mercredi 30 mars 2016

باسيليوس سائق التاكسى اليونانى وخبرة اللاهوت الحياتى قصة من واقع الحياة الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين

--باسيليوس سائق التاكسى اليونانى وخبرة اللاهوت الحياتى قصة من واقع الحياة الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين

July 7, 2011 at 12:35pm---3باسيليوس سائق التاكسى اليونانى                                                         
وخبرة اللاهوت الحياتى                                                                                       
قصة من واقع الحياة                                                                                  
الاب الدكتور اثناسيوس اسحق حنين                                     
اعتدت منذ خمس عشر عاما ونيف ’وزادت هذه العادة فى هذه الايام الاخيرة’ أن أمر على كنيسة الحى الذى أقطن فى ضواحى                                                                                 
أثينا ’ وذلك لكى اشعل شمعة امام أيقونة السيدة العذراء وقديسة الكنيسة القديسة باراسكيفى (ومعناها اليقظة والمستعدة)’ والتى نرتبط بها عائليا ارتباطا روحيا كبيرا لدورها الروحى الكبير فى مشوار حياتنا .ان تكريم الايقونات عند اليونانيين ليس هو مجرد قرار المجمع المسكونى السابع ولا هو رد فعل على قيام الأباطرة الكفرة والهراطقة(ويقول لنا المؤرخون أن المسلمين قد شاركوا فى حرب الأيقونات) بشن حرب شعواء على تكريم الأيقونات بهدف حرمان الشعب من مرجعياته الروحية وسنده اللاهوتى وشركة قديسيه ’ ولكنه’أى تكريم الأيقونات’ ممارسة كنسية ارثوذكسية شعبية تقوية راسخة فى تاريخ اليونان الكنسى والقومى(لقد تقدمت الايقونات المعجزية كل القفزات الكبرى فى تاريخ اليونان وفى ثورة الاستقلال ’ ففى عام 1821كانت الايقونات والاكليروس يقفون جنبا الى جنب مع قوات المقاومة ضد الاحتلال التركى )’ بل هو وفوق كل اعتبار’ فهى تقليد ليتورجى يفيض عذوبة وتقوى وتعزية . فالأيقونة هى مدرسة الاميين وأكاديمية الفاهمين ومحجة اللاهوتيين وابداع الفنانيين الملهمين والسبب ببساطة هو أن الكلمة صار جسدا اى أيقونة الانسان الجديد فانكار الأيقونة فكرا أو ممارسة هو أبشع انكار للتجسد .                                                          
أشعلت الشمعة ’ وصبحت على الست العذرا والقديسين’ وجلست أتصفح قداس القديس يوحنا الذهبى الفم ’ وهو باللغتين اليونانية والانجليزية وأصدرته الكنيسة الارثوذكسية اليونانية فى أمريكا الشمالية ولقد نجح اباء أكاديمية الصليب المقدس فى تعميد اللغة الانجليزية فى جرن اللاهوت الارثوذكسى ’ ولقد أهدى لى هذا الكنز الثمين البروفسور الاب والصديق جورج دراجاس فى أثناء زيارتى له فى كنيسته (يوحنا المعمدان)فى مدينة بوسطن الأمريكية وفى اكاديمة اللاهوت الشهيرة الصليب المقدس حيث يعلم اللاهوت. يعتبر هذا النص من أروع نصوص اللاهوت والليتورجيات فى الكنيسة الاولى قاطبة’ وبينمأانا مستغرق فى القراة والتأمل فى هدوء الكنيسة النسكى والذى تسمع فيه صوت الصمت حسب قول أحد الأتقياء ’ رغم انها تقع فى الميدان الرئيسى لحى أجيا بارسكيفى .
وفجأة ظهر أمامى شخصا فى سن الشباب (وسن الشباب فى اليونان يبدأ من الخمسين !) وسلم على بأدب ارثوذكسى جم واليونانى يصر على تقبيل يد الكاهن لايمانه بالبركة التى تحملها . وبالمناسبة فلقد حدث ذات مرة ان قمت بسحب يدى تواضعا –كما تعلمنا من رهبان مصر-من يد أحدهم حاول تقبيل يدى فحزن حزنا شديدا وأعتبر ذلك عدم رضى من الله وسبب لعنة كما شرح لى صديق يونانى. جاء هذا الشخص’ نقول ’ وقال لى انا اعرفك أنت تأتى الى هنا كثيرا أنا ذاهب الى كنيسة القديس أندرياس المجاورة وهى كنيسة جميلة وبها كاهن شيخ وقور ومكتبة ومعرض كبير .هل تريد ان تاتى معى سألنى ؟ ومن فرط حبه ولباقته الى جانب انى مريض حبا بالكتب لم أجد نفسى الا خارجا معه لا أعلم الى –كعادتى دوما- أين نمضى الا أنى صدقته –كعادتى أيضا ! وقلت له هل سنذهب سيرا على الاقدام فقال انى لدى سيارة واتضح انه سائق تاكسى. وكان اليوم يوم اضراب كبير وعام لسائقى التاكسيات فى أثينا بسبب مطالب مادية وسط الأزمة الاقتصادية(بالتحديد هذه المرة احتجاج التاكسجية على فتح تصاريح تشغيل التاكسى ا لكل الناس بلا قيود ولا مصاريف مما قد يتسبب فى دخول عناصر غريبة قد تستخدم التاكسى لأهداف أخرى اخرى وركبت معه وبدأت فى اكتشاف سبب كتابتى لهذه القصة ’ فباسيليوس وهو اسم سائق التاكسى لاهوتى بالممارسة والعبادة واليونانى الارثوذكسى-بالمناسبة- لا يعيد فى يوم عيد ميلاده فهذه بدعة وثنية حديثة بل يعيد فى يوم عيد اسم القديس الذى حمل اسمه فى المعمودية فباسيليوس يعيد فى عيد القديس باسيليوس(1 يناير ) وحينما قلت له ان اسمى اثناسيوس قال باعجاب اثناسيوس العظيم ! بالطبع يقصد اثناسيوس الرسولى بطل الايمان وعالم اللاهوت والذى احمل اسمه عن غير استحقاق. وحدثنى عن الحياة الروحية والحياة الكنسية وعن كاهن الكنيسة التى نحن ذاهبون اليها وكيف أنه شيخ روحانى جمع شمل شعب الكنيسة وعلمهم اللاهوت والحب او لاهوت الحب .وصلنا الى الكنيسة وكانت لحظة (الدورة الكبيرة ) فى ليتورجية القديس الذهبى الفم وفيها يقوم الكاهن بحمل الكأس والصينية والخروج لعمل دورة كاملة فى الكنيسة والشعب ساجد والمرتلون يهللون (فلنستقبل ملك الكل ونطرح عنا كل اهتماما دنيويا )                                                                        
Ώς τόν βασιλέα τών όλων ύπδεξάμενοι ...πάσαν τήν βιοτικήν άποθώμεθα μέρμιναν)
والشعب ساجد بتقوى والكاهن يصرخ مؤكدا ان الليتورجيا هى تحقق ملكوت الله هنا والان(جميعكم فليذكركم الرب الاله فى ملكوته السماوى الان وكل اوان والى دهر الداهرين امين )
(Πάντων ύμών μνησθείη Κύριος ό Θεός έν τή βασιλεία αύτού πάντοτε,νύν καί άεί καί είς τούς αιώνες τών αίώνων)
ثم يعود الى المذبح                                                                                    
وشعرت بالر هبة امام هذا الكاهن الشيخ وملابسه المنيرة بهاء والتى تحمل كل قطعة فيه معنى لاهوتى ومغزى ليتورجى وقصدا روحيا وشعره الابيض الوقور (الكاهن اليونانى لا يغطى راسه اثناء الليتورجيا لاسباب لاهوتية وليتورجية ليس وقتها الأن ) وفى نهاية الليتورجيا جأنى باسيليوس بالشاى والجاتوه وهذه عادة يونانية بعد القداس وأخذنى فى جولة الى مكتبة ومعرض الكنيسة وشرح لى أن الشعب يقوم بالتبرع بكافة الأشياء التى يريدها وتقوم سيدات الكنيسة بترتيبها واعادة بيعها لحساب بناء الكنيسة .وجئنا الى معرض الكتب وتوقعت أن أجد بعض الكتب البسيطة والتقوية والروحية حرصا على الشعب من كثرة اللاهوت !! وهنا وجدت نفسى أمام عالم فى اللاهوت من الشعب البسيط وامام مكتبة لاهوتية –للبيع وليس للاطلاع-من المقام الأول وأخذ باسيليوس يشرح لى هذا كتاب (أخر عدو يهزم هو الموت ) للاب الكسندر شميمان فى ترجمته اليونانية’ وحينما قلت له اننى قد التقيت الاب شميمان شخصيا حينما زارنا فى بيت التكريس لخدمة الكرازة فى حدائق القبة فى القاهرة فى الثمانينيات من القرن الماضى ’ فرح جدا ! وهذا كتاب اخر للراهب اثناسيوس الاثوسى وعلاقة الشعب اليونانى برهبان وتاريخ وروحانية الجبل المقدس علاقة كيانية وهذا كتاب عن تاريخ الجبل المقدس أثوس بالصور وهذا كتاب (موجز فى الايمان الارثوذكسى ) للقديس يوحنا الدمشقى .ولفت نظرى دراسة لنيل شهادة ودرجة الدكتوراة وتحمل عنوان( الخطية الجدية حسب لاهوت مكسيموس المعترف ) ولقد خصص الباحث فصلا كاملا عن عمل الله فى الاب فى المسيح الابن بالروح القدس فى اعادة الطبيعة البشرية الى اصالتها الاولى وتحت عنوان ( تأله الارادة البشرية وحرية الانسان كشخص ) يقول ( ان المسيح الأله –الانسان هو المكان والزمان الذى وجدت فيه الارادة البشرية مصيرها وهدفها وتألهت )ونضعها باليونانية لمحبى لغة الاباء اللاهوتية
Τό πρόσωπο τού Θεανθρώπου είναι ό τόπος .οπου ή άνθρώπινη θέληση βρίσκει τόν προορισμό της καί θεώνεται)
وهذا هو القصد النهائى من مجئ المسيح فالارادة البشرية التى فشلت فى أدم وأنهزمت تحتاج الى العلاج والشفاء فى ارادة الكلمة المتحدة بارادة المسيح المتحدة بالكلمة لكى تعود فى ارادة المسيح البشرية المتحدة باللاهوت الى قوتها الاولى ومن هنا خطورة انكار المشيئة البشرية فى شخص المسيح لأنه وحسب المبدأ اللاهوتى الكبير للقديس أغريغوريوس اللاهوتى (ما لا يؤخذ فى المسيح كله لايحصل على الشفاء كله )                                                                           
Τό άπρόσληπτον καί άθεράπευτον
وهذا العمل هو عمل الثالوث كله فالمكان الذى يلتقى فيه الثالوث مع صورة الانسان هى شخص الابن كلمة الله .ولعل هذا هو ما جعل ارادة صديقى باسيليوس المؤلهة والحرة بالافخارستيا والصلاة والحب والفرح والمعرفة ’ أن تنحاز الى الصلاة والبشارة وخدمة الغريب ’بينما رفقائه سائقى التاكسى فى حالة اضراب وتذمر وضجر وهزيمة!                                                      

واستمرت الجولة فى بستان الاباء ولفت نظرى كتاب (النسر المجروح حياة غريغوريوس النزينزى) للبروفسوروالأخ والصديق ومعلم الاجيال ستليانوس بابادوبلوس استاذ علم الباترولوجى فى كلية اللاهوت جامعة اثينا وهناك ركن خاص لأحد الارشمندريتية الوعاظ الذائعى الصيت ’يعرض كتبه للبيع ’ على ان يخصص دخلها لبناء الكنيسة ولمحت دائرة معارف لاروس الفرنسية مترجمة لليونانية وقاموس ديمتراكو الشهير للغة اليونانية أو بعض اجزاء منه وأحدث قاموس للغة اليونانية قام باعداده البروفسور بابينيوتيس استاذ الجلوسولوجيا(اللغويات) الشهير ورئيس جامعة أثينا وعضو الاكاديمية والارثوذكسى الملتزم والذى يرى ويؤكد ان اللغة اليونانية قد وجدت طريق أمجادها الكونية فى العهد الجديد وفى كتابات الأباء كما وجدت كتاب (لماذا التمسك ببيزنطية ؟) للبروفسور السيدة الينى الفالير الفرنسية -اليونانية والتى تدرس تاريخ بيزنطية فى جامعة السوربون والتى تمثل دور علماء المهجر فى خدمة أوطانهم وتقدم علمها من المهجر لخدمة تاريخ امتها واكتشاف ماضيها لانقاذ حاضرها والتفاؤل بمستقبلها(وقد تنيحت منذ فترة وجيزة ). وأشار الى كتاب لمطران يعرفه هو شخصيا بعنوان غريب وذو معنى (هناك حيث لا يوجد الله) .وحدثنى عن أحد اللاهوتيين الكبار الذى نادى بضرورة التناول باستمرار وعدم الامتناع وقال لى ان بعض الرهبان فى الجبل المقدس لا يعجبهم هذا الرأى ’ربما لكى لا يعتاد الناس على سر الشركة بدون استعداد كاف ’ وأن سائق التاكسى باسيليوس يعجبه هذا الرأى مع أننى لاحظت انه لم يتقدم للاسرار المقدسة ’ ربما لانه وصل متأخرا .وأستمرت الجولة فى عالم اللاهوت والروحانية الارثوذكسية مع باسيليوس سائق التاكسى الذى لم يحصل على شهادة فى اللاهوت ولكنه مارس الحياة اللييتورجية وعاش اختبارات أباء الكنيسة حتى انه غضب غضبا شديدا حينما قلت له- ردا على سؤال يسأله كل اليونانيون- ان هناك بعض المسيحيين (بدون تسمية احد حتى أتفادى افساد جمال اللحظة بالجدل !!!)لا يقبلون من المجامع المسكونية السبعة سوى ثلاثة وأن هناك من لا يؤمن بتأله الانسان ويشكك فى اننا نأكل الله فى الافخارستيا ولا يسجدون للايقونات .فقال لى بانفعال وما الهدف من مجئ المسيح وعقائد الكنيسة وتاريخ المجامع ولقد ذكرنى باسيليوس أن الكنيسة اليونانية تعيد فى 17يوم الأحد من هذا الشهر أى يوليو لذكرى أحد أباء المجمع المسكونى الرابع فى خلقيدونية!!! وفهمت أيضا أن باسيليوس-سائق التاكسى الأثينى- متابع جيد للاذاعة الكنسية اليومية وهناك راديو مطرانية بيرية وراديو رئاسة اساقفة اثينا تبث على مدى الأربعة والعشرين ساعة وتستطيع ربة البيت فى مطبخها والانسان العادى فى عمله ان يأكل ويشرب اللاهوت خبر وخبرة وهو فى حياته اليومية بل ويقرأ الصحف اللاهوتية والكنسية ويبدى اعجابه بالمقالات والدراسات. الشئ اللافت هو وجه باسيليوس المشرق فرحا ورضا وسررورا وحبا العل السبب انهم يختبرون ويرتلون فى نهاية الليتورجيا (قد رأينا النور الحقيقى وأخذنا الروح السماوى ووجدنا الايمان الحق اذ نسجد للثالوث الغير المنقسم) .وبينما زملائه يتوقفون عن العمل من اجل مطالب دنيوية ’ نجد باسيليوس يطلب ما فوق ويبشر باللاهوت والارثوذكسية بفرح لا ينطق به ومجيد. هذه الصور وغيرها لابد ان تأتى الى اليونان لتراها العلها هى الارثوذكسية وغيرها قد جانبه الصواب طوعا أو مزاجا وليس أبدا قهرا!!! وقديما سألوا اللاهوت الروسى الكبير بولجاكوف من اين تعلمت اللاهوت ؟ فقال لقد تعلمت اللاهوت من الكأس المقدسة.ان بلاد اليونان –يونان سائق التاكسى باسيليوس هى يونان النهضة الارثوذكسية والبشارة المسيحية والرؤية اللاهوتية السديدة والشديدة.فى النهاية قادنى باسيليوس الى كاهن الكنيسة الشيخ فأخذت البركة وهنا بادرنى الكاهن لماذا تركت بلدك وهل أنت يونانى ابا عن جد ؟(نحن نتبع ما قاله ارسطو ان اليونانى ليس هو يونانى الدم بل يونانى الثقافة) فقلت له انا هنا منذ ربع قرن ودرست اللاهوت ولقد منحونى الجنسية اليونانية تكريما لحبى للحضارة والثقافة اليونانية ولأجل –حسب قول الحكومة اليونانية-دورى فى دعم العلاقات الثقافية واللاهوتية بين مصر واليونان ’ وأيضا من أجل دورى-حسب كلامهم - فى مساعدة المسيحيين المصريين على الاندماج الصحيح والصحى فى المجتمع اليونانى . أنا هنا –قلت للكاهن الشيخ - لأجل بلادى ونهضتها اللاهوتية وقيامتها الانسانية والروحية .وغادرت كنسية القديس أندرياس ممتلئا فرحا وعزأءوسلاما ’ وودعنى باسيليوس الى خارج الكنيسة وعرض توصيلى بالتاكسى ’ رغم الاضراب ’الى البيت فقلت له انى أسكن قريبا من الكنيسة. فودعنى بالدعوات وأعطانى كارته الشخصى على أمل اللقاء .وهل يفترق الانسان عن هذا النوع من البشر بالروح ’حتى ولو افترقنا بالجسد لقد عوضنا هذا اللقاء الروحى الذى استغرق لحظات عن لقأت اخرى استغرفت سنين وأكلها جراد الجحود والنكران وصدق بولس حينما اراد ان لا يعرف احد حسب الجسد.فمبارك الرب الذى لا يترك نفسه أبدا بلا شاهد وان سكت المحترفون والمتاجرون والمزايدون فباسيليوس سائق التاكسى اليونانى الارثوذكسى ’ سوف يتكلم .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire