mardi 29 mars 2016

لتأله هو القصد النهائى من حياة الانسان الدكتور أثناسيوس اسحق حنين

-

                          لتأله هو القصد النهائى من حياة الانسان

 The Deification as the purpose of Man's Life                                                                         

التأله هو القصد النهائى من حياة الانسان
The Deification as the purpose of Man s Life
للارشمندريت يورغوس كابسانيس رئيس دير القديس جورجيوس بجبل أثوس المقدس 1997
تعريب البروتوبرسفيتيروس
الدكتور أثناسيوس اسحق حنين – الكنيسة اليونانية
يعد السؤال عن القصد من حياة الانسان ذو أهمية قصوى وذلك لانه يلمس قضية هامة وهى هدف حياة الانسان على الأرض .اذا ما نجح الانسان فى فهم القصد من حياته’ فسوف يقدر على المواجهة السليمة لبقية تفاصيل الحياة اليومية مثل قضية علاقاته مع الأخرين وتوجهاته المهنية والعلمية بل وحياته الفردية أو الزوجية وكيفية تربية الاولاد.أما اذا لو يطرح السؤال عن القصد من الحياة طرحا جديا ’ فسوف يفشل فى بقية نواحى الحياة ’لأنه عن أى معنى نبحث فى الجزيئات اذا ما ضاع معنى الكليات.                                                                                                        
لقد كشف الكتاب المقدس منذ البدايات وفى السطور الاولى من سفر تكوين تاريخ البشرية’عن القصد من حياتنا على الأرض ’ لقد كشف القديس كاتب سفر التكوين عن أن الله قد خلق الانسان (على صورته ومثاله ). هكذا نتأكد من حب الله الثالوث الجم للانسان ’ الله لا يريد للانسان أن يصير مجرد مخلوق وسط المخلوقات ’ مجرد مخلوق ذو مواهب (خاريسمتا)أو ذو صفات أخلاقية حميدة’ ولا يريد الله من الانسان أن يكون مجرد كائن أفضل من باقى الكائنات’ بل أن الله يريد من الانسان أن يكون الها بالنعمة أى شريكا له فى مجده .                                                             
god by Grace.
أن الانسان يبدو أنه يحيا ككائنا بيولوجيا مثل سائر الكائنات والحيوانات الحية’. أن الانسان ’ فى الحقيقة ’ حيوان ’ولكنه على حد قول القديس أغريغوريوس اللاهوتى (الانسان هو المخلوق الوحيد الذى يتميز عن باقى الخليقة وذلك لأنه المخلوق الوحيد القادر على أن يصير ألها بالنعمة)(عظة على عيد الظهور الالهى باترولوجيا جريكا 36 :3244 :13 ).                                             
أن خلق الانسان على صورة الله تشير الى العطايا التى خص الله بها الانسان دون سائر المخلوقات’ وهذه العطايا والهبات هى العقل المفكر ’ الضمير والارادة الحرة أى نعمة الحرية والقدرة على الابداع والابتكار بل والحب والشوق الى المطلق والى الله ’ وهذا كله يشكل وعيا بالذات يؤدى الى أن يشعر الانسان بتميزه عن سائر المخلوقات ويجعل منه شخصا ذو هوية مشخصنة.ان كل ما يجعل من الانسان شخصا حيا هو خلاصة عطايا كونه مخلوقا (على صورة الله).
الانسان يمتلك الصورة الالهية فى كيانه وهو مدعو الى أن يصير حسب المثال أى أن ينتقل من الصورة الى المثال أى أن يقتنى التأله .أن الخالق ’ أى الله بالطبيعة يدعو الانسان المخلوق الى أن يصير الها بالنعمة.                                                                                            
(The Creator , God by nature , calls man to become god by Grace).
أعطى الله عطاياه للانسان فى خلقه للانسان على صورته ’وذلك لكى يسمو ويقتنى المثال أى التشبه بالله الهه وخالقه أىأن يقتنى ’ليس مجرد علاقة أخلاقية لفظية وصورية مع الله بل علاقة شخصية واتحاد واقعى بخالقه .أن لمن الخطر بمكان وقد يبدو كبرياء أن نفكر أن القصد وراء حياة الانسان هو أن يصير الها بالنعمة.ولكن الكتاب المقدس واباء الكنيسة المتألهى العقول يتكلمون بوضوح عن هذه القضية ولا يخفون عنا هذه الحقائق.                                                               
للأسف هناك الكثيرون من الناس’من داخل الكنيسة أو خارجها’ الذين يجهلون هذه الحقائق.وهم يعتقدون أن كل هدف حياتنا هو ’ فى أحسن الأحوال’ هو تحسن صورة الانسان أخلاقيا ودينيا’ أى أن نحسن صورتنا ونصير أناس أفضل(يضع رقعة جديدة على ثوب عتيق).الواقع أنه وحسب الانجيل ’والتقليد الكنسى ’والأباء لا يمثل هذا المفهوم القصد من حياة الانسان ’ فالانسان ليس مدعوا أن يصير مجرد انسان أفضل’ أو أفضل أخلاقيا أو أكثر عدلا أو أكثر طهارة أو أكثر حرصا.الحقيقة أن هذا كله يحدث ولكنه ليس ليس أهم شئ فى القضية أو القصد النهائى’ من خلق الله للانسان أذا ما هو القصد من خلق الانسان؟                                                            
القصد من خلق الانسان هو التأله أى اتحاد الانسان بالله وهذا الاتحاد ليس أمرا خارجيا أو عاطفيا بل هو اتحاد حقيقى وواقعى .أن الأنثروبولوجيا الارثوذكسية تضع الانسان فى مكانه سامية جدا بالمقارنة بالعلوم الانسانية الأخرى’ والفلسفية والاجتماعية والنفسية وسوف يظهر من سياق دراستنا مدى ضحالة الرؤى الأخرى للانسان بالمقارنة بالرؤية الارثوذكسية وكيف أن الرؤى الأخرى للانسان لا ترقى الى مستوى تطلعات الانسان ’الأنثروبولوجيا الارثوذكسية هى أساسا خرستولوجية’ الأمر كبير وحقيقى فى حياة الانسان. مادام الانسان قد دعى لأن يصيرعلى مثال الله أى أنه قد خلق (بضم الخاء) لكى يصير الها ’واذا ما لم يلتزم الانسان بهذا المصير أى التأله ’فسوف يشعر بالفراغ فى داخل نفسه ويدرك أنه هناك شئ ما لا يسير فى الطريق الصحيح.لن يشعر الانسان بالسعادة حتى ولو اراد أن يملاء هذا الفراغ بأنشطة أخرى أو بانماط تدين شكلى. هو يخدع نفسه ويختلق عالما من الأوهام ولكنه عالم ضحل وصغير ومحدود.ويصل الانسان الى أن يحبس نفسه كعبد فى هذا السجن الخيالى.ينظم الانسان حياته ويرتبها بشكل لا يشعر فيه بالسلام ولا بالهدوء فهو يعيش فى عالم صاخب ومتوتر ويلجا الانسان الى المهدئات والمخدرات الدينية وغيرها لينسى أى لكى يعفى نفسه من التفكير. والعناءوالتذكروالدراسة والتوبة وبالتالى يهرب من خطر أن يفهم أنه يسير على الطريق المؤدى الى الهلاك’ أى أنه فقد الهدف من وجوده.وفى النهاية ’فأن الانسان المعاصر هو انسان تعيس غير مكتفى ويبحث عن أمر أخر ’ شئ أكبر’أى شئ جميل حقا ومبدع. السؤال هل يقدر الانسان على الاتحاد بالله؟ هل يمكن للانسان أن يكون فى شركة مع الله؟ هل يمكن للانسان أن يصير الها بالنعمة؟                                                                             
تأنس الله الكلمة هو سبب تأله الانسان فلا يمكن للانسان أن يتأله اذا لم يتأنس الله.لقد ظهر عند الأغريق وقبل المسيح الكثيرين من الناس الصالحين والأفاضل وطريق جهنم ملئ بالنوايا الحسنة!!! ’لقد وصل اليونانيون القدماء الى درجة عالية من الاخلاق والكلام عن الله والحقيقة هى أن فلسفتهم قد أحتوت الكثير من الصدق وهذا ما سماه الاباء (اللوغوس الكامن) ’لقد كان اليونانيون القدماء أناس متدينون كثيرا (راجع خطاب بولس فى أثينا أعمال الرسل 17)ولقد كانوا يشتاقون الى معرفة الله الحقيقى ولكن لم يكتشفوا الطريق ’ لقد أشتاقوا الى التأله بدون معرفة الله المتأنس(الأله المجهول).                                                                                                   
نجد أيضا فى العهد القديم أناسا أفاضل وأبرار ولكنهم لم يصلوا الى الاتحاد الحقيقى بالله أى الى التأله بالرغم من الاطلالات اللوغوسية هنا وهناك.صار تأله الانسان ممكنا بعد أن تأنس الله الكلمة لقد كان الله الكلمة فى العهد القديم هو الكلمة عينه ولكن الغير المتجسد . هذا هو القصد من تأنس الله الكلمة ’ولو كان القصد من وراء حياة الانسان هو مجرد الرقى الاخلاقى لما كان هناك حاجة الى مجئ المسيح الى العالم ’ لما كان هناك حاجة للتدبير الألهى أى للتجسد والصليب وموت السيد وقيامته ولصارت الكنيسة مجرد نادى دينى أو شلل متناحرة على مصالح ارضية وقتية وعابرة ولانتهت الى عبادة اشخاص بدلا من الله الحى ولالت الى الاصرار الشكلى على السجود فى اورشليم مع اخفاء الخطية والزنى والارتباطات الغير الشرعية ورفض السجود بالروح مع التوبة(السامرية يوحنا 4). أن كل ما نؤمن به نحن المسيحيون يأتى الينا من خلال المسيح. نحن نعرف أن أدم وحواء قد انخدعوا وهم يطلبون أن يصيروا الهة ’ليس عن طريق التعاون والعمل مع الله ’بالتواضع والطاعة والحب ’بل أتكلوا على قوتهم الخاصة أى ارادتهم بشكل أنانى وأستقلالى.أى أن جوهر السقوط هو الأنانية وبسيرهم فى طريق الأنانية والاكتفائية والهرطقة الروحية والشرك الفعلى ’فصلوا أنفسهم عن الله وبدلا من بلوغ التأله ’ وصلوا الى النقيض تماما أى الموت الروحى والبكاء امام ابواب الفردوس المفقود (ميلتون)والتيه فى ارض الغربة. أباء الكنيسة يعلمون أن الله هو الحياة ’ وأن من يبتعد عن الله ’ انما يبتعد عن الحياة’ ولهذا فأن الموت والفشل الروحى أنما هما نتيجة عصيان أدم وحواء.نحن جميعا ندرك نتائج السقوط. ان الانفصال عن الله قد أدى بالانسان الى حياة غارقة فى الجسد. لقد سقطت خليقة الله الجميلة أسيرة المرض ’ المرض حتى الموت.لا يستطيع الانسان أن يتوجه بنفسه الى الله لأن صورة الله فى الانسان قد تشوهت ’فقد الانسان بعد السقوط كل المبررات التى تقوده الى التأله أى الى الشفاء ’والتى كان يمتلكها قبل السقوط.أن البشرية تحتاج الى خارطة طريق جديدة ’تحتاج الى انسان جديد قادر على أن يوجه حرية الانسان نحو الله من جديد(من يضع يديه على كلينا- أيوب). هذه الخارطة الجديدة ’ هذاالانسان الجديد هو الانسان الالهى يسوع المسيح’ الابن والكلمة أى ابن ولوغوس الله الذى تجسد ليشكل البداية الجديدة للبشرية أى الخميرة الجديدة. القديس يوحنا الدمشقى ’ لاهوتى الكنيسة العظيم’ يرى أن تجسد الكلمة قد أسس شركة ثانية وجديدة بين الله والانسان’ فالشركة الاولى فى الفردوس قد أنقطعت وتم انفصال الانسان عن الله ولكن الله الكلى الرحمة والحب أسس شركة أخرى بينه وبين الانسان لا يمكن أن تنقطع لانها تأسست فى المسيح.المسيح الله المتجسد أبن الله الاب وكلمته يمتلك طبيعتان أى الطبيعة الالهية والطبيعة الانسانية.لقد اتحدت الطبيعتان (بغيراختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولا انقسام) وذلك فى شخص الله الكلمة فى المسيح وذلك حسب تحديد المجمع المسكونى الرابع والمقدس فى خلقيدونية عام 451م’ والذى بقيادة الروح القدس وضع الاساس الارثوذكسى اللاهوتى ضد كل البدع الخرستولوجية السائدة وقتها وبعدهاوالتى فى نيلها من حقيقة التجسد واتحاد الطبيعتين أنما تنال من عقيدة تأله الانسان والواقعية الافخارستية وتهدم الكنيسة كجسد للكلمة ولهذا يرفض الهراطقة خرستولوجيا عقيدة التأله انسانيا ولاهوتيا.هكذا تتحد الطبيعة البشرية اتحادا اقنوميا مع الطبيعة الالهية فى شخص المسيح الكلمة ’ذلك أن المسيح هو الله المتأنس وهوهو الذى صعد الى السماء وهو هو الذى جلس عن يمين الاب ولهذا فأن الطبيعة البشرية أى طبيعتنا البشرية الجديدة فى المسيح تجلس متوجة فى أحضان الثالوث ولا شئ يقدر أن يفصل الطبيعة البشرية عن الله (من يستطيع أن يفصلنا عن محبة الله التى فى المسيح)وهذا فتح الطريق الى تأله الانسان ’ مهما كانت خطاياك ومهما ظننت انك ابتعدت ’ فبالتوبة والرجوع الى احضان الاب فى المسيح بالروح تستمتع بالتأله.تصير الها بالنعمة وتحلس على مائدة الاب الغنية (لوقا 15).                                   
الكنيسة هى مكان تأله الانسان                                                                         
ان التأله والدخول فى شركة مع الاب تتم فى شركة جسد المسيح أى فى الكنيسة بالروح القدس.الاتحاد ’ بالطبع ’ لا يتم مع جوهر الله ولكن فى طبيعة المسيح البشرية المتألهة لأجلنا أى أننا نشترك فى طبيعة المسيح البشرية المتألهة لأجلنا لأننا لحم من لحمه وعظم من عظامه ’هذه الوحدة مع المسيح وحدة كيانية وواقعية وليست لفظية او رومانسية.نحن لا نتبع المسيح كما يتبع التلاميذ معلم الفلسفة أو المتدينيين أحد رجال الشريعة’ نحن أعضاء جسد المسيح ’ نحن أعضاء جسد المسيح الحقيقى الذى هو الكنيسة.لقد جعلنا المسيح مسيحيين ووضعنا فى جسده رغم عدم استحقاقنا’الاتحاد بالمسيح ليس اتحاد معنوى أو رمزى بل اتحاد حقيقى وهذا يظهر من تركيز الاباء والعهد الجديد على واقعية الافخارستيا وحقيقة شركتنا فى جسد ودم المسيح (نحن أعضاء جسده من لحمه ومن عظامه(أفسس5 :30) نحن لا يمكن أن نأكل فى الافخارستيا الناسوت فقط لأننا فى هذه الحالة نأكل لحم البشربل الناسوت المتحد باللاهوت.الأسرار الكنسية مع النسك والتجرد والتواضع بالروح ودراسة كلمة الله ووعوده هى طريق القداسة والتأله ’ القداسة فى العهد الجديد لم تعد أمنية أو شعارات جوفاء بل هو واقع وعطية وطريق جديد,                                                    
يا لها من بركات عظيمة ومقدسة’ لقد صرنا شركاء فى الاسرار السماوية’ لقد صار المسيح لنا شريكا ’بكرا بين أخوة كثيرين’ صارت حياته حياتنا .                                                     
His life is mine
يقول القديس الذهبى الفم أن الله لا يبخل أن يقدم لنا شيئا أعظم من الشركة فى جسده ودمه فنحن لسنا بعد نزلاء وغرباء بل أهل بيت الله.هللويا مجدا لله                                                       



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire