jeudi 31 mars 2016

بين كلام الناس وصمت الله الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين




                                         بين كلام الناس وصمت الله

 بين كلام الناس وصمت الله                                                                            
الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين                                          
                                     

يلاحظ الباحثون فى العلوم النفسية والكلينيكية ان الناس يريدون ان يتكلموا باى شكل وفى اى موضوع وكأن الناس هاربون من الخوف من مواجهة الحياة فى صمتها الى ظاهرة اللاوجود بالكلام ويظنون انهم يحققون وجودهم بالكلام مع ان كثرة الكلام لا تخلوا من معصية ولعل ما قاله الحكيم سليمان يلخص حالة الانسان المعاصر كثير الكلام (وتكون نفسك معلقة أمامك) والصمت هو بداية الكلام وسنتناول فى هذه الدراسة الرؤية اللاهوتية والانثروبولوجية للصمت وسنعتمد فى دراستنا على الدراسة التى اعدها العالم اللاهوتى اليونانى والاكاديمى ميغاس فاراندوس البروفسور بكليات اللاهوت باليونان يربط الباحث الصمت باللغة وعلاقتها بالكلام عن الله ويرتبط الصمت فى اللاهوت بالرموز فى الحديث عن الله فاذا كان الله لم يره احد قط(يو1 :18 ) ولا نستطيع الكلام عنه الا بالرموز البشرية فالصمت هو حالة من الذهول والدهش الروحى امام السر الالهى الذى لا يسبر غوره فالصمت هو التعبير الاساسى عن اللاهوت السلبى او الايجابى وهذا المفهوم للصمت يعود الى الفلاسفة اليونانيين وتعود الى الفلاسفة السابقين لسوقراط حينما يتكلمون عن الكائن الاوحد من خلال صور ورموز وجاء الافلاطونيون ليعرفوا الكائن الاوحد على انه يتعدى حدود الجوهر اى انه الكائن الذى تتعدى اوصافه الحدود الكونية ولمعرفة هذا الكائن يجب على الانسان ان يتنكر لكل ما هو محسوس اى للعالم المادى اى عالم الصور والرموز اذا كيف نعرف الله لابد ان تتعرى النفس الغنوسية اى النفس الباحثة عن المعرفة من كل الماديات وتتخلى عن الرغبات والشهوات وهنا تصل الى رؤية الله والطاقة المعرفية الوحيدة التى تأتى بها النفس الى الله هى الصمت Η Σιγή ويصير الله هنا حقيقة كمال وجودية حيث يسود الصمت والهدوء واللاوجع واللاضطراب والحركة هنا تتجه من موت الصمت الى كلام الحياة وحياة الكلام وصار الصمت عند الغنوسيين- اى الباحثين الحقيقيين عن معرفة الله قبل ان يشير هذا التعبير الى الهراطقة الغنوسيين- هو العمق الكيانى لمعنى كل الوجود حسب تعبير اكليمنضس الاسكندرى فى المتفرقات ومن الصمت يجئ الانسان فالصمت هو نبع كل كلام ومبدأ كل لغة حسب ايرينئوس اسقف ليون وهنا عمق الوجود الحقيقى الوجود الغير ناطق الغير محاور الصمت هو الجوهر وأساس كل جوهر والشعار الكبير هو ان الذى لا تستطيع الكلام عنه اصمت من ناحيته وهذا يؤكد ان الحضور ليس دائما غياب والغياب ليس دائما حضور فغياب الكلام احيانا يبدو حضورا اقوى كما ان الحضور الثرثار قد يكون غيابا أن النفس الباحثة عن معرفة الله اى النفس الغنوسية حسب تعبير الاسكندرى اكليمنضس هى النفس التى تتجرد من رباطات المادة والافتخار والاوجاع كافة وهى تأتى الى رؤية الله والقوة الوحيدة التى تملكها هى قوة الكلمة الصامتة وفى التصوف الافلاطونى تتوقف القوة الحوارية للكلام الصامت وهنا يظهر اللاهوت انه ميت حسب تعبير نيتشة اى لا يعبر عنه وهو يتوافق مع الكمال الوجودى اى الصمت والسكون واللاوجع واللاضطراب والحركة هنا تتم من الحياة للموت ومن الموت للحياة بينما فى الغنوسية ترى الصمت على انه العمق الكيانى ومصدر كل شئ ومن الصمت جاء الانسان وهنا نأتى الى اللاهوت البروتستانتى الذى ياخذ بداياته من الافلاطونية الجديدة والغنوسية والذى رفض كل شركة صامته مع الممارسات اى العبادات المقدسة والاسرار واحتفظ فقط بالكلمة اى العظة كالامكانية اللاهوتية الوحيدة وحسب بولتمان فان الله ياتى للانسان فى الكلمة وفقط فى الكلمة بينما الصمت الغنوسى اى الارتقاء بالكلمة الى رؤية الله وهذا بالنسبة للاعلان اليهودى المسيحى هو اعلان وهذا اللاهوت يندرج فى اللاهوت التدبيرى لبولتمان وهذا يتناقض مع اللاهوت الوجودى وهو فى هذا النقد الموجه الى اللاهوت الايجابى ينتهى الى اللاهوت الاحتوائى والذى يحول الطريق الى المعرفة اللاهوتية من الطريق السرائرى الصامت الى الطريق الذى يضع الكلام على انه السبيل الوحيد للمعرفة اللاهوتية متجاهلا طريق الصمت ويرى اللاهوتيون الالمان البرتسانت ان الله محبة وهذه المحبة تعبر عن نفسها فى صمت الصليب وان انجيل كلمة المحبة تقود بالضرورة الى الصليب حيث (صمت الله ) وهنا حقيقة ان صمت الله يمكن ان يكون اصدق تعبير عن كلامه وحسب اللاهوتى الالمانى كارل بارث فأن الصمت احيانا كثيرة يكون عملا انسانيا جليلا ويرى لاهوتى المانى اخر انه فى امور الله لا يقف الصمت جنبا الى جنب مع الكلام بل يسكنون معا بغير انفصال فالله يتكلم فى صمته ويصمت فى كلامه والحقيقة انه فى عصر الصخب والضجيج وكثرة الكلام اى فى عصرنا وهو عصر كثرة الكلام اللاهوتى البطال وباطل الاباطيل على حد تعبير مكاريوس المصرى فان السعى الى الصمت والهدوئية يكون عرضا من اعراض المرض بينما هو الشوق الدفين فى اعماق كل نفس فى عصرنا الصمت عند اباء الكنيسة الكبار ان الصمت كوسيلة اساسية للكلام عن الله لامر متفق عليه عند اباء التقليد الكنسى وهو فى اعماقه صمت لاهوتى كيانى بالروح والحق وليس شكليا او مجرد تدريبات فريسية وناموسية وهذا الاساس اللاهوتى الحوارى للصمت ينطلق من العلاقة الحوارية الصامتة بين اقانيم الثالوث فالاب هو (الصمت الاكبر) وهذا الصمت هو الاقنوم الاول والغير مرئى فى اللاهوت والذى منه اى من صمت الاب خرج اللوغوس (ان رئيس هذا العالم لم يدرك لا بتولية مريم ولا ولادتها ولا موت السيد أسرار ثلاثة فعلها الله (الاب) فى صمت وهدوء)اغناطيوس الانطالكى الرسالة الى اهل افسس 19 فالله كصمت يعطى لنا الابن اى اللوغةس الذى (هو فى حضن الاب )يو1 :18 وهذا اللوغوس يعلن او يخبر او ينقل الصمت عهدا جديدا ففى يسوع المسيح الكلمة صار لنا (اعلان السر الذى كان مكتوما فى الازمنة الازلية ولكن ظهر الان )رو25:15 فلقد تم التعبير عن الصمت فى اللوغوس وذلك ليس لكى يتوقف الصمت عن ان يكون صمتا ولكى لكى نتلامس مع سر الصمت فالكلمة ليس هو ثانويا او هامشيا بالنسبة للصمت ولا هو الغاء لحضور الصمت فالصمت يملك عمق حوارى فان صمت اللهوت هو كلام والحان وهو الصوت الذى لا صوت له والمعروف فى عدم معرفته حسب تعبير مكسيموس المعترف فالله هو سر باهر وناصع حسب تعبير الانطاكى اغناطيوس افسس 19 :1 وهو السر المعلن وهو السر الذى يفوق كل الاسرار وهو مسيرة السكون وشركة الفائق للوصف وهو استعلان السيادة وعلى عكس الفلاصفة اليونانيين القدامى الذين يعرفون الكائن على انه اللاحركة(بارمينيديس) او كحركة(هيراكليتوس وارسطو) وهو اللاشخصى والاوحد فان المسيحية تعرف الله عل انه السكون المتحرك والحركة الساكنة وهو شخص واقنوم وفى نفس الوقت هو كان فى شركة فالله اذن هو سر باهر وهو الذى به وفيه نحيا ونتحرك ونوجد (اع 17 :28 )وهع ذلك نختار احيانا كثيرة ان نعبد المخلوق دون الخالق (رو 1 :25 )والله ظهر انه سر باهر فى يسوع المسيح وقمة هذا السر الباهر ظهرت على الصليب ففى غيابه هو حاضر كله وفى صمته هو المتكلم ان لغة اللاهوت لكى تكون بالحقيقة لغة لاهوتية يجب ان تكون متناسبة مع الوجود الالهى كما سبق وشرحنا اى ان تكون نابعة من نطق فى صمت وصمت ناطق وهنا نصل الى البعد الروحى والاخلاقى للعقيدة وهى ان تنسجم حياة وسلوك المؤمن اللاهوتى مع حياة الله اى ان حياة المؤمن هى حياة فاعلة ومتفاعلة وليست صخب اجتماعى بهدف قتل الوقت هذا الوقت الثمين لانه هو القبس التى من الابدية وهو لن يرتاح الا فى الابدية بل هو الابدية ولا يمكن ان نعقل حياة المسيحى بدون الهدوء والصفاء ولهذ فاللاهوت كعلم هو الكلام فى الصمت والصمت فى الكلام وهو لا يتكلم فى اى وقت وفة اى مكان عن الله ولكن يتكلم حيث لا يكون هذا الحديث باطلا وبطالا اى حينما يعبر الكلام عن حقيقة الوجود اللاهوتى لانه خير لنا ان نصمت ونكون من ان نتكلم ولا نكون اى انه من الخير ان نعلم اذا كنا نحيا ما نعلمه حسب تعبير اغناطيوس الانطاكى (اف 15 :1 )وحينما تطون لغة اللاهوت هى كلام عجب واستطراد ممل فانها ستضر اكثر مما تنفع ولكن حيت يشعر ويقبل اللاهوتى دعوة الله ليتكلم عن الله فن كلام البشر لن ينفع شيا ان لم يعلم الروح القدس ويعطى الخبرة والخبر حسب اغناطيوس الانطاكىفاللهوتى الذى لا يملك اختبارا واشواقا داخلية لا يمكن ان يملك كلاما فى الله او عن الله وهنا يأتى شعور خادم اللاهوت الشخصى بانه خاطئ ليس بالمعنى الروحى الاخلاقى المجرد ولكن بالمعنى العلمى اى ان يمارس نقد الذات بعمق امام الله كما ان الكلام عن الله يصير خطرا كبيرا اذا اتجه الى التنظير والتحديد المدرسى وحبس السر الالهى فى منظومات عقلانية بدون خبرة فالعلم اللاهوتى حينما يتكلم عن الله فى قوالب فكرية وهذا واجب الا انه وهو يحدد يجب الا يحد من حرية الله فىت ان يتعدى بحكمته وحبه اى صورة نمطية عنه مهما كان جمالها وقدمها فاللاهوت لا يسكن فى مسكن مصنوعة بايادى الناس مهما كان جمال هذه المنازل ويصير الحديث عن الله اليوم فى منتهى الخطورة اذا لاحظنا كيف صارت اللغة لغة وضعية وعلمية ودنيوية وفقدت كل هيبتها اللاهوتية والانسانية فالافضل الصمت فالصمت لا ياتىاذن من مجرد عدم القدرة على الكلام او عدم وجود الكلام او عدم القدرة على الكلام ولكن الصمت هو القربى مع الله والالتصاق بكلمته الحية بايمان الصمت فى اللاهوت بعد انتشار الاسئلة المصيرية والعدمية واللامعنى وهنا الصمت كطريق لمعرفة الله يصير هو طريق الفشل والياس واللامعنىبينما يرى الايمان المسيحى الصمت كامر ايجابى فالصمت ليس هو الياس واللاحيلة والفشل وعدم القدرة على الكلام فصمت يسوع امامك سؤال بيلاطس عن الحق هو طريق معبر عن حياة الله وهو مضاد لنهج هذا العالم اى عالم الخطية والتعدى ويلعب الصمت دورا كبيرا فى اختبار اللقاء مع سر الله الغير المدرك والغير المحدود والذى يعلن فى العالم من خلال اللغة والاختبار وفى هذا اللقاء يستجيب الكيان الانسانى لا بالكلمات ولكن بالنهج الحياتى والقرار المصيرى بالعبادة والشركة بالاسرار فى السر الالهى وهنا فالصمت ليس سكوتا او خرسا عن الكلام وليس هو حالة من حالات الغموض النفسانى ولا هوناتج من حالة من حالات اللامبالاة النفسانية او نسيان لله ولكنه صمت معترف بالايمان فهو صمت صارخ والكلام عن الله لا ياتى هنا كامر مضاد للصمت ولكنه ياتى كرؤية ونور لصوت الصمت الصارخ فى اعماق الكيان والكلام فى اللاهوت بدون هذا الصمت المقدس هو لون من الوان العبث بلا مرجعية لانه يعرض للانا البشرية ويقدم اللاهوت كشئ محدود من هذا العالم بينما الصمت كحالة اندماج روحانى كيانية وكطريقة جامعة فى الحوار مع اللاهوت لا يعطل الكلام بل يحتضن الكلام الاتى من الكلمة الذى كان فى حضن الاب وخبرنا عنه حسب يوحنا والذى يكتفى بكثرة الكلام ولا يتك على صدر المخلص فى صمت مع اللاهوتى الاول يوحنا لن يرى لاهوتلا بل سيملا الدنيا ضجيجا كنحاسا يرن وصنجا يطن فاللوغوس فى صمته لا يصير بال فكر ولا بلا كلام ولكنه يصير ديالوغوس اى لقاء كيانات متحاورة فى ظلال الصمت الخلاق فالعلان لا يكشف الخفيات فقط بل يخفى ايضا الظاهرات فى ضباب نعمة الصمت ولقد بالغ المسيحيون فى الكلام عن انسانية الله فى ظروف تاريخية مختلفة مما كان له وقع سلبى على اختبار الايمان ولكنهم لابد ان نعود الى التراث الكتابى والابائى فى التشديد على ان الله ليس لنسانا فيكذب ولا ابن انسان فيندم(عدد 23 :19 ) رغم محبته للبشر الا انه (كما علت السموات عن الارض هكذا علت طرقى عن طرقكم وافكارى عن افكاركم )اش 55 :9 وحسب ديونيسيوس الاريوباغى فان الله هو سبب ومصدر كل الوجود وما فيه من موجودات ولكنه عال على كل شئ ويجب الا تغيب هذه الفكرة ابدا عن بالنا اذا ما اردنا ان نؤمن بالله الكائن ولا نحوله الى وثن حتى ولو كان هذا الوثن من احسن ما فى العالم من اوثان ونفس الطابع الجدلى ينطبق على علاقة ووجود المؤمن بالمسيح وفى المسيح فنحن قد متنا مع المسيح رو 6 -8 ونسلك فى العالم كمائنين زخا نحن نحيا 2كو 6-9 الصمت عند اباء المسيحية الاوائل لا يقابل حالة البلادة الذهنية او موت الحواس التى نادى بها فلاسفة الافلاطونية الجديدة ولكنه كلام عن الذى لا يعبر عنه تماما مثل وجود القديس الذى لا يقدر ان يتكلم عن ميلاده الروحى ولا نموه وحياته فى الكمال ولكنه يؤمن ان الله هو العامل فى الناس ان يريدوا وان يعملوا لاجل المسرة فالقديس لا يظهر ذاته بل هو يتكلم فى الصمت من خلال وجوده فانت لا تسال القديس اذا كان الله موجود ام لا ولكن تساله ماذا تعمل لتصير مثله اى ماذا ينبغى ان تفعل لكى تخلص فكيف يتجرا اى لاهوتى ان يتكلم عن وجود الله فى نفس الوقت اذى لا تعكس حياته اى خاصية تليق باللاهوت ولقد شغل يسوع المسيح زمانه وناس عصره ليس بالكلام عن الله او اظهار اسمائه الحسنى ولكن اظهر الله بوجوده وحياتهوالتى كانت وجودا وحياة لاهوتية بالدرجة الاولى فالصمت يشكل دائما نهجا ارستقراطيا وكيفية وجود عميق فالصمت حسب اكليمنضس الاسكندرى هو الكلمة التى عركتها وانضجتها الايام والتجارب فالصمت قد يشكل ارقى الوان الكلام اللاهوتى والروحى فى ايام موت الله فى ضمائر الناس وصارت دور عبادة المرايين مقابر له !!كما قال نيتشة فالله يغيب ويصمت عن عالم ووسط اناس ارتضوا الكذب نهجا والظلم طريقا والنفاق اسلوب ونهج وجودهم واكتفى بالكلام عن الحق والحقوق والعدالة هذا العالم لا يسعى وراء الحقيقة من اجل التوبة والتغيير وقبول النور ولكنه يعقد حلقات الدراسة من اجل البحث عن الحق وعن الله من اجل الافتخار وارضاء الذات والعجب بينما يصرون على عدم تغيير نهج حياتهم وفى عالم مثل هذا حيث تبرد وتنسى(بضم التاء) بسهولة المحبة فان اجابة اللاهوت واللاهوتيين الاحرار هى الصمت كصرخة احتجاج!!! وذلك لان حديث الروحانيين يصير بربرية عند الناس الذين من هذا العالم اى يعيشةن ةكمجرد عبيد الاركان العالم الضعيفة ورؤساء هذا الدهر والمتاجرين بقضية الله حسب قول القديس مكاريوس المصرى وليصمت العاقل فى هذا الزمان الردئ حسب قول الحكيم سليمان

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire