dimanche 27 mars 2016

الكنيسة الارثوذكسية والدولة فى رؤية الأقمار الثلاثة باسيليوس الكبير ’يوحنا الذهبى الفم وأغريغوريوس اللاهوتى





                         الكنيسة الارثوذكسية والدولة
فى رؤية الأقمار الثلاثة باسيليوس الكبير ’يوحنا الذهبى الفم وأغريغوريوس اللاهوتى

لصاحب السيادة مطران تسالونيكى أنثيموس

نقلها الى العربية الاب البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين-مطرانية بيرية

أدلى سيادة مطران المدينة العظمى تسالونيكى أنثيموس بهذا الحديث اللاهوتى والتاريخى بمناسبة عيد الأقمار الثلاثة 30 يناير2014 والذى يعتبره اليونانيون عيدا للعلم والثقافة الهيللينية وتحتفى به الكنيسة و الدولة معا.

لقد شكل اعلان ميلانو عام 313 ميلادية محطة كبيرة فى تاريخ البشرية والمسيحية ’ بل وفى تاريخ ثقافات العالم القديم الهيللينية والرومانية والمصرية وما وضعه الامبراطور قنسطنطينوس من قوانين ثورية لم تؤد فقط الى الاعتراف بحرية العبادة لله الحى واطلقت طاقات الانسان على الابداع الفكرى واللاهوتى(المجمع المسكونى الاول 325م) ’ بل أعلنت افلاس سياسة العنف والتسلط على العباد وأنهت عصر الملاحقات الأمنية وديمقراطية المدافع ’ وأعلنت سيادة الله محل تسلط الحاكم ’ وهكذا أعادت الحاكم الى مصاف البشر الفانيين بعد أن كان فى عداد الألهة الذين لا يموتون ’ أنزلت الحاكم من طبقة "الميتافيزيقيين " الى طغمة "الفيزيقيين" ’ وهكذا انتقل التاريخ البشرى من الحاكم – الأله الى الحاكم عبد الله وبتعبير أخر أنتقل الامبراطور من الحاكم بأمر الله الى الحاكم - عبد الله

Από τον αυτοκράτορα –θεό στόν αυτοκράτορα δούλο του Θεού

.وبهذا الشكل التزمت الدولة ’ ولأول مرة ’ أن تضع فى اعتبارها وتكوينها وسياساتها وبشكل مباشر تعاليم الكنيسة المستقيمة الرأى وتقف فى وجه الهراطقة والهرطقات من أجل سلامة الدولة والكنيسة معا ’ وهذا معناه أن لا تعتمد العلاقة بينهما على مزاج الحاكم وحالته الروحية والنفسية ’ بل أن تصدر الدولة قوانين وضعية تضمن هذه الحقوق ’حقوق كل انسان فى اختيار ديانته او حتى الالحاد التام .وهذا فى الواقع ما فعله قنسطنطينوس ’ فهو لم يعلن المسيحية ديانة رسمية وحيدة كما يظن البعض ’ بل أعلن التسامح مع كل الاديان والأفكار الفلسفية القائمة فى ارجاء المسكونة(الأيكومينى)يومها . لقد قام الأباء اللاهوتيون الثلاث باسيليوس العظيم ’ اغريغوريوس اللاهوتى ويوحنا الذهبى الفم بتوضيح وشرح هذا الواقع الجديد للسلطة السياسية أى سلطة الدولة وعلاقتها بالكنيسة الجامعة ’لم يحتلوا مكان السياسين فى وضع السياسات ’ ولا خلطوا الدولة بالكنيسة ولا تزلفوا الاباطرة ’ ولكن بفكرهم اللاهوتى وشرحهم للكتاب المقدس وعظاتهم ’ وفوق الكل بحياتهم المستنيرة بالروح القدس ’ وضعوا الخطوط العريضة فى العلاقة بين الكنيسة والدولة وشددوا على شرح الايات الكتابية التى تتناول بشكل مباشر هذه العلاقة ’والأهم من ذلك أنهم أكدوا للحاكم أنهم بثقافتهم ورزانتهم وعلمهم وتواضعهم ونسكهم وحريتهم الكاملة فى المسيح ’ نقول أكدوا أنهم عنصر أساسى ومكون رئيسى من مكونات وعناصر الواقع الثقافى والروحى واللاهوتى للدولة ’ وبالتالى عامل اساسى فى الاستقرارا العام .

ومن أهم القضايا التى أشاروا اليها :

1 –ما هى الشروط اللاهوتية لقبول السلطة أي سلطة الدولة

2 –مصدر سلطة الدولة

3 –خصائص السلطة

4 –رسالة السلطة

5 –ما هى الوسائل التى تستخدمها السلطة السياسية لممارسة وتحقيق أهداف السلطة

5 –ما هى ضوابط ممارسة السلطة

6 –ما هى الضوابط والسياسية والعواقب القضائية-الجنائية لمن يمارسون السلطة

وسنحاول ’ فى عجالة ’ أن نشارك الأباء العظام بعض أفكارهم .

لقد رأى الأباء الثلاث باسيليوس واغريغوريوس ويوحنا أنه من الممكن التعايش بين السلطة والمحبة ’ وكما كتب الذهبى الفم من " أن الله ’ عن طريق كل من الدولة والكنيسة كل منهما فى اختصاصه ’ يدبر خلاصنا "

«Δί,άμφοτέρων (δηλ. με τήν Εκκλησία και την Πολιτεία )ό Θεός την ήμετέραν σωτηρίαν οίκονομεί»

ويصل الذهبى الفم الى أن يعتبر السلطة على أنها وسيلة وواسطة فى يد الله لاتمام عمله الخلاصى .وعن الحكام والسياسيون ’ يقول القديس أغريغوريوس اللاهوتى ’أنهم "يشاركون المسيح فى السهر على القيادة و الخدمة "’ ولقد تأثر يوستينيانوس الامبراطور فى شبابه بهذه الافكار وكتب معترفا "حدث مرات كثيرة أن سهرنا أياما وليالى ونحن مهتمون وباحثون عن أفضل السبل لمساعدة رعايانا فى السلوك فى الوطن سلوكا نافعا لهم وللوطن ومرضيا لله ".

يذهب القديس باسيليوس’ شارحا الأية الكتابية"ليس سلطان الا من الله" الى أن"الله يقيم الملوك " ولكنه يسرع ليضيف "لكن الله لا يعطى مجده لأخر"’ويعزل ملوك وينصب أخرين اذا ما مارسوا سلطتهم ليست حسب قصده ’ وذلك لأن السلطة ليست توريث ولا حق مكتسب ’ولا قوة لاذلال العباد بل عطية من الله للخدمة .

يتفق الأباء الثلاث على أن أهم الصفات والمبادئ التى يجب أن يتحلى بها الحكام ورجال السياسة هى :

أولا : حب الله

ثانيا : حب الناس

ثالثا: حب الجار مهما اختلف ثقافيا ودينيا

ان حب السلطة للناس ’ عند الذهبى الفم ’ لا تقتصر على الهروب من التعامل بالعنف ’ بل تتعدى ذلك الى الأمانة على الناس لأن الله استأمن الحاكم على احتياجات اجساد الناس ’ بل ويجب على الحاكم أن يعفى الناس من ديونهم أذا ما عجزوا عن دفعها "ربما يقصد الضرائب وغيرها وسيادة المطران يلمح الى ضرورة أن تقوم الدولة اليونانية اليوم بعمل شئ لمساعدة الشعب فى الأزمة الاقتصادية الحالية "’ أما حب الحاكم للشعب فهذا يزيل الفجوة بين قطبى الحياة السياسية أى بين الحاكم والمحكوم . السلطة’ عند الاقمار الثالاث ’ هى رسالة خدمة أولا ومساواة ثانيا واصلاح ثالثا وفداء رابعا.’ هذا يضمن السلام الاجتماعى ’ وهذا صحيح لانه تاريخيا لم يحدث قلاقل اجتماعية وطبقية أو حروب أهلية خلال الألف سنة الأولى من تاريخ بيزنطة الا من حرب الايقونات .

لا يرفض الاباء وسائل الحكم القانونية ولكنهم يضعون شروطا لصحة اساليب الحكم ويقبلون منها القوانين الوصعية التى لا تتعارض مع قوانين الله والتى هى كرامة الانسان وحريته ولا يقبلون الارغام والقهر فى القوانين ولكن يؤيدون الحسم فى الدولة لردع المستهترين ’ ويرى الأباء اللاهوتيون الثلاث أن الحاكم يسقط من رتبته اذا ما استبد بالسلطة وانفرد بها ويقول الذهبى الفم "أن حكام الحكام هى القوانين "

¨Οι άρχοντες άρχόντων είσίν νόμοι»

بل ويذهب الى أبعد من ذلك حينما يؤكد أن شرعية الحاكم تسقط من تلقاء ذاتها(طبعا على يد الشعب الواع) اذا ما ظلم وتعدى ويقول"ان الحاكم يسقط من نظرى اذا ما خرج عن القانون

«Μη με λέγε μοι την βασιλείαν , όπου παρανομία»

وبعبير أدق " لا تكلمنى عن مملكة يسود فيها الأثم ".يتفق ابائنا الثلاثة على أن الحاكم الذى لا يملك نفسه ولا يسود على أوجاعه لا يستحق أن يحكم ويتسأل الذهبى الفم " كيف يمكن لمن لا يقدر على أن يضبط نفسه أن يخضع وينفذ القوانين على غيره " ويجيب على الفور " أنه اذا كان الحاكم ملكا حقيقيا ’ فلا يملك بالغضب والحقد والشهوة ولكن ينقاد لقوانين الله "

«Ό γάρ ‘εαυτού μη δυνηθείη κατευθύνειν τοίς νομοίς

يحرص الأباء على التمييز بين سلطة الدولة ودور الكنيسة ’ هناك تعاون بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير لأن حدود الملك غير حدود الكهنوت
هذه الايام التى تمر فيها الكنيسة الارثوذكسية ’ فى بقاع كثيرة من المسكونة ’ فى أزمات كثيرة نتيجة تغير سياسات الحكام تجاهها وتخليهم عن الحياد القنسطنطينى أو تنازل الكنيسة عن تعاليم الأباء ’ نحتاج الى حكمة وتعاليم وفهم وسلوك الأباء الأقمار الثلاثة أغريغوريوس اللاهوتى وباسيليوس العظيم والذهبى الفم يوحنا . شفاعتهم معنا أمين.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire