوم الثالث من الثالوث القدوس وهو الذى ينير اللاهوتيين ويعطى نور العقائد ولاننا فى زمن صار فيه الجهل بالعقيدة عميما وصار اغفالها خطة يجئ الحديث عن الروح القدس نسمات منعشة. يعود الاصل المسيحى لعيد العنصرة الى ما حدث فى سفر الاعمال وسبق الاشارة اليه (اع 2 :1-11 ).
تاريخ عيد العنصرة
لقد ارتبط عيد العنصرة ’فى القرون الاولى ’ارتباطا وثيقا بالفصح واعتبره المسيحيون تتمة للفصح.ولقد كان عبارة عن تتمة لفترة زمنية هى السبعة الاسابيع أكثر من مجرد يوم واحد للعيد .ولقد تميز بالفرح الكبير (ترتليانوس ويوسيبيوس واثناسيوس)كان المسيحيون يرنمون (هلليويا) ويقرأون سفر الاعمال ويمجدون الرب على اعماله العظيمة فى كنسيته ووسط شعبه.لقد تم تحديد الاحتفال بالعنصرة فى نهاية اليوم الخمسين من تاريخ الفصح وصار العنصرة يشكل اكتمال عيد الفصح.وهذا هو المعنى من وراء القانون 43 فى مجمع الفير فى القرن الرابع وجاء القانون رقم 20 لمجمع نيقية 325 ليحس المؤمنين على الوقوف اثناء الاحتفال بالعنصرة وعلى ان لا يمارسوا السجود (المطانيات)فى هذا اليوم. الى أن جاء الثلث الاخير من القرن الرابع وتحدد مضمون عيد العنصرة بشكل أكبر وذلك فى القسطنطينية حسث صار العنصرة هو الاحتفاء بعطية الروح القدس للرسل وللكنيسة.أما فى روما فكان العيد هو الاحتفال بعطية الناموس الجديد وحلول الروح القدس وفى ميلانوا كانوا يحتفلون ينهاية الزمن الفصحى.ولقد تم فى القرن الرابع اختصار الخمسين اليوم الى اربعين وظهر عيد الصعود .وصار عيد الخمسين فرصة كبيرة للتأمل اللاهوتى فى ماهية الكنيسة والتى ارتبطت بسكب الروح القدس ورسالة الكنيسة فى العالم ولقد وصل هذا الفكر الى قمته فى القرن الخامس كما نرى فى نصوص اغسطينوس وليون الكبير ولكن لم الاضافات الى معنى العيد الى ان وصل العنصرة ليصير عيدا مستقلا قائما على ما ورد فى سفر الاعمال 2 :1-14 وانفك ارتباطه بالفصح.وهناك تقليد قديم يعود الى ترتليانوس والى البابا سيريس يرى ان فترة العنصرة هى فترة الاحتفاء بتعميد الموعوظين.(المعجم الموسوعى للمسيحية الاولى-بالفرنسية 1990الجزء الثانى –ص1989).السؤال الهام هو ماذا يريد المسيحيون
اذا اقاموا عيد العنصرة فى يوم الخمسين بعد الفصح؟ ما المدلول الحقيقى لحلول الروح القدس على التلاميذ المجتمعين فى العلية خوفا من اليهود ؟ يجيب على السؤال المطران جورج خضر فى دراسة له عن العنصرة ويقول( اذا استنطقنا العبادات البيزنطية نقول أن وظيفة الروح فى نزوله تجعل الناس انبياء وتدخلهم فى نطاق الرؤية وهى تعطى المؤمنين قلبا جديدا وتجعلهم شعبا لله ويوجد مواهب متعددة (1كورنثوس 12 :4 -11 )وثمار القداسة (غلاطية 5 :22 -23).الروح القدس هو الذى يكون الكنيسة فالكنيسة ليست مؤسسة بالمعنى الحقوقى ولا هى ركام بشر او تنظيم مجتمعى لهم .هذا لابد منه فى أزمنة الناس لكن الكنيسة فى عمقها ليست الا الاتصال بالسيد.هى شهداؤها والقديسون والمألوهون فيها.أما شقاء المسيحيين وظلامهم فى التاريخ فشئ أخر.وأما تسلط من تبوأ مركزا فيهم فهو من خطاياه. فأنت لا تطيع اسقفا من حيث هو رئيس بالمعنى القانونى ولكن من ان الله جعله ابا روحيا لك وما نال هذه الابوة لمجرد انتخابه واقامته ولكنها كانت فيه بفضل من الروح واتى به لممارسة موهبة كان هو عليها .انت فى تحرك مواهب وتلقى مواهب او ابداء مواهب .فالكنيسة ليست جيشا من القواد والجند . انها تناغم العطية والعطية واتفاق الحان كما نقول فى العبادات)(مطارح سجود –دار النهار للنشر2001 ص231.ان جماعة الكنيسة الخمسينية (أهى جماعة نبوية كلها بمعنى تأوين الكلمة لأن الكلمة القديمة يحيها الروح فيها الأن (منه أشتققنا كلمة تأوين ) الجماعة ليست الة تسجيل لكلمة قديمة .انها تكشف للعالم لن له اليوم بالكلمة الابدية حياة.ان هذا الانجيل القديم يصير جديد بالروح الذى يهب .الروح القدس هو الذى كتب تاريخ المسيحية الاصيلة وهو الذى الهم الاباء والعلماء والمفسرين والنساك والشهداء فالروح القدس هو العامل فى التراث الارثوذكسى من ايام وقوف باسيليوس فى وجه من ينكرون الوهية الروح القدس وهكذا يحرموننا من الحلول الالهى الى اثناسيوس فى رسائله الى سيرابيون عن الروح القدس مرور بالمجامع الى بالاماس الذى ابدع فى شرح قضية علاقتنا بالروح القدس والتى شغلت الكنيسة ونحن نعتقد ان روح الانتقائية التى سادت الاوساط اللاهوتية قد تسببت فى حرمان البعض من ثمار الروح فى كمال التراث الكنسى .الروح النارى الذى اختبره وكتب عنه مكاريوس المصرى هو الروح العامل فى العبادات والتسابيح والتى ما هى الا نفحات الروح على السنة المؤمنين
بهذا الروح وحده يحدث التحول والتوبة فى الكنيسة وتتحول من مؤسسة وطائفة وشيعة الى جسد المسيح المروحن والمتأله الذى اذا انطلق منه الروح بالبشارة يصبح الكون جديدا.يجب الانتقال من التشرذم الطائفى والكبرياء الملى وحقوق الطوائف وعبادة المؤسسات والاشخاص الى الكنيسة الحية بالروح التى الام التاريخ ومخاوفه’الى كنيسة القيامة.هذا الانتقال متعذا ان لم نع حضور الروح فينا وذاتيته.هو الذى يقوم الفكر ويولد العزيمة لانه يجعلنا نصبو الى رؤية الملكوت الاتى ولا نكتفى بشكليات عبادة تلتقى فيها الاجساد وفذلكات كلام يتلاقى فيه فقط الذهن مع الذهن وكل ما ترمى اليه هذه وتلك هو ترميم وضع تاريخى ايل للسقوط وترتيب مستقبل مؤسسى ارضى يستند الى اثقال الناموس اكثر من ان يحمل على اجنحة النعمة.السيد القائم من بين الاموات ذا جسد نورانى مستوعبا للروح وصاعدا بقوة الروح الى الاب وحاملنا فيه هو الذى سيجعل كلمات الانجيل وعبادتنا وشهادتنا من نار.(بول افدوكيموف- الروح القدس فى التراث الارثوذكسى –نقله الى العربية المطران الياس نجمة-قدم له المطران جورج خضر –المكتبة البولسية –بيروت - 1989 ص 19 )19.
الروح القدس فى الفكر اللاهوتى الابائى
فى التراث الابائى ’ اللاهوت يعنى أولا تأمل سر الثالوث.وه1ا ما يمكن تسميته بالتمحور الثالوثى الأرثوذكسى .فطريقة الأباء هى دوما كلية وشاملة’تحذر من أى استفراد مصوب حصرا صوب الكلمة اللوغوس أو صوب الروح القدس ’ وتسعى الى لاهوت متوازن يرتكزعلى الأقانيم الالهية الثلاثة. وهى تنظر الى ثالوثية الاقانيم قبل الجوهر الالهى الواحد.وتنطلق من الأقانيم ثم تعكف بعدئذ على التدقيق فى المصادر لتؤكد وحدانية الطبيعة بوصفها محتوى الأقانيم .بهذا المعنى يتكلم القديس غريغوريوس النزينزى على (القداسات الثلاثة المتحدة فى رئاسة أو ألوهة واحدة).
يقول الرب فى انجيل يوحنا: (ومتى جاء ’هو ’روح الحق’فأنه يرشدكم الى الحقيقة كلها(يو16 :13 ).ففى ضوء (روح الحق) يبنى الأباء لاهوت هذه (الحقيقة كلها) التى هى ’ فى الواقع’ الثالوث الالهى.الروح القدس يكشف هذه الحقيقة.بل ان الروح القدس يحيى النفوس ويؤلف فيها سريا طبيعة الثالوث الواحدة,كما نترنم فى خدمة الأحد( أنتيفونية اللحن الرابع) ’ والروح القدس يظهر الانسان ’المخلوق على صورة الله ’ ايقونة حية للثالوث.
واذ تنسجم الكنيسة الارثوذكسية مع هذه الرؤية’فهى تحتفل فى عيد العنصرة’يوم الاحد ’ بالثالوث’ويوم الاثنين بالروح القدس.أنها تبدأ بعمل الروح أعنى ’ اعتلان سر الثالوث ’ وتعيد بعدئذ لعلة هذا الاعلان وفى أثناء الخدمة الليتورجية ’تعرض ايقونة الثالوث لحتفاليا وسط الكنيسة.ولهذا العرض معناه التعليمى السرى العميق ’ فنظرة المؤمنين الى ايقونة الثالوث تضعهم حيال الكنيسة المطلقة’كنيسة الأقانيم الالهية الثلاثة اى ايقونة الثالوث ’ ايقونة توجيه’ شأن أى أيقونة’فهى تعطى كنيسة الأرض ’أى كنيسة البشر’مثالها الأعلى وتبرز الخط الروحى الذى يجب أن يسلكه الانسان.
وفى الواقع ’انه لمن الواضح أن بين الكائن الثالوثى الذى الذى هو ملء الكيان واللاكيان أى العدم ’لا محل لثالث’أى لكيان متوسط يمكن أن يقوم. من هنا’ تشديد الأباء’كالقديس باسيليوس مثلا’على فكرة تأليه الانسان:(لقد أومر(بضم الاف) أن يكون الها بحسب النعمة) .والقديس غريغوريوس النيصى :(ان المسيحية هى أقتداء بالطبيعة الالهية) كذلك القانون 34 من القوانين الرسولية تحدد القاعدة التى تقوم عليها الكنيسة فى بنيتها’أعنى تمجيد الأب والابن والروح القدس .فالكنيسة قد أرسيت فى هيكليتها وجامعيتها على عقيدة الثالوث:فهى المجتمع حيث تتحقق وحدة البشر’على تعدديتهم’فى الطبيعة الواحدة المتجددة فى المسيح’انها (مجتمع الحب المتبادل) على صورة الحب الثالوثى.ان التوازن الثالوثى نتبينه فى وضوح فى الصلاة التى الأسقف على المزمعين أن يمسحوا بالميرون المقدس:(اللهم ’ أعط عبيدك سمة ختم الميرون الطاهر’فيحملوا المسيح فى قلوبهم ويضحوا بذلك مساكن للثالوث)’فالمؤمنون الذين ختمهم الروح القدس يتحولون الى (حاملى المسيح) ويضحون هياكل يملأها الثالوث.وفى ضوء هذا الملء يحدد الاباء مشاركة الأقانيم الالهية الثلاثة فى التدبير الخلاصى وفقا لخصائص كل منها.(الروح القدس فى التراث الابائى ص 79-80 ).يصف القديس باسيليوس وصفا رائعا عمل الروح القدس فى المخطط الخلاصى العام’فيقول:(فى مجئ المسيح’الروح القدس يستبق الحدث’وفى التجسد ’الروح القدس حاضر’العجائب والنعم والأشفية تتم بالروح القدس’طرد الأبالسةوتقييد الشيطان بالروح القدس ’ مغفرة الخطايا والارتباط بالله ’بالروح القدس ’قيامة الموتى بقوة الروح القدس ’وفى الواقع’ليس فى الخليقة أى هبة الا وتأتيها من الروح القدس). والقديس كيرلس الكبير يركز على حضور الروح القدس الشخصى فى النفس التى يكون قد قدسها فيقول:( اننا نحمل الروح القدس مقيما فينا ’ وليس فقط نعمته)باترولوجيا جريكا 73 :757ِ.والصلاة التى نرفعها الى الروح :(أيها الملك السماوى المعزى) تدعوه (تعال وأسكن فينا).يقول ايفاغريوس البنطى تعليقا على ما جاء فى النص الاخر من الصلاة الربانية أى ليأت ملكوتك أنها ليأت روحك القدوس لأن ملكوت الله هو الروح القدس الذى نسأل الله أن ينزله علينا.بهذا الصدد’ ان عبارة (اطلبوا ملكوت الله) تعنى (اطلبوا الروح القدس) وهو الضرورى الأوحد.ولهذا’ يقول القديس سيرافين الساروفى (ان غاية الحياة المسيحية هى الحصول على الروح القدس)’وحيث يكون الروح القدس –يقول القديس ايرينأوس-فهناك الكنيسة.ان التجديف على الروح القدس’يقول الانجيل’لا مغفرة له لأنه يتنافى والتدبير الخلاصى بالذات .ذلك أن الروح هو الينبوع وهو واهب الطاقات الثالوثية المؤلهة التى تحقق الخلاص.
الروح القدس (واقع داخلى) فى (الخليقة الجديدة):
من جراء الخطيئة’أضحى عمل الله خارجا عن الطبيعة نفسها .يقول القديس كيرلس الاسكندرى ’ كان الروح القدس يلمس أنبياء العهد القديم فى فترة الوحى القصيرة ثم يبتعد عنهم (باترولوجيا جريكا 73 )’ فى الحقبة الثانية ’وأثناء رسالة المسيح على الأرض نراه يمنح المصاف الرسولى سلطة الكهنوت ونعمة الروح القدس (نفخ فيهم وقال لهم :خذوا الروح القدس)(يوحنا 20 :22 ).انه يعطى الروح ليس شخصيا لكل الرسل’بل للكنيسة’بوصفها جسدا يمثله المصف الرسولى فى تلك الساعة’فنحن حيال وجود للروح القدس عبر عطاياه ومواهبه.وظهوره ليس أقنوميا بل ظهورا فاعلا أووظيفيا.

يوم الظهور الالهى ’يحل الروح على طبيعة يسوع البشرية’ بشكل منظور’ويستريح فيها’ويوم العنصرة ينزل الروح نفسه الى العالم’نزولا أقنوميا’ويضحى فاعلا فى صميم الطبيعة أى أنه يضحى واقعا داخليا فى الطبيعة البشرية.فهو’ اذا’ يعمل فى داخلنا ويحركنا ويدفعنا ’وهو بتقديسنا’ يمنحنا شيئا من طبيعته الخاصة.فهو يندمج فينا ويضحى معنا موضوع حياتنا فى المسيح بشكل حميم يجعله أقرب منا مما نحن من ذواتنا.أى أن الحمامة التى حلت على الابن’تحل الأن فى كل من الأبناء فى الابن.(وكأن النعمة صارت من جوهر الانسان)’ كما يقول القديس مكاريوس المصرى.لقد عدنا الى القاعدة التى عليها تسير الطبيعة :(فبالروح القدس تتجدد الخليقة وتعود الى وضعها الأول)و كما نقول فى صلاة سحر الأحد.هذا (الواقع الداخلى) يضع الكنيسة فى سرها الليتورجى وفى أسرارها فى تناقض وكل هيكلية متحجرة.فطاقات الروح المحيية تجعل منها حدثا تاريخيا.فالديناميكية ’اذا’من صلب جوهرها فى مسيرتها.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire