كاهن مطرانية الروم الأرثوذكس فى أثينا لـ«الشروق»: لابد من «أنسنة» الخطاب الدينى وإنزاله من برجه العاجى
كتب ــ أحمد بدراوى:
نشر فى : الجمعة 3 مارس 2017 - 10:26 ص | آخر تحديث : الجمعة 3 مارس 2017 - 10:26 ص
نشر فى : الجمعة 3 مارس 2017 - 10:26 ص | آخر تحديث : الجمعة 3 مارس 2017 - 10:26 ص
• الإسلام فى مصر لا علاقة له بإسلام الجزيرة العربية.. الدين ليس مهنة الباحثين عن «قيمة ومركز ووظيفة ميرى».. لا سبيل لتوحيد عيد القيامة والجميع غارق فى مستنقع الطائفية
• تطوير الأحوال الشخصية يحتاج علماء نفس واجتماع وليس رتبا كنسية وياقات بيضاء.. الزواج المدنى وليد بيئة علمانية وليس له شرعية كنسية
طالب كاهن مطرانية بيريه للروم الأرثوذكس فى أثينا الأب أثناسيوس حنين، بإخراج كليات الدراسات الدينية الإسلامية والمسيحية مثل كليات أصول الدين والكليات الإكليريكية من «حارات النصارى وحوارى المسلمين» وتحويلها لجامعات وطنية وليست دينية.
وقال فى حواره لـ«الشروق» إن التجديد لن يحدث إلا بما سماه «أنسنة» الخطاب الدينى المسيحى وإنزاله من برجه العاجى، وهو ما يتطلب جهدا روحيا وعلميا، ليتوقف العقل العربى عن انتداب الألوهية فى نقاشاته، أو تزكية جهله وكسله وسكونه بجبرية دينية عمياء وتسلط يغطى جهله بالواقع، واعتبر أن الأحوال الشخصية لابد أن يقوم عليها المتخصصون وليست الرُتب الكنسية والقامات الأسقفية والياقات البيضاء، وانتقد زيارة البابا تواضروس الأخيرة لليونان.. وإلى نص الحوار:
* كيف ترى التقارب اللاهوتى بين الكنيستين المصرية واليونانية؟
ــ ما وحدته وجمعته الثقافات فرقته التأويلات والتفسيرات، فالكنيستان المصرية واليونانية كانتا كنيسة واحدة حتى عام 451 ميلادية لكن لأسباب ثقافية وقومية ولاهوتية تفرقتا بعد الخلاف حول شخصية المسيح، وهناك مباحثات لاهوتية تدور منذ ستينيات القرن العشرين وهى مساعٍ يؤكدها المجمع القبطى اليونانى العام للكنائس الأرثوذكسية الذى دعا إليه ممثلون عن الكنائس المصرية، وأكدنا فيه ضرورة عودة العلاقات وبدء حوار لاهوتى تاريخى أكاديمى فى سبيل اتحاد الكنيستين بعد قطيعة استمرت حتى أواخر القرن العشرين.
* كيف تقيم العلاقة بين التراثين المصرى واليونانى على الصعيدين الدينى والثقافى؟
ــ العلاقة بين التراثين المصرى واليونانى علاقة توءمة خرجا من رحم الحضارة، وهذا ما طرحته فى رسالة الدكتوراه الخاصة بى وأيده الدكتور طه حسين، حيث أكدت على متانة العلاقات بين الحضارتين المصرية واليونانية فى عصريهما الأول من القرن السادس قبل ميلاد السيد المسيح، وكيف أثر العقل المصرى فى اليونانى وكيف كانت مدينة الإسكندرية مدينة شرقية ذات طابع يونانى بمعنى الكلمة، واليوم هناك نشاط مصرى يونانى كبير لا يمكن إنكاره، فالأقباط عادوا لاكتشاف جماليات الثقافة اليونانية وعمق لغتها اللاهوتية، واللغة القبطية وٌلدت من رحم اليونانية، وهناك نهضة علمية حقيقية فى مصر للاهتمام باللغة اليونانية.
* ما تقييمك لزيارة البابا تواضروس الأخيرة لليونان؟
ــ الزيارة حظيت باستقبال رسمى وشعبى غير مسبوق لكنها تمت بشكل متسرع ودبلوماسى ومجامل، فلم تتم صلاة موحدة بين الكنيستين القبطية واليونانية، وأرى أن العلاقات بين القيادات السياسية المصرية واليونانية ممتازة.
* هل الكنيسة الأرثوذكسية متشددة فى رؤيتها لباقى المذاهب؟ وهل أنت مع توحيد موعد الاحتفال بعيد القيامة المجيد؟
ــ التاريخ يخبرنا بأن الكنائس المسيحية كانت موحدة ثم حدث انقسام بين الكنائس الخلقيدونية من ناحية «اليونان وروسيا وصربيا وبلغاريا ورومانيا وقبرص والمهجر الأمريكى وأنطاكيا وأورشليم»، والكنائس غير الخلقيدونية من ناحية أخرى وهى «القبطية والأرمينية والسريانية»، واستمرت الكنيسة واحدة فى شقيها الغربى والشرقى الكاثوليكى والأرثوذكسى حتى نهاية الألف عام الأولى، ثم حدث الانقسام الثانى بين الغرب والشرق عام 1054ميلادية ومن ثم سقطت القسطنطينية وظهرت فى القرن السابع عشر الكنائس البروتستانتية بكل طوائفها، وهكذا لا يمكن أن نتكلم عن عقيدة واحدة بل عن مجموعة عقائد وهذا أمر لا يقبله عاقل، وإذا لم يتب المسيحيون ويبحثون عن المسيح الواحد فلا جدوى من البشارة ولا معنى لوجودهم إلا إذا أرادوها دكاكين طائفية، وهذا يفسر الحدة السائدة فى العلاقات بين المسيحيين أنفسهم، فكل كنيسة تتشدد باسم العقيدة للحفاظ على رعاياها ومصالحها.
أما عن توحيد العيد، فأى قيامة يمكن أن نتفق عليها، والجميع غارق فى مستنقع الطائفية وحب الذات والمصالح القومية الزائلة، ومع ذلك فهناك محاولات تجرى وعلى اللاهوتيين أن يحذروا من الحلول المنفردة، فهذا سيسبب مشاكل جديدة وانشقاقات أعمق نحن فى غنى عنها.
* يقول البعض إن المسيحيين فى العالم العربى يتعرضون للاضطهاد.. فما رأيك؟
ــ الاضطهاد لفظ واسع ومتعدد الأوجه فمن الممكن أن يضطهد الإنسان نفسه بالجهل والتواكل وعدم التوبة، وأبناء جيلى من المسلمين والمسيحيين لا يفهمون هذا التعبير بالمعنى المعاصر، وهناك توازنات يسعى إليها كل حاكم مسلم يحكم دولة مسلمة وهذا أمر مفهوم من أيام الفتح العربى لمصر لكن العالم اليوم لا يسير بنفسية القبائل ولا بذهنية السلطنة، فهناك قوانين ودساتير وأصول وحقوق وواجبات يعرفها الجميع.
* كيف تقرأ العلاقة بين الإسلام والمسيحية بعد ثورات الربيع العربى؟
ــ كثيرون تحدثوا عن العلاقة بين المسيحية والإسلام فى العالم العربى خاصة فى سوريا ولبنان والعراق، لكن التجربة المصرية فريدة، فالمسيحيون المصريون لا يمثلون قوة حزبية ولا ميليشيا عسكرية وليس هناك «جيتوهات» مسيحية تهدد بقاء أحد، وخصال الشخصية المصرية معروفة بالتسامح والبساطة وخفة الظل، كما أن الإسلام فى مصر فريد وغير مسلح سوى بترسانة من الفتاوى إن لم يتم تجديدها ستسقط من ذمة الناس بالتقادم، ولا علاقة له بإسلام الجزيرة العربية أو أفغانستان أو باكستان، ولابد من الإيمان بالعلم وآلياته فى تنقية التراث الدينى الإسلامى واللاهوتى المسيحى ما علق بهما من تطرفات وخرافات وأساطير وفتاوى رجال الدين، فالدين واللاهوت ليسا مهنة كل باحث عن «قيمة ومركز ووظيفة ميرى»، ولابد من تخريج الدعاة واللاهوتيين من الجامعات المصرية الوطنية وليس من الأزهر والكلية الإكليريكية، وهذا سيسهم فى تخريج أجيال من اللاهوتيين ورجال الدين العلمانيين والمتعلمين بالمعنى الحقيقى لهذه التعبيرات، وهو ما يتطلب إخراج كليات أصول الدين والإكليريكيات من «حارات النصارى وحوارى المسلمين» ودمجها فى نسيج الجامعة المصرية.
* ما رأيك فى تجديد الخطاب الدينى المسيحى فى العالم العربى؟
ــ العالم العربى غنى دينيا وروحيا وماديا، والتجديد يبدأ حينما يتوقف العقل العربى عن انتداب الألوهية فى نقاشاته أو تزكية جهله وكسله وسكونه بجبرية دينية عمياء وتسلط يغطى جهله بالواقع، ولابد من «أنسنة» الخطاب الدينى وإنزاله من برجه العاجى وهو ما يتطلب جهدا روحيا وعلميا وأن يتحول رجال الدين لخدام للإنسان وليسوا متسلطين عليه، والمسيحيون بحكم أنهم يفخرون بكونهم وكلاء على أسرار الله فعليهم عبء وضريبة أكبر ومسئولية أهم فى التجديد والإبداع وإلا سنكون إزاء ردة وثنية ضحى المسيحيون بأرواحهم للخلاص منها، وما أرصده هنا هو حراك تجديدى فى الكنيسة المصرية يدفع له نخبة من شباب الأساقفة والكهنة والرهبان والعلمانيين وهذا يحتاج لعناية فائقة لكى يولد عنه فكر لاهوتى جديد.
* هل تحتاج الأحوال الشخصية للمسيحيين المصريين إلى التطوير؟
ــ لا يروقنى اسم الأحوال الشخصية فهى أحوال عائلية ومجتمعية ومصيرية، وظهر من ردود الأفعال الأخيرة أن قانون الأحوال الشخصية لا يساير أحوال الناس وخلاص نفوسهم وعمار بيوتهم، وتلك الأحوال العائلية هى جزء من منظومة لاهوتية وكنسية ورعوية هدفها «أنا وبيتى فلنعبد الرب» وتأسيس «الكنيسة التى فى بيتك» فإذا حدثت ازدواجية أو انفصام بين كنيسة البيت وكنيسة الحى فهذا معناه أن هناك خللا لاهوتيا ورعويا فى تدبير أمور العائلات، وخاصة تلك التى تعانى من مشكلات زوجية ليست بجديدة بل واجهها المسيحيون الأوائل مثل قضية العائلة المكونة من طرفين أحدهما مسيحى والآخر وثنى، ويكمن تطوير هذا الملف إذا تولاه المتخصصون فى علم النفس والاجتماع بعيدا عن الرُتب الكنسية والقامات الأسقفية والياقات البيضاء، أما الزواج المدنى فهو أمر حديث ظهر فى المجتمعات الغربية نتيجة سيادة الثقافة العلمانية وبرود الشعور الدينى، والزواج المدنى وليد بيئة علمانية والمتدينون يعتبرون لا شرعية كنسية فيه، ولهذا فانتشاره فى الشرق قليل حيث الشعور الدينى سائد، والزواج قرار شخصى حر من كل قيد دينى وله مخاطره ويحتاج إلى دراسة منفردة متعمقة وليس سؤالا وجوابا عابرين.
* «الأب أثناسيوس فى سطور»
مواليد 1952، يحمل الجنسيتين المصرية واليونانية، وأستاذ سابق فى الكلية الإكليركية بالقاهرة، وحصل على بكالوريوس فى الآداب واللغة الإنجليزية من جامعة المنيا، ودبلوم اللاهوت، ودبلوم اللغة القبطية، من الجامعة الكاثوليكية فى باريس، ودكتوراه الفلسفة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة ليموج فى فرنسا، ولديه كتب مثل «مصر فى فكر آباء الكنيسة».
وحنين هو أول كاهن يتم رسامته على الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى اليونان عام 1995 فى عهد البابا المتنيح شنودة الثالث بقرار منه، ويعود له فضل شراء الأرض الحالية لكنيسة السيدة العذراء للأقباط الأرثوذكس بالجهود الذاتية، وهى التى دشنها رسميا البابا تواضروس خلال زيارته فى ديسمبر لليونان، وأوقفه البابا شنودة وقام بشلحه «عزله» وتجريده من رتبة الكهنوت بسبب مخالفات عقائدية.
• تطوير الأحوال الشخصية يحتاج علماء نفس واجتماع وليس رتبا كنسية وياقات بيضاء.. الزواج المدنى وليد بيئة علمانية وليس له شرعية كنسية
طالب كاهن مطرانية بيريه للروم الأرثوذكس فى أثينا الأب أثناسيوس حنين، بإخراج كليات الدراسات الدينية الإسلامية والمسيحية مثل كليات أصول الدين والكليات الإكليريكية من «حارات النصارى وحوارى المسلمين» وتحويلها لجامعات وطنية وليست دينية.
وقال فى حواره لـ«الشروق» إن التجديد لن يحدث إلا بما سماه «أنسنة» الخطاب الدينى المسيحى وإنزاله من برجه العاجى، وهو ما يتطلب جهدا روحيا وعلميا، ليتوقف العقل العربى عن انتداب الألوهية فى نقاشاته، أو تزكية جهله وكسله وسكونه بجبرية دينية عمياء وتسلط يغطى جهله بالواقع، واعتبر أن الأحوال الشخصية لابد أن يقوم عليها المتخصصون وليست الرُتب الكنسية والقامات الأسقفية والياقات البيضاء، وانتقد زيارة البابا تواضروس الأخيرة لليونان.. وإلى نص الحوار:
* كيف ترى التقارب اللاهوتى بين الكنيستين المصرية واليونانية؟
ــ ما وحدته وجمعته الثقافات فرقته التأويلات والتفسيرات، فالكنيستان المصرية واليونانية كانتا كنيسة واحدة حتى عام 451 ميلادية لكن لأسباب ثقافية وقومية ولاهوتية تفرقتا بعد الخلاف حول شخصية المسيح، وهناك مباحثات لاهوتية تدور منذ ستينيات القرن العشرين وهى مساعٍ يؤكدها المجمع القبطى اليونانى العام للكنائس الأرثوذكسية الذى دعا إليه ممثلون عن الكنائس المصرية، وأكدنا فيه ضرورة عودة العلاقات وبدء حوار لاهوتى تاريخى أكاديمى فى سبيل اتحاد الكنيستين بعد قطيعة استمرت حتى أواخر القرن العشرين.
* كيف تقيم العلاقة بين التراثين المصرى واليونانى على الصعيدين الدينى والثقافى؟
ــ العلاقة بين التراثين المصرى واليونانى علاقة توءمة خرجا من رحم الحضارة، وهذا ما طرحته فى رسالة الدكتوراه الخاصة بى وأيده الدكتور طه حسين، حيث أكدت على متانة العلاقات بين الحضارتين المصرية واليونانية فى عصريهما الأول من القرن السادس قبل ميلاد السيد المسيح، وكيف أثر العقل المصرى فى اليونانى وكيف كانت مدينة الإسكندرية مدينة شرقية ذات طابع يونانى بمعنى الكلمة، واليوم هناك نشاط مصرى يونانى كبير لا يمكن إنكاره، فالأقباط عادوا لاكتشاف جماليات الثقافة اليونانية وعمق لغتها اللاهوتية، واللغة القبطية وٌلدت من رحم اليونانية، وهناك نهضة علمية حقيقية فى مصر للاهتمام باللغة اليونانية.
* ما تقييمك لزيارة البابا تواضروس الأخيرة لليونان؟
ــ الزيارة حظيت باستقبال رسمى وشعبى غير مسبوق لكنها تمت بشكل متسرع ودبلوماسى ومجامل، فلم تتم صلاة موحدة بين الكنيستين القبطية واليونانية، وأرى أن العلاقات بين القيادات السياسية المصرية واليونانية ممتازة.
* هل الكنيسة الأرثوذكسية متشددة فى رؤيتها لباقى المذاهب؟ وهل أنت مع توحيد موعد الاحتفال بعيد القيامة المجيد؟
ــ التاريخ يخبرنا بأن الكنائس المسيحية كانت موحدة ثم حدث انقسام بين الكنائس الخلقيدونية من ناحية «اليونان وروسيا وصربيا وبلغاريا ورومانيا وقبرص والمهجر الأمريكى وأنطاكيا وأورشليم»، والكنائس غير الخلقيدونية من ناحية أخرى وهى «القبطية والأرمينية والسريانية»، واستمرت الكنيسة واحدة فى شقيها الغربى والشرقى الكاثوليكى والأرثوذكسى حتى نهاية الألف عام الأولى، ثم حدث الانقسام الثانى بين الغرب والشرق عام 1054ميلادية ومن ثم سقطت القسطنطينية وظهرت فى القرن السابع عشر الكنائس البروتستانتية بكل طوائفها، وهكذا لا يمكن أن نتكلم عن عقيدة واحدة بل عن مجموعة عقائد وهذا أمر لا يقبله عاقل، وإذا لم يتب المسيحيون ويبحثون عن المسيح الواحد فلا جدوى من البشارة ولا معنى لوجودهم إلا إذا أرادوها دكاكين طائفية، وهذا يفسر الحدة السائدة فى العلاقات بين المسيحيين أنفسهم، فكل كنيسة تتشدد باسم العقيدة للحفاظ على رعاياها ومصالحها.
أما عن توحيد العيد، فأى قيامة يمكن أن نتفق عليها، والجميع غارق فى مستنقع الطائفية وحب الذات والمصالح القومية الزائلة، ومع ذلك فهناك محاولات تجرى وعلى اللاهوتيين أن يحذروا من الحلول المنفردة، فهذا سيسبب مشاكل جديدة وانشقاقات أعمق نحن فى غنى عنها.
* يقول البعض إن المسيحيين فى العالم العربى يتعرضون للاضطهاد.. فما رأيك؟
ــ الاضطهاد لفظ واسع ومتعدد الأوجه فمن الممكن أن يضطهد الإنسان نفسه بالجهل والتواكل وعدم التوبة، وأبناء جيلى من المسلمين والمسيحيين لا يفهمون هذا التعبير بالمعنى المعاصر، وهناك توازنات يسعى إليها كل حاكم مسلم يحكم دولة مسلمة وهذا أمر مفهوم من أيام الفتح العربى لمصر لكن العالم اليوم لا يسير بنفسية القبائل ولا بذهنية السلطنة، فهناك قوانين ودساتير وأصول وحقوق وواجبات يعرفها الجميع.
* كيف تقرأ العلاقة بين الإسلام والمسيحية بعد ثورات الربيع العربى؟
ــ كثيرون تحدثوا عن العلاقة بين المسيحية والإسلام فى العالم العربى خاصة فى سوريا ولبنان والعراق، لكن التجربة المصرية فريدة، فالمسيحيون المصريون لا يمثلون قوة حزبية ولا ميليشيا عسكرية وليس هناك «جيتوهات» مسيحية تهدد بقاء أحد، وخصال الشخصية المصرية معروفة بالتسامح والبساطة وخفة الظل، كما أن الإسلام فى مصر فريد وغير مسلح سوى بترسانة من الفتاوى إن لم يتم تجديدها ستسقط من ذمة الناس بالتقادم، ولا علاقة له بإسلام الجزيرة العربية أو أفغانستان أو باكستان، ولابد من الإيمان بالعلم وآلياته فى تنقية التراث الدينى الإسلامى واللاهوتى المسيحى ما علق بهما من تطرفات وخرافات وأساطير وفتاوى رجال الدين، فالدين واللاهوت ليسا مهنة كل باحث عن «قيمة ومركز ووظيفة ميرى»، ولابد من تخريج الدعاة واللاهوتيين من الجامعات المصرية الوطنية وليس من الأزهر والكلية الإكليريكية، وهذا سيسهم فى تخريج أجيال من اللاهوتيين ورجال الدين العلمانيين والمتعلمين بالمعنى الحقيقى لهذه التعبيرات، وهو ما يتطلب إخراج كليات أصول الدين والإكليريكيات من «حارات النصارى وحوارى المسلمين» ودمجها فى نسيج الجامعة المصرية.
* ما رأيك فى تجديد الخطاب الدينى المسيحى فى العالم العربى؟
ــ العالم العربى غنى دينيا وروحيا وماديا، والتجديد يبدأ حينما يتوقف العقل العربى عن انتداب الألوهية فى نقاشاته أو تزكية جهله وكسله وسكونه بجبرية دينية عمياء وتسلط يغطى جهله بالواقع، ولابد من «أنسنة» الخطاب الدينى وإنزاله من برجه العاجى وهو ما يتطلب جهدا روحيا وعلميا وأن يتحول رجال الدين لخدام للإنسان وليسوا متسلطين عليه، والمسيحيون بحكم أنهم يفخرون بكونهم وكلاء على أسرار الله فعليهم عبء وضريبة أكبر ومسئولية أهم فى التجديد والإبداع وإلا سنكون إزاء ردة وثنية ضحى المسيحيون بأرواحهم للخلاص منها، وما أرصده هنا هو حراك تجديدى فى الكنيسة المصرية يدفع له نخبة من شباب الأساقفة والكهنة والرهبان والعلمانيين وهذا يحتاج لعناية فائقة لكى يولد عنه فكر لاهوتى جديد.
* هل تحتاج الأحوال الشخصية للمسيحيين المصريين إلى التطوير؟
ــ لا يروقنى اسم الأحوال الشخصية فهى أحوال عائلية ومجتمعية ومصيرية، وظهر من ردود الأفعال الأخيرة أن قانون الأحوال الشخصية لا يساير أحوال الناس وخلاص نفوسهم وعمار بيوتهم، وتلك الأحوال العائلية هى جزء من منظومة لاهوتية وكنسية ورعوية هدفها «أنا وبيتى فلنعبد الرب» وتأسيس «الكنيسة التى فى بيتك» فإذا حدثت ازدواجية أو انفصام بين كنيسة البيت وكنيسة الحى فهذا معناه أن هناك خللا لاهوتيا ورعويا فى تدبير أمور العائلات، وخاصة تلك التى تعانى من مشكلات زوجية ليست بجديدة بل واجهها المسيحيون الأوائل مثل قضية العائلة المكونة من طرفين أحدهما مسيحى والآخر وثنى، ويكمن تطوير هذا الملف إذا تولاه المتخصصون فى علم النفس والاجتماع بعيدا عن الرُتب الكنسية والقامات الأسقفية والياقات البيضاء، أما الزواج المدنى فهو أمر حديث ظهر فى المجتمعات الغربية نتيجة سيادة الثقافة العلمانية وبرود الشعور الدينى، والزواج المدنى وليد بيئة علمانية والمتدينون يعتبرون لا شرعية كنسية فيه، ولهذا فانتشاره فى الشرق قليل حيث الشعور الدينى سائد، والزواج قرار شخصى حر من كل قيد دينى وله مخاطره ويحتاج إلى دراسة منفردة متعمقة وليس سؤالا وجوابا عابرين.
* «الأب أثناسيوس فى سطور»
مواليد 1952، يحمل الجنسيتين المصرية واليونانية، وأستاذ سابق فى الكلية الإكليركية بالقاهرة، وحصل على بكالوريوس فى الآداب واللغة الإنجليزية من جامعة المنيا، ودبلوم اللاهوت، ودبلوم اللغة القبطية، من الجامعة الكاثوليكية فى باريس، ودكتوراه الفلسفة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة ليموج فى فرنسا، ولديه كتب مثل «مصر فى فكر آباء الكنيسة».
وحنين هو أول كاهن يتم رسامته على الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى اليونان عام 1995 فى عهد البابا المتنيح شنودة الثالث بقرار منه، ويعود له فضل شراء الأرض الحالية لكنيسة السيدة العذراء للأقباط الأرثوذكس بالجهود الذاتية، وهى التى دشنها رسميا البابا تواضروس خلال زيارته فى ديسمبر لليونان، وأوقفه البابا شنودة وقام بشلحه «عزله» وتجريده من رتبة الكهنوت بسبب مخالفات عقائدية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire