تجسد الكلمة حسب القديس يوحنا الدمشقى واهميته فى فكره اللاهوتى
البروفسور جيورجيوس مارتسيلوس البروفسور بجامعة بكلية اللاهوت جامعة
تسالونيكى اليونان تعريب القس اثناسيوس اسحق حنين
الكنيسة باليونان
مقدمة :
يعتبر تجسد الكلمة عند ق. يوحنا الدمشقى
بمثابة خلاصة التقليد الارثوذكسى السابق
فى اجمل اشكاله وافخم ابداعاته وهو لا يشكل فقط قلب التعليم الخرستولوجى
بل وفى نفس الوقت يمثل جوهر بل ونقطة
الانطلاق لكل جوانب فكر الدمشقى اللاهوتى
.
ورغم التمييز الواضح لديه بين
الثيؤلوجيا والايكونوميا والتى تميز وبوضوح شروحاته العقائدية الا ان الثالوث Τριαδολοία والمسيحيانيةْΧριστολογία والانسوية Ανθρωπολογία
, والخلاص ٍΣωτηριολογία وعلم الايقونة Είκονολογία يمثلون عنده وحدة متكاملة وجسد واحد عموده الفقرى هوحقيقة التأنس الالهى Θείας ένανθρωπήσεως .ولقد شكل التأنس اهمية قصوى
فى تحديد جوهر وتطور فكره
اللاهوتى حتى ان التعليم الخرستولوجى لا يشكل فقط اساس الوحدة بين كل النواحى الجزئية لفكره اللاهوتى بل ومعيار تقييم كل البدع فى عصره حتى انه ذهب الى
اعتبار ان المانوية والاسلام هما اولا وقبل
كل شئ بدع خرستولوجية .
ان الخرستولوجيا وبشكل اكثر تحديد والتى من خلالها يتم تقديم سر التأنس الالهى بشكل مفصل ومؤصل تشكل فى كتابات الدمشقى نسيجا متواصلا
باحكام ليتورجى بنواحى اساسية فى الثالوث والانسوية اما الخلاص وعلم الايقوتة فهما يظلوا بعيدين عن
الفهم وبلا سند بدون مناخ التعليم
الخرستولوجى . وبالطبع هذا لا يعنى ان بعض النواح فى تعاليمه العقائدية مثل الثالوث والانثروبولوجيا والحديث عن
الايقونة لا يمكن تناولها وبالثفصيل على حدة بدون وحدة الخرستولوجية ولكن ورغم ذلك
فأن تطور تعليمه الخرستولوجى لا يمكن
استيعابه بدون الاطارالثالوثى والانثروبولوجي والخلاصى وليس ذلك فقط بل ولكن سيظل
فكره الخرستولوجى غير كامل بدون امتداداته
وتطبيقاته الخرستولوجية.
وبناء على ذلك فلكى تفهم مغزى التأنس الالهى للبنيان اللاهوتى عند ق. يوحنا الدمشقى لابد لنا من فحص خرستولوجيته ليس فحصا فى حد
ذاتها بل فى تواصلها مع الثالوث والانثروبولوجيا فى اطارها الخلاصى وبنيانها الايقوناتى.
ولكن ولاسباب منهجية وعلمية صرفة لابد ان نفحص كيفية فهم تأنس الكلمة فى
اطار رؤية الدمشقى الخرستولوجية لكى نضع وبوضوح من البداية الاطار العام لكل كل
جوانب فكره اللاهوتى التى سبق واشرنا اليها ومن ثم نعبر الى الفحص الجزئى لهذه
الجوانب فى تلاحمها مع خرستولوجيته .ونخن نعتقد انه فقط بهذه المنهجية نستطيع ان
نرسم من ناحية ايقونة واضحة لمعنى التأنس فى خرستولوجية دمسكينوس وان نفهم من
الناحية الاخرى نفحص مغزاها فى كافة
النواحى الجزئية لفكره اللاهوتى .
ِأ - معنى التأنس فى خرستولوجية القديس يوحنا الدمشقى :
1 –ضرورة وهدف التأنس :
يشكل التأنس (الكلمة ) عند دمسكينوس الحقيقة الواضحة والفعل الوحيد فى داخل
التاريخ الانسانى "فهو الجديد الذى جدد كل
الاشياء" كما يقول "وهو الشئ الوحيد الجديد
تحت الشمس "
والتى ظهرت بها محبة وعدل وبر وحكمة الله والوجهة للانسان الساقط "بحسد"ابليس ولا يوجد عنده
حدث اهم وحقيقة اعظم من هذه فى داخل تاريخ التدبير الالهى والذى تم من
اجل خلاص جنس البشر ولكى نستوعب وبشكل صحيح قيمة التأنس عند دمسكينوس يجب ان نضع فى
اعتبارنا ان هذه الحقيقة حقيقة التأنس لا تفهم فى ذاتها وبشكل منعزل بل على ضوء
بعدها الخلاصى وهى وبهذا الشكل مرتبطة فى فكره ارتباطا وثيقا بخلق الانسان وسقوطة
وخطة خلاصه.
الانسان مخلوق ككائن عاقل وحر ومستقل الارادة "على صورة" خالقه وهو قد تعين لكى ومن خلال سعيه الى
الكمال فى الفضيلة لكى يصل الى تحقيق "المثال" لكى يعيد اقتناء عدم الفساد
والخلود لانه بسقوطه فى الخطية قطع شركته مع الله وسقط فى حالة الفساد والموت
الغريبين عن طبيعتة ورغم تدخلات الله الكثيرة وذات الطابع التربوى فى خلال فترة العهد القديم والتى حاولت بطرق وانواع كثيرة ان ترفع الخطية
وان تعيد الانسان الى طريقه للوصول الى
جمال الوجود" εύ είναι" الا ان الموت ظل يجسم على حياة البشر "كوحش كاسر لا يفهم " حسب تعبير الدمشقى .ولم يتمكن
الانسان بقوته الذاتية ان يتخلص من سلطان الشيطان
الطاغى ولا من سلطان الخطية ولا من
سلطان الموت .وكان لابد ان يتحمل مسئولية
خلاصه اخر يكون بلا خطية وبالتالى لا يخضع لسلطان الموت وهذا الشخص فقط
يستطيع ان يجدد ويشدد الطبيعة االبشرية العاجزة من قوات الخطية والفساد والموت ويقودها الى الحياة
الابدية وهذا الكائن ليس اخر سوى نفس خالق الانسان وهذا هو السبب حسب الدمشقى الذى جعل الخالق والرب نفسه يأخذ على عاتقه هذا العمل الخلاصى بالتأنس
لكى يظهر من ناحية عظم محبته للبشر ومن
ناحية اخرى ان يصارع مع الشيطان من اجل صنعة يديه لكى يحرر الانسان من سلطانه
الطاغى . ولما كان الشيطان قد خدع فى البدء الانسان على امل الصيرورة مثل الله
لهذا صار ابن وكلمة الله انسانا
لكى يقوم الان بنفسه بخداع الشيطان
بلبسه جسدا لكى يحرر الانسان المستعبد منه .
ان قصد التأنس الالهى الخلاصى هذا يكشف حسب الدمشقى صلاح وعدل وحكمة وقدرة الله فصلاح الله يظهر من خلال اهتمامه
المملوء حنانا واحشائه المملوئة رأفة لخلاص جبلته
والعدل يظهر ليس فقط فى حقيقة انه الختار التأنس لكى يخدع الشيطان كما سبق
وخدع الشيطان الانسان ولكن يظهر بالاكثر فى انه لم يقم بتكلبف اخر بهزيمة
الشيطان ولم يخلص الانسان من تحت سلطان
الموت بالعنف ولكن بصيرورته هو نفسه انسانا اظهر فى شخصه منتصرا وناصرا للانسان
المهزوم من الشيطان ومن الخطية وهكذا خلص الشبه بالشبيه واما حكمة الله فقد ظهرت من خلال بتدبير الله ان يتأنس ابنه وكلمته
والذى يمثل الحل الامثل لتحقيق قصده
والقوة ظهرت فى تحقيق هذا العمل الذى يفوق الطبيعة الذى للتأنس الالهى وتشكل
هذه الاربع خصائص الالهية والتى ظهرت من
خلال خطة التدبير الالهى للخلاص عند دامسكينوس الدوافع الاساسية للتأنس الالهى .
ويجب الاشارة ان الاجابة التى يقدمها الدمشقى للسؤال Cur" Deus homo ?. وبالرغم من انها تتمحور حول محبة الله وعدله الا انها لا تمت بصلة من قريب او بعيد مع المفهوم
الانسيلمى بخصوص ارضاء عدل الله .
فعدل الله بالنسبة للدمشقى لا يظهر من خلا الحاجة الى اعادة الاعتبار
الى نظام عدلى قد ارتبك بسبب من سقوط
الانسان حسب رؤية انسيلم اسقف كانتربيرى ولكن يظهر العدل من تحويل المهزوم نفسه
الى منتصر وهذا التحول من الهزيمة الى الانتصار يجب وان يتم بطريقة ترد الاعتبار
وتتؤائم فى الالام والامر يتعلق بعدل هاجسه الاول هو هلاص الانسان و الا يقوم هذا
الخلاص على ظلم احد حتى الشيطان نفسه وليس عدلا يتطلب ارضاء الله ولهذا فالجانب الحكيم فى خطة الله العظيمة لخلاص
الانسان يتمحور حول خداع الشيطان الذى خدع الانسان وليس ممارسة العنف ضده وهذا العدل
يتم من هلا الثلاث دوافع الكبرى التى شكلت خطة التدبير الالهى الخلاصى وهى ايضا تشكل منطلقات التأنس الالهى وهى
المحبة والحكمة وقوة الله .
2 –كيفية التأنس الالهى :
بالرغم من ان الدمشقى يتمسك بتقليد اللاهوتى الابائى الذى
يعرف باللاهوت السلبى اى التعبير عن الذهول امام عمل اللع بتعبيرات لا تقول
من هو بل من ليس هو مثل الغير مفحوص والغير المحدود فالدمقى يصف التأنس على انه
(تنازل لا يعبر عنه ولا يستوعب بالعقل )الا انه يشير وبشكل موثق ومفصل للطريقة
التى تم بها التأنس وهدفه هو مقاومة البدع
الخرستولوجية من جهة ووضع اصول
العقيدة الارثوذكسية للحفاظ على العقيدة من الانحرافات الهرطوقية .
سر التأنس الالهى بدأ ليتورجيته حسب الدمشقى بخضوع مريم العذراء امام رئيس الملائكة جبرائيل
وومن وقتها حل عليها الروح القدس وطهرها من تلوث الخطية الجدية ومنحا القوة ليس
فقط لكى للاعتراف بلاهوت الكلمة ولكن وفى نفس الوقت القدرة على الولادة اى جعلها قادرة على ان تصير رحم الله وام الله
. ووقتها فقد وضعت خكمة وقوة الله المتأقنمة التى هى الابن الوحيد الجنس الذى وان
لم يبتعد عن الاحضان الابوية وضع ذاته
وارسل ذاته (المترفع بطبعه فى الاعالى وضع نفسه واتضع بدون ان يفقد ارتفاعه وعظمته
) حسب العبارة المحبوبة عند الدمشقى وجاء وسكن كبذرة الله وزرع الله فى رحم
العذراء (بشكل عير موصوف ) و(غير مدرك ) وصنع لنفسه من دمها الطاهر جسدا ذو نفسا
حية وعاقلة .
ولقد اخذ الله الكلمة هذا الجسد الذى يشكل طبيعته البشرية من لحظة الحبل ووحدها باقنوم لاهوته بدون معونة
من الاسبرما الانسانية ولكن بفعل الروح القدس الخالق وهكذا فان الاتخاد بالطبيعة
البشرية لم يتم يالتدريج باضافة جزء جزء من لعناصر البشرية التى تشكلها ولكن تكونت وفورا منذ الحبل بفعل الحضور الفعال
للوغوس ولذى صار هو نفسه اقنوم فى الجسد الذى اخذه وبكلام اخر فان هذا الجسد الذى شكل طبيعة
المسيح الجسدية لم يكن له سابق وجود سابق
او اقنوم مستقل قبل الحبل ولكن وجد من
الحبل وهو يحما اقنوم اقنوم اللوغوس نفسه . وبالتالى وخسب استتنتاج
دمسكينوس فمنذ اللحظة الاولى التى تكون
فيها هذا الجسد فلقد وجد كجسد الله ذو
النفس العاقلة والناطقة .
هذا معناه ان التأنس لا يشكل سكنى اللوغوس فى انسان سابق الوجود مثل سكناه فى احد الانبياء ولهذا فلا يجب ان نفهم المسيح على انه انسان متأله او انسان حامل الاله كما اعتبره نسطور ولكن هو الله المتجسد والمتأنس فالذى هو الله كامل بالطبيعة صار هو نفسه اسان
كامل بالطبيعة بدون ان يتغير حسب الطبيعة او ان يبدو يبدو كذلك مثل الدوكيتيون .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire