خواطر من وحى القبر الفارغ من عقل الله !
الزمان مغلق والمكان سجن !
بقلم : الأب أثناسيوس حنين
ونحن نقترب من اسبوع الالام ووقوف البشرية مع المريمات والتلاميذ فى حيرة يأسة ويأس حائر ’ وقد يتفقون مع شكسبير بأنه"فى السماء والأرض أسرار أكثر مما تتسع لها كل فلسفتنا".
أظهرت دراسة علمية حديثة قام بها باحثون بريطانيون من جامعات اكسفورد ورويال هول ويوى ولندن وأيضا من جامعات ملبورن واوتواوا ونيوزيلندا بأن المتدينون والملحدون يلتقون فى مواجهة الموت ’ وتم نشر الدراسة فى فى الدورية العلمية
(Religion, Brain and Behavior)
(العقل بين الدين والسلوك)
قام العلماء بفحص وتحليل مائة بحثا تمت بين عامى 1961 و2015 تتناول قضية العلاقة بين الخوف والقلق و الموت ’ ولقد شملت الدراسات والابحاث 26 الف شخص من مختلف الاجناس والاديان والهويات من كل العالم . نقول أظهرت الدراسات ان المتدينون والملحدون !هم أقل الناس قلقا أمام ظاهرة الموت ’كما أظهرت أن، 18 فى المائة من الدراسات بأن المتدينيين هم أكثر الناس خوفا من الموت ’بينما 52 فى المائة ’ أثبتت بأنه لا يوجد علاقة بين الاثنين .انتهت عشرة أبحاث من بين المائة نتيجة واضحة وخلاصتها ان الملحدون والمؤمنين هم اقل الناس خوفا امام الموت !
موت العقل وقتل الطموح ’أمام قبر الوجود الفارغ من العقل – اللوغوس ! ’ تصدمنا ملاحظة السيد للباكين عليه (لا تبكين على بل أبكين على أنفسكن ! ) . وكـأن السيد يقول أن مأساة موت العقل – اللوغوس هى مشكلة انسانية بحتة. أمام القبر الكونى الفارغ من المعنى ’ ندرك مع المفكر اليونانى الملحد ! نيكوس كاتنزانزاكيس بأن كل وجودنا ينحصر فى حفرتين ’ قد خرجنا من حفرة الرحم وننتهى الى حفرة القبر ! لكى نتسأل أمام موت الحياة :
من هو الذى زرعنا فى هذه الأرض(الولادة ) ’ بدون أن يسألنا ؟
من هو الذى يخلعنا من هذه الأرض(الموت) بدون أن يسألنا ؟
الى متى سوف نستمر فى ألبحث عن مبرر واحد لوجودنا؟
نحن ما الا فقراء ’ معدمون ’ جالسون على قارعة طريق الوجود ’ نراقب العالم وهو يمضى والناس يسيل لعابهم وهم يجدون فى البحث عن معنى فى أزقة وحوارى ألاباطيل !
يرضى العقل بالاباطيل ويصنع معها عقدا لكى ما يصنع أعمالا عظيمة فى داخل سجن هذه الدنيا وأن يكتب على حوائط السجن شعارات كبيرة وعبارات رنانة ’ ويرسم على قيوده رموز الحرية ’ بينما القلب لا يستريح ’ ويئن لكى ما ينزع القيود الحديدية ويحولها فى لحظات أشراقات الى نسور عقلية !ولكن سرعان ما يمسك بتلابيب القلب الخوف العظيم أمام قبر الكون الفارغ ! ليس هو ها هنا (مرقس 16’6)! لا يوجد معنى ولا عقل ولا هدف للوجود !
هنا لابد من أن نتخلص من الراحة الساذجة التى يعدك بها العقل بأن يخضع الظواهر ويضع لها نظاما !
نتخلص ’ أيضا ’ من فزع القلب العظيم والذى يطلب ويترجى أن يجد جوهر الظواهر !
أمام قبر الحياة الخالى من المعنى ’ نحن لسنا الا أكياس من البلاستيك فى بقعة ملأنة عظاما ودم وعرق ودموع ورغبات ورؤى !وسؤال العقل الكونى للانسان هو "يا بنى أدم ’أتحيا هذه العظام "؟حزقيال 37
اذا ما أدركنا عمق هذا الكشف بحق ’ من أنه لا يوجد معنى حقيقى ! سوف لا نطلب شيئا ’ ولن نخاف شيئا ’ لقد تحررنا من سجن العقل ومن شجون القلب ’ لقد صعدنا الى أعلى ’ لا نطلب شيئا .عاشت الحرية !
أن أكبر خطيئة فى معركة الحياة والوجود هى الراحة من السؤال الجذرى أو الهروب من الاجابة الى قدرية مائتة وكسل عقلى :(أنت تعلم يا سيد)!حزقيال 37 أن خطيئة المحاربين هى أنهم لا يتسألون ! لهذا فالأموات لا يقومون آ بل يصرخون داخلك (لا تموت لكى لا نموت ! )
ما معنى السعادة ؟
أن نعيش ونتقبل كل التعاسة !
ما معنى النور ؟
أن تخترق عيوننا المفتوحة كل الظلام !
أن جوهر ألهنا هو السعى الدائم والذى يلتقى فيه ويعمل فيه الالم والفرح والرجاء.
أن جل عملنا الانسانى فى هذه الدنيا ليس هو أن نعد على الله خطواته ’بقدر ما هو أن نوفق حياتنا القصيرة والقليلة حسب عقل الله ’ وهنا سوف ننجح ’ نحن الزائلون ’ فى أن نصنع شيئا باقيا لأننا نعمل ما الباقى دوما والذى لا يموت . ان لقائنا مع جوهر الوجود فى القبر الفارغ الباقى’ سوف يمكننا من العودة لكى ما نكتشف قيمة كبرى فى الظواهر الزائلة .
أن الهنا ’ اله القبر الفارغ ’ ليس هو الها جبارا ’ قويا ’ متفردا ’ يميت من يشاء ’ ويحيى من يشاء ’ ليس هو اله متسلط يدخل فجأة وبلا استئذان وبلا ميعاد مسبق الى عرس الحياة الحضارى لكى ما يقذف كرسى فى الكلوب ويقفل الفرح !
أن الهك هو اله مكافح لا يحيى ولا يميت ’ هذا فكر يهودى قديم وقد تجدد ’ اذ ان الرب عندهم يميت ويحيى لأن كتابهم يرجع كل حادث دنيوى الى الخالق فى السببية الشاملة وفى غياب الفكر الفسفى وفى انعدام التمييز بين سبب الخير وسبب الشر ’ وفوق ذلك كله هو سحق حرية الانسان فى أن يقول نعم ولا لله نفسه ! ’ الأمر يختلف تمتما فى رؤية القبر الفارغ ’ الهنا لا يميت ويحيى بل يشارك هو الانسانية فى كل شئ و يموت هو ويحيا بعرقه وتعبه الذى كان يتصبب فى بستان ’الالام الكونى’ كالدم ! ان الهنا ’ هواله القبر الفارغ ’ ليس هو الذى يأمر ويتسلط ’ بل هو الذى يرتعب أمام قضية الموت وويصرخ و يبكى ويترجى ويستأذن (أن أمكن أن تجوز عنى هذه الكأس ) هذه هو ضعف الهنا الذى يتقبلنا تقبلا ولا يغتصبنا اغتصابا !’
أن الهنا ليس هو السوبرمان ’ المحارب ’المنتصر دوما ’ بل لقد أنهزم ’ وقتيا’ فى القبر ! ولكنه حول ’ القبر الفارغ ’ بسعيه وفهمه وتعاونه وتسليمه وفوق الكل انسانيته وحبه الى معنى ونصرة وتجديد ورؤية.
أن الهنا اله (القبر الفارغ ) ليس هو اله مستريح منذ صباه ’ ومستقر فى ملذاته وسكره وعربدته وأسلحته ’ مثل أله موأب قديما وألهة الحرب والفوضى والعبث الفكرى ’ حديثا(أرميا 48 ’11)
أن الهنا ’ اله القبر الفارغ ’ لا يقين لديه فى النصرة ’ بل هو يسلم مصيره للحياة كلها ’ لا يوجد قدرية وراء القبر الفارغ ’ وكما لا يوجد جبرية ’ بل حرية (لتكن لا ارادتى ’مع انه يمكننى ان ابحث عن حلولا كثيرة جوهرية أو شكلية للهروب من مأساة القبر واشكالية الموت ’ بل ارادتك ’لانها ارادة الحياة ومعنى الوجود والتى بقبولى لها فيك وبك ’ أحقق الوجود كله فى وجودى وأقف مع العظماء امام تفاهة العالم وكأبة الوجود وخيانة الكثيرين ! وهذا هو كل معنى صيرورة الله انسانا )الثيؤسيس وشركة الطبيعة والحرية والتوبة والتغيير والتجديد وكل ما يقال اليوم بعد أن تم تفريغه وتجريفه من أرضه الانسانية وخصوبته )!
الهنا هو اله راهن على كل شئ ’ كل شئ أو لا شئ !
Either All or Nothing at All !
ان نخلص معا أو نهلك معا ! لأننا وبشركتنا معه ’ وليست شلتنا معه ! لا يمكن أن نخلص بدونه ’ لاهوتيا ’ وكما أنه لا يمكن أن يخلص بدوننا ’ ناسوتيا ! لا يمكن أن ننجو نحن وهو لا ينجو ’ كما لا يمكن أن ينجو هو ونحن لا ننجو ! هو مساوى لله فى جوهر اللاهوت ونحن مساويون له فى جوهر الناسوت !
أمام القبر الفارغ ’ ندرك أن الكل ’ كل شئ الحياة الدين والأفكار والعشيرة والأرض والحب والعشق والجنس ’ هى أمور باطلة ووقتية وزائلة وظواهر نسبية على رأى صديقى وأبى العقلى مراد وهبة ’ ولكنها تصير أمورا مطلقة وجوهرية وباقية وانسانية ’ حينما نقرر ’ نحن ’ أن نترك الله يصعد عليها وينزل !
ما هى حياتنا ؟
أنها تجند فى خدمة اله القبر الفارغ ؟ لقد أقمنا حروبا لكى ما نخلص القبر المقدس الفارغ ! من أعداء الحياة الناطقة فى الحجر !
لكننا نعلم أن الهنا (ليس هو ها هنا ! ) لأن القبر المقدس صار هو قلب الانسان المتعقلن وعقله المتقولب ’ والذى صار غرفة انعاش ’ يرقد فيه الله حيا أو ميتا ’ وجودا أو عدما ’ حسب أرادتنا ’ ويصارع مع الموت فينا ’ حسب طلبنا ’ ويصرخ طالبا المعونة"أيلى أيلى لما شبقتنى ؟" متى 27’ 45! هلموا لنهب لنساعد الهنا على القيامة من قبر عقولنا المظلم فى حرب لاهوتوانسانية مقدسة ’ وليست دينية متعفنة !
لقد أعطى الله الهنا بموته ! شعار المعركة ’ معركة العقل الكبرى ! وليس أمامنا سوى واحد من خيارين :
أن نتجند فى المعركة ’ معركة الحياة وانقاذ العقل ’
أو أن نحسب هاربون من الخدمة الاختيارية !
هنا تأتى الصلاة
ما هى الصلاة ؟
الصلاة ليست هى عدم الاحساس بالكون فى رواقية نفسانية أو عبادة الأصنام والأشخاص فى بوذية مستكبرة ’ بل هى التوجع ’ مع المسيح ’ حتى الشك فى أن الله قد تركه وتركنا فيه !
الصلاة هى طرح سؤال مصيرى وجذرى نطرحه على الله : ألهى الهى لماذا تركتنا ؟ الى متى يارب؟
الصلاة ليست هى صراخ شحاتين على باب الرحمن ! ’ ولا هى الحاح متسولين على قارعة طريق الوجود !
الصلاة ليست هى أن نقدم استقالتنا لله عن دورنا فى ترتيبت شئون الكون
الصلاة ليست هى اعترافات عاشق (متدين) يهيم على وجه من فرط الشبق !
الصلاة ليست هى علاقة تجارية ’ تحسب حساب الربح والخسارة ’ وتعاطى بنفسية
أعطنى لكى أعطيك والحسنات يذهبن السيئات ! ومن قدم شئ بيداه التقاه وهنيالك يا فاعل الخير والثواب ! هذه كلها صارت أخلاق المسيحيين ! ومن جاور الحداد ’ بلا قفازات حرارية – ثقافية ’ اتحرق بناره !
الصلاة هى تقرير عقلانى ومنطقى ووجودى يقدمه الجندى المحارب لقائده فى ساحة معركة الوجود المصيرية ! لهذا رتلنا للعذراء فى مدائح الصوم العظيم (يا جندية محاربة !)
تقرير يقول ما أنجزنا اليوم ’ ويكفى اليوم تقريره ! فى معاركنا الوجودية وغزواتنا الفكرية وأنجازاتنا الانسانية ’
تقرير يعترف بصعوبات المعركة وتشعب دروبها وتعدد مساراتها وغموض أعدائها ! ولكن يفرح بحلاوة انتصاراتها وجمال غزواتها
تقرير يقول ما هى خطتنا لليوم التالى الذى ليس هو تالى بل هو أنى يبدأ اليوم ’ اليوم الثامن !
الصلاة هى شركة مع كل من شاركوا فى كتابة تاريخ البشرية بدم عقولهم المنسكبة حبرا فى أقلامهم وسيرتهم ’ أى خبرة القديسين بالمعنى الواسع للكلمة ’ الذين نناجيهم ويناجوننا ونكتب ونتكلم عند أملائهم ’ واذا كانوا لا يستكتبوننا ’ فنحن أتفه جميع الناس لأننا نعرف أنهم ’ أى العظماء فى الروح ’ أنقذونا من محن كثيرة أدعوناهم صراحة أم لم ندعهم .هذه أبعاد فى الوجود لا يعرفها الا الذائقون (المطران جورج خضر ,وجوه غابت رؤى فى الموت ’ بيروت 2009 ص12).
نحن نجلس فى المعركة ’ معركة الوجود ’مع قائدنا على نفس المائدة’ نأكل نفس الطعام ’ نحتسى نفس الكأس ’ نتشارك فى ذات الهموم ’ نسكر بنفس الخمر ’ على مقهى الأرض المتواضع ’ لقد صار الهنا هو مأكلنا ومشربنا كما نقول فى اللاهوت !
ما هو جوهر الهنا ’ اله القبر الفارغ ؟
أن جوهر الهنا ’ اله القبر الفارغ ’ هو الجهاد من أجل الحرية ؟ يبحث الهنا ’ قائدنا ’ وسط قيود الموت وأغلال ظلام العقل وتخلى الجميع وخيانة التلميذ وتوبة اللص ’ يبحث الهنا فى سوق عكاظ البشرية !عن مخرج انسانى لمأساة الانسان ’ الذى يترنح’ راضيا مرضيا ’ بين انغلاقية الزمان وسجن المكان
ان حضارة الانسان هى سعيه لهدم أسوار سجن المكان ’ وفتح طاقات فى حوائط الزمان المغلق ’ الحضارة هى تحقيق انسانية الانسان وحريته ويقينه بأنه لا سلطان لقوة أرضية عليه ’ ان لم يعطاه من فوق من العقل الكونى والكون العاقل !
لا يفرض الهنا ’ اله القبر الفارغ’ ارادته الخاصة على أحد ’ بل ينكرها ويسحقها ويقدمها حبا ويقبل دفنها فى سبيل نجاة الجميع ويترجى ارادة الأب (لتكن لا ارادتى بل ارادتك ).لهذا نعود ونكرر نكرر ان المسيحيانية (الخرستولوجية) المستقيمة ليست لغطا فكريا بل هى ’ فى وسط التشنج التقوى والجفاف اللاهوتى والعصبيات القومية ’ ضرورة وجود وملء جديد فى قبر لاهوتنا الفارغ .
الزمان مغلق والمكان سجن !
بقلم : الأب أثناسيوس حنين
ونحن نقترب من اسبوع الالام ووقوف البشرية مع المريمات والتلاميذ فى حيرة يأسة ويأس حائر ’ وقد يتفقون مع شكسبير بأنه"فى السماء والأرض أسرار أكثر مما تتسع لها كل فلسفتنا".
أظهرت دراسة علمية حديثة قام بها باحثون بريطانيون من جامعات اكسفورد ورويال هول ويوى ولندن وأيضا من جامعات ملبورن واوتواوا ونيوزيلندا بأن المتدينون والملحدون يلتقون فى مواجهة الموت ’ وتم نشر الدراسة فى فى الدورية العلمية
(Religion, Brain and Behavior)
(العقل بين الدين والسلوك)
قام العلماء بفحص وتحليل مائة بحثا تمت بين عامى 1961 و2015 تتناول قضية العلاقة بين الخوف والقلق و الموت ’ ولقد شملت الدراسات والابحاث 26 الف شخص من مختلف الاجناس والاديان والهويات من كل العالم . نقول أظهرت الدراسات ان المتدينون والملحدون !هم أقل الناس قلقا أمام ظاهرة الموت ’كما أظهرت أن، 18 فى المائة من الدراسات بأن المتدينيين هم أكثر الناس خوفا من الموت ’بينما 52 فى المائة ’ أثبتت بأنه لا يوجد علاقة بين الاثنين .انتهت عشرة أبحاث من بين المائة نتيجة واضحة وخلاصتها ان الملحدون والمؤمنين هم اقل الناس خوفا امام الموت !
موت العقل وقتل الطموح ’أمام قبر الوجود الفارغ من العقل – اللوغوس ! ’ تصدمنا ملاحظة السيد للباكين عليه (لا تبكين على بل أبكين على أنفسكن ! ) . وكـأن السيد يقول أن مأساة موت العقل – اللوغوس هى مشكلة انسانية بحتة. أمام القبر الكونى الفارغ من المعنى ’ ندرك مع المفكر اليونانى الملحد ! نيكوس كاتنزانزاكيس بأن كل وجودنا ينحصر فى حفرتين ’ قد خرجنا من حفرة الرحم وننتهى الى حفرة القبر ! لكى نتسأل أمام موت الحياة :
من هو الذى زرعنا فى هذه الأرض(الولادة ) ’ بدون أن يسألنا ؟
من هو الذى يخلعنا من هذه الأرض(الموت) بدون أن يسألنا ؟
الى متى سوف نستمر فى ألبحث عن مبرر واحد لوجودنا؟
نحن ما الا فقراء ’ معدمون ’ جالسون على قارعة طريق الوجود ’ نراقب العالم وهو يمضى والناس يسيل لعابهم وهم يجدون فى البحث عن معنى فى أزقة وحوارى ألاباطيل !
يرضى العقل بالاباطيل ويصنع معها عقدا لكى ما يصنع أعمالا عظيمة فى داخل سجن هذه الدنيا وأن يكتب على حوائط السجن شعارات كبيرة وعبارات رنانة ’ ويرسم على قيوده رموز الحرية ’ بينما القلب لا يستريح ’ ويئن لكى ما ينزع القيود الحديدية ويحولها فى لحظات أشراقات الى نسور عقلية !ولكن سرعان ما يمسك بتلابيب القلب الخوف العظيم أمام قبر الكون الفارغ ! ليس هو ها هنا (مرقس 16’6)! لا يوجد معنى ولا عقل ولا هدف للوجود !
هنا لابد من أن نتخلص من الراحة الساذجة التى يعدك بها العقل بأن يخضع الظواهر ويضع لها نظاما !
نتخلص ’ أيضا ’ من فزع القلب العظيم والذى يطلب ويترجى أن يجد جوهر الظواهر !
أمام قبر الحياة الخالى من المعنى ’ نحن لسنا الا أكياس من البلاستيك فى بقعة ملأنة عظاما ودم وعرق ودموع ورغبات ورؤى !وسؤال العقل الكونى للانسان هو "يا بنى أدم ’أتحيا هذه العظام "؟حزقيال 37
اذا ما أدركنا عمق هذا الكشف بحق ’ من أنه لا يوجد معنى حقيقى ! سوف لا نطلب شيئا ’ ولن نخاف شيئا ’ لقد تحررنا من سجن العقل ومن شجون القلب ’ لقد صعدنا الى أعلى ’ لا نطلب شيئا .عاشت الحرية !
أن أكبر خطيئة فى معركة الحياة والوجود هى الراحة من السؤال الجذرى أو الهروب من الاجابة الى قدرية مائتة وكسل عقلى :(أنت تعلم يا سيد)!حزقيال 37 أن خطيئة المحاربين هى أنهم لا يتسألون ! لهذا فالأموات لا يقومون آ بل يصرخون داخلك (لا تموت لكى لا نموت ! )
ما معنى السعادة ؟
أن نعيش ونتقبل كل التعاسة !
ما معنى النور ؟
أن تخترق عيوننا المفتوحة كل الظلام !
أن جوهر ألهنا هو السعى الدائم والذى يلتقى فيه ويعمل فيه الالم والفرح والرجاء.
أن جل عملنا الانسانى فى هذه الدنيا ليس هو أن نعد على الله خطواته ’بقدر ما هو أن نوفق حياتنا القصيرة والقليلة حسب عقل الله ’ وهنا سوف ننجح ’ نحن الزائلون ’ فى أن نصنع شيئا باقيا لأننا نعمل ما الباقى دوما والذى لا يموت . ان لقائنا مع جوهر الوجود فى القبر الفارغ الباقى’ سوف يمكننا من العودة لكى ما نكتشف قيمة كبرى فى الظواهر الزائلة .
أن الهنا ’ اله القبر الفارغ ’ ليس هو الها جبارا ’ قويا ’ متفردا ’ يميت من يشاء ’ ويحيى من يشاء ’ ليس هو اله متسلط يدخل فجأة وبلا استئذان وبلا ميعاد مسبق الى عرس الحياة الحضارى لكى ما يقذف كرسى فى الكلوب ويقفل الفرح !
أن الهك هو اله مكافح لا يحيى ولا يميت ’ هذا فكر يهودى قديم وقد تجدد ’ اذ ان الرب عندهم يميت ويحيى لأن كتابهم يرجع كل حادث دنيوى الى الخالق فى السببية الشاملة وفى غياب الفكر الفسفى وفى انعدام التمييز بين سبب الخير وسبب الشر ’ وفوق ذلك كله هو سحق حرية الانسان فى أن يقول نعم ولا لله نفسه ! ’ الأمر يختلف تمتما فى رؤية القبر الفارغ ’ الهنا لا يميت ويحيى بل يشارك هو الانسانية فى كل شئ و يموت هو ويحيا بعرقه وتعبه الذى كان يتصبب فى بستان ’الالام الكونى’ كالدم ! ان الهنا ’ هواله القبر الفارغ ’ ليس هو الذى يأمر ويتسلط ’ بل هو الذى يرتعب أمام قضية الموت وويصرخ و يبكى ويترجى ويستأذن (أن أمكن أن تجوز عنى هذه الكأس ) هذه هو ضعف الهنا الذى يتقبلنا تقبلا ولا يغتصبنا اغتصابا !’
أن الهنا ليس هو السوبرمان ’ المحارب ’المنتصر دوما ’ بل لقد أنهزم ’ وقتيا’ فى القبر ! ولكنه حول ’ القبر الفارغ ’ بسعيه وفهمه وتعاونه وتسليمه وفوق الكل انسانيته وحبه الى معنى ونصرة وتجديد ورؤية.
أن الهنا اله (القبر الفارغ ) ليس هو اله مستريح منذ صباه ’ ومستقر فى ملذاته وسكره وعربدته وأسلحته ’ مثل أله موأب قديما وألهة الحرب والفوضى والعبث الفكرى ’ حديثا(أرميا 48 ’11)
أن الهنا ’ اله القبر الفارغ ’ لا يقين لديه فى النصرة ’ بل هو يسلم مصيره للحياة كلها ’ لا يوجد قدرية وراء القبر الفارغ ’ وكما لا يوجد جبرية ’ بل حرية (لتكن لا ارادتى ’مع انه يمكننى ان ابحث عن حلولا كثيرة جوهرية أو شكلية للهروب من مأساة القبر واشكالية الموت ’ بل ارادتك ’لانها ارادة الحياة ومعنى الوجود والتى بقبولى لها فيك وبك ’ أحقق الوجود كله فى وجودى وأقف مع العظماء امام تفاهة العالم وكأبة الوجود وخيانة الكثيرين ! وهذا هو كل معنى صيرورة الله انسانا )الثيؤسيس وشركة الطبيعة والحرية والتوبة والتغيير والتجديد وكل ما يقال اليوم بعد أن تم تفريغه وتجريفه من أرضه الانسانية وخصوبته )!
الهنا هو اله راهن على كل شئ ’ كل شئ أو لا شئ !
Either All or Nothing at All !
ان نخلص معا أو نهلك معا ! لأننا وبشركتنا معه ’ وليست شلتنا معه ! لا يمكن أن نخلص بدونه ’ لاهوتيا ’ وكما أنه لا يمكن أن يخلص بدوننا ’ ناسوتيا ! لا يمكن أن ننجو نحن وهو لا ينجو ’ كما لا يمكن أن ينجو هو ونحن لا ننجو ! هو مساوى لله فى جوهر اللاهوت ونحن مساويون له فى جوهر الناسوت !
أمام القبر الفارغ ’ ندرك أن الكل ’ كل شئ الحياة الدين والأفكار والعشيرة والأرض والحب والعشق والجنس ’ هى أمور باطلة ووقتية وزائلة وظواهر نسبية على رأى صديقى وأبى العقلى مراد وهبة ’ ولكنها تصير أمورا مطلقة وجوهرية وباقية وانسانية ’ حينما نقرر ’ نحن ’ أن نترك الله يصعد عليها وينزل !
ما هى حياتنا ؟
أنها تجند فى خدمة اله القبر الفارغ ؟ لقد أقمنا حروبا لكى ما نخلص القبر المقدس الفارغ ! من أعداء الحياة الناطقة فى الحجر !
لكننا نعلم أن الهنا (ليس هو ها هنا ! ) لأن القبر المقدس صار هو قلب الانسان المتعقلن وعقله المتقولب ’ والذى صار غرفة انعاش ’ يرقد فيه الله حيا أو ميتا ’ وجودا أو عدما ’ حسب أرادتنا ’ ويصارع مع الموت فينا ’ حسب طلبنا ’ ويصرخ طالبا المعونة"أيلى أيلى لما شبقتنى ؟" متى 27’ 45! هلموا لنهب لنساعد الهنا على القيامة من قبر عقولنا المظلم فى حرب لاهوتوانسانية مقدسة ’ وليست دينية متعفنة !
لقد أعطى الله الهنا بموته ! شعار المعركة ’ معركة العقل الكبرى ! وليس أمامنا سوى واحد من خيارين :
أن نتجند فى المعركة ’ معركة الحياة وانقاذ العقل ’
أو أن نحسب هاربون من الخدمة الاختيارية !
هنا تأتى الصلاة
ما هى الصلاة ؟
الصلاة ليست هى عدم الاحساس بالكون فى رواقية نفسانية أو عبادة الأصنام والأشخاص فى بوذية مستكبرة ’ بل هى التوجع ’ مع المسيح ’ حتى الشك فى أن الله قد تركه وتركنا فيه !
الصلاة هى طرح سؤال مصيرى وجذرى نطرحه على الله : ألهى الهى لماذا تركتنا ؟ الى متى يارب؟
الصلاة ليست هى صراخ شحاتين على باب الرحمن ! ’ ولا هى الحاح متسولين على قارعة طريق الوجود !
الصلاة ليست هى أن نقدم استقالتنا لله عن دورنا فى ترتيبت شئون الكون
الصلاة ليست هى اعترافات عاشق (متدين) يهيم على وجه من فرط الشبق !
الصلاة ليست هى علاقة تجارية ’ تحسب حساب الربح والخسارة ’ وتعاطى بنفسية
أعطنى لكى أعطيك والحسنات يذهبن السيئات ! ومن قدم شئ بيداه التقاه وهنيالك يا فاعل الخير والثواب ! هذه كلها صارت أخلاق المسيحيين ! ومن جاور الحداد ’ بلا قفازات حرارية – ثقافية ’ اتحرق بناره !
الصلاة هى تقرير عقلانى ومنطقى ووجودى يقدمه الجندى المحارب لقائده فى ساحة معركة الوجود المصيرية ! لهذا رتلنا للعذراء فى مدائح الصوم العظيم (يا جندية محاربة !)
تقرير يقول ما أنجزنا اليوم ’ ويكفى اليوم تقريره ! فى معاركنا الوجودية وغزواتنا الفكرية وأنجازاتنا الانسانية ’
تقرير يعترف بصعوبات المعركة وتشعب دروبها وتعدد مساراتها وغموض أعدائها ! ولكن يفرح بحلاوة انتصاراتها وجمال غزواتها
تقرير يقول ما هى خطتنا لليوم التالى الذى ليس هو تالى بل هو أنى يبدأ اليوم ’ اليوم الثامن !
الصلاة هى شركة مع كل من شاركوا فى كتابة تاريخ البشرية بدم عقولهم المنسكبة حبرا فى أقلامهم وسيرتهم ’ أى خبرة القديسين بالمعنى الواسع للكلمة ’ الذين نناجيهم ويناجوننا ونكتب ونتكلم عند أملائهم ’ واذا كانوا لا يستكتبوننا ’ فنحن أتفه جميع الناس لأننا نعرف أنهم ’ أى العظماء فى الروح ’ أنقذونا من محن كثيرة أدعوناهم صراحة أم لم ندعهم .هذه أبعاد فى الوجود لا يعرفها الا الذائقون (المطران جورج خضر ,وجوه غابت رؤى فى الموت ’ بيروت 2009 ص12).
نحن نجلس فى المعركة ’ معركة الوجود ’مع قائدنا على نفس المائدة’ نأكل نفس الطعام ’ نحتسى نفس الكأس ’ نتشارك فى ذات الهموم ’ نسكر بنفس الخمر ’ على مقهى الأرض المتواضع ’ لقد صار الهنا هو مأكلنا ومشربنا كما نقول فى اللاهوت !
ما هو جوهر الهنا ’ اله القبر الفارغ ؟
أن جوهر الهنا ’ اله القبر الفارغ ’ هو الجهاد من أجل الحرية ؟ يبحث الهنا ’ قائدنا ’ وسط قيود الموت وأغلال ظلام العقل وتخلى الجميع وخيانة التلميذ وتوبة اللص ’ يبحث الهنا فى سوق عكاظ البشرية !عن مخرج انسانى لمأساة الانسان ’ الذى يترنح’ راضيا مرضيا ’ بين انغلاقية الزمان وسجن المكان
ان حضارة الانسان هى سعيه لهدم أسوار سجن المكان ’ وفتح طاقات فى حوائط الزمان المغلق ’ الحضارة هى تحقيق انسانية الانسان وحريته ويقينه بأنه لا سلطان لقوة أرضية عليه ’ ان لم يعطاه من فوق من العقل الكونى والكون العاقل !
لا يفرض الهنا ’ اله القبر الفارغ’ ارادته الخاصة على أحد ’ بل ينكرها ويسحقها ويقدمها حبا ويقبل دفنها فى سبيل نجاة الجميع ويترجى ارادة الأب (لتكن لا ارادتى بل ارادتك ).لهذا نعود ونكرر نكرر ان المسيحيانية (الخرستولوجية) المستقيمة ليست لغطا فكريا بل هى ’ فى وسط التشنج التقوى والجفاف اللاهوتى والعصبيات القومية ’ ضرورة وجود وملء جديد فى قبر لاهوتنا الفارغ .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire