النكتة اللاهوتية !
دعوة للمرح ’ الذكى ’ البرئ !
الأب أثناسيوس حنين – اليونان
كنت قد قررت التوقف عن الكتابة ’ مؤقتا للراحة والتقاط الأنفاس نفس نفس ’ ولكن هل يستطيع مدمن محترف أن يتوقف عن تعاطى (الجرعة ! ) ’ وهل يستطيع أحدنا مهما تذاكى من أن يمنع طيور الكلام السارحة ونسور الفكر الجارحة من التحليق فوق رأسه ؟ ’ بل وليسامحنى الشيخ الروحانى من التعشيش فى أم رأسه ! لقد أصابنى هذا المقال صباح اليوم 16 أغسطس 2016 وبعد أن عيدنا وطنيا وشعبيا وقوميا لأم اليونانيين وأم الدنيا وأم النور كله مريم ’ حينما وجدت على باب البيت مظروف من "الابوستولكى دياكونيا" للكنيسة اليونانية أى هيئة الخدمة الرسولية وهى التى تتولى النشر وأصدار كافة ما يخص الرعاية من كتب ليتورجية ومؤلفات لاهوتية ونصوص أبائية وشروحات كتابية ’ كما تقوم باعلام الأباء الاساقفة والكهنة اللاهوتيين ’ وفى اليونان كل اسقف وكاهن هم لاهوتيون ! بكل جديد على الساحة اللاهوتية والعلمية والوطنية وبالمجان وعلى عنوانيهم الشخصية ! ’’ بل وتقوم بتقديم المنح الدراسية لمن يرغب فى دراسة اللاهوت من كافة أرجاء العالم وقد نالت الكنيسة القبطية ومبعوثيها ’ ومنهم من تبوأ مناصب كهنوتية كبيرة ’ نصيبا كبيرا من عناية هذه الهيئة الموقرة . المهم فتحت المظروف واذ به بحث وثائقى تاريخى ولاهوتى راق لرئيس أساقفة اليونان كيريوس كيريوس أيرينيؤس يحلل فيه تاريخيا ووثائقيا وبكلمات لاهوتية وتاريخية قليلة تمنع بلاوى كثيرة عن هذا البلد الجميل ’ والمستهدف من العثمانيين والاردوغانيين الجدد ! الذى هو اليونان .
بادئ ذى بدء يجدر بنا القول ’ لمن لا يعرف من القراء الداخل اليونانى ’ بأن هناك صرعة مريضة ولا أقول صرخة صحيحة ’ جديدة فى اليونان وعلى معظم اليونانيين الحسنى العبادة ’ تنادى بفصل الكنيسة عن الدولة ’ وأتباع هذا النهج هم من المتؤربين بلا ثقافة أوروبية حقيقية سوى الرتوش العلمانية والمتعلمنة ! والرجل ’ أى رئيس الاساقفة ’ يوثق تاريخيا ويحلل لاهوتيا وواقعيا قضية العلاقة بين الدولة والكنيسة ’ وفضل الأخيرة على الأولى ’ منذ مشاركة الكنيسة بأموالها وأكليروسها ’ فى تحرير اليونان من العثمانيين الظلاميين والظالمين ’ بل وحفظ هوية وذاكرة الأمة اليونانية أثناء 400 سنة من الظلامية العثمانية ’ لم يتعلم فيها اليونانيون كلمة تركية واحدة ’ اذا كانوا يعلمون اولادهم وشعبهم اللغة اليونانية القديمة فى المغاير وشقوق الأرض !!! ’ والجدير بالذكر ’ كما قال سيدنا ’ أنه يذكر أن فى عام 1822 ومباشرة بعد حرب الاستقلال وبسبب من عدم وجود نقود ’ فى خزانة الحكومة الناشئة ’ تغطى احتياجات استمرار معركة التحرير وبدايات بناء الدولة اليونانية الحديثة ! ’ أرسل الاسقف يوسيف أندروسوس رسالة الى الحكومة المؤقتة لليونان الخارجة توا من حياة والأم الاستعمار العثمانى البغيض ’ يقترح فيها أن يتم أعطاء كل الادوات والاوانى الذهبية والنذور والايقونات المذهبة فى جميع الكنائس اليونانية والأديرة فيما عدا أوانى الهياكل أى الكأس والصينية ’ الى الحكومة لكى ما تودعا خزينة الدولة الفارغة ’ وتحولها الى نقود تصرف منها على الجيش وعلى مؤسسات الحكومة ! قال هذا كله رئيس الاساقفة اليونانى الرائع والمتواضع والمحب لمصر ولكل المصريين ’ قال ليرد على موجه من المحدثين النعمة فى اليونان والذين يبحثون عن (علمنة ) البلد’ أى فصل الروح عن الجسد ! ’ بلا تهيئة للبنية التحتية للبلد لمثل هذه التحولات الثقافية والتاريخية والسياسية ’ وأن كان اللاهوتيون اليونانيون على دراية كبيرة بموجات العلمنة الكونية ويتفاعلون معها بشكل لاهوتى وانسانى وكنسى رفيع المستوى ! وهذ موضوع أخر ! ’ ومن ضمن اقتراحاتهم ’ على سبيل المثال لا الحصر ’ وهنا سنقف قليلا لنضحك على العلمانيين وعلى أنفسنا معهم ! يقترحون أن يتم اصدار قانون بحرق الميتين بدلا من دفنهم !’ وهنا أصابتنى موجة من الضحك الكئيب ’ كنت فى حاجة اليها ماسة ’ والقيت نظرة على كتبى واصدقائى لعلى أجد معزيا أخر يأخذنى الى واحة من الهدوء والتسلية لئلا يبتلع الحزن نفسى وتأكل الكأبة ما تبقى من طاقات ومخزون المرح الصعيدى فى داخل خلقات نفسى ! وقررت أن لا أضحك وحدى ’ فالقراء الذين نبكيهم كثيرا ويحملون الهمموم معنا وعنا مرات ’ لهم الحق أن يضحكوا معى وعلينا ولو مرة !’ وهم قرائى وأصدقائى وأبائى الذين أحبهم بالحق ’ ولأن الأعمال بالنيات ولكل أمرئ ما نوى ! فقد وقع بصرى على كتاب قد نسيته وسط زحام مكتبتى وهو (النكتة السياسية –دار سفنكس للنشر 1990 ) وكان قد أهداه لى أحد أصدقائى الظرفاء ونسيه أو أنا تناسيته !!! للكاتب الرائع عادل حمودة ’ وقلت وليه لا ما نكتبش عن النكتة اللاهوتية ’ هو حرام يعنى والا حرام يعنى ! ردت على نفسى الأمارة بالخير وقالت لى بالصعيدى : لع لع لع مش حرام !
قلت لنفسى ما دام العلمانيون الجدد فى اليونان عاوزين يطلعوا قانون بحرق الميت ’ ووضع رماده فى قزازة ورميها فى البحر !!! ايوه صحيح ’ صدقونى دا كلام رسمى فى اليونان المسيحية الارثوذكسية أساس كل علوم اللاهوت والفلسفة الراقية فى العالم ’ ! أنا لسة بعقلى يا أصدقائى ما تقلقوش على ! يعنى يبقى حرق الميت مش شتيمة ’ ده يبقى أمنية ’ ومش شماتة ’ ده مواساة ’ ويبقى كده المصريون صاروا هم أوائل المبدعون فى هذا المجال وها يفرحوا لما يقولوا لبعض ( الله يحرق ميتين أبوك !) ’ ولما يرموا رماده فى البحر ’ لو يونانى بنطيوس صعيدى دمه خفيف ها يطلع السمك يضحك ! الحرق صار ’ عند المتعلمنين من اليونانيين ’ موضة ’ وممكن تطلع مكاتب حرق تحرق حسب الطلب ’ عاوز ميت مشوى والا نص سوى يعنى محروق نص ونص والا أذا كنت بتحبه عمى ’ نحرقه فحمة ! وممكن كمان نولع بفحمه الجوزة فى قعدة مزاج !!! وطبعا علشان ريحة الحرق تبقى حلوة ’ ممكن يتم الحرق بوضع روايح وعطور ’ وهنا لا نحتاج لبخور ’ لأن البخور منه فيه ! وتيجى زوجة المتوفى وتطلب حرق حته منه أكثر من الحتت التانية ’ مثلا ’ من فضلك يا عمو حانوتى ’ زود النار فى ايديه علشان كان بخيل جلدة !! ستقولها الزوجة بدلال ورمانسية هى لابسة لباس السوارى ’ وممكن تقول ولو كانت ملتزمة ومحجبة : من فضلك يا أونكل حانوتى أحرق لى قلبه كويس أوى أوى علشان ما يحبش حد غيرى من بنات الحور فى الجنة ! وتيجى واحدة تانية وتطلب حرق عينيه لأنه عيونه كانت زايغة فى الدنيا ’ وأيش عرفنا ها يعمل ايه فى الأخرة !
يعنى اللى بينادوا بحرق الميت بدلا من الصلاة عليه والدفن ’ لما يعزوا بعض بدل ما يقولوا (ربنا يرحمه ويريح نفسه ) يقولوا (ربنا يحرقه البعيد مطرح ما راح !!!) صدقونى فكرة رائعة ’ تخلصنا من الحقد والزعل على ومن الميتين وتخلى دعواتنا على أو من أجل الميتين اللى بنحبهم موت !وخاصة من العظماء اللى خربوا البلاد وشوهوا الدين وصيروا اللاهوت نكتة وقفشة ’ وخوخوا كنيستها القديمة وأزهرها العريق وحولوهم من ديار أبداع ولاهوت وفتوى ينتظرها العالم ’ الى أنقاض بدع وارتدادات يخجل منها المسلم والمسيحى ! ’ نقول هنا تصبح الدعاوى والدعوات ’ على المحروق بدلا من المرحوم ! ’ شرعية وطبيعية وطالعة من القلوب ! (ربنا يحرقهم مطرح ما راحوا !!!) !حقيقى شر البلية ما يضحك أو ربما خير البلية ما يبكى !
الحقيقة هى أن الحكومة اليونانية الحالية وكل حكومة سابقة بتعيش من أملاك الكنيسة اليونانية وبتتفشخر على الكنيسة !!! وبيساعدها بعض المهاجرين المرتزقة من كل الأديان والألوان اللى سرقوا البلد وأشتروا بيوت وأراضى وبنوا من فلوس القروض التى لم يدفعوها وهربوا بيها الى بلادهم أو خبوها فى داخل اليونان وكلمة شكرا افخارستوا ما بتعرفش طريقها الى السنتهم اللى عاوزة الحرق !!!’طبعا مش كلهم !!! فيه أجانب شرفاء زيى كده !!! ( دا مال أموات! ) زى ما قال مدبولى فى مسرحية المتزوجين !بس أموت شهداء وشرفاء .
يقترح أتباع منهج الحداثة المتخلفة فى اليونان ’ الغاء درس الدين المسيحى الارثوذكسى فى المدارس الحكومية ’ يا للهول ! على رأى يوسف بك وهبى ! وبالمناسبة كتب الدين المسيحى فى الاعدادى والثانوى ’ عبارة عن كتب لاهوت تفوق ما يدرس فى اكليريكيات العالم الثالث !’ هذه الكتب اللاهوتية والتاريخية التى يدرسها العيال فى اليونان ’ تخليك تموت من الضحك على كتب (يا لاهوتى!!!) السائدة فى بلاد العالم الثالث ! طيب عاوزين ايه ’ نخليه درس تاريخ الاديان ’ وليس درس أخلاق كما أقترح أحد الأصدقاء الروم المصريون ’ يا ريت أخلاق ! ’ فكرة ذكية ! يعنى هنا ها تنفع النكتة اللاهوتية التى أطلقها أحد أكابر الأئمة المصريين واللى أصبحت شعار فى مصر (باسم الاله الواحد الذى نعبده جميعا !!!) وليس باسم الأخلاق الحميدة التى نتزين بها جميعا ’ لو قالها كان ها يبقى لاهوتى أفضل وعلامة للرب فى أرض مصر ! الحل جاى من مصر ’ على ايه محيرين نفسهم أحفاد افلاطون وابناء المجامع المسكونية السبعة وواللى مضيعين وقتهم فى التكلم عن التأله والافخارستيا والنعمة والكرامة والحرية وحلول الروح النارى فى الانسان والانيرجيات الغير المخلوقة ومناقشات بيزنطية وتعب وحوارات ومؤلفات ! بالزمة دى قلة عقل ودوشة على الفاضى ! فكرتنى بالنكتة ’ ودى من عندى وم من كتاب حمودة ’ اللى بتقول أنه كان فيه شوية حشاشين من بلدياتى قاعدين بيحششوا تحت الهرم ’ وبيرصوا حجارة مليانة سموم ’ عدى عليهم واحد سايح ’ واحد منهم أتحمس وعاوز يوصل رسالة من أجل مصر !!! راح قال للسايح وبكل فخر وبمظهر العالم ببواطن الأمور (بواطن هنا من الباطنية ! ) :
عارف ’ يا خواجة أنت ’ الهرم الكبير دا دا هو دا هو !!! احنا بقى اللى بنيناه !!!
سأل الخواجة بعربى مكسر : أزاى بنيتوه يا خبيبى ؟
رد الحشاش : ورصيناه حجر على حجر !! مادام الحشاشون بنوا الهرم والمعوقون يدرسون اللاهوت ’ فلماذا التعب ! قلة عقل ! هنعمل أيه ! عمر ضايع يحسبوه ازاى على زى ما بتقول الست !!! المهم خلونا فى اليونان ومع جماعة واتباع وتلاميذ مدرسة فصل الكنيسة عن الدولة : ينادون برفع ايقونات المسيح والعذراء والقديسين من دواوين الدولة ومن المكاتب والأماكن العامة ! طيب عملت لهم أيه ايقونة السيد وصورة العذرا برضة مش فاهم ! ’ كما ينادون بالغاء القسم – التعهد اللاهوتى الذى يتعهد فيه الجميع ’ من رجال دولة ولاهوتيين ’ الامانة والاخلاص للبلد ولعقائده المسيحية الارثوذكسية ’ واضح السبب وراء المطالبة بالغاء القسم !!! يعنى أذا كنت فهمت وأنا فهمى على قدى ’ يتم تغيير اسم وزارة التربية (اللاهوتية والاخلاقية ) الى (وزارة قلة الرباية الدينية) ! كما يطالبون بضرورة أنشاء أماكن خاصة للحزن على الميت قبل حرقه ! طيب و ما دام ها يحرقوه ’ يحزنوا عليه ليه مش فاهم ! حاجة تحرق الدم صحيح ! دا يبقى موت وحرق دم ! وابونا يصلى وألا ما يصليش ’ لا مش عاوزين أبونا ! ’ دا لو جابوه أو سابوه يصلى ’ يقول ايه ’ بدل من ( ريح نفوسهم فى فردوس النعيم ) يقول ( احرق نفوسهم فى أتون الجحيم !!) مش فاهم ! ونروح فين من الذكرى و والتكريم على المستوى الانسانى ’ ونروح فين من كرامة الميت دفنه وليس حرقه على المستوى الدينى ’ و ونروح فين من قيامة الاجساد وتألهها من خلا جسد يسوع ’ حسب الطبيعة الناسوتية ’ المتحد باللاهوت ’ حسب الطبيعة اللاهوتية ’على المستوى اللاهوتى وامكانية تحولها الى اجسام تصنع الايات كما نرى فى أماكن كثيرة من العالم الراقى ثقافيا ولاهوتيا ! ايه رأى القارئ الكريم أن حرق الميت بيكلف أغلى من دفنه العادى ! دا يبقى حرق وخراب ديار ! ’ ولا يوجد محارق للميتين فى اليونان لأن الكنيسة والشعب فى اليونان يرفض هذه البدعة الانسانية ذات التبعات اللاهوتية الخطيرة ! ’ بيروحوا يحرقوها فى بلغاريا ! وبعدين ما البنى أدم محروق دمه فى الدنيا ’ لسه ها تحرقوه كمان فى الأخرة ! مش فاهم ! وبعدين لما الزوجة تتذكر زوجها قدام الناس ويكون كان فعلا رجل كويس ها تقول أيه ( ..دا المحروق كان طيب !!!) ’ حاجة تانية واللى يموت محروق فى حادث ’ ها نعتبره مات وألا لسه عاوز حرق ! يكون ناقص سوى ! ؟ ده مشكلة فقهية ودينية كبرى ! أه حاجة ثانية ’ ينادون بتقنين الزواج المدنى والغاء الزواج الكنسى ’ يعنى تحليل الزنى ! يعنى العودة الى أخلاق البادية فى ثوب متمدين ( زوجتك نفسى !!!) . هذه ليست حداثة ’ هذه تعاسة فى ثوب حداثة !
من أجل هذا كله ولكى أرفه عن نفسى الحزينة جدا حتى الموت وعن القراء الأعزاء والذين أرجوهم الضحك من كل القلب وعدم تسييس الموضوع !’ أسرعت الى صديقى الكاتب المرح عادل حمودة اللى بيذكرنا بنكت الستينات وهى تناسب ما يحدث الأن على الساحة الدينية والسياسية فى المحروسة ’ النكتة ’ عند أمثال حمودة ’ سلاح فتاك ! على سيرة الميتين وحرق الميت ’ المصريون لا يحرقون الميت فى حياته ’ وخاصة اذا كان شخصية عامة يستخبوا وراه ويخبوا فيه خيبتهم ’ فيدفنوه بالدموع و ببالغ الأسى ويكرموه ويبكوا عليه بمرارة ’ ووممكن يقدسوا مخلفاته أيا كان شكلها عربية أو عصاية أو جزمة قديمة أو خلجاته !!!’ ثم يولعوا فيه بغاز بعد مماته ’ لأنهم لم يعتادوا على انتقاده بحب وعلم فى حياته ! . يقول حمودة أن هذا حدث بعد موت جمال عبد الناصر ( لقد مات عبد الناصر مهزوما ...بعد أن فقد حدود الوطن والأرض ..وبعد أن أضاف الى خيام اللاجئين خياما أخرى ...ومع ذلك ودعه الى مثواه الأخير ستة ملايين مصرى (الكاتب لقى نفسه فى الشارع يبكى مع الباكين وفضل عيد الناصر علينا كان مجانية التعليم ’ كنت أتعلم فى نفس المدرسة مع ابن دكتور الصحة ومأمور المركز ولكنه أخطأ كثيرا !) ’ فى مشهد جنائزى حزين ومهيب ...ولكن ما أن أنفض المشيعون ...حتى أطلقوا عليه وابل من النكات ...فقيل أنه بمجرد أن صعد الى السماء فوجئ ببلاغ من الملك فاروق يتهمه فيه باغتياله ...فاستدعوه للتحقيق ...فأنكر التهمة ..ثم أضاف ...صلاح نصر شاهد على كلامى ...واذا كنتم مش مصدقين هاتوه !!!) يرى حمودة أن النكتة عند المصريين هى انتقام مقدس ..دافع به الشعب عن نفسه وحريته ضد الطغيان ولا يزال ! أى أنها نكتة لاهوتية ! تأليه الشخص ثم حرقه ! هناك قيادات تصنع الكوارث السياسية أو اللاهوتية منها ولا يتحرك ضميرها بالمرة بل ويقابلونها بالنكات والمرح وخفة الدم الثقيل ’ لنسمع حمودة مثل الذين قسموا الكنيسة بالعناد فقط ’ هل يعلم القارئ أنه ومن خلال نصوص محاضر المجمع السكونى الرابع 451 يظهر بوضوح أنه لو كان عن الساقفة المصريون حرية رأى وقدرة على القرار لبقوا فى المجمع حتى فى غياب ديوسقوزيروس ولأمكن ايجاد حل ! ولكنه الواحد ’ يخرج الواحد نخرج جميعا ! أنقسمت الكنيسة ! تقول النكتة ( تصور الجميع أنه وبعد الهزيمة العسكرية ’ أن عبد الناصر قد أنهار وأنعزل ’ لكنهم فوجئوا به يأتى بسيارته الى القيادة ’ وقد تحول الى شخص أخر ..شديد المزاح..مفعم بالسعادة...دخل الى مجلس قيادة الثورة وكان عبد اللطيف بغدادى ينتظره ..وكتب فى مذكراته ( ..وتسألت بينى وبين نفسى هل يمكن لانسان فى مثل مسئوليته أن يبتسم فى مثل هذه الظروف..) ص 24 ! هناك من قسموا الكنيسة ’ جسد المسيح وهم لا يخجلون ! . حقيقة فأن شر الهزيمة ما يضحك ! لقد وصف نزار قبانى عظماء جيله من السالبين لثروات البلاد ومن المخربين لعقول العباد من رجال الدين والدنيا :
جيل القئ والزهرى
جيل الدجل والرقص على الحبال
جيل الكبت
جيل القهر
جيل التخلف
جيل العقل ذى البعد الواحد !!!
والشعب المصرى ابن نكتة ولم يسلم من نكاته السياسيين ولا العسكريين ونتمنى ألا يسلم من نكائه حتى اللاهوتيين أسما ! ’ ونتمنى اللحظة التى يتعامل فيها المصرى مع الفكر اللاهوتى والدينى فى المحروسة بالنكات ذاتها الذكية بعد أن فشلوا فى الاصلاح بالانتقاد !ونحن نتابع ذلك التيار وان كان بلا توثيق علمى كاف وبخجل شديد وباسماء مستعارة على الفيس بوك !
قيل : ثلاثة لا يدخلون الجنة .
سألوا : من ؟
قيل :شمس بدران ’ وعبد الحيكم عامر ’ وجمال عبد الناصر .
سألوا : لم ؟
قيل : الأول ترك الجيش من غير عدة
الثانى مات حبا فى وردة ’ والثالث تنحى وقت الشدة !
واذا جئنا الى النكتة الدينية ’ يذكر حمودة أن بعد مظاهرات الطلبة والعمال عام 1968 ’ بدأ عبد الناصر يسمع الناس أكثر ويسمح بالنقد تحت عيون أمن دولته ! ولقد وقف الشيخ عاشور امام مسجد "أبى العباس " بالاسكندرية يقول :
(..لقد تأخرت الأمة الاسلامية بعد أن أصبحت أمة كلامية ...وحتى فى التطبيق الاشتراكى ’ لا نجد الا الذين يتكلمون عن الاشتراكية ..فقد حضرت المحاضرات عن الاشتراكية ..ييجى المحاضر راكب عربية مرسيدس ثمنها (7 )الاف جنيه ! وبعدين لابس خاتم يساوى ألفين جنيه !..وبعدين يطلع من المحاضرة ياخذ الشلة معاه , يروحوا المطعم يتعشوا ’ يدفع له سبعة ثمانيةجنيه ’ هو فى المحاضرة لسة بيقول أربطوا بطونكم ..جوع ..جوع أيه الله يخرب بيوتكم !!!..أنت خليت فيها فيها جوع وانت ما بتجوعش ليه ...هو الجوع ده مكتوب على أنا وبس ..هى الاشتراكية على وعليك لا ..) ص 39 .كم نحتاج الى الشيخ عاشور بين المسيحيين يتكلم عن ثقافة المرسيدس والبودى جاردات ! ..بالرغم من ذلك فهناك حالة من الاكتئاب الجماعى تسود المصريين ’ عند موت طاغية ’ ..ولم يجد العلماء تفسيرا لهذه الحالة سوى أن الشعب المصرى شعب "مستذل" يتلذذ بالطغيان السياسى أو الدينى وانا أضيف واللاهوتى الهرطوقى ’ ..ويستمتع بالقسوة ...ويتفنن فى صنع الطاغية اذا عز وجوده !!! واذا مات يتمسح فى سيارته !!! (صلاح عيسى "مثقفون وعسكر " مدبولى 1986 ). لقد ميز المصريون فى نكاتهم بين المحرمات الثلاثة وهى :الجنس والدين والسايسة ! بكاء الشعب صادق بينما نحيب الباشوات نفاق :
قيل ..أن أحد باشوات ما قبل الثورة أصر على الاشتراك فى جنازة عبد الناصر ’ وكان يبكى بحرقة ويصيح :
أشوفه ’لازم أشوفه .؟..لازم أشوفه ...
ومن هذه الحالة التى كان فيها الرجل ’ سمحوا له برؤية الجثمان ..فدخل ...ورأه ..وتلاشت دموعه ...ورفع الكفن ..ثم قال :
-أيوه الحمدلله هو ! الباشا يريد أن يطمئن أن الريس الدكتاتور مات ! تعتبر الشعوب المقهورة والفقيرة ماديا وروحيا ولاهوتيا ’ النكتة ضرورة مثل رغيف العيش وقرص الاسبرين وكوب الشاى والسيجارة اللف ! وانجاب أكبر عدد من الاطفال. النكتة تنتشر فى جو الكذب والنفاق والعلم الفارغ والغنوسية أى المعرفة الكاذبة والغير اللاهوتية ولقد أنتشرت هذه النكات فى البلد فى الستينيات ’ والى اليوم ’ وعبرت عن اسطورة سطوة اجهزة التنصت وجواسيس النظام والنفاق والخباصن واللباصين وتقديس البشر الفانون وفى بعض الأحيان السجود لهم ولمراكبهم بعد موتهم :
أذن ...مصر أقدم مجتمع عرف النكتة السياسية ...وتوافرت فيه شروطها ..مجتمع مقهور ...حضارته عريقة....لا يتمتع بحرية التعبير ...ليس لأبنائه فرصة ولا مصلحة للمشاركة فى الحكم ...ويرون ان البعد عن السلطة غنيمة...والاقتراب منها احتر اق ...وكسر هيبتها وسطوتها وظلمها ..’ على الأقل فى داخلهم بالنكات’ حماية للذات ! هيهات أن يأتى اليوم الذى يقدم فيه المسيحيون خدمة للبلاد والعباد ويطلقوا المجال للنكتة اللاهوتية ولقد توافرت أجوائها ونضجت بيئتها و وأخصبت تربتها وتم تفليحها بالسماد الكافى من القرف والتذمر والزهق والكلام الكثير التعليقات الفيسبوكية على أيدى أظرف الظرفاء ’ وعلى الأقل يغيروا الجو على البلد بدل الندب والشكوى ’ يعنى لا لاهوت ولا نكت لاهوتية !!! ’ يطلقوا النكتة والبسمة ! والا هم مش مصريون ! والا جالهم فقدان ذاكرة زى النكتة المعاصرة والتى لها أصل فى كتب التراث وتاريخ البلد القديم والمعاصر وتأليه الأشخاص ثم التنكر لهم عند أول طارئ أو وجه طاغية جديد ! لأن المعرفة مش لاهوتية والذاكرة مش تاريخية والنية مش مقدسة بل ذاكرة متشخصنة ومتشيطنة ! النكتة اللى بتقول :
سألوا مواطن مصرى ’ يعيش فى الصعيد :
--لماذا تعلق صورة الرئيس ؟
= رئيس ...رئيس مين ؟
--الرئيس حسنى مبارك ؟
- ما أعرفوش !
- اللى جه بعد السادات .
- سادات ...سادات مين ؟
= اللى جه بعد عبد النماصر .
--ومين ده كمان ؟اللى قام بالثورة وطرد الملك فاروق .
–الملك فاروق ؟! فاروق ده يطلع مين ؟ ولا سمعت عنه !
-أيوه ...ابن الملك فؤاد
فرد الرجل بحزن عنيق –الله هو الملك فؤاد اتجوز ؟!
لم يسلم حتى الانبياء من نكات المصرى ولو قالوها بشكل خاشع ولتوصيل رسالة للأذكياء فقط وهذه النكتة فيها ريحة مسكونية مجاملاتية ونفساوية :
واحد صعيدى مات ابوه ! وقعد يوولول ويعيط ويندب ويشيل الطين !
جابوا له كبار البلد ’ ما فيش فايدة !
جابوا له المشايخ ..برضة بيندب !
قالوا نجيب ابونا القسيس المسيحى الطيب ’ الراجل كان مسلم !
دخل ابونا والكل منتظر أنه هو اللى يهدى الراجل وينهى المصيبة !
قام ابونا باختراع نكتة دينية مسكونية بايخة ومهينة من بتاعة كلنا واحد وموسى نبى وعيسى نبى ومحمد نبى وكل من ليه نبى يصلى عليه !!! وليست لاهوتية ! و قاله : يا أخ محمد كلنا ها نموت ما عيسى مات والنبى كمان مات !
قام الراجل صرخ ومسك فى هدوم القسيس وهو بيصوت وقال هو النبى كمان مات هو أنت بتفول على النبى كمان ! واستمر فى النوح والعويل ! وبمناسبة توحيد والطوائف التى ينادى بها (المسكونون الجدد!) أتباع مدرسة (كلنا واحد ) والداعون الى توحيد الاديان وتجميع الطوائف فى مسكونية دينية شكلية لا عمق لاهوتى لها أو فيها ! هناك نكتة تقول (كان السادات يدعو الى بناء مجمع للأديان فى سيناء ..وبعد اعتقالات جميع القوى الوطنية والدينية فى 5 سينتمبر 1981 فوجئ بمن يهتف بحماس :
-" عاش موحد الأديان ".
فسأله السادات :
-ليه بتقول كده ؟
فقال له :
- لأنك كفرت الجميع ! .) أذكى نقد للمسكونية الجديدة قرأته فى حياتى !
- وبالمناسبة ويندرج فى نفس هذا الاطار قصة لم يذكرها حمودة وهى نكتة أيضا ومن العيار الثقيل ’ قالها من صدمتهم الأحداث وتطوراتها ’ وذلك حينما شمل قرار السادات بالقبض على رموز الوطن من قيادات ظن هو ’ أنهم داعمون للفتنة ! وكان من بينهم "الانبا شنودة " كما كان يلقبه وقام السادات ’ حسب النكتة ’ بجمع أعضاء المجمع المسيحى ’ وقال لهم :
-لازم نبطل وبشكل نهائى نقول مسيحى ومسلم ! دا أمر نهائى ومن يعارضه يعرض نفسه لتهمة الخيانة العظمى !
- طبعا يا ريس أجاب كبير الحضور .
- عاوزين نعين بابا للاقباط بدال شنودة !تختاروا مين ؟ رد السادات بكل طبيعى ومسكونى هادئ !
صمت مطبق !
- أنا أقترح نعين فضيلة الشيخ متولى الشعروى بابا للاقباط !قال الرئيس بلهجة هادئة وواثقة !
- بس يا ريس دا مسلم ؟ّ جائه صوت من الحضور !
- رد الريس : تانى ها نرجع نقول مسلم ومسيحى !!!
ولم يسلم السادات من نيران النقد بسبب دكتاتوريته فقيل ...أن أختفى قلم السادات الذى يسميه "قلم الأمضا" وهو فى مجلس العب ’ فطلب من النبوى اسماعيل البحث عنه ..وفى البيت وجد السادات القلم بين أوراقه ’ فأتصل بالنبوى اسماعيل ’ وقال له :
- خلاص يا نبوى لقيته .
- لكن يا افندم ....
- لكن ايه يا نبوى ؟
- ..لكن ها نعمل ايه فى العشرة اللى اعترفوا بسرقته ؟:!
- ونكتة دينية أخرى :
- كان السادات يخاف من يوم الحساب وحساب الملكين ’ حسب
- التراث الاسلامى ’ فشجعه الذين حوله ’ وقالوا :
- -ما تخافش ..مش ها يسألوك الا عن أسماء الأنبياء .
- -لكن أنا مش عارفهم ولو عارفهم مش حافظهم رد الريس !
- فأقترح أحدهم أن يكتب الاسماء الانبياء ععلى لياقة القميص ’ ليغش منها ....ففعل ...وجاء ناكر ونكير وسألاه عن أسماء الأنبياء ...فنظر الى ياقة القميص ’ وراح يقرأ :
- أدم ...نوح ...موسى...عيسى ...محمد ..وبيير كاردان ...بيير كاردان هو مصصم أزياء فرنسى شهير وكان واحدا ممن يتعامل معهم السادات وكان الاسم مكتوب على لياقة القميص !!!
- نختم بالتأكيد على أن السيدة العذراء والتى عيد لها الأخوة الروم بالامس 15 أغسطس وسيعيد لها الأخوة الاقباط 22 أغسطس ’ كانت تحب المرح والفرح ’ ألم تكن مع يسوع فى العرس الشرقى الذى جمع ربما لأخر مؤة فى التاريخ الفلسطينى واليهودى فى فرح حقيقى ورقص الدبكة الشرقية تراثية وخمر معتق ! فى قانا الجليل ’ لم يكن عرسا روحيا وهيوليا ومونوفيزيتيا كما يريده البعض !!! نقول هناك نكتة جميلة وقصة مضحكة أضخكت السيدة الاولى نفسها ’ وردت فى كتب التراث المسحية الغربية :
- ( حدث أن مهرجا فى سيرك تاب عن المعاصى وترهبن ’ وذات مرة قرر الأخوة الرهبان أن يذهبوا للسجود لايقونة السيدة العذراء فى أحدى الأديرة البعيدة ...ووصلوا الى الدير وقالوا للاخ المهرج : أنت ستدخل أخر واحد لأنك مستجد ولا تعرف بعد أصول الترتيل للعذراء !
- أنتظر الأخ وجاء دوره ودخل وحده الى داخل الكنيسة ’ ووقف أمام أيقونة العذراء وقال لها :
- أنا لا أعرف أن أصلى وسأقدم لكى ما أعرف ! وبدأ يعمل حركات البهلوان ويضحك ويتشقلب ! ولدهشته نظر الى العذراء ’ فوجدها تضحك له !
السماء تفرح بمكتئب واحد تائب ’ يضحك من قلبه ويفرح الأخرين لأنه ليس باكتئاب الوجه ينصلح القلب ’ هذه ثقافة العهد القديم ’ بل بفرح القلب يستنير ويبتسم الوجه حسب ثقافة العهد الجديد !. الى اللقاء .
-
-
كل عام والقراء فى ملء الفرح البسيط والبساطة الفرحانة ’ وليهدى الروح ’ روح الفرح وروح المرح ’ الصادقين منا الى أن نساهم فى النهضة اللاهوتية المراتقبة فى مصر ة أن لم يكن بالكمتابات اللاهوتية العسرة الفهم ’فبالنكتة اللاهوتية السهلة الهضم .
دعوة للمرح ’ الذكى ’ البرئ !
الأب أثناسيوس حنين – اليونان
كنت قد قررت التوقف عن الكتابة ’ مؤقتا للراحة والتقاط الأنفاس نفس نفس ’ ولكن هل يستطيع مدمن محترف أن يتوقف عن تعاطى (الجرعة ! ) ’ وهل يستطيع أحدنا مهما تذاكى من أن يمنع طيور الكلام السارحة ونسور الفكر الجارحة من التحليق فوق رأسه ؟ ’ بل وليسامحنى الشيخ الروحانى من التعشيش فى أم رأسه ! لقد أصابنى هذا المقال صباح اليوم 16 أغسطس 2016 وبعد أن عيدنا وطنيا وشعبيا وقوميا لأم اليونانيين وأم الدنيا وأم النور كله مريم ’ حينما وجدت على باب البيت مظروف من "الابوستولكى دياكونيا" للكنيسة اليونانية أى هيئة الخدمة الرسولية وهى التى تتولى النشر وأصدار كافة ما يخص الرعاية من كتب ليتورجية ومؤلفات لاهوتية ونصوص أبائية وشروحات كتابية ’ كما تقوم باعلام الأباء الاساقفة والكهنة اللاهوتيين ’ وفى اليونان كل اسقف وكاهن هم لاهوتيون ! بكل جديد على الساحة اللاهوتية والعلمية والوطنية وبالمجان وعلى عنوانيهم الشخصية ! ’’ بل وتقوم بتقديم المنح الدراسية لمن يرغب فى دراسة اللاهوت من كافة أرجاء العالم وقد نالت الكنيسة القبطية ومبعوثيها ’ ومنهم من تبوأ مناصب كهنوتية كبيرة ’ نصيبا كبيرا من عناية هذه الهيئة الموقرة . المهم فتحت المظروف واذ به بحث وثائقى تاريخى ولاهوتى راق لرئيس أساقفة اليونان كيريوس كيريوس أيرينيؤس يحلل فيه تاريخيا ووثائقيا وبكلمات لاهوتية وتاريخية قليلة تمنع بلاوى كثيرة عن هذا البلد الجميل ’ والمستهدف من العثمانيين والاردوغانيين الجدد ! الذى هو اليونان .
بادئ ذى بدء يجدر بنا القول ’ لمن لا يعرف من القراء الداخل اليونانى ’ بأن هناك صرعة مريضة ولا أقول صرخة صحيحة ’ جديدة فى اليونان وعلى معظم اليونانيين الحسنى العبادة ’ تنادى بفصل الكنيسة عن الدولة ’ وأتباع هذا النهج هم من المتؤربين بلا ثقافة أوروبية حقيقية سوى الرتوش العلمانية والمتعلمنة ! والرجل ’ أى رئيس الاساقفة ’ يوثق تاريخيا ويحلل لاهوتيا وواقعيا قضية العلاقة بين الدولة والكنيسة ’ وفضل الأخيرة على الأولى ’ منذ مشاركة الكنيسة بأموالها وأكليروسها ’ فى تحرير اليونان من العثمانيين الظلاميين والظالمين ’ بل وحفظ هوية وذاكرة الأمة اليونانية أثناء 400 سنة من الظلامية العثمانية ’ لم يتعلم فيها اليونانيون كلمة تركية واحدة ’ اذا كانوا يعلمون اولادهم وشعبهم اللغة اليونانية القديمة فى المغاير وشقوق الأرض !!! ’ والجدير بالذكر ’ كما قال سيدنا ’ أنه يذكر أن فى عام 1822 ومباشرة بعد حرب الاستقلال وبسبب من عدم وجود نقود ’ فى خزانة الحكومة الناشئة ’ تغطى احتياجات استمرار معركة التحرير وبدايات بناء الدولة اليونانية الحديثة ! ’ أرسل الاسقف يوسيف أندروسوس رسالة الى الحكومة المؤقتة لليونان الخارجة توا من حياة والأم الاستعمار العثمانى البغيض ’ يقترح فيها أن يتم أعطاء كل الادوات والاوانى الذهبية والنذور والايقونات المذهبة فى جميع الكنائس اليونانية والأديرة فيما عدا أوانى الهياكل أى الكأس والصينية ’ الى الحكومة لكى ما تودعا خزينة الدولة الفارغة ’ وتحولها الى نقود تصرف منها على الجيش وعلى مؤسسات الحكومة ! قال هذا كله رئيس الاساقفة اليونانى الرائع والمتواضع والمحب لمصر ولكل المصريين ’ قال ليرد على موجه من المحدثين النعمة فى اليونان والذين يبحثون عن (علمنة ) البلد’ أى فصل الروح عن الجسد ! ’ بلا تهيئة للبنية التحتية للبلد لمثل هذه التحولات الثقافية والتاريخية والسياسية ’ وأن كان اللاهوتيون اليونانيون على دراية كبيرة بموجات العلمنة الكونية ويتفاعلون معها بشكل لاهوتى وانسانى وكنسى رفيع المستوى ! وهذ موضوع أخر ! ’ ومن ضمن اقتراحاتهم ’ على سبيل المثال لا الحصر ’ وهنا سنقف قليلا لنضحك على العلمانيين وعلى أنفسنا معهم ! يقترحون أن يتم اصدار قانون بحرق الميتين بدلا من دفنهم !’ وهنا أصابتنى موجة من الضحك الكئيب ’ كنت فى حاجة اليها ماسة ’ والقيت نظرة على كتبى واصدقائى لعلى أجد معزيا أخر يأخذنى الى واحة من الهدوء والتسلية لئلا يبتلع الحزن نفسى وتأكل الكأبة ما تبقى من طاقات ومخزون المرح الصعيدى فى داخل خلقات نفسى ! وقررت أن لا أضحك وحدى ’ فالقراء الذين نبكيهم كثيرا ويحملون الهمموم معنا وعنا مرات ’ لهم الحق أن يضحكوا معى وعلينا ولو مرة !’ وهم قرائى وأصدقائى وأبائى الذين أحبهم بالحق ’ ولأن الأعمال بالنيات ولكل أمرئ ما نوى ! فقد وقع بصرى على كتاب قد نسيته وسط زحام مكتبتى وهو (النكتة السياسية –دار سفنكس للنشر 1990 ) وكان قد أهداه لى أحد أصدقائى الظرفاء ونسيه أو أنا تناسيته !!! للكاتب الرائع عادل حمودة ’ وقلت وليه لا ما نكتبش عن النكتة اللاهوتية ’ هو حرام يعنى والا حرام يعنى ! ردت على نفسى الأمارة بالخير وقالت لى بالصعيدى : لع لع لع مش حرام !
قلت لنفسى ما دام العلمانيون الجدد فى اليونان عاوزين يطلعوا قانون بحرق الميت ’ ووضع رماده فى قزازة ورميها فى البحر !!! ايوه صحيح ’ صدقونى دا كلام رسمى فى اليونان المسيحية الارثوذكسية أساس كل علوم اللاهوت والفلسفة الراقية فى العالم ’ ! أنا لسة بعقلى يا أصدقائى ما تقلقوش على ! يعنى يبقى حرق الميت مش شتيمة ’ ده يبقى أمنية ’ ومش شماتة ’ ده مواساة ’ ويبقى كده المصريون صاروا هم أوائل المبدعون فى هذا المجال وها يفرحوا لما يقولوا لبعض ( الله يحرق ميتين أبوك !) ’ ولما يرموا رماده فى البحر ’ لو يونانى بنطيوس صعيدى دمه خفيف ها يطلع السمك يضحك ! الحرق صار ’ عند المتعلمنين من اليونانيين ’ موضة ’ وممكن تطلع مكاتب حرق تحرق حسب الطلب ’ عاوز ميت مشوى والا نص سوى يعنى محروق نص ونص والا أذا كنت بتحبه عمى ’ نحرقه فحمة ! وممكن كمان نولع بفحمه الجوزة فى قعدة مزاج !!! وطبعا علشان ريحة الحرق تبقى حلوة ’ ممكن يتم الحرق بوضع روايح وعطور ’ وهنا لا نحتاج لبخور ’ لأن البخور منه فيه ! وتيجى زوجة المتوفى وتطلب حرق حته منه أكثر من الحتت التانية ’ مثلا ’ من فضلك يا عمو حانوتى ’ زود النار فى ايديه علشان كان بخيل جلدة !! ستقولها الزوجة بدلال ورمانسية هى لابسة لباس السوارى ’ وممكن تقول ولو كانت ملتزمة ومحجبة : من فضلك يا أونكل حانوتى أحرق لى قلبه كويس أوى أوى علشان ما يحبش حد غيرى من بنات الحور فى الجنة ! وتيجى واحدة تانية وتطلب حرق عينيه لأنه عيونه كانت زايغة فى الدنيا ’ وأيش عرفنا ها يعمل ايه فى الأخرة !
يعنى اللى بينادوا بحرق الميت بدلا من الصلاة عليه والدفن ’ لما يعزوا بعض بدل ما يقولوا (ربنا يرحمه ويريح نفسه ) يقولوا (ربنا يحرقه البعيد مطرح ما راح !!!) صدقونى فكرة رائعة ’ تخلصنا من الحقد والزعل على ومن الميتين وتخلى دعواتنا على أو من أجل الميتين اللى بنحبهم موت !وخاصة من العظماء اللى خربوا البلاد وشوهوا الدين وصيروا اللاهوت نكتة وقفشة ’ وخوخوا كنيستها القديمة وأزهرها العريق وحولوهم من ديار أبداع ولاهوت وفتوى ينتظرها العالم ’ الى أنقاض بدع وارتدادات يخجل منها المسلم والمسيحى ! ’ نقول هنا تصبح الدعاوى والدعوات ’ على المحروق بدلا من المرحوم ! ’ شرعية وطبيعية وطالعة من القلوب ! (ربنا يحرقهم مطرح ما راحوا !!!) !حقيقى شر البلية ما يضحك أو ربما خير البلية ما يبكى !
الحقيقة هى أن الحكومة اليونانية الحالية وكل حكومة سابقة بتعيش من أملاك الكنيسة اليونانية وبتتفشخر على الكنيسة !!! وبيساعدها بعض المهاجرين المرتزقة من كل الأديان والألوان اللى سرقوا البلد وأشتروا بيوت وأراضى وبنوا من فلوس القروض التى لم يدفعوها وهربوا بيها الى بلادهم أو خبوها فى داخل اليونان وكلمة شكرا افخارستوا ما بتعرفش طريقها الى السنتهم اللى عاوزة الحرق !!!’طبعا مش كلهم !!! فيه أجانب شرفاء زيى كده !!! ( دا مال أموات! ) زى ما قال مدبولى فى مسرحية المتزوجين !بس أموت شهداء وشرفاء .
يقترح أتباع منهج الحداثة المتخلفة فى اليونان ’ الغاء درس الدين المسيحى الارثوذكسى فى المدارس الحكومية ’ يا للهول ! على رأى يوسف بك وهبى ! وبالمناسبة كتب الدين المسيحى فى الاعدادى والثانوى ’ عبارة عن كتب لاهوت تفوق ما يدرس فى اكليريكيات العالم الثالث !’ هذه الكتب اللاهوتية والتاريخية التى يدرسها العيال فى اليونان ’ تخليك تموت من الضحك على كتب (يا لاهوتى!!!) السائدة فى بلاد العالم الثالث ! طيب عاوزين ايه ’ نخليه درس تاريخ الاديان ’ وليس درس أخلاق كما أقترح أحد الأصدقاء الروم المصريون ’ يا ريت أخلاق ! ’ فكرة ذكية ! يعنى هنا ها تنفع النكتة اللاهوتية التى أطلقها أحد أكابر الأئمة المصريين واللى أصبحت شعار فى مصر (باسم الاله الواحد الذى نعبده جميعا !!!) وليس باسم الأخلاق الحميدة التى نتزين بها جميعا ’ لو قالها كان ها يبقى لاهوتى أفضل وعلامة للرب فى أرض مصر ! الحل جاى من مصر ’ على ايه محيرين نفسهم أحفاد افلاطون وابناء المجامع المسكونية السبعة وواللى مضيعين وقتهم فى التكلم عن التأله والافخارستيا والنعمة والكرامة والحرية وحلول الروح النارى فى الانسان والانيرجيات الغير المخلوقة ومناقشات بيزنطية وتعب وحوارات ومؤلفات ! بالزمة دى قلة عقل ودوشة على الفاضى ! فكرتنى بالنكتة ’ ودى من عندى وم من كتاب حمودة ’ اللى بتقول أنه كان فيه شوية حشاشين من بلدياتى قاعدين بيحششوا تحت الهرم ’ وبيرصوا حجارة مليانة سموم ’ عدى عليهم واحد سايح ’ واحد منهم أتحمس وعاوز يوصل رسالة من أجل مصر !!! راح قال للسايح وبكل فخر وبمظهر العالم ببواطن الأمور (بواطن هنا من الباطنية ! ) :
عارف ’ يا خواجة أنت ’ الهرم الكبير دا دا هو دا هو !!! احنا بقى اللى بنيناه !!!
سأل الخواجة بعربى مكسر : أزاى بنيتوه يا خبيبى ؟
رد الحشاش : ورصيناه حجر على حجر !! مادام الحشاشون بنوا الهرم والمعوقون يدرسون اللاهوت ’ فلماذا التعب ! قلة عقل ! هنعمل أيه ! عمر ضايع يحسبوه ازاى على زى ما بتقول الست !!! المهم خلونا فى اليونان ومع جماعة واتباع وتلاميذ مدرسة فصل الكنيسة عن الدولة : ينادون برفع ايقونات المسيح والعذراء والقديسين من دواوين الدولة ومن المكاتب والأماكن العامة ! طيب عملت لهم أيه ايقونة السيد وصورة العذرا برضة مش فاهم ! ’ كما ينادون بالغاء القسم – التعهد اللاهوتى الذى يتعهد فيه الجميع ’ من رجال دولة ولاهوتيين ’ الامانة والاخلاص للبلد ولعقائده المسيحية الارثوذكسية ’ واضح السبب وراء المطالبة بالغاء القسم !!! يعنى أذا كنت فهمت وأنا فهمى على قدى ’ يتم تغيير اسم وزارة التربية (اللاهوتية والاخلاقية ) الى (وزارة قلة الرباية الدينية) ! كما يطالبون بضرورة أنشاء أماكن خاصة للحزن على الميت قبل حرقه ! طيب و ما دام ها يحرقوه ’ يحزنوا عليه ليه مش فاهم ! حاجة تحرق الدم صحيح ! دا يبقى موت وحرق دم ! وابونا يصلى وألا ما يصليش ’ لا مش عاوزين أبونا ! ’ دا لو جابوه أو سابوه يصلى ’ يقول ايه ’ بدل من ( ريح نفوسهم فى فردوس النعيم ) يقول ( احرق نفوسهم فى أتون الجحيم !!) مش فاهم ! ونروح فين من الذكرى و والتكريم على المستوى الانسانى ’ ونروح فين من كرامة الميت دفنه وليس حرقه على المستوى الدينى ’ و ونروح فين من قيامة الاجساد وتألهها من خلا جسد يسوع ’ حسب الطبيعة الناسوتية ’ المتحد باللاهوت ’ حسب الطبيعة اللاهوتية ’على المستوى اللاهوتى وامكانية تحولها الى اجسام تصنع الايات كما نرى فى أماكن كثيرة من العالم الراقى ثقافيا ولاهوتيا ! ايه رأى القارئ الكريم أن حرق الميت بيكلف أغلى من دفنه العادى ! دا يبقى حرق وخراب ديار ! ’ ولا يوجد محارق للميتين فى اليونان لأن الكنيسة والشعب فى اليونان يرفض هذه البدعة الانسانية ذات التبعات اللاهوتية الخطيرة ! ’ بيروحوا يحرقوها فى بلغاريا ! وبعدين ما البنى أدم محروق دمه فى الدنيا ’ لسه ها تحرقوه كمان فى الأخرة ! مش فاهم ! وبعدين لما الزوجة تتذكر زوجها قدام الناس ويكون كان فعلا رجل كويس ها تقول أيه ( ..دا المحروق كان طيب !!!) ’ حاجة تانية واللى يموت محروق فى حادث ’ ها نعتبره مات وألا لسه عاوز حرق ! يكون ناقص سوى ! ؟ ده مشكلة فقهية ودينية كبرى ! أه حاجة ثانية ’ ينادون بتقنين الزواج المدنى والغاء الزواج الكنسى ’ يعنى تحليل الزنى ! يعنى العودة الى أخلاق البادية فى ثوب متمدين ( زوجتك نفسى !!!) . هذه ليست حداثة ’ هذه تعاسة فى ثوب حداثة !
من أجل هذا كله ولكى أرفه عن نفسى الحزينة جدا حتى الموت وعن القراء الأعزاء والذين أرجوهم الضحك من كل القلب وعدم تسييس الموضوع !’ أسرعت الى صديقى الكاتب المرح عادل حمودة اللى بيذكرنا بنكت الستينات وهى تناسب ما يحدث الأن على الساحة الدينية والسياسية فى المحروسة ’ النكتة ’ عند أمثال حمودة ’ سلاح فتاك ! على سيرة الميتين وحرق الميت ’ المصريون لا يحرقون الميت فى حياته ’ وخاصة اذا كان شخصية عامة يستخبوا وراه ويخبوا فيه خيبتهم ’ فيدفنوه بالدموع و ببالغ الأسى ويكرموه ويبكوا عليه بمرارة ’ ووممكن يقدسوا مخلفاته أيا كان شكلها عربية أو عصاية أو جزمة قديمة أو خلجاته !!!’ ثم يولعوا فيه بغاز بعد مماته ’ لأنهم لم يعتادوا على انتقاده بحب وعلم فى حياته ! . يقول حمودة أن هذا حدث بعد موت جمال عبد الناصر ( لقد مات عبد الناصر مهزوما ...بعد أن فقد حدود الوطن والأرض ..وبعد أن أضاف الى خيام اللاجئين خياما أخرى ...ومع ذلك ودعه الى مثواه الأخير ستة ملايين مصرى (الكاتب لقى نفسه فى الشارع يبكى مع الباكين وفضل عيد الناصر علينا كان مجانية التعليم ’ كنت أتعلم فى نفس المدرسة مع ابن دكتور الصحة ومأمور المركز ولكنه أخطأ كثيرا !) ’ فى مشهد جنائزى حزين ومهيب ...ولكن ما أن أنفض المشيعون ...حتى أطلقوا عليه وابل من النكات ...فقيل أنه بمجرد أن صعد الى السماء فوجئ ببلاغ من الملك فاروق يتهمه فيه باغتياله ...فاستدعوه للتحقيق ...فأنكر التهمة ..ثم أضاف ...صلاح نصر شاهد على كلامى ...واذا كنتم مش مصدقين هاتوه !!!) يرى حمودة أن النكتة عند المصريين هى انتقام مقدس ..دافع به الشعب عن نفسه وحريته ضد الطغيان ولا يزال ! أى أنها نكتة لاهوتية ! تأليه الشخص ثم حرقه ! هناك قيادات تصنع الكوارث السياسية أو اللاهوتية منها ولا يتحرك ضميرها بالمرة بل ويقابلونها بالنكات والمرح وخفة الدم الثقيل ’ لنسمع حمودة مثل الذين قسموا الكنيسة بالعناد فقط ’ هل يعلم القارئ أنه ومن خلال نصوص محاضر المجمع السكونى الرابع 451 يظهر بوضوح أنه لو كان عن الساقفة المصريون حرية رأى وقدرة على القرار لبقوا فى المجمع حتى فى غياب ديوسقوزيروس ولأمكن ايجاد حل ! ولكنه الواحد ’ يخرج الواحد نخرج جميعا ! أنقسمت الكنيسة ! تقول النكتة ( تصور الجميع أنه وبعد الهزيمة العسكرية ’ أن عبد الناصر قد أنهار وأنعزل ’ لكنهم فوجئوا به يأتى بسيارته الى القيادة ’ وقد تحول الى شخص أخر ..شديد المزاح..مفعم بالسعادة...دخل الى مجلس قيادة الثورة وكان عبد اللطيف بغدادى ينتظره ..وكتب فى مذكراته ( ..وتسألت بينى وبين نفسى هل يمكن لانسان فى مثل مسئوليته أن يبتسم فى مثل هذه الظروف..) ص 24 ! هناك من قسموا الكنيسة ’ جسد المسيح وهم لا يخجلون ! . حقيقة فأن شر الهزيمة ما يضحك ! لقد وصف نزار قبانى عظماء جيله من السالبين لثروات البلاد ومن المخربين لعقول العباد من رجال الدين والدنيا :
جيل القئ والزهرى
جيل الدجل والرقص على الحبال
جيل الكبت
جيل القهر
جيل التخلف
جيل العقل ذى البعد الواحد !!!
والشعب المصرى ابن نكتة ولم يسلم من نكاته السياسيين ولا العسكريين ونتمنى ألا يسلم من نكائه حتى اللاهوتيين أسما ! ’ ونتمنى اللحظة التى يتعامل فيها المصرى مع الفكر اللاهوتى والدينى فى المحروسة بالنكات ذاتها الذكية بعد أن فشلوا فى الاصلاح بالانتقاد !ونحن نتابع ذلك التيار وان كان بلا توثيق علمى كاف وبخجل شديد وباسماء مستعارة على الفيس بوك !
قيل : ثلاثة لا يدخلون الجنة .
سألوا : من ؟
قيل :شمس بدران ’ وعبد الحيكم عامر ’ وجمال عبد الناصر .
سألوا : لم ؟
قيل : الأول ترك الجيش من غير عدة
الثانى مات حبا فى وردة ’ والثالث تنحى وقت الشدة !
واذا جئنا الى النكتة الدينية ’ يذكر حمودة أن بعد مظاهرات الطلبة والعمال عام 1968 ’ بدأ عبد الناصر يسمع الناس أكثر ويسمح بالنقد تحت عيون أمن دولته ! ولقد وقف الشيخ عاشور امام مسجد "أبى العباس " بالاسكندرية يقول :
(..لقد تأخرت الأمة الاسلامية بعد أن أصبحت أمة كلامية ...وحتى فى التطبيق الاشتراكى ’ لا نجد الا الذين يتكلمون عن الاشتراكية ..فقد حضرت المحاضرات عن الاشتراكية ..ييجى المحاضر راكب عربية مرسيدس ثمنها (7 )الاف جنيه ! وبعدين لابس خاتم يساوى ألفين جنيه !..وبعدين يطلع من المحاضرة ياخذ الشلة معاه , يروحوا المطعم يتعشوا ’ يدفع له سبعة ثمانيةجنيه ’ هو فى المحاضرة لسة بيقول أربطوا بطونكم ..جوع ..جوع أيه الله يخرب بيوتكم !!!..أنت خليت فيها فيها جوع وانت ما بتجوعش ليه ...هو الجوع ده مكتوب على أنا وبس ..هى الاشتراكية على وعليك لا ..) ص 39 .كم نحتاج الى الشيخ عاشور بين المسيحيين يتكلم عن ثقافة المرسيدس والبودى جاردات ! ..بالرغم من ذلك فهناك حالة من الاكتئاب الجماعى تسود المصريين ’ عند موت طاغية ’ ..ولم يجد العلماء تفسيرا لهذه الحالة سوى أن الشعب المصرى شعب "مستذل" يتلذذ بالطغيان السياسى أو الدينى وانا أضيف واللاهوتى الهرطوقى ’ ..ويستمتع بالقسوة ...ويتفنن فى صنع الطاغية اذا عز وجوده !!! واذا مات يتمسح فى سيارته !!! (صلاح عيسى "مثقفون وعسكر " مدبولى 1986 ). لقد ميز المصريون فى نكاتهم بين المحرمات الثلاثة وهى :الجنس والدين والسايسة ! بكاء الشعب صادق بينما نحيب الباشوات نفاق :
قيل ..أن أحد باشوات ما قبل الثورة أصر على الاشتراك فى جنازة عبد الناصر ’ وكان يبكى بحرقة ويصيح :
أشوفه ’لازم أشوفه .؟..لازم أشوفه ...
ومن هذه الحالة التى كان فيها الرجل ’ سمحوا له برؤية الجثمان ..فدخل ...ورأه ..وتلاشت دموعه ...ورفع الكفن ..ثم قال :
-أيوه الحمدلله هو ! الباشا يريد أن يطمئن أن الريس الدكتاتور مات ! تعتبر الشعوب المقهورة والفقيرة ماديا وروحيا ولاهوتيا ’ النكتة ضرورة مثل رغيف العيش وقرص الاسبرين وكوب الشاى والسيجارة اللف ! وانجاب أكبر عدد من الاطفال. النكتة تنتشر فى جو الكذب والنفاق والعلم الفارغ والغنوسية أى المعرفة الكاذبة والغير اللاهوتية ولقد أنتشرت هذه النكات فى البلد فى الستينيات ’ والى اليوم ’ وعبرت عن اسطورة سطوة اجهزة التنصت وجواسيس النظام والنفاق والخباصن واللباصين وتقديس البشر الفانون وفى بعض الأحيان السجود لهم ولمراكبهم بعد موتهم :
أذن ...مصر أقدم مجتمع عرف النكتة السياسية ...وتوافرت فيه شروطها ..مجتمع مقهور ...حضارته عريقة....لا يتمتع بحرية التعبير ...ليس لأبنائه فرصة ولا مصلحة للمشاركة فى الحكم ...ويرون ان البعد عن السلطة غنيمة...والاقتراب منها احتر اق ...وكسر هيبتها وسطوتها وظلمها ..’ على الأقل فى داخلهم بالنكات’ حماية للذات ! هيهات أن يأتى اليوم الذى يقدم فيه المسيحيون خدمة للبلاد والعباد ويطلقوا المجال للنكتة اللاهوتية ولقد توافرت أجوائها ونضجت بيئتها و وأخصبت تربتها وتم تفليحها بالسماد الكافى من القرف والتذمر والزهق والكلام الكثير التعليقات الفيسبوكية على أيدى أظرف الظرفاء ’ وعلى الأقل يغيروا الجو على البلد بدل الندب والشكوى ’ يعنى لا لاهوت ولا نكت لاهوتية !!! ’ يطلقوا النكتة والبسمة ! والا هم مش مصريون ! والا جالهم فقدان ذاكرة زى النكتة المعاصرة والتى لها أصل فى كتب التراث وتاريخ البلد القديم والمعاصر وتأليه الأشخاص ثم التنكر لهم عند أول طارئ أو وجه طاغية جديد ! لأن المعرفة مش لاهوتية والذاكرة مش تاريخية والنية مش مقدسة بل ذاكرة متشخصنة ومتشيطنة ! النكتة اللى بتقول :
سألوا مواطن مصرى ’ يعيش فى الصعيد :
--لماذا تعلق صورة الرئيس ؟
= رئيس ...رئيس مين ؟
--الرئيس حسنى مبارك ؟
- ما أعرفوش !
- اللى جه بعد السادات .
- سادات ...سادات مين ؟
= اللى جه بعد عبد النماصر .
--ومين ده كمان ؟اللى قام بالثورة وطرد الملك فاروق .
–الملك فاروق ؟! فاروق ده يطلع مين ؟ ولا سمعت عنه !
-أيوه ...ابن الملك فؤاد
فرد الرجل بحزن عنيق –الله هو الملك فؤاد اتجوز ؟!
لم يسلم حتى الانبياء من نكات المصرى ولو قالوها بشكل خاشع ولتوصيل رسالة للأذكياء فقط وهذه النكتة فيها ريحة مسكونية مجاملاتية ونفساوية :
واحد صعيدى مات ابوه ! وقعد يوولول ويعيط ويندب ويشيل الطين !
جابوا له كبار البلد ’ ما فيش فايدة !
جابوا له المشايخ ..برضة بيندب !
قالوا نجيب ابونا القسيس المسيحى الطيب ’ الراجل كان مسلم !
دخل ابونا والكل منتظر أنه هو اللى يهدى الراجل وينهى المصيبة !
قام ابونا باختراع نكتة دينية مسكونية بايخة ومهينة من بتاعة كلنا واحد وموسى نبى وعيسى نبى ومحمد نبى وكل من ليه نبى يصلى عليه !!! وليست لاهوتية ! و قاله : يا أخ محمد كلنا ها نموت ما عيسى مات والنبى كمان مات !
قام الراجل صرخ ومسك فى هدوم القسيس وهو بيصوت وقال هو النبى كمان مات هو أنت بتفول على النبى كمان ! واستمر فى النوح والعويل ! وبمناسبة توحيد والطوائف التى ينادى بها (المسكونون الجدد!) أتباع مدرسة (كلنا واحد ) والداعون الى توحيد الاديان وتجميع الطوائف فى مسكونية دينية شكلية لا عمق لاهوتى لها أو فيها ! هناك نكتة تقول (كان السادات يدعو الى بناء مجمع للأديان فى سيناء ..وبعد اعتقالات جميع القوى الوطنية والدينية فى 5 سينتمبر 1981 فوجئ بمن يهتف بحماس :
-" عاش موحد الأديان ".
فسأله السادات :
-ليه بتقول كده ؟
فقال له :
- لأنك كفرت الجميع ! .) أذكى نقد للمسكونية الجديدة قرأته فى حياتى !
- وبالمناسبة ويندرج فى نفس هذا الاطار قصة لم يذكرها حمودة وهى نكتة أيضا ومن العيار الثقيل ’ قالها من صدمتهم الأحداث وتطوراتها ’ وذلك حينما شمل قرار السادات بالقبض على رموز الوطن من قيادات ظن هو ’ أنهم داعمون للفتنة ! وكان من بينهم "الانبا شنودة " كما كان يلقبه وقام السادات ’ حسب النكتة ’ بجمع أعضاء المجمع المسيحى ’ وقال لهم :
-لازم نبطل وبشكل نهائى نقول مسيحى ومسلم ! دا أمر نهائى ومن يعارضه يعرض نفسه لتهمة الخيانة العظمى !
- طبعا يا ريس أجاب كبير الحضور .
- عاوزين نعين بابا للاقباط بدال شنودة !تختاروا مين ؟ رد السادات بكل طبيعى ومسكونى هادئ !
صمت مطبق !
- أنا أقترح نعين فضيلة الشيخ متولى الشعروى بابا للاقباط !قال الرئيس بلهجة هادئة وواثقة !
- بس يا ريس دا مسلم ؟ّ جائه صوت من الحضور !
- رد الريس : تانى ها نرجع نقول مسلم ومسيحى !!!
ولم يسلم السادات من نيران النقد بسبب دكتاتوريته فقيل ...أن أختفى قلم السادات الذى يسميه "قلم الأمضا" وهو فى مجلس العب ’ فطلب من النبوى اسماعيل البحث عنه ..وفى البيت وجد السادات القلم بين أوراقه ’ فأتصل بالنبوى اسماعيل ’ وقال له :
- خلاص يا نبوى لقيته .
- لكن يا افندم ....
- لكن ايه يا نبوى ؟
- ..لكن ها نعمل ايه فى العشرة اللى اعترفوا بسرقته ؟:!
- ونكتة دينية أخرى :
- كان السادات يخاف من يوم الحساب وحساب الملكين ’ حسب
- التراث الاسلامى ’ فشجعه الذين حوله ’ وقالوا :
- -ما تخافش ..مش ها يسألوك الا عن أسماء الأنبياء .
- -لكن أنا مش عارفهم ولو عارفهم مش حافظهم رد الريس !
- فأقترح أحدهم أن يكتب الاسماء الانبياء ععلى لياقة القميص ’ ليغش منها ....ففعل ...وجاء ناكر ونكير وسألاه عن أسماء الأنبياء ...فنظر الى ياقة القميص ’ وراح يقرأ :
- أدم ...نوح ...موسى...عيسى ...محمد ..وبيير كاردان ...بيير كاردان هو مصصم أزياء فرنسى شهير وكان واحدا ممن يتعامل معهم السادات وكان الاسم مكتوب على لياقة القميص !!!
- نختم بالتأكيد على أن السيدة العذراء والتى عيد لها الأخوة الروم بالامس 15 أغسطس وسيعيد لها الأخوة الاقباط 22 أغسطس ’ كانت تحب المرح والفرح ’ ألم تكن مع يسوع فى العرس الشرقى الذى جمع ربما لأخر مؤة فى التاريخ الفلسطينى واليهودى فى فرح حقيقى ورقص الدبكة الشرقية تراثية وخمر معتق ! فى قانا الجليل ’ لم يكن عرسا روحيا وهيوليا ومونوفيزيتيا كما يريده البعض !!! نقول هناك نكتة جميلة وقصة مضحكة أضخكت السيدة الاولى نفسها ’ وردت فى كتب التراث المسحية الغربية :
- ( حدث أن مهرجا فى سيرك تاب عن المعاصى وترهبن ’ وذات مرة قرر الأخوة الرهبان أن يذهبوا للسجود لايقونة السيدة العذراء فى أحدى الأديرة البعيدة ...ووصلوا الى الدير وقالوا للاخ المهرج : أنت ستدخل أخر واحد لأنك مستجد ولا تعرف بعد أصول الترتيل للعذراء !
- أنتظر الأخ وجاء دوره ودخل وحده الى داخل الكنيسة ’ ووقف أمام أيقونة العذراء وقال لها :
- أنا لا أعرف أن أصلى وسأقدم لكى ما أعرف ! وبدأ يعمل حركات البهلوان ويضحك ويتشقلب ! ولدهشته نظر الى العذراء ’ فوجدها تضحك له !
السماء تفرح بمكتئب واحد تائب ’ يضحك من قلبه ويفرح الأخرين لأنه ليس باكتئاب الوجه ينصلح القلب ’ هذه ثقافة العهد القديم ’ بل بفرح القلب يستنير ويبتسم الوجه حسب ثقافة العهد الجديد !. الى اللقاء .
-
-
كل عام والقراء فى ملء الفرح البسيط والبساطة الفرحانة ’ وليهدى الروح ’ روح الفرح وروح المرح ’ الصادقين منا الى أن نساهم فى النهضة اللاهوتية المراتقبة فى مصر ة أن لم يكن بالكمتابات اللاهوتية العسرة الفهم ’فبالنكتة اللاهوتية السهلة الهضم .