الكنيسة فى
العصور الاولى بين المواهب اللاهوتية والروحية والتدبيرات المادية والحياتية الاب
الدكتور اثناسيوس اسحق حنين
--
الكنيسة فى العصور الاولى بين
المواهب اللاهوتية والروحية والتدبيرات المادية والحياتية
الاب
الدكتور اثناسيوس اسحق حنين
أمن
المسيحيون الاوائل بأن الخليقة الجديدة للانسان هى أساس السلوك الجديد وان الروح
النارى هو الذى يدبر امورهم الروحية والجسدية فى الكنيسة و فى العالم باجتهاد وان
القوة التى تخرج من هاتين اليدين اللتان تعملان فى ضفر الخوص انما هى قوة الروح
القدس العامل فى اليد البشرية [1]
وامنوا
يقينا ان ألله هو العامل فيهم لكى يريدوا ويعملوا من اجل المسرة(فى 2: 13 ) اى
انهم ادركوا ان الثيؤلوجيا تتحول فى الانسان الجديد بالروح الى ايكونوميا الى مواهب
وخاريسماتا وعن هذه الخليقة الجديدة يقول القديس كيرلس الكبير (لان الله الاب فى
البدء بكلمته أخذ من تراب الارض-كما هو مكتوب-وخلق الانسان كائنا حيا له نفس عاقلة
حسب ارادته وأناره بنصيب من روحه ونفح فى أنفه نسمة الحياة (تك 2-7) ولكن عندما
سقط الانسان بعصيانه واستعبدته قوة الموت فقد كرامته القديمة أعاده الله الأب
وجدده الى الحياة الجديدة بالابن مما كان فى البدء ؟ وكبف جدده الابن ؟ بموته
بالجسد ذبح الموت وأعاد الجنس البشرى الى عدم الفساد عندما قام من الموت لأجلنا
ولكى نعلم أنه هو هو الذى فى البدء خلقنا وختمنا بالروح القدس لذلك يمنح مخلصنا
الروح القدس من خلال العلامة المنظورة أى نفخته للرسل القديسين لانهم باكورة
الطبيعة البشرية المجددة)[2].
العلاقة
الجدلية بين المواهب والتدبير فى العهد الجديد
حاول
بعض اللاهوتيين من عصر الاصلاح ايجاد شرخ كبير فى العهد القديم بين الكاهن والنبى
على اساس ان الاول مشغول بطريقة روتينية وعقيمة بالطقوس وسماع صوت الناموس والثانى
مشغول بأقتناء المواهب الروحية وبالاصلاح والسماع لصوت الرب على راسهم أدولف
هارناك اللاهوتى الالمانى الذى راى ان هناك قسمان من الوظائف فى الكنيسة الوظيفة
الاولى روحية وخاريسماتيكية اى موهباتية وتبشيرية والوظيفة الثانية ادارية محصورة
فقط فى التنظيمات والادارة وهو يرجع فى ذلك الى الفصول 11 و12 من الديداكى وقام
كثير من العلماء بالرد [3] على اراء هارناك ولكن فى الواقع ليس الامر بهذه الدرجة
لان الكثير من الانبياء كانوا كهنة موهوبين والكهنة انبياء والكنيسة وجدت كمستودع
مواهب بالروح الواحد(1كو 12)[4]. والطقس اذا مورس بالروح يصير معهدا عاليا لتخريج
المواهب الروحية ولقد رأى بعض الباحثين مستندين على شهادة المؤرخ يوسابيوس القيصرى
على ان نفس التوتر بين روح المؤسسة وروح الخاريسما قد ظهر فى بدايات ظهور الحركة
الرهبانية فلقد كانت الرهبنة فى بداياتها خاريسماتيكية اى عفوية تنصت لصوت الروح
وتستجيب لدعوة الكلمة الالهية وتهيم على وجهها فى البرية طالبة وجه الرب وحده كما
حدث مع القديس انطونيوس ولما ادركت الكنيسة التى كانت قد خرجت من الاضطهادات وبدأت
فى ترتيب البيت من الداخل وادركت الاهمية الكبرى للطاقات الروحية والمواهب
اللاهوتية والعلمية والروحية الخاريسماتيكية لخدمة الكنيسة بدأت على يد القديس
اثناسيوس الذى ادرك ما لشخصية انطونيوس من خاريسما روحانية فتتلمذ لها وحرر
اللاهوت القبطى من التجاوزات الفلسفية التى اوقعها فيها اوريجينوس واكليمنضس ورد
اللاهوت واللاهوتيين الى دموع اباء البرية ووضع اللبنات الاولى للاهوت اللوغوس
الواقعى ويرى المتخصصون فى اثناسيوس وعلاقته بانطونيوس بأن القديس اثناسيوس حينما
كتب سيرة انطونيوس انما كان يضع المنهج الخرستولوجى التدبيرى والاكليسيولوجى
للمواهب الكبيرة اللاهوتية والروحانية التى افرزتها الحركة الرهبانية وهنا تم
مأسسة الحركة الرهبانية فى اطارها الكنسى! ولقد كانت الحركة الرهبانية سبب بركة
روحية ولاهوتية وتدبيرية كبيرة للكنيسة وقدم اثناسيوس فى شخص انطونيوس الراهب المثالى
الحر روحيا والملتزم كنسيا الناسك المتوحد فى اقسى معنى للتوحد والملتزم انين
الروح و شئون العالم بالروح والذى ينزل الى الاسكندرية ويقف امام المحاكم لمساعدة
المظلومين والذى لا يشغله شئ غير حب المسيح(ورد اسم السيد المسيح له المجد اكثر من
مائة مرة فى سيرة الانبا انطونيوس للقديس اثناسيوس) وراسه فى السماء وينحنى امام
اصغر دياكون(اى يحترم المؤسسة الكنسية) رغم قامته الروحية العالية ووسط التيارت
الثقافية السائدة حرص اثناسيوس على تقديم انطونيوس كصديق للمثقفين والفلاسفة
يأنسون اليه ويحاورونه ليضفوا طرواة روحانية على قساوة العقل وجموحه وليس ذلك فقط
بل ان الاهم ان انطونيوس كان على دراية خاريسماتيكية وواقعية بخطورة بدعة اريوس
وانشقاقات المونتانيين لان اللاهوت عند اباء البرية الكبار هو احساس قبل ان يكون
علما والخطية هى انعدام الحس قبل ان تصير فعلا!!ويذكر لنا التاريخ الزيارة التى
قام بها رهبان البرية الى الاسكندرية للحوار مع البطريرك ثيؤفيلوس حول تفسيره
الرمزى للاية (لنعمل الانسان على صورتنا كشبهنا)تك 1 :26 طالبين التمسك بالتفسير
الحرفى للاية ضد التفسير الاورجينى الرمزى ولقد عرف هؤلاء الرهبان فى التاريخ
الكنسى بأسم (الانثروبومورفيتيس) فرغم تمأسس الحركة الرهبانية الا ان البرية ظلت
هى ترمومتر الدقة فى حرية حرارة الكنيسة اللاهوتية والروحية والتدبيرية ونستطيع ان
نتكلم عن المؤسسة الخاريسماتيكية والخاريسما المؤسساتية فى وحدة بلا تشويش ولا خلط
للادوار ولا تقزيم للمواهب ولا عملقة للاقزام ولهذا حرصت الرهبنة الاولى على عدم
رسامة الرهبان كهنة الا للضرورة القصوى وحديثا قال سياسى لامع(Absolute power corruptabsolutly
.[5]
ولكى
ندرس بعمق العلاقة الجدلية بين اللاهوت والمواهب فى الكنيسة الاولى لابد بادئ ذى
بدء ان نتعرف على معنى وفحوى الكنيسة ما هى الكنيسة ؟
الكنيسة
هى المعمل الذى يتحول فيه اللاهوت الى مواهب والثيؤلوجيا الى ايكونوميا بالروح
والحق
من
أروع أوصاف الكنيسة فى العهدين القديم والجديد وأمتلائها بالمواهب وحنكتها فى
التدبير ورسالتها فى العالم[6] هو ما جاء على قلم احد كبار اللاهوتيين المعاصرين
الذى يقول:
(الكنيسة
عاشت حياتها ومسيرتها كما عاشها الانسان الاول فكما كان الانسان الاول يحيا فى وسط
هبات وعطايا الخليقة البكر هكذا عاشت الكنيسة وسط مدارس العالم الروحية والثقافية
على مر العصور وكما أعطى أدم مسميات مختلفة للحيوانات هكذا الكنيسة ومنذ نِشأتها
نظرت حولها على الارض وتأملت وتزاورت وتحاورت بالروح والحق مع الحضارات والثقافات
والافكار التى وجدتها واعطت للعالم بكل مكوناته وتراثاته نكهة سماوية واسماء
روحانية. فبدأت الكنيسة فى كلدان ثم سكنت وسط الكنعانيين وقبلت انبيائها بقبلة
المحبة وهبطت الى مصر فهدمت اوثانها واسست فى وسطها مذبح للرب ثم عبرت الى العربية
حتى استقرت فى موطنها أورشليم وصارت هناك ام الكنائس ثم تقابلت مع تجار صور ومع
حكمة الشرق وفخامة حضارة سبأ ثم حملوها قسرا الى السبى فرنمت للرب احلى المزامير
على انهار بابل وتمشت بين مدارس الاغريق الفلسفية وصادقت علمائها وطوعت تراثهم
ولغتهم العنيدة القاسية الوثنية الوجدان لطرواة الانجيل ولخدمة الكرازة وزارت
حضارة مصر وبنت مذبحها فى وسط ارضها وعمدت اللاهوت بالدموع فى بريتها وعلى يد اباء
البرية الجوانية وواديها وأنقذت لغة وارض مصر من الضياع والتغريب ومازالت وحيثما
ذهبت الكنيسة فى وقت النصرة أو زمان التعب فى زمان التجليات او الكبوات فى زمان
الانكماش والانطواء فقد كانت دوما فكر وصوت ألله العالى الصارخ فى برية هذه الدنيا
تجلس كمعلمها بتواضع وثقة وانفتاح وسط ملء الزمان (وسط العلماء تسمعهم و
تسألهم)لو2: 46 ويوسف ومريم وكل نفس متبتلة مع يوسف ومريم يبحثان عنه وسط الجموع
وهى تتبنى كل حق فى كلامهم وتعمده فى دموع التوبة وتصحح كل خطأ بقوانينها الرشيدة
وتتشفع فى عيوبهم بالروح ونقائصهم وتكمل ما بدأوه وتشاركهم هواجسهم وأشواقهم
وتشبعهم باللاهوت والخبز الحى وفى كل ذلك تستلهم المواهب وتفك الطاقات وتبكت
الكبار شكلا وتشجع الصغار النفوس حقا وتدبر الكون تدبيرا حسنا وتصلى من اجل ان
يملاء الله القلوب فرحا ونعيما) .[7]
المراحل
التاريخية لعلاقة المواهب بالتدبير:
لكى
ندرس موضوعنا بشكل موثق نقسم تاريخ العلاقة بين الكنبسة والمواهب الى 4 اقسام:
1
–الفترة الاولى تمتد من عام 30 الى عام 65 مبلادية وتشمل :
-التراثات
الى سبقت الاناجيل الازائية
-المصادر
الاولى لسفر الرويأ
- الاصول الاولى لسفر الاعمال
2 –
الفترة من عام 65 الى عام 85 وتشمل :
-
تدوين انجيل مرقس
-
تدوين اعمال لوقا الانجيل وسفر الاعمال – تدوين انجيل متى
3
–الفترة من عام 85 الى عام 100 وتشمل :
-باقى
رسائل بولس
-
انجيل ورسائل يوحنا
-
الرؤيا
4
–الفترة الابائية الاولى مت 100 الى 200 وتشمل:
-
الديداكى
-الراعى
لهرماس
-
الرسالة الاولى لاكليمنضس الى الكورنثيين
-
رسائل اغناطيوس الى اهل سميرنا واهل فيلادلفيا والمغنيسيين
هناك
ثلاث مواقف فى حياة الكنيسة المسيحية الاولى تؤكد هذا التوتر الخلاق بين المواهب
الروحية والتسليم المطلق لنعمة الرب وبين التدبير الزمنى والتزام شئون الارض
ونستطيع ان نعطى لهذه المواقف اسماء وهى:
ألمواهب
الروحية وابعادها الاحتماعية ومردوداتها الحضارية :
الكنيسة
الاولى كنا سبق وذكرنا تتعامل مع الواقع التاريخى باحاسيس لاهوتية راقية فلقد رأت
وبعيون ثاقبة فى عز الوثنية [8]بوارق امال خلاصية وفى الفلسفة اليونانية وسيلة فكر
واداة كرازة وفى عادات المصريين دروسا روحية فالمواهب الروحية بعد التجسد لها
مدلولات ومردودات تاريخية وواقعية وهذا هو جديد المسيحية لانه لا يمكن للمرء ان
يكون متمدينا فى تدينه وبدويا فى سلوكه فى المدينة كما يقول المطران جورج خضر[9]
فالمواهب اى الخاريسمتا معنى Χαρίσματαوالموهبة هى لفظا وفحوى هى نعمة وجهاد[10] وحينما صارت اى المواهب
على يد الغنوسيين غيبيات وارستقراطية روحية فارغة ادانتها الكنيسة غير عابئة بما
لها من فكر يبدوا للسذج من العامة خلابا والكنيسة لم تكن ابدا شعبوية تكلم الناس
بالناعمات بل انحازت للصفوة والنخبة المؤمنة بين الناس وهموهم وأسئلتهم المصيرية المصيرية
وقفز اباء الكنيسة قفزات لاهوتية غير مسبوقة لايقاظ الحبيب النائم فى سفينة الامم
المعذبة من الامواج وخرج على العالم لاهوتيوها بنظرية الاسبرماتيكوس لوغوس[11]σπερματικός λόγος تلك النظرية التى لا تعطى خلاصا مجانيا لغير المؤمنين بدون جهاد
وقبول وتعب كما ظن البعض من المسيحيين اكثر من المسيح نفسه !! بقدر ما تسعى لتسير
الميل الثانى فكريا مع افكار الناس لكى تكتشف ما لله فى هذه الحضارات وما لقيصر
وما للشيطان والاسبرماتيكوس لوغوس هو قفزة من العلماء لاكتشاف ان للرب لقاحا فى
الحضارات لم يجد رحم الامم مخصبا بالروح ليولد فيه المسيح فخرج منه انبياء للرب
وخرج منه خداما لابليس ولعل حركات التنصير الكبيرة فى هذه الايام الا دليلا على
صدق حدس الاباء من نحو الامم وما على الابناء الا مواصلة العمل واعادة حفر الابار
القديمة! وذهب ابن الاسكندرية البار اكليمنضس الى القول الرهيب ان الفلاسفة اى
المثقفين الصادقين هم انبياء الوثنية انها ايجابية الكرازة والكرازة الايجابية
التى دشنها بولس الرسول فى اثينا باليونان(اع 17 ) ونعود الى اهم الاحداث التى
فجرت قضية العلاقة بين المواهب الروحية والتدبيرات اليومية ونكتفى بثلاث مواقف فى
العهد الجديد ونترك الباقى للباحثين الشباب
أولا:
الحادثة الاولى التى ظهر فيها التوتر الخلاق بين الخاريسمتا والايكونوميا وردت فى
سفر تاريخ العائلة المسيحية الاولى حينما حملت النعمة المؤمنين فاحبوا الملك
المسيح وتركوا كل شئ تحت اقدام الكنيسة(وكان لجمهور الذين امنوا قلب واحد ونفس
واحدة ولم يكن احد يقول ان شيئا من امواله له بل كان عندهم كل شئ مشتركا وبقوة
عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة على جميعهم اذ لم يكن
احد فيهم محتاجا لان كل الذين كانوا اصحاب حقول او بيوت كانوا يأتون باثمان
المبيعات ويضعونها عند ارجل الرسل(موهبة العطاء) فكان يوزع على كل احد كما يكون له
احتياج (موهبة التدبير الحسن)اع4 -34 ). الخارسما صارت عدوى طيبة اصابت كل الجماعة
والجو العام جو نعمة الحب و الترك والتجرد والثقة والى ان جأت اسرة صغيرة من
حنانيا الزوج وسفيرة الزوجة ولم يقل لنا لوقا شيئا عن اولادهم واصابهم القلق ظنوا
انهم قد تسرعوا فى الاستجابة لصوت الخارسما وقرروا ان يدبروا امورهم بشكل اخر عملى
اكثر بلغة اليوم !! واختلسوا من ثمن الحقل وتسال لوقا السؤال الكبير(لماذا ملأ
الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل؟) ووضع لوقا وربما لاول
مرة الاطار اللاهوتى و التشريعى للعلاقة بين الموهبة وسوء التدبير (انت لم تكذب
على الناس بل على الله)اع 5-4) اتهام خطير على خطأ يبدو بسيطا ولكن الارتداد
للانشغال بالذات وتأمين المستقبل الروحى او الجسدى خارج اطار الجماعة المؤمنة
نتيجة الانشغال بالذات والكذب او التقية العربية او التفنن فى تبرير الذات ولقد
كتب الفيلسوف شوبنهور كتابا عن (فن ان يكون الانسان على حق دائما والاخرين على خطأ
دوما)!!! بعد ان ذاق حلاوة العطاء هو فى نظر الكنيسة كذب على الروح القدس وتحالف
مع الشيطان ولا يعنى ذلك عدم التدبير والحسابات والحسابات فالرب نفسه دعا الى
الجلوس و حساب النفقة المشكلة هى فى ان يخفى هذا الامر مصالحا شخصية ونوايا سيئة
والمثال يهوذا وعلاقته بالتدبير(يو12 :6) .ولهذا فالرد على هذا الصراع كان حاسما
وهو التدبير الحسن من جهة والعقاب الصارم على تبديد اموال الله من جهة اخرى (فنهض
الاحداث وحمله خارجا ودفنوه) لم يهتم به الشيوخ بل تركوه للاحداث(اى نيوتيرى)
فالشيوخ لهم مهام اخرى اهم فالشيوخ دعوا الموتى يدفنون موتاهم اما هم فذهبوا
ونادوا بملكوت الله!!. وقديما قال حكماء مصر ان الجشع ليس له قبر اى انه غائب عن
الذاكرة الجمعية للامة.[12]
ثانيا:الحادث
الثانى جاء من وراء ظهور النعرات الاثنية وسط الجماعة وبعد ان زادت المواهب وكثرت
النعم (حدث تذمر من اليونانيين على العبرانيين أن اراملهن كن يغفلن عنهن فى الخدمة
اليومية(الدياكونيا)أع 6-1 القضية تدبيرية بالدرجة الاولى وذات جذور لاهوتية
ومردودات اجتماعية وثقافية فمهما كانت روحانية الشخص ومواهبه فهذا لا يلغى انتمأئه
وثقافته ولم يتهم احد الارامل (بالدناوة) ولم يتركوهن يتهن بين المكاتب بل اخذوا
القضية القديمة مأخذ الجد واخرجوا منها جددا وعتقاء لاهوتية وتدبيرية روحية وسنوا
منهجا جديدا فى التوفيق البارع بين الثيؤلوجيا والايكونوميا على الارض ولم يتم
الحل (دكاكينى) او باستعجال للتراضى او خوفا من الدوشة او حرصا شكليا على سمعة
البلد او الجماعة!!او هروبا من فتنة عرقية بين اولاد الله بل تم الحل فى جو حوارى
ديموقراطى وما اروع(دعا الاثنى عشر جمهور التلاميذ وقالوا لا يرضى (اوك ارستون اى
ليس هذا هو الحل الامثل) أن نترك نحن كلمة الله ونخدم موائد فأنتخبوا( ليس للكلمة
علاقة بالمعنى المعاصر للانتخابات بل تعنى ابحثوا بالتدقيق عن النخبة والصفوة
بينكم اى اهل الخبرة وليس اهل الثقة عكس المذهب الناصرى) ايها الاخوة سبعة رجال
منكم مشهودا لهم ومملوئين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم على هذه الحاجة وأما نحن
فنواظب على الصلاة وخدمة الكلمة ) الكلام هنا كثير ويحتاج لدراسات خاصة معمقة ولكن
المهم هو ان الرسل يقولون(نحن) لم يقل احد (انا) لان المواهب هبة للجماعة من خلال
الافراد ففى وسط الزحام واختلاط الحابل بالنابل وضياع المواهب تحت اقدام لقمة
العيش لابد للكنيسة ان تجدد هويتها كخادمة للكلمة (ليس جيد اى ليس هذا هو الحل
الامثل) فالكنيسة ليست مهمتها ان تطعم فقط بطونا لا تشبع او تكون صفوفا من
الشحاتين المحترفين باسم اخوة الرب !!! بل تبحث عن الجياع والعطاش الى البر وهذا
يعيد طرح قضية الدور السياسى والاجتماعى للكنيسة والذى يشغل اليوم اللاهوتيون من
امريكا اللاتينية الى افريقيا مرورا بالدول الغنية وظهور ما يسمى بلاهوت التحرير
ولابد ان تشغل طوابير العيش وثورة الجياع وشباب وصباى النواصى اللاهوتيين فى
بلادنا. خدمة الخبز والتدبير يتصدى لها رجالا على نفس القامة الروحية لخدام الكلمة
ومشهود لهم وكم من مأسى حدثت وتحدث بسبب تولى الغير مؤهلين روحيا الادارة فلم يسلم
الرسل الارامل الى مجموعة من هواة تعذيب البشر الذين تخصصوا فى اهانة (اخوة الرب )
وبدلا من ان يحولوهم الى مؤمنين احرارا جعلوهم يحترفوا الشحاتة باسم الرب وقد ادرك
قداسة البابا شنودة الثالث خطورة ترك الفقراء فى متاهات اللجان والروتين فقرر
ولاول مرة فى تاريخ الباباوات ان يستقبلهم بشكل كريم وبنفسه ويعطيهم كسيده اكثر
مما يطلبون او يفتكرون وكنا نرى وفودا من اغنياء الارض ينتظرون قداسته لانه على
موعد مقدس مع فقراء الشعب .
ولاول
مرة فى تاريخ الناس تسمع عن تحول جذرى فى طريقة تقديم المعونة او المساعدة او
المال فخدام اموال الكنيسة من مدبرون او لجان لابد ان يكون مشهود لهم ومملوئبن من
الروح القدس وحكمة فالشهادة الحسنة المطلوبة لرسامة الاسقف والكاهن والدياكون عند
تيموثأوس(1تيمو3-7) هى هى نفسها ولاقامةخدام الموائد عند لوقا فخدمة المائدة
والسقفية موهبتان للروح الواحد.وتكمل الصورة بالمؤمنبن فى اورشليم الذين امنوا بان
الرب قريب وقدموا اموالهم للكنيسة ولما تأخر المجئ وقعوا فى العوز فجال بولس يجمع
المعونات لهم(1كو16 :1-4 تاخر المجئ قضية شغلت علماء العهد الجديد وعلماء التاريخ
الكنسى ولقد قدم فيها الاب كومان وهو من كنيسة رومانيا الارثوذكسية رسالة دكتوراة
فى اثينا ولقد كان للبروفسورسافاس اغوردس السبق العلمى فى اثارة هذه القضية فى
الاوساط العلمية واللاهوتية اليونانية والاوربية وهى ليست مجرد قضية مشاعرنفسانية
وأشواق عاطفية او روحية صماء كما ارادتها بعض المسيحيين بل هى قضية تاريخية وعلمية
تتعلق بماضى وحاضر ومستقبل البشرية ولا يمكن ان نحصر مستقبل البشر الزمنى والابدى
فى مجموعة عواطف دينية توقف حركة الحياة وتتنكر للتاريخ انتظارا للمجئ فى معناه
الروحى والعاطفى الضيق بعيدا عن ابعاده اللاهوتية والانثروبولوجية والكونية
والسؤال الذى يطرح على الاسخاتولوجية الغيبية والغنوسيين الجدد هو الاتى كيف يريد
ان يخلص العالم ويوعده بالخلاص من يتجاهل تاريخ العالم وهموم الناس ومعطيات العلوم
الحديثة هل سنظل نتكلم عن الارض كمركز للكون ونرجع الرسالة المسيحية الى ما قبل
جاليليو وهل سنتستمر فى الحديث عن الخليقة الاولى مع تجاهل نظرية دارون فى النشوء
والارتقاء والتى يدرسها اولادنا فى المدارس العلمانية ! وهل سنظل نتعاطى مع النفس
البشرية بدون فهم ما قاله فرويد عن اللاشعور وعقده واوجاعه كمكون اساسى للنفس
البشرية؟ فالاخرويات ليست هى اصابة التاريخ الانسانى بالشلل ولا وقوع الناس تحت
غيبوبة جماعية وفقدان ذاكرة ولخطورة القضية كرس لها الرسول بولس جزء كبير من
رسالته الى التسالونيكيين (اتس 4: 13 -21 و2تس 2 و3 ) والرب يسوع حينما ظهر
لتلميذى عمواس ولكى يرد لهم الوعى اللاهوتى به قدم لهم درسا فى التاريخ فيسوع درس
تاريخ الخلاص لتلاميذه مما هيأهم لسر الشكر والاستنارة الروحية واضرم فيهم الشوق
للقائه على السحاب(ثم ابتداء من موسى وجميع الانبياء يفسر لهم الامور المختصة به
فى جميع الكتب )لو 24 :27 )بعد ان كلمهم عن الامه والدخول الى المجد الاسخاتولوجى
(أيها الغبيان اما كان ينبغى ان المسيح يتألم بهذا ويدخل الى مجده)فالاسخاتولوجيا
هى ازدياد للوعى التاريخى بمجد الالام والام المجد ويسميها علماء العهد الجديد
Realised Eschatology
التاريخى
فى اعماقه الاخروية
ألعلاقة
بين الثيؤلوجيا والايكونوميا عند الاباء
فالاسخاتولوجيا
فى العهد الجديد هو الملكوت الاتى المحقق فى الزمان الانى[13]وهذا التوق للذهاب
الى السماء بطريقة ذاتية انانية بعيدا عن هموم الناس ولا تحمل الناس وهمومهم امام
العرش الالهى وقف ضدها اباء البرية ونذكر على سبيل المثال قصة البستان (قال الشيوخ
:اذا رايت راهبا شابا يرتفع الى السماء بارادته الخاصة(هيم بيفووش بالقبطية) امسك
برجليه واجذبه الى الارض لان هذا الامر غير نافع له)[14]
الاباء
ادركوا خطورة ان طلب السماء بدون شركة المجمع وشركة الكنيسة وبركة التلمذة وفى سن
الغرور والكبرياء هو شئ غير نافع !!! وعالجوا الازمة بين الثيؤلوجيا والايكونوميا
والاسخاتولوجيا ولقد حسمت الكنيسة القبطية خيارها منذ البدء فهى تطلب فقط
السماويات والقبطى يدعى (خينيفاوى ) اى جاى من السماء وصارت الكلمة فى الحس الشعبى
مرادفة للبساطة والسذاجة وتصديق كل شئ والثقة بالحياة ببساطة ولهذا صمد القبطى
امام الغزوات ومحاولات محو ذاكرته وتاريخ الكنيسة حافل بالامثلة على هذا التوجه
ولهذا يستغرب البعض اذا كان الرهبان فى الدير المحرق فى القرن الماضى قد انزعجوا
من سلوك امين الدير القديس الانبا ابرام اسقف الفيوم حينما كان وكيلا للدير
واتهموه بتبديد اموال الدير على الفقراء فالقديس يحيا فى السماء والرهبان يريدوا
ان يدبروا امور الدير تدبيرا حسنا هنا على الارض انه الصراع بين الاسخاتولوجيا
والايكونوميا والشئ اللافت ان تعبير (الربيتة) اى امين الدير عند الاباء الاقباط
هو(الايكونوموس) فى النصوص القديمة اى الخبير بالشئون الاقتصادية اى مدبر شئون
البيت وهذا لايكفى فلابد ان يكون خبيرا ايضا بالشئون الروحانية وعلى المستوى
العلمى واللاهوتى فقد انحاز ابائها للتفسير الرمزى لاسرار الكتاب المقدس واللاهوت
ولم يرضوا بالانغلاق فى التفسير الحرفى للتاريخ الالهى فقط وكهدف فى حد ذاته لان
الحرف يربط بفترة سابقة وثابتة من امجاد التاريخ ويخلق نوعا من الحسرة
والنوستالجبا على والى امجاد الماضى العريق مما قد يهدد بقتل الطاقات (2كو 3 :6 )
فالحرف صنع نسطور والروح والرمز ابدع كيرلس !!! وهذا الامر يشكل اليوم ازمة كبيرة
فى الكنيسة اليونانية على سبيل المثال هذا التوجه الحرفى للماضى تحت شعار (الى
الوراء الى الاباء والتقليد ) ممكن ان يقتل حيوية الحركة والابداع اللاهوتى وفتح
افاق جديدة للمستقبل ولهذا قال لهم الاب جورج فلورفسكى (الى الامام نحو المستقبل
مع الاباء وبالاباء )وذلك ادراكا من العلماء ان التفسير الرمزى المستقبلى الاخروى
يعطى الفرصة لاخذ رموز من كل عصر وكل حضارة لشرح اللاهوت لان اللاهوت ثابت ولكن
تدبير اللفظ والرمز يأخذ معناه من كل عصر الى جانب حرية الحركة الروحية والذهنية
فى التعامل مع النصوص[15]. والمثال الاخر على الاهتمام القبطى بالروحيات
وبالسماويات وبالثيؤلوجيا اكثر من الاستوريا(التاريخ) هو نص صلاة المجمع فى القداس
الباسيلى فيلاحظ ليس الباحث بل اى طالب وى السنة الاولى تاريخ ان واضع نص المجمع
لا يشغله الترتيب التاريخى لاسماء الاباء لا تشغله الثيؤلوجيا فى بعدها التاريخى
بل شغله الشاغل هو الثيؤلوجيا فى بعدها الاخروى وهذا ينطبق على الكثير من النصوص
فالقديس باسيليوس بعد كيرلس مع انه تاريخيا قبله(باسليوستنيح 371 م) واثناسيوس قبل
الاثنين مع انه تاريخيا معاصر يسبق كيرلس ومعاصر لباسيليوس والانبا انطونيوس بعيد
جدا عن الزمن الذى عاش(تنيح 451 م) فقد وضعوه بعد محمع افسس 431 وقد قارب على
الانتقال ولا يعرف احد ما هو الحقيقى وراء عدم الدقة التاريخية فى النص ولكننا نعى
الدافع الروحى وراء النص وهذا يحتاج الى اختصاصيين يتصدون له بروح ليتورجية علمية
ولم يتسأل يوما قبطى جاهل او متعلم عن السبب وربما لو تجرا احد واقترح تعديل
الاسماء فى نص المجمع لتصير مفهومة للمصلى الذى يمتلك الحس التاريخى ربما يوافق
علماء واباء الكنيسة ولكن الشعب الذى ظل سنينا يربط مصيره وصلاته وتعزيته وربما
حياته بهذا النص وبهذا اللحن الجميل للمجمع الذى يعطى فرصة هدوء وتأمل كبيرين فى
الكنيسة بعد رحلة الليتورجيا ويهيئ الكنيسة للشركة مع القديسين وبهذا الشكل سيجد
الشعب صعوبة كبيرة فى الـتأقلم مع الدقة التاريخية للروحيات ولقد اوصى قداسة
البابا بحس ابائى كبير بمراجعة السنكسار وتنقيته مما يخالف التاريخ والواقع وكذلك
اوصى بالدراسة النقدية لقوانبن ابن العسال وتنقيتها [16] ولا يستبعد الكثير من
الباحثين فى الشأن القبطى ان يكون هذا الخوف من التعاطى مع النصوص بحس علمى وتاريخى
ونقدى بالمعنى العلمى النزيه للنقد وليس النقمة النفسانية وحسب المعايير التى
اسسها الاباء واخرجها فى ثوب معاصر علماء اللاهوت اليوم واود ان اوجه رجاء حار الى
الدارسين والباحثين ان يضعوا جانبا اى هموم شخصية وانين جانبا وان لا يجعلوا من
مشاكلهم النفسية مشاكل لاهوتية !!وان يبحثوا الامور بشكل علمى يليق بكرامة المسيح
وتاريخ المسيحيين الجليل تاريخ كل المسيحيين والا يظهروا مرارة [17] ولعل احد
اسباب غياب الدالة البحثية والحرية العلمية فى التعامل مع النصوص بدالة
روحية
وعلمية هو الجو الاسلامى الذى يؤمن بالتنزيل ونزاهة النصوص عن كل فحص ولا يسأل
التاريخ عن ايمانه ونصوصه ويحتقر كل ما هو انسانى ولا نلوم القبطى العادى وحتى
الباحث القبطى لان الوعى بقيمة النصوص فى التاريخ الكنسى والتاريخ بشكل عام هو فى
الغرب نفسه [18]علم حديث يعود الى عصر النهضة ونحتاج الى جهاد كبير وتوبات وتعب
ونسك عقلى وتخصصات ليتم الصلح فى الشرق الاوسط بين التاريخ واللاهوت وبين النص
والفكر والواقع وبين اللاهوت والرموز التدبيرية وبين عمل الروح ودور الانسان بين
السلطة والخاريسما بين اهل الثقة الجهلة واهل الخبرة الموضوعيين والسبب الاخر ان
الكنيسة فى نصوصها تطلب روحا ولا تبتغى شئ من هذا العالم المحيط بها ولا معاييره
التى لم يصبها منها سوى الاذى والاضطهاد والاتهامات بالتزوير والتحريف التى تحرج
شعبنا كل يوم ولا يستطيع الرد ولا الاحتجاج فيفضل الانكفاء والاكتفاء بالنصوص
يحفظها ويخاف عليها ويشترها بدون فحص لان من جاور الحداد ينكوى بناره ومن جاور
السعيد يسعد !! وهذا امر طبيعى فى اجواء تهدد الوجود فى كل صباح ولم ترفع هذه
المعايير شان احد بل مازلت تكبل الانسان الشرقى وتمنعه من التقدم ولكن ومع تغير
علامات الزمان وظهور جيل جديد من العلماء والباحثين الذين يملكون ناصية العلوم ومع
انتشار المسيحيين الشرقيين فى المهجر والمقارنة بين احوال الغرب (الكافر ) والشرق
(المؤمن )!!! والاسئلة الجديدة التى يطرحها اليوم الانسان الشرقى من كل الثقافات
والشرائح الاجتماعية والنهضة العلمية فى علوم الاباء على يد علماء مراكز الدراسات
اللاهوتية والانسانية والابائية سوف يؤدى الى (التوبة العلمية ) رو12 : 1و اعادة
اكتشاف العمق اللاهوتى للنصوص والعمق اللاهوتى للتاريخ والعمق التاريخى للاهوت
والنصوص القبطية واليونانية والسريانية والارمنية والتراث الارثوذكسى
الاول(الارثوذكسى بالمعنى الشامل وليس الطائفى) فيه من الغنى الكفيل بتقديم
التوازن العلمى واللاهوتى بين اللاهوت كخبرة ورؤية واللاهوت كعلم ومنهج
والايكونوميا كتاريخ حى والاسخاتولوجيا كواقع يعيشه الناس البسطاء فى كل يوم وهنا
والان لنصل الى لاهوت راسه فى السماوات بس بيمشى على الارض كسيده حسب تعبير عالم
لاهوت امريكى Feet
on Earth Theology
كنيسة
كورنثوس والصراع بين أهل المواهب
ظهرت
قضية العلاقة بين المواهب والتدبير فى اجلى صورها فى كنيسة الله التى فى مدينة
كورنثوس والتى تبعد ساعة بالسيارة عن العاصمة اليونانية أثينا والقضية هنا لا
تتعلق بارامل يطلبن الخبز ولا بعائلة تختلس مالا خوفا من المستقبل بل
بكبار(أستغنوا فى كل شئ قى المسيح فى كل كلمة وكل علم حتى انهم ليسوا ناقصون فى
موهبة (خاريسما) وهم متوقعون استعلان يسوع المسيح)اكو 1-4 ولكن (بينهم انشقاقات
وخصومات)اكو1 -10 وخطورة خصومات الكبار!!! كرس لها الوحى الالهى كما كبيرا من
الايات فنحن امام قامات روحانية عالية فبدلا من ان تتحول المواهب الى شركة فى
العمل الالهى وظفها البعض فى خدمة( الاوجاع باثوس)- والكلمة من بستان الرهبان-
الحزبية الرفوضة حتى لو كانت احزاب بطرس وبولس ويتهياء لها انها تعمل من اجل مصلحة
الجماعة !! واضطر بولس الى الرجوع الى الاساس الخرستولوجى للازمة(هل انقسم
المسيح)1كو1-13 وذكرهم باصولهم الاولى ودعوتهم وبأن الطموحات النفسانية تقتل اكبر
المواهب وهم يقدسون معا ولا ينجحوا فى دفن خصوماتهم تحت المذبح مع عظام القديسين
والعلماء بل يحتفظوا لها ويجدوا لها المبررات اللاهوتية ! فواحد يقول انا لبولس
ويرد عليه الاخر فى (لحن الخصام) امين وانا لابولس وهنا الشقاق والخصومات ويتحول
لاهوت المواهب الى لاهوت الاهواء وتصفية الحسابات وحذرهم من خطر مرض أخر هو اساس
للسابق ونتيجة له وهو الحكمة حسب الجسد وكلام الحكمة ويقصد التشبه بالسوفوسطائيين
اليونانيين الذين يقدرون ان يقولوا النور ظلاما وللظلام نور على رأى شوبنهور
الفيلسوف الذى الف كتابا سماه (فن ان يكون المرء دائما على حق والاخرون على باطلL’Art d’Avoir Toujours Raison )ولقد كانت هناك من الفلاسفة وظيفتهم هى الكلام وتبرير المواقف وهم
ينطبق عليهم قول ولوم و شكوى اشعياء النبى(اش 5 :18-23 ) لان الكثيرين فى كورنثوس
حملوا معهم ذكاء العالم ودرجاته العلمية الى داخل الخدمة ولم يعمدوا هذه الطاقات
فى روح التوبة وهؤلاء شكلوا طبقة الغنوسيين اى العرفان الذين اتعبوا الكنيسة زمانا
طويلا بذكائهم ومعارفهم الكاذبة كما سماها ايرينيؤس اسقف ليون بفرنسا فى مؤلفه ضد
الهراطقة والمعارف المزيفة الكاذبة (اكو2 13
اللاهوت
(بين التدخلات الالهية بالمعجزات والتدبير البشرى بالصلاة وتشغيل العقل) فى حياة
المسيحيين الاوائل:
فى
الحديث عن الثيؤلوجيا والايكونوميا يبرز أمامنا امامنا امران فى غاية الاهمية فى
فهم واختبار وتفسير عمل الله فى التاريخ فالثيؤلوجيا تظهر فى تدخلات الله فى
التاريخ بالايات والعلامات والمعجزات والانسان يستدعى هذا التدخل او يكتشفه ويفهمه
بالصلاة والتفكير واعمال العقل والبحث عن الاسباب ولنقدم مثلا
οΑνθρώπος
من
حياة المسيحيين الاوائل ففى الاصحاح الثانى عشر من سفر الاعمال نقرأ عن الحادث
الشهير الذى حدث وهو القبض على بطرس فبعد ان قتل هيرودس يعقوب أخا الرب بالسيف
ولما راى هيرودس اغريباس الحاكم اليهودى ان ذلك يرضى اليهود القوة الدينية السائدة
يومها اتفحت نفسه!! على قتل باقى الرسل فوضع بطرس فى السجن وهنا (واما الكنيسة
فكانت تصير منها صلاة بلجاجة الى الله من اجله)اع 12 :5 , وبعد هذه اللجاجة التى
نسميها (الايكونوميا التدبير البشرى ) جأ التدخل الالهى (ألثيؤلوجيا) فى التاريخ
وفى الاحداث لان موت بطرس احد هامات الرسل لو كان قد تم !! وبعد قتل يعقوب كان
كفيلا بأن يصيب الكنيسة الناشئة بالاحباط الكبير فكان لابد من التدخل الالهى بدون
ان يحول هذا التدخل المؤمنين الى متواكلين متكاسلين غير خلاقين ويعيشون عالة على
الماضى او عبيد للحاضر المستبد او اسرى لاوهام مستقبل لن يأتى ابدأ !! وهذا الامر
يحتاج الى تدقيق كبير لفهم اليات عمل اللاهوت ودور الانسان اى الانثروبولوجيا فى
تحقيق اعلانات الثيؤلوجيا وهو موضوع يشغل الفكر الدينى الشرقى كله اليوم فالتدخل
اللاهوتى جاء فى الشكل الاتى(واذ ملاك الرب أقبل ونور اضاء فى البيت فضرب جنب بطرس
وأيقظه قائلا قم عاجلا قسقطت السلستان من يديه وقال له الملاك تمنطق والبس نعليك
ففعل هكذا فقال له البس رداءك وأتبعنى فخرج يتبعه وكان (بطرس ) لا يعلم ان الذى
جرى بواسطة الملاك هو حقيقى بل يظن انه ينظر رؤيا فجازا المحرس الاول والثانى
وأتيا الى الباب الحديد الذى يؤدى الى المدينة فانفتح لهما من ذاته فخرجا وتقدما
زقاقا واحدا وللوقت فارقه الملاك فقال بطرس وهو قد رجع الى نفسه الان علمت يقينا
ان الرب ارسل ملاكا وأنقذنى من هيرودس ومن كل انتظار اليهود )اع 12: 6-12
نترك
تفسيرهذا النص الرائع لعلماءاللغة اليونانية والقبطية للعهد الجديد ولكن جل
اهتمامنا هو امرين الامر الاول هو التدخل المعجزى الخارق لقوانين الطبيعة ونواميس
التاريخ اى الثيؤلوجبا والثانى الرد الفعل البشرى فى وسط الجماعة اى
الاكليسيولوجيا وعلى مستوى الخدام فالله قرر ان يتدخل بعد الصلاة بلجاجة والامر
الثانى ان الملاك اى السماء قادت الموقف وسط ذهول بطرس الى ان جأ به الملاك الى
باب السجن وتقدم به حارة واحدة وتركه وهنا نقف لنتأمل كما سبق واشرنا فى ان بطرس
بعد ان عاش هذا الحدث الميافيزيقى اى الفوق الطبيعى عاد الى الوضع الفيزيقى اى الى
الوضع الطبيعى وارض الواقع (وهو قد رجع الى نفسهγενόμενος έν έαυτώ
اى
انه (صار هو ذاته ) بمعنى ان التدخلات الاعجازية من الله فى التاريخ ليس هدفها ان
تقف عجلة الاحداث ولا ان تبلف الناس ولا ان ينتظر التاريخ اوامر من احد بل ان يصير
التاريخ كما بطرس هو نفسه بدون تزييف ولا غيبوبة ولا ادعاء بالبطولة بل يصير هو
نفسه اى يسترد الوعى بالذات ويصير العمق التاريخى هو هو المرجو من الاعلان الالهى
فى الاخرويات اى كمال التاريخ(كونوا كاملين كما اب اباكم هو كامل ) والامر الثانى
والاهم ان المبادرات الالهية تتوقف طوعا فى اخلاء ذات(كينوسيس ) الهى مملوء حبا
لتعطى الفرصة والمساحة لحرية الانسان العاقلة وعقلانيته الحرة ليدبر راسه كما يقول
الشوام فالملاك قاد بطرس الى زقاق واحد وتركه لانه بكل بساطة بطرس ها يعرف يروح
لوحده وبالطريقة التى سيختارها لان البلد بلده!!! فالله لا يغربنا عن واقعنا
والتدخل الالهى لا يلغى عقل الانسان والتوبة ليست هى لون من الوان فقدان الذاكرة
التاريخية والتفرغ لطرح الاسئلة التافهة المكررة والتى لا تعنى الا شئ واحد وهو
الهروب من الاسئلة المصيرية التى تجدد الجماعة وتفك الاسرى وتطلق الطاقات وتكرز
بسنة الرب المقبولة فى كل سنة واذا كنا نؤمن ان كل حرف وكلمة فى الكتاب المقدس لها
معنى ومغزى فان للكلمات هنا وزنها فالملاك تركه ليعى ذاته ويستثمر المعجزة فى
الكرازة وليعطيه الفرصة ليبدع فى اخراج المعجزة من خلال شخصيته لاخوته فى الكنيسة
فى بيت مريم ام يوحنا(اع12 :12 ) ولان الملاك تصرف -اذا جاز التعبير بلباقة الهية-
فلو جاء مع بطرس الى البيت لفقد بطرس دوره ولانشغل الجميع باستقبال الملاك وتركوا
بطرس وهذا كان سيؤدى الى ضياع مفعول التدخل الالهى وتهميش الدور الانسانى او سحق
الدور الانسانى امام الانبهار والتصفيق لله الصانع العجائب لتحولت تدخلات
الثيؤلوجيا فى التاريخ الى نوع من انواع الديكتاتورية القاهرة للطاقات ولتحولت
الايكونوميا من مواهب وتعددية وتنوع جميل فى الوحدة على مثال الثالوث الى نوع من
الترديد الالى لكلام نظرى لا مردود له على الارض ولغلبت روح الفردية والتواكلية
على مثال الشعب اللى قال البركة فى موسى يصلى ويصوم اربعين بوم ونحن نأكل ونشرب ثم
نقوم للعب(خر32 :6) . التى لا تتفق مع الايمان الثالوثى القدوس والشركة ودور الشعب
فى الكنيسة ولا معنى لصلاة الكنيسة ( أشترك فى العمل مع عبيدك فى كل عمل صالح
)[19] وهذا ضد لاهوت التجسد فالله تدخل والكنيسة قادة وشعب تعيش وتذوق وتختبر و
تكتب تاريخ التدخلات والله يتكلم والكنيسة تكتب مسوقة من الروح القدس بلغتها وفى
ظروفها وزمانها وهى دائما تعى ذاتها ورسالتها كما بطرس والله فى التدبير بالنعمة
والكنيسة فى التفكير بالمواهب وهذا التوجه فتح امام الكنيسة فى العصر الرسولى
افاقا كبيرة فى البشارة والتفاعل مع حضارات وثقافات الارض(اع 2 و17) وادى الى
توظيف كل الطاقات واكتشاف كل المواهب من البشارة والتنبؤء والكلام بالسنة الناس و
خدمة الموائد الى اقامة الموتى وشفاء المرضى(اع5 :12 ) وقبول التوبات ومسح دموع
الحزانى وتبكيت التجار بالتقوى وومنح المواهب بالسيمونية (اع 9 :20 ) والحوارات
الفكرية العالية التقنية مع اعتى حضارات الارض اليونانية(اع17 ) بفلاسفتها
والعبرانية بانبيأها(اع 2 ) ومصر بمعابدها وحكمائها(اع7: 22.
العلاقة
بين الكنيسة كمواهب والكنيسة كمؤسسة
الكنيسة
التى رايناها فى سفر الاعمال هى صورة الكنيسة الناشئة والتى اسسها وادار شئونها
الروح القدس ولقد وردت كلمة (ابنيفما) اى الروح سبعين مرة فى السفر اى خمس العدد
الكلى للكلمة فى كل العهد الجديد.[20] الروح هو الكل فى الكل وكل الامور الاداربة
التى حدثت فى تلك الفترة ودونها سفر الاعمال هى ادارة بالروح فمن يوم الخمسين(اع2
)الى استئجار بولس لبيت فى روما كمركز للكرازة فى قلب عاصمة الدولة الرومانية
العلمانية بكل مجاهرة وبلا مانع (اع28 :30 ) يسير العمل بالروح حتى فى ادق تفاصيله
اليومية والتدبيرية والادارية كما سبق وراينا. فالمواهب الروحية هى لبنيان شعب
الله سواء صلى فى بيوت او فى قاعات او فى كاتدرائيات ومن اهم ملامح هذا الانسجام
بين الثيؤلوجيا والايكونوميا هو بداية ظهور ما يعرف اليوم فى اللاهوت المعاصر
بظاهرة (التثاقف) اى ربط الظواهر الفوق
inculturation
الطبيعية
بجذورها الطبيعة على مثال شخص المسيح الذى ارتبط فيه اللاهوت الفوق الطبيعة
بالناسوت الطبيعى جدا اللى شابهنا فى كل شئ فنحن عرفنا الميتافيزيقى فى ابنه
بالطبيعة بالفيزيقى فهو ابن الله وابن السماء وهو ابن يوسف ومريم وابن الناصرة
بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير اى ان الخرستولوجيا هى اساس الوفاق العملى بين
الثيؤلوجيا والايكونوميا وهذا يتم فى الاكلسيولوجيا بمعناها الابائى الشامل ومن
هنا تأخذ ظاهرة التثاقف معناها الانسانى ولقد كان الاباء سباقون فالقديس اثناسيوس
القبطى اخذ اجمل فى الثقافة اليونانية الوثنية وعمدها فى دموع اباء البرية وسطر
اروع الكتابات عن تجسد الكلمة.[21]ولنأخذ مثلا يخص بلادنا مصر من سفر الاعمال
فحينما يقول عن موسى النبى (انه تهذب(تربى على) بكل حكمة المصريين )اع 7 :لا
يستطيع اللاهوتى الذى يخدم سر تجسد الكلمة فى تاريخ الناس وحضارات العالم الا ان
يسأل عن ما هى هذه الحكمة ومكوناتها ومدلولاتها وهذا معناه البحث الشاق فى التاريخ
المصرىالقديم ! فهل يعقل ان يلم اللاهوتى اليونانى بفكر اسلافه افلاطون وارسطو
واللاهوتى القبطى لا يلم بحكمة المصريين التى شكلت شخصية موسى النبى[22] ولا يعرف
بلده التى ورد اسمها مائتان مرة فى اسفار موسى الخمس وامام الباحث القبطى الذى اتقن
لغة افلاطون جهاد ليقنى لغة ابائه القبطية والفارق كبيرفى المعانى والدلالات وهذا
يتطلب البحث الدؤؤب عن دور ثقافات الشعوب فى التدبير الالهى وكيف يتم تحويل تراثات
الناس بالروح الى تاريخ عمل اللاهوت وهنا يصير العمل اللاهوتى ابداعا حضاريا فى كل
العصور وليس ترفا فكريا فى عصر ما وياتى الدور الابائى ليزيد العمل جمالا وتقنية
فيرجع الباحث الى حديث باسيليوس الى الشباب فى كيفية الاستفادة من ثقافة الشعوب
الوثنية اى الفلسفة اليونانية لفهم المسيحية ونعرج على (حياة موسى )[23]
لاغريغوريوس النيسى والذى تكلم عن دور (كنوز مصر) فى التدبير الالهى لخروج شعب
الله من ارض العبودية وكيف ان الذى اذل الاسرائيليين فى مصر ليس هم المصريون لان
الرب اعطى نعمة لشعبه فى عيون المصريين بل الذى اذل الشعبين الاسرائيلى والمصرى هم
حكام مصر وفراعنتها وهكذا يتم تحويل روحانيات الايات الى مشروع حضارى ومادة
للكرازة والمصالحة بين الشعوب !! .
اسئلة
الناس لم تتوقف على العصر الكتابى وايام الاباء بل استمرت الى اليوم والكنيسة لم
تتوان عن الجهاد اللاهوتى لتحويل العمق اللاهوتى الى مشروع تدبيرىحضارى وثقافى
وروحى لخدمة البشرية فى المرحلة العمرية التى وصلت اليها ولهذا يتمسك الباحثون
اليوم بضرورة دراسة كتابات اباء الكنيسة لاكتشاف اليات هذا العمل الرعوى الضخم
وحتى لا نتناول قضايا لها تاريخ طويل فى البحث بسطحية مؤذية وجهل عميم بجمال
الكنيسة وتاريخها اللاهوتى العريق واوضح مثال لهذا التحول من الثيؤلوجيا الى
الايكونوميا هو تاريخ المجامع والمعاناة التى عاشها العلماء والاباء(يكفى ان نقراء
رسائل كيرلس الى نسطور ورهبان مصر والانطاكيين لنعلم مدى المعاناة اللاهوتية التى
تسبق عقد اى مجمع ذو شأن فى تاريخ الكنيسة) فلو ان الامور كانت بالبساطة التى
يراها البعض لتسويق مسيحية رخيصة(ديلفرى وتيك اواى على رأى شبابا اليوم ) وحسب
تعبيرهم بسيطة بعيدا عن تعقيدات اللاهوتيين لما كان هناك حاجة الى دراسة تاريخ
الكنيسة وتاريخ المجامع وتاريخ العقيدة وتاريخ كتابة الاسفار المقدسة الموحى بها
(انفاس الله) ونمو الكنيسة عبر العصور وسير القديسين واقوالهم ولا حاجة لدراسة
اللغات الاصلية للاسفار المقدسة وندخل فى متاهات الترجمات وعبودية لغة الغزاة
والمستعمرين ولا حاجة الى اكليريكيات والى مراكز بحوث وهنا التنكر لتعب العلماء
الاباء فى كل العصور وفى كل بقاع الارض حيث روح الرب يهب حيث يشاء الذين
قالوا(اعطى دما تأخذ روحا) هنا الخطر فى ان يظهر لاهوت العشوائيات والمزاج الشخصى
والمجاملات والخرافات الدنسة العجائزية العجائزية (1تيمو4 :1-11 ).[24]
ألاباء
الرسوليون تمسكوا بالنفحات الروحية الاولى ولكن دبروا الامور بشكل كنسى
اكليسيولوجى فالانقسامات فى كنيسة كورنثوس لم تنتهى بتدخل بولس مما ادى الى ان
يكتب الى الكورنثيين مرة اخرى القديس اكليمنضس الرومانى وذهب اغناطيوس الانطاكى
الى السر اللاهوتى للوحدة ودبره تدبيرا اكليسويولوجيا حسنا ودعا المسيحيين الى
الالتفاف حول الاسقف والكهنة والدياكونيين فى الافخارستيا حينما قال (على الجميع
ان يحترموا الشمامسة(الدياكونيين) والاسقف كصورة الاب والكهنة كمجلس الله ومصاف
الرسل بدون هولاء لا توجد كنيسة).[25] واعطى المصالحة الواقعية بين المواهب
والتدبير وهو قد اعطى تفسيرا عمليا للرسائل الرعوية وهنا وفى نهاية القرن الثانى
استقرت الكنيسة وتمت المصالحة بين الثيؤلوجيا والخرستولوجيا والايكونوميا من خلال
الافخارستيا والاكليروسية والشعب العابد بالروح والحق.[26]
عند
الاباء اللاهوت المتحول تدبيرا لاهوتيا لا هدف له الا خلاص العالم وحياة افضل
للناس فالكنيسة هى (الصوت الصارخ )فى برية هذا العالم فالكنيسة لم تكن ولن تكون
ولا يجب ان تكون باى حال (أفيون الشعوب)كما اتهمها الملحد الكبير كارل ماركس ولا
هى قبر المسيح بدون قيامة كما نعتها الفيلسوف نيتشة بل الكنيسة هى (الخمر الجيد)
فى عرس هذا العالم(يو 2 )
.
فالكنيسة هى مواهب اللاهوت التى منحها الله للعالم والعالم هو مجال استنطاق
واستنفار المواهب وهكذا تتجدد رسالة الكنيسة ولا نقول تجديد الكنيسة كما يقول
البعض لان الكنيسة جديدة بعريسها فالكنيسة تجدد الاياتها وخطابها ومعاهد بحوثها
وسط ظروف جديدة فالكنيسة الاولى لم تعرف الكثير من قضايا اليوم مثل مشكلات الطاقة
والتلوث الكونى والانظمة الجديدة وحقوق المراة وزواج المثليين ولم تعرف الاسلام
كظاهرة دينية وثقافية وديانة تريد التبشير بمشروع لخلاص العالم وباتت هذه الديانة
ذات مردودات كونية[27] وغيرها من الامور ولا يمكن لكنيسة تفهم دعوتها من الاكتفاء
والانكفاء على الشجب والرفض او المجاملات او المساومات او التوازنات بل يجب ان
تكون محاورة لخصمها(اى العالم والتاريخ كند لها وموضوع حب سيدها ومجال بشارتها
وخدمتها )مادامت تسير معه فى الطريق !! وهنا نسمع صوت النبوة (ليس احد يجعل خمرا
جديدا فى زقاق عتيق لئلا تشق الخمر الجديدة الزقاق فالخمر تنصب والزقاق تتلف بل
يجعلون خمرا جيدا قى زقاق جديدة)مر2 : 22
وهكذا
وان كنا نرى انه لاسباب تاريخية وواقعية اختفت موهبة التكلم بالالسنة وهذا بحث اخر
ليس مجاله الان الا ان الكنيسة سوف تتكلم وبالروح[28] وبالمواهب فى معناها
اللاهوتى والابائى بلغات والسنة كل مجتمع وكل حضارة فى العالم المعاصرولهذا ورغم
تمسكنا بدراسة اللغات الاصلية الااننا نترجم كتبنا وتراثنا الى كل لغات الارض
الحية. وفى النهاية ليس هناك طريق لاقتناء المواهب اللاهوتية الا الطريق الذى فتحه
لنا رب المواهب يسوع
الحبيب
وهو الحب والزمان هو زمان الحب �
------