dimanche 27 mars 2016

علم الوعظ فى الكنيسة الاولى القس اثناسيوس اسحق حنين اليونان مقدمة


علم الوعظ فى الكنيسة الاولى

القس اثناسيوس اسحق حنين اليونان

مقدمة

قد يستغرب البعض استعمال تعبير (علم الوعظ ) ويقول أليس الوعظ عطية وموهبة من الرب وهذا صحيح فالوعظ موهبة ولكن الموهبة تحتاج الى صقل وجهاد ودراية كبيرة بقوة كلمة الله الحية والفعالة والامضى من كل سيف ذى حدين (عب 4 : 12 ) من ناحية ودراية بظروف الناس ومستوى معيشتهم وتعليمهم وواقع الحياة من ناحية اخرى ولقد اثبتت التجارب انه كم من واعظ مفوه طليق اللسان تهتز له المنابر وبسبب عدم درايته بالواقع الذى يخاطبه وظروف الناس و طبيعة التربة التى سيلقى فيها البذار تعثرت خدمته واطبق عليه الاحباط والاحساس بالظلم وكم من وعاظ بداو بهدوء وبساطة وعمق يتناسب مع ظروف السامعين ووصلوا الى القلوب وخدموا الكلمة لانه فى النهاية (ليس الغارز شئء ولا الساقى بل الله الذى ينمى (1كو 3 :6 )

لهذا كله وبدافع من سعادتى بهذه (الكرمة ) العلمية التى اراد لها الرب ان ترى النور على يد اباء واخوة افاضل كرموا الله الكلمة ( اللوغوس ) فى الكرمة التى غرستها يداه فكرمهم رب الكرمة وصيرهم قيثارات للكلمة وحاملين للكلمة فقد رأيت ان اخذ بركة هذه الشركة فى خدمة الكلمة بهذه الدراسة فى علم الوعظ منذ حياة الرب يسوع وخدمته وعظاته ( الاناجيل ) مرورا بالجماعة المسيحية الاولى (اعمال الرسل ) ثم كنيسة الاباء والعصور الوسطى الى اليوم ولعلها قضية تهم كل المسيحيين ولكنها بالاولى تهم كل واعظ وخادم واكليريكى يشعر ان الرب قد وهبه هذه النعمة المسئولة وتلك المسئولية المملوءة نعمة ويريد لها النمو والبقاء تحت اقدام الصليب وفى خدمة الكنيسة السائرة على دروب الغربة لتخدم بشرية تصرخ الى كل حاملين الكلمة الالهية ان قل كلمة فيبراء الغلام او اعبر الينا واعنا ولقد ساعدنى كثيرا فى هذا البحث المتواضع المؤلف الرائع الذى كتبه البروفسور يوأنس فوندوليس استاذ علم الليتورجيات والوعظ بكلية اللاهوت جامعة تسالونيكى ببلاد اليونان واسم المؤلف (علم الوعظ Η ΟΜΙΛΙΤΙΚΗ والصادر فى تسالونيكى عام 1998 )[1]

1 – معنى كلمة ( وعظ Η ΟΜΙΛΙΑ ) :

معنى Ομιλια اوميليا فى اللغة اليونانية القديمة هو الحديث الودى والعفوى والصادق بين الناس والتواصل الدافئ والودود بين المعلم وتلاميذه ولقد وردت الكلمة بهذه المعانى فى العهد الجديد وفى الرسالة الاولى الى اهل كورنثوس حيث يقول (المعاشرات الرديئة تفسد الاخلاق الجيدة )15 :33 نجد الاية فى النص الاصلى تقول ( [ΦΘΕΙΡΟΥΣΙΝ ΗΘΗ ΧΡΗΣΤΑ ΟΜΙΛΙΑΙ ΚΑΚΑΙ ) اى ان الاحاديث السيئة تفسد الطباع النافعة والمفيدة ) وهنا يستعمل النص كلمة (اوميليا ) التى تعنى عظة وجاء فى انجيل القديس لوقا ( وفيما هم يتكلمان اقترب يسوع منهما ) 24 : 15 ( ΟΜΙΛΕΙΝ ) واستخدمت بنفس المعنى فى اعمال الرسل 24 : 26 ولكنها سرعان ما استخمها المسيحيون الاوائل للتعبير عن العظة كعمل ليتورجى بالدرجة الاولى ( ثم صعد وكسر خبزا واكل وتكلم كثيرا الى الفجر ) اع 20 : 11 وفى النص الاصلى (ΑΝΑΒΑΣ ΔΕ ΚΑΙ ΚΛΑΣΑΣ ΑΡΤΟΝ Κ

ΑΙ ΓΕΥΣΑΜΕΝΟΣ , ΕΦ , ΙΚΑΝΟΝ ΤΕ ΟΜΙΛΗΣΑΣ ΑΧΡΙΣ ΑΥΓΗΣ ) ولقد صار هذا المعنى الليتورجى هو السائد فى الكنيسة حتى القرن الرابع فى الشرق والغرب معا ونلاحظ انه منذ عصر القديس اوغسطينوس صارت الهوميليا (HOMLIA والتى صارت HOMILH باللغة الانجليزية ) وبها نقصد العظة التى تدور حول مقطع من الكتاب المقدس اى ان العظة عبارة عن تحليل وتفسير كتابى بينما الكلمة (SERMO) فهى العظة التى لا تدور حول مقطع من الكتاب المقدس بل هو موضوع عام قد يدخل فى ثناياه بعض الايات ولكنه ليس (اوميليا ) كتابية .

يربط الباحثون بين الوعظ والبلاغة فليس من الطبيعى ان يتجاهل الواعظ المسيحى تعب اجيال ممن وضعوا قواعد اللغة واصول البلاغة ولكن يلزم الانتباه الى ان فحوى العظة المسيحية هو فحوى الهى لا يخضع لاى قوالب بشرية او يستعبد لها ولكن ضرورة الالمام باللغات ومحسنات الكلام وقواعد البلاغة انما تخدم فى الارتفاع بمستوى اداء الواعظ ومنهجية تقديم الرسالة رسالة الخلاص بينما القوة لا تكمن فى القوالب بل فى الكلمة ( اللوغوس ) اى فى نعمة الروح القدس الذى ينير نفوس الواعظ و الناس المتكلم والسامع وهكذا فان العظة تلتزم الشكل اللغوى والبلاغة حسب ما اتفق عليه علماء اللغة فى الزمان والمكان المحددين هذا من ناحية ولكن من ناحية اخرى تلتزم العظة بالخبرات الالهية التى اودعها الروح فى الكنيسة منذ جيل الوعاظ العظام وهذا النهج الكرازى سماه واعظ الكنيسة العظيم بولس (جهالة الكرازة ) و (جهالة الله ) و ( وضعف الله ) ولقب الرسول بولس الوعاظ وخدام الكلمة ب (جهال العالم ) و (ضعفاء العالم ) و (ادنياء العالم) ولهذا يجب الحذر من فخاخ البلاغة ومحسنات الكلام والثقة الزائدة بالنفس التى قد تظهر علم الوعاظ اكثر من الخبرات الالهية (1كو 1 :26 –31 ) .

2 _بدايات العظة المسيحية :

1 - العظة فى حياة وتعاليم الرب يسوع

يبدء تاريخ العظة المسيحية من ذلك اليوم الذى (ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا لانه قد اقترب منكم ملكوت السموات ) مت 4 :17 . وايضا ( قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالانجيل )مر 1 : 15 . بينما يورد لنا القديس لوقا اول عظات السيد المسيح فى مجمع الناصرة وكانت العظة حول النص الكتابى من اشعياء النبى (روح الرب على لانه مسحنى لابشر المساكين ارسلنى لاشفى المنكسرى القلوب لانادى للماسورين بالاطلاق وللعمى بالبصر وارسل المنسحقين فى الحرية واكرز بسنة الرب المقبولة ) لو 4 : 16—30 وهكذا نرى ان الرب يضع لنا معالم العظة الجديدة عظة الزمان الجديد وهذا هو الأفانجيليو (ΕΥΑΓΓΕΛΙΟ ) اى رسالة الفرح والعظة هنا تكشف مجئ ملكوت الله الى العالم وهذا يؤدى الى الايمان والتحول الجذرى فى حياة الناس اى التوبة (ΜΕΤΑΝΟΙΑ).

والتوبة فى العهد الجديد تختلف عنها فى العهد القديم فتوبة العهد الجديد لا تقوم على ( اختزال ) الزمان بل على ( اكتمال ) الزمان اى اكتمال فحوى كل توبات القديم وهذا يعنى ان الوعظ يؤدى الى اعادة صياغة حياة الانسان بكل تاريخها ولا تؤدى الى نوع من (فقدان الذاكرة ) كما توحى بذلك بعض التيارات الوعظية المعاصرة .[2]

وهكذا فان العظة فى العهد القديم تشكل استعداد وتهيئة للزمان القديم ليقبل ايفانجيليو الزمان الجديد لانه بالعهد القديم ومعمودية يوحنا بداءة عمل الله من اجل خلاص العالم وفى هذا السياق الاعدادى يضع القديس يوحنا عظة المعمدان وخدمته وبالتالى كل عظات وخدمات العهد القديم فاللوغوس الذى كان منذ البدء نحو اللهΠΡΟΣ ΤΟΝ ΘΕΟΝ وهو الله صار جسدا لكى يجئ الى خاصته او ذويه ولكى يرى العالم مجد نوره ولكى يحصل على نعمة فوق نعمة وهنا نجد ان جوهر العظة المسيحية يوجد فى معانى وعطايا ( النور الحقيقى ) (يو 1 : 1—18 ) وهذا النور الحقيقى ظهر وتجسد وصار واقعا ملموسا فى السنوات الثلاث التى ظهر فيها المسيح للعالم معلما وواعظا وشافيا ومخلصا

وبهذا المعنى فان اول ينبوع ومحتوى بل واول دياكونوس لكلمة الله هو هو نفسه الثيؤس لوغوس فنحن نجد فى كلام الرب والذى كتبه رجال الله القديسون بالروح القدس فى الاناجيل وفهم وفسر بالروح فى الكنيسة نجد فحوى الخبر السار (الايفانجيليو ) والقواعد التى يجب ان نتبعها فى اعلان الخبر السار للعالم .فالمسيح هو اول واعظم واعظ بالاخبار السارة وهو المثل الاعلى لكل واعظ وكار ز . وعلى خطوات السيد يسير كل من يمارسون خدمة الوعظ فى الكنيسة ولهذا يجب ان نتعرف فى عجالة سريعة على اهم ملامح منهج الرب يسوع المسيح فى الوعظ :

اولا : أثُر الكلمة فى النفوس :

يلفت النظر فى منهج السيد المسيح فى الوعظ ذاك الاثر الذى تتركه كلماته فى نفوس سامعيه فهو يلفت انتباه الجميع فيتعجبون من كلامه ويهتزون داخليا لأأنه0 امر جديد (ما هو هذا التعليم الجديد (ΤΙΣ Η ΔΙΔΑΧΗ Η ΚΟΙΝΗ ΑΥΤΗ ) مر 1 : 27 وليس الامر جديد فقط بل معاصر ويخاطب عقول السامعين وبثقة وسلطان (فبهتوا من تعليمه لانه كان كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة ) مر 1 : 22 والى جانب ذلك فهى عظة فريدة (لم يتكلم انسان قط مثل هذا الانسان ) وكانت كلمات يسوع مملوئة حكمة

ثانيا : كانت كلمات السيد فريدة :

لقد قالت الجموع (لم نسمع قط انسانا يتكلم مثل هذا الانسان )

ثالثا :كانت عظات الرب واقعية ومعاصرة :

كانت تلمس احتياجات الناس وتصل الى قلوبهم ولقد اخذ الرب مادة العظة وامثالها من حياة الناس اليومية وفهم الناس اانه يكلمهم بسلطان سماوى وواقعى وليس كالكتبة الذين كانوا يتكلمون بسلطان انفسهم والناموس وبدون لمس حقيقى لاحتياجات الناس

رابعا : كانت عظات السيد مملوءة نعمة :

النعمة والحق بيسوع المسيح صارا حسب الحبيب يوحنا ولهذا فالرب يسوع هو مصدر النعمة ولاجل تعليمنا صار واعظا بالنعمة ( وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه ويقولون أليس هذا ابن يوسف )لو 4 : 22 وهنا درس عظيم من حياة الرب ان خدمة الكلمة لا ترتبط بالحسب والنسب والمحسوبيات بل بالنعمة ومن ناحية اخرى ان الشيطان كثيرا ما يصرف الناس عن عمق الوعظ الى البحث فى حيثيات حياة الخادم الخاصة

خامسا : كانت عظات تقود الى الايمان والتغيير فى المواقف :

فحينما ذهبت السامرية لتبشر بالخبر السار وانها رأت الرب وانها قال لها كل شئ قام الناس وذهبوا اليه (وسألوه ان يمكث عندهم فمكث عندهم يومين فأمن به اكثر جدا بسبب كلامه وقالوا للمرأة اننا لسنا بسبب كلامك نؤمن لاننا نحن قد سمعنا ونعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم ) يو 4 : 39 -42 وهنا ايضا نجد درس للوعاظ من حياة الرب ان العظة انما تقود الى الرب لا الى شخص الواعظ .

ويلاحظ الباحثون فى علم تاريخ علم الوعظ ان السيد المسيح قد مارس كل من الوعظ الكتابى القائم على نص معين من الكتاب المقدس وفى هذه الحالة نقصد العهد القديم ومارس ايضا الحديث الحر انطلاقا من اية كتابية ووالنوع الاول من الوعظ اى العظة التفسيرية الكتابية نجدها فى عظات السيد فى المجامع مثل ما ورد فى بشارة القديس لوقا الاصحاح الرابع والايات من 16 ال 22 وكانت عظات السيد تتميز بطاقاتها الكبيرة على التكيف مع ظروف الزمان وامكانيات المكان ومستوى ثقافة وعلم السامعين

سابعا : اعد الرب بعظاته مدرسة للوعاظ :

يقولون فى علم الادارة ان القائد ليس هو الذى يقود بل هو الذى يعد جيلا من القادة وهكذا كان المعلم الاعظم يعد من خلا ل تلاميذه اول مدرسة للوعاظ والمبشرين فى التاريخ سواء الاثنى عشر تلميذا او السبعين رسولا فلقد كشف لهم بالشرح والعشرة اليومية اسرار ملكوت السموات وارسلهم للكرازة والوعظ الى ى المسكونة كلها (مت 28 : 19-20 ) ويؤكد القديس مرقس ان الرب لم يرسلهم للخدمة ويتركهم بل كان (يعمل معهم ويثبت الكلام بالايات التابعة ) مر 16 : 20 وهناك الكثير من الاشارات فى العهد الجديد التى تحمل تعاليم الرب يسوع بخصوص الوعظ وطرقه وواجباته وحياة الوعاظ (مت 5 : 13—16 و مت 9 : 35-42 لو 9 : 1—22 و مر 16 : 15—18 ويو 13 : 12 _20 ).

2 : العظة فى ايام الاباء الرسل :

لقد بداء رسل المسيح الوعظ فى يوم الخمسين وبالتحديد بعد حلول الروح القدس عليهم وهذا الامر له دلالات عميقة فمن ناحية يؤكد ان التلاميذ الذين كانوا فى غالبيتهم صيادين ليسوا اصحاب علم قد تكلموا بعظائم الله والفضل ليس لامكانياتهم البشرية بل لعمل الله فيهم مثل ما حدث مع وعظ الانبياء فى العهد القديم ومن الناحية الاخرى فان الروخ القدس نفسه قد حرك فى التلاميذ طاقاتهم الكامنة من خلال عشرتهم اليومية بالرب على الانطلاق للكرازة بقوة وبدالة وبلا مانع وهذا يؤكده الرسل فى كتاباتهم (1كو 1 :17 و2كو 1 : 4-13 و2 :1:4 _ 13 2كو 9 : 13 ) وعلى هذا الاساس قامت خدمة الوعظ فى الفترة الرسولية وتعددت انماط الوعظ من الوعظ للامميين على يد بولس الى الوعظ لليهود على يد بطرس وكان لكل فئة منهجها وواسانيدها فالوعظ لليهود يقوم على الدلائل الكتابية ( عظة بطرس يوم الخمسين ) وبينما الخطاب الدينى الموجه للامم يقوم على براهين من عمل الله فى الكون ( حديث بولس فى الاريوس باغوس ) والوعظ للمسيحيين يقوم على تعاليم الرب ويقول لنا العلماء اليوم ان بعض نصوص كتابات الرسل الاطهار على انها نصوص عظات بالدرجة الاولى مثل رسالة بطرس الاولى ورسالة يعقوب وبعض اجزاء من الرسالة الى العبرانيين وحتى البشائر هى عبارة عن تسجيل صادق لحيا ة وعظات والام الرب يسوع (لو 1 : 1- 4 ) .

الرسل تمسكوا بخدمة الوعظ تمسكا شديدا وفضلوها على خدمة الموائد ( اع 6 _2 ) وفضلوها حتى على الخدمات الطقسية مثل المعمودية ( 1كو 1 : 17 ) وعن مكان العظة فكانت تتم فى الاجتماعات الافخارستية وفى المجامع وفى البيوت واحيانا اثناء السفر كما حدث فى رحلات بولس وكانت تتم فى وقت مناسب وغير مناسب وكان هدف التعليم عند الاباء الرسل هو تهيئة انسانا جديدا لله متكاملا ومستعدا لكل عمل وقول صالح (2تيمو 3 : 14 ---17 )

3 : العظة فى القرن الثانى الميلادى :

لقد استمر فى القرن الثانى نفس التقليد الرسولى فى العظة وكان التشديد على محتوى العظة اكثر منه من التسديد على مظهرها ويعود السبب الى ان اباء القرن الثانى كانوا يحملون فى ذاكرتهم حيوية العظة الرسولية فى القرن الاول من ناحية ومن ناحية اخرى لم يكن قد ظهر بعد التحدى الثقافى الكبير الذى دفع الاباء الى تبنى قوالب فكرية جديدة لتوصيل الرسالة الى طبقات ثقافية مختلفة ومتنوعة .

ولدينا شهادات من اباء القرن الثانى فيوستينوس الفيلسوف والشهيد فى (دفاعه الاول ) الموجه الى الامبراطور انطونينو س (فصل 67 ) يصف اجتماعات (او قداسات ) المسيحيين يوم الاحد ويذكر القرأأت الكنسية وان هدف هذه القرأأت ان يهتدى بها السامعون ويسيرون على نهجها وهذا هو دور الوعظ الذى يقوم به المتقدم فى الاجتماع Ο ΠΡΟΕΣΤΩΣ . ويقدم لنا ترتليانوس معلومات مماثلة بان اثناء السيناكس يتم قرأة وشرح الكتب المقدسة فالكتاب المقدس والعظة هما اساس حياة المسيحيين وسر رجائهم ( الدفاع 39 ) وقطعا كان المسيحيون يتناولون جسد الرب ودمه ولكن التركيز فى البحث هو على مكانة العظة فى حياة الكنيسة الاولى والتى على اساسها وجدت كل الممارسات الطقسية فحواها ومعناها ومغزاها ومأواها الزمنى والابدى .

والقديس اغناطيوس الانطاكى يطلق صفة عظة ( أوميليا ) على الحديث المسيحى العملى البسيط الذى ينبع من الاسفار المقدسة ويبنى حياة المسيحيين (الرسالة الى بوليكربوس 5 ) والقديس ايرينئوس يسميها (محاضرات ) فر رسالته الى فلورينا ووردت عند يوسيبيوس القيصرى 5 :20 ) وفى تقرير الحاكم الرومانى بلينى الصغير الى رؤسائه لم يجد ذلك القيادة الامنية الكبيرة ما يقوله سوى الاتى لكى يصف العظة على انها ( وعود متبادلة بين المسيحيين ان يمارسوا الفضيلة ويمتنعوا عن الرذيلة ) ويحوى تراص الاباء فى تراث القرن الثانى على امثلة كثيرة لعظات من هذا النوع مثل الحديث عن الطريقين الوارد فى الجزء الاول من (تعاليم الرسل الاثنى عشر الديداخى )(1—16 ) وفى رسالة برنابا(18—20 ) وفى الرسالة الاولى التى كتبها القديس لكليمنضس الرومانى الى الكورنثوسيين والتى يعتبرها العلماء اول عظة مسيحية تصل الي .

وفى هذه الفترة خفت صوت النبوات والتكلم بالالسنة وبسبب الخوف من البدع (الغنوسين والمونتانيين ) انصر التعليم والوعظ فى يد الاكليروس اى فى شخص المتقدم فى السيناكس كما راينا عند يوستينوس الشهيد .

4:العظة فى القرن الثالث الميلادى :

يدبن علم الوعظ بتقدمه وانتعاشه ودخوله الى اعماق ضارعت بل فاقت علماء البلاغة فى العالم الوثنى لكنيسة الاسكندرية فلقد قدمت لنا المدرسة اللاهوتية فى تلك المدينة العظيمة وعاظا تفقهوا فى امور دينهم والموا بهموم زمانهم واِشرأبت اعناقهم واقلامهم نحو السماء لتمجد الخالق على عطاياه وتمدح الانسان على سجاياه وتبنى مجتمعا جديدا من بشر جدد عاهدوا الرب على الحب والعطاء ومن اهم هؤلاء الرجال الامناء بنتينوس واكليمنضس والذين نقلا علم الوعظ من التركيز على الجوهر فقط والبساطة الى العمق المضمونى والجمال الشكلى لان الايام تغيرت وظهر فى القرن الثالث جيل من المسيحيين المتعلمين الذين يجاورون اناسا غير مسيحيين متعلمين ايضا وجاء الوقت الذى كان لابد فيه ان ترتدى العظة المسيحية او الخطاب المسيحى بلغة اليوم ابهى حلله ويدخل حلبة الحوار السلمى والعلمى مع كبار مثقفى عصره فلقد استخدموا بركة العلوم الديوية التى حصلوا عليها فى الباس الرسالة المسيحية حلة ثقافية تليق بها امام عالم لم يعد يقبل الامور بذات بساطة الجيل الاول بل بداء يتساءل عن بدايات كلام الله وعلاقته بكلام الناس ولقد استخدم اكليمنضس الاسكندرى براعته فى علم البلاغة فى تقديم العظة المسيحية فلا البساطة عند الجيل الاول كانت تعنى السطحية وعدم التحضير ولا الثقافة عند الجيل الثانى كانت تعنى التعقيد وعدم التفسير !!!!! ولكن يجمع العلماء على ان العظة المسيحية وجدت طريقا جديدا فى شخص اوريجينوس بما له وما عليه - حسب تعبير قداسة البابا شنودة ادام الله حياته - ولقد خدم اوريجينوس الكلمة بغيرة جلبت عليه المتاعبا وقدم الجديد فى تاريخ علم الوعظ المسيحى وشهد التاريخ ان غيرة اوريجينوس على الكلمة جعلته يعظ كل احد وفى الاعياد والاربعاء والجمعة بل وكل يوم احيانا كثيرة ولقد حفظ لنا الباحثون خوالى خمسمائة مائة عظة فى النص اليونانى الاصلى او فى ترجمات لاتينية وكانت عظة اوريجينوس وكانت عظة اوريجينوس تدور حول قرأات العبادات المسيحية الاولى واحيانا كان يعظ بدون تجهيز سابق ولقد سمح بتسجيل عظاته اى ان يقوم النساخ بكتابتها وهو يتكلم بعد ان وصل سن الستين وكان يفسر معانى الاسفار بالترتيب خسب ورودها فى النص ويستخرج منها العقائد حسب نظريته المعروفة فى ان هناك ثلاث مستويات للنص المستوى الجسدى المادى وهو يعنى فى لغة المفسرين البعد التاريخى اللغوى والبعد الثانى البعد النفسى اى التفسير الروحى والاخلاقى للنص والبعد الثالث هو البعد الروحى بمعنى التفسير الرمزى للنص ولكى يرشد المسيحيين ان يعيشوا بالثقوى وحسب المنطق ليرد على اتهامت كلسس الفيلسوف الوثنى ان المسيحيين لا يتبعون المنطق البشرى (ضد كلسوس 3 :50 ) ولقد حفلت عظاته بالتفسير الدفاعى ضد الوثنيين والهراطقة ولعل هذا الجو العراكى والجدلى ادخل اوريجينوس نفسه فى متاهات تفسيرية جعلت الكنيسة تأخذ منها موقفا رسميا عل اى حال تتميز العظة فى القرن الثالث بالاتجاه الى المنهجة والبحث عن توازن بين طابعها الخاريسماتيكى والعفوى والتلقائى فى القرن الثانى والواقع الكنسى الذى بداء فى الاستتاب فى القرن الثالث ولقد ساعد فى هذا التخول عوامل عديدة منها ارتفاع مستوى التعليم والثقافة عند الاكليروس والشعب ونمو التعليم الكنسى والاحتياج الى دراسات ترد على الهراطقة والمثقفين من الغير المسيحيين والذين كانت تربطهم احيانا كثيرة علاقات صداقة مع المثقفين لمسيحيين .

ختاما والى لقاء اخر فى العظة فى القرن الرابع وعند الاباء الكبار حيث وصل الخطاب المسيحى الارثوذكسى الى قمته لذا اطلب من القراء ابائى الافاضل واخوتى الاكليريكيين وكل القراء الدعاء والصلاة .






[1] ,Ομιλιτικη,Θεσσαλονικη ,19988 Ιωαννου Μ, Φουντουλη

[2] أى ان التوبة الارثوذكسية قوية وفعالة ومستمرة وتختلف عن البروتستانتية الوقتية الانفعالية التى لها تأثير وقتى سرعان ما يزول بزوال المؤثر اى الواعظ

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire